التصنيف: بصوت القلم

ضحايا فورة القارورة

طبيعة قديمة لم نغيرها بعد، ولابد أن تتغير، بل الآن هو أفضل الأوقات لتغييرها وإلا فإن حالنا لن تصلح أبدا مع التهاون بالأرواح البريئة وإهمال احتياطات حمايتها.

نتحمس ونتفاعل مع حادثة ضحية إهمال على كافة الأصعدة وفي كل وسائل الإعلام، ونتسابق للشجب والإنكار وتغطية الحدث بإجراء المقابلات مع أقارب الضحية ومع أهل الاختصاص ومع النقاد والصحفيين والكتاب، وتتحد الأعمدة الصحفية في الكتابة عن الموضوع!!، ثم ما هي إلا أيام معدودة وننسى القضية برمتها!!، ليس إعلاميا وحسب بل على مستوى المحاسبة والتحقيقات ثم الإدانة والعقوبات!!.

المهملون والمتهاونون بأرواح الناس يعزفون على ذلك الوتر المزمن الذي تعلموه وكسبوا الخبرة في العزف عليه واللعب على ألحانه!!، وأدركوا أن أفضل طريقة هي الصمت عند وقوع الحادث الأليم والتنحي جانبا ثم الصبر لعدة أيام بعدها هم متأكدون بأن الفورة مآلها للهدوء أشبه بفورة مشروب غازي فتحت فوهته بعد أن رج كثيرا فطاش بكل قوته ثم سكن!!.

على طاري الفوهة المفتوحة!!، أين نتائج المحاسبة والتحقيقات وأين تقرير الإدانة والعقوبات في أكثر من أربعة حوادث سقوط أطفال في فوهات مجارٍ صحية تركت مفتوحة بإهمال في الطرقات وداخل مجمع سكني وفي أحياء مأهولة بالسكان في جدة وحدها؟!.

أربع فواجع من السقوط في فتحات المجاري في مدينة جدة وحدها وخلال أقل من شهرين تفاعل الجميع معها كل في مجاله وتخصصه وبأسلوبه وحدة نقده ثم توقف فوران القارورة دون أن نسمع أو نقرأ عن إدانة وعقوبة!!.

يجب أن نتذكر أن ثمة روحا أزهقت ووالد ووالدة لا يزالان يغليان من داخلهما على من فقد!!، وغليان قلب الوالدين على فلذات أكبادهم ليس فوران قارورة غازية!!، إنه غليان لا يقلل من حرقته إلا معاقبة المهمل.


الكيل بصفعتين

الشغف بكرة القدم ومتابعتها وجاذبيتها تجعلها سلاحا ذا حدين خطيرين جدا جدا، فمثلما أن إيجابياتها والعدالة فيها (إذا تواجدت) مؤثرة في السواد الأعظم ــ شبابا وشيبا، فإن سلبياتها والظلم فيها له تأثير بالغ في نفسيات الملايين، وهذه الحقيقة يجب أن نحسب لها ألف حساب وحساب، فشعبية اللعبة تستوجب الحذر الشديد من مغبة عدم العدالة فيها.
هذه مقدمة للتأكيد على أن كرة القدم ليست ذلك المجال الذي يستكثر البعض الخوض فيه، ولا ذلك المجال الذي يفترض أن نستهين بمواقفه أو نسطحها أو نترفع عن الاستشهاد بها، فتلك الاستهانة، وذلك التسطيح والترفع هي من خصالنا المتناقضة وشخصياتنا المزدوجة، حيث نهتم بأمر بالغ الاهتمام ثم نقلل من تأثيره!!. مثلما أن العدالة في كل شأن حقوقي أو قضائي أو صحي أو تعليمي أو إسكاني هو مطلب لنا ككتاب رأي وشأن اجتماعي، فإن العدالة في العقوبات على السلوكيات المشينة في مجال كرة القدم لا تقل أهمية، بل تزيد كون تأثيرها أوسع انتشارا و(غبنها) أعم وتداولها أكبر!!.
صفع لاعب هلالي أحد مشجعي المنتخب؛ لأنه قال للاعبي المنتخب بعد مستويات هزيلة (جاء الزلايب)، وهي كلمة سوقية مستحدثه، ترمز لعدم الإجادة لكنها ليست شتما ولا سبا لوالدين، ومع ذلك لم يعاقب اللاعب لصفعه مبتعثا سعوديا قطع مئات الأميال لتشجيع منتخب وطنه!!.
صفع ثلاثة من لاعبي فريق النصر ثلاثة من مشجعي الهلال قال شهود عيان إنهم استفزوا اللاعبين الخاسرين بشتائم وسب وقذف لوالديهم وبعضهم متوفى، فجاءت عقوبات شديدة صارمة بحق اللاعبين (لا نعترض عليها، بل نؤيدها كجانب تربوي وتعويد على ضبط النفس)، لكننا حينما نقارنها بالموقف من صفعة اللاعب الهلالي نجدها كيلا بمكيالين غريبين لا يقل استفزازا من الصفعة في الحالتين!!.
التفسيرات ذهبت إلى عدم الحياد والكيل بمكيالين وعدم العدالة في مواقف لجنة الانضباط، وبعضها ذهب إلى مجاملة لميول مسؤول من مقرر العقوبة (وهي مجاملة قد لا يقبلها المسؤول نفسه)، لكن المؤكد أن الكيل بمكيالين للصفعتين استفز السواد الأعظم، حتى من طرف بعض جمهور الهلال، فالإنسان المنصف يستفزه الظلم ولا يقبله حتى لو كان في مصلحته!، أما المتعصب فهو لا يقل ظلما عن الظالم.
السؤال المهم: ألسنا في غنى عن أي غبن أو شعور بعدم عدالة في الكيل بمكيالين في شأن رياضي يمكن أن يكون مقياسا شائعا لغيره.

«تكسي» المطار تشويه للرياض بإصرار

هذا الموضوع تبنيته بالبحث والطرح منذ أكثر من عشر سنوات، بل أقدم من ذلك بكثير، ومنذ أن كنا ندرس في حصص التعبير أن سائق الأجرة يعطي الانطباع الأول والراسخ عن البلد، وطبيعي أننا نريد لبلدنا رقيا وانطباعا أولا وأخيرا من أجمل ما يكون.

عندي ــ ولله الحمد ــ ولدان كبيران لكل منهم سيارة، ولدي سائق طيب أحبه، لكنني أصر دائما أن أعود من المطار بسيارة أجرة لأستكشف أحوال هذه الصورة المشوهة علها تتحسن!!، وأصدقكم القول إنها لم تتحسن ولم تحل مشاكلها التي كنت أكتب عنها منذ عشر سنوات، ليس في مقالات، بل لمسؤولين أبلغهم بأحوالها الخطرة مباشرة وبالهاتف، ولم أكن أعلم أن بعضهم جزء أساس من المشكلة!!؛ مثلما حدث من سوء توفيق وإدارة من مدير سابق لشرطة مطار الملك خالد الذي كان له موقف غريب من النقد الصحفي وثقة مفرطة في سائقي الليموزين الأجانب وتكاتفهم ضد المواطنين ممن يبحثون عن الرزق الحلال عبر سيارات الأجرة، فتسبب في تعليق رقم هويتي الوطنية لعدة أيام؛ لأنني انتقدت موقفا له لا يقبله عقل ولا منطق أمني. لم ولن أتوقف عن محاولة الإسهام في حل مشكلة تشويه الأجانب من سائقي الأجرة في المطار لصورة الوطن لدى زواره ، وبالأمس عايشت نفس الموقف القديم، لم يتغير شيء يذكر، سيارات الأجرة تقف في طابور طويل، ولا يوجد في الموقع موظف سعودي يدير شؤونه وينظمه بما يشرف الوطن، عندما تصل طائرة ويبدأ الركاب في الخروج يختبئ السائقون عندما يكون القادم مواطنا؛ لأنه يسأل عن القيمة ويعرف المبالغ فيها ويصطادون الأجانب، فلا يجد المواطن من يوصله. سألت حتى وجدت سائق أول سيارة في الدور وسألته عن الأجر فبالغ في السعر كالعادة، قلت له: أين ورقة تسعيرة الشركة والإيصال، فرد باستهتار وتهكم (يبغى ورقة شركة روح الشفاء!!، هناك فيه شركة وورقة كثير)، هددته بالشرطة، فلم يكترث، فيبدو أنه قديم متمرس منذ عهد ذلك المدير، المرور لا علاقة له بالأمر؛ لأن الأمر منوط بإدارة المطار وعقود شركات، وللأمانة فإن اللواء عبدالرحمن المقبل منذ أن كان مديرا لمرور الرياض يتجاوب مع الشكوى من حس وطني مخلص، فيحل كثيرا من المشاكل عبر دوريات المرور.

كنت مرهقا من سفر طويل، ومع ذلك ذهبت للمناوب في إدارة المطار الأستاذ مسفر الخمعلي، فخرج معي بنفسه ووجدنا أن السائق المتغطرس قد فر بضحية!!، فأجبر سائقا آخر على إخراج التسعيرة ووعد بالتحقيق مع صاحب السيارة الذي سجلت رقمه.

أعرف أن مواطنين يأتون للرياض لتلقي علاج، فيمرضون من سلوكيات أجانب الليموزين في المطار!!، هذا خلاف التشويه!!، متى الحل؟!.


اربطونا و«بالأتاري» راقبونا !!

بعد ربط الضمان الاجتماعي بالتأمينات الاجتماعية، اكتشفنا أن الضمان الاجتماعي ــ ويا للأسف ــ يذهب لغير المستحقين، وأن ١٠٧ آلاف، وقد تزيد، صرف لهم رواتب ضمان اجتماعي شهرية مجموعها ٣٠٠ مليون ريال شهريا، وهم لا يستحقونها، وذكرت في مقال الأمس أن وزارة العمل تتحمل جزءا من مسؤولية ما حدث.
قبل ذلك وبسنوات، أدى الربط بين وزارة العمل والتأمينات إلى اكتشاف خطير!!، مفاده أن شركات كبرى سجلت شبابا عاطلين على أنهم موظفون لديها لرفع نسب السعودة في الشركة، وكان ذلك دون علمهم، وبعد أن حصلت على معلوماتهم من التقديم على وظائف لم يحصلوا عليها!!، وكانت تلك فضيحة كبرى، ولكن ــ للأسف ــ تم اكتشافها وكشفها دون أن نسمع عن عقوبة اتخذت في حق تلك الشركات (ربعنا يحبون الستر!!).
الآن، يجب أن يأتي الدور على صندوق الموارد البشرية!!، فهذا الصندوق لو ربط بأي برنامج حاسوبي، أو حتى بجهاز (بلاي ستيشن)، ستظهر ألاعيب وألعاب الشركات في مخصصاته ذات النوايا الوطنية الحسنة، اربطوه ــ يا جهات الرقابة ــ في أي برنامج حاسوبي (بلاش بلاي ستيشن!!، لو لعبة أتاري، وستقولون أتارينا مخدوعين!!).
تحايل الشركات على صندوق الموارد البشرية بتوظيف شباب براتب زهيد جدا، وتسجيله على أنه ستة آلاف لكي تحصل الشركة على الدعم وتوظف الشاب فعليا بنصف المبلغ أمر تم كشفه، ولا ننكر أن للشباب دورا في الموافقة على التحايل، لكن الباحث عن العمل مل الطرق السليمة دون أن يضمن الوظيفة، فاستغلته الشركات مستغلة نظام صندوق مخترق، غير متابع، ومال سائب شجعهم على السرقة وتعويد أبنائنا عليها.
زيدوا في الربط تكتشفون الفضائح وفقكم الله، وللشباب منكم، ممن لا يعرف (الأتاري)، هي لعبة جيلنا القديمة قبل (البلاي ستيشن) وتلعب مثلها، ولكن بأيد كبيرة (جلفة)، ابحثوا عنها في حراج اللعب القديمة واربطوها، يمكن تشتغل اللعبة.

التلاعب بالضمان إدانة للبيروقراطية

أول المدانين في قضية التلاعب بالضمان الاجتماعي وصرف ما يقارب ٣٠٠ مليون ريال شهريا لأكثر من مائة ألف (١٠٧ آلاف حالة) من غير المستحقين هو وزارة الشؤون الاجتماعية نفسها، وبطبيعة الحال، فإن المخضرمين فيها، يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية، فعليهم قبل أن يفكروا في الجوانب القانونية لاسترداد المبالغ التي استلمت بغير حق أن يفكروا في محاسبة من صرفها دون أدنى تثبت بالطريقة العلمية البحة التي كنا نطالبه بها!!.
كنا نكتب ونكتب ونكتب أن الطرق البيروقراطية المعقدة والعقيمة التي تتعامل بها الوزارة مع المستحقين الفعليين للضمان غير مجدية ولا منطقية، وتحرم الفقير المستحق الحقيقي من الحصول على الضمان، فهي تطالب بأوراق (أوراق فقط) يصعب على المستحق النزيه إحضارها، بينما يسهل جدا على المحتال تلفيقها وتزييفها وإحضارها من العدم، قلنا لهم مرارا إنكم تطلبون صك طلاق من معلقة!! هي لم تحصل على كلمة طالق، فكيف تحصل على صك، وتطالبون عجوزا أرملة بإثبات وفاة زوج وهي لا تملك لا المعرفة بطريقة استخراجها ولا القدرة على القراءة للبحث عنها، وتطالبون أسرة كاملة فقدت والدها منذ سنوات بإثبات وفاته وصك حصر إرث وهم لا يعلمون إلا أنه خرج ولم يعد!!، فكيف يثبتون وفاته؟!
قلنا لكم إن كل هذه الأوراق يكفي عنها تكثيف الزيارات الميدانية وتكثيف عمل الأخصائيات الاجتماعيات ودراسة متقصية ودقيقة للحالات كل على حدة، فتؤكد المحتاج في حينه وتكشف المحتال.
بالله عليكم، لو صرفت هذه المبالغ في توظيف مزيد من الأخصائيات الاجتماعيات وأجزل لهن العطاء، أليس أجدى لتحقيق الأهداف بكشف المحتال وتأكيد المحتاج.
في أكثر من تحاور متلفز لا يزال موثقا، كنت أقول لمسؤول كبير في الوزارة إنكم تتعاملون ببيروقراطية عقيمة ولا تتأكدون من المستحق وتذلون المحتاج بطلب أوراق مستعصية!!، وكان ينفي أنهم لا يتثبتون، ويؤكد أن التأخير في الإجراءات هو للتثبت!!، ليأتي الربط مع التأمينات ويثبت عدم التثبت!!.

كيف مر الجهاز من الجمارك؟!

حدث ما كنت أخشاه في مقال الأسبوع الماضي بعنوان (برفسور تجارة الطب النفسي) ولكن هذه المرة ليس بجعل المريض يدفع رسم فتح ملف بحوالى ألفي ريال ثم لا يجلس معه الطبيب، وليس بجعله يدفع ٥٠٠ ريال عن كل جلسة مع الطبيب النفسي ثم لا يجلس معه إلا الأخصائي النفسي في كل زيارة!!، وجلسة الأخصائي النفسي هامة جدا، وقد تكون أهم علاجيا من جلسة الطبيب في بعض الأمراض، لكن لا يجب خداع المريض وإيهامه أنها رسم مقابلة طبيب!!.
الغش هذه المرة لم يكن بهذه الوسائل والسبل، بل بطريقة أخطر عن طريق الترويج لجهاز (الفا ستيم) والإيهام بأنه يعالج عن طريق آلية معينة لم يتم إقرارها عبر الطرق العلمية الموثوقة والقنوات النظامية وهذا تدليس خطير واستغلال لبحث المريض النفسي وأهله عن خيط يتشبث به للخلاص من معاناته.
السؤال الهام وليس الأهم هو كيف مر الجهاز على منافذ الجمارك فإن كان مرخصا فتلك مصيبة وإن مر من المنافذ الجمركية دون ترخيص فالمصيبة أعظم.
الغريب أن الجمارك تتعامل مع الأجهزة والأدوات الطبية الحديثة الواردة للمستشفيات الحكومية (وهذه موثوقة) بالكثير من البيروقراطية والإجراءات المعقدة والتخزين السيئ، فكيف تمر أجهزة لمستشفيات وعيادات خاصة بهذه السهولة؟!.
سؤال كبير جوابه لدى مدير الجمارك.

أمانة الرياض باردة

الكتاب يقرأ من عنوانه والوزارات والأمانات والمؤسسات يمكن تقييم مستقبلها وأدائها الحاضر والمستقبل في الأمور الكبيرة وبسرعة من واقع حراكها السريع في الأمور الصغيرة.
أمانة مدينة الرياض، لا نود أن نستعجل تقييم عمل أمينها الجديد لكننا نستطيع القول وبكل أمانة إن الأمانة تبدو فاترة جدا وحراكها ضعيف وتجاوبها مع مشاكل المواطنين شبه معدوم مؤخرا، وأحوالها الرقابية على المطاعم والبوفيهات والمباني يمكن أن تعطي مؤشرا سلبيا جدا عن أدائها!!.
مثلا كارثة التسمم الشهير الذي حدث لعدد كبير من أفراد أسرتين بسبب مطعم عائلي يدار من المنزل لم نسمع بعد عن أي عقوبة أو غرامات طالت المطعم الذي تملكه امرأة والذي استمر معاندا حتى بعد حدوث التسمم في توصيل طلباته، بل أن إحدى الأسر المتضررة أثبتت لأمانة مدينة الرياض استمرار المطعم في عمله رغم ما قيل من الأمانة آنذاك عن غلقه!!، فقد طلبت منه ذات الأسرة طعاما بعد التسمم بيوم وقام بالتوصيل!!.
للأمانة أيضا أن الحادثة وقعت في عهد الأمين المكلف د. إبراهيم الدجين ولا يسأل عنها الأمين الحالي المهندس إبراهيم السلطان لحدوثها قبل تعيينه بفترة لكن حق الأسر في معاقبة المطعم وحق الناس في الحماية من خطورته لازال قائما!!.
أيضا وضع مضامير المشي والملاعب الرياضية في مواقع كثيرة في الرياض والتي تم إنشاؤها بكثافة في عهد الأمين الأسبق د. عبدالعزيز العياف أصبح مزريا اليوم!!، فرغم عدة مطالبات بحماية المشاة من الدبابات والدراجات ولعب كرة القدم وجميعها ممارسات ممنوعة وخطرة جدا على المشاة إلا أنها تحدث بطريقة مستفزة وخطرة دون وجود من يمنعها!!.
حتى دورات المياه وأماكن الوضوء في تلك الميادين أصبح الماء فيها شحيحا والنظافة سيئة والرقابة شبه معدومة وهذا القصور بدأ منذ عهد الأمين عبدالله المقبل وامتد حتى اليوم فلم تشهد ما يبشر بانتعاش أمانة مدينة الرياض.
لا أتمني أبدا أن ننتظر حتى يحدث تسمم جديد فنتحرك!!، أو أن يدهس (دباب) أحد المشاة فنهلع أو تجهض حامل من ضربة كرة طائشة فنستفز!!، فالنشاط كالكتاب يبين من عنوانه!!.

العرب «المستغربة»

عجيب أمر بعض منا نحن العرب عندما يعيش في بلاد الغرب، أو حتى دون أن يعيش هناك، لكنه يتأثر بحضارتهم وينجرف خلفها هياما بكل شيء فيها، (وليس كل شيء فيها يستحق الهيام)، فإنه يتحول إلى ناقد أو قل ناقم على كثير من سلوكياتنا وأفكارنا ومعتقداتنا، فينتقدها دون أدنى حياد!!، مع أن بعضها موروث ثقافي، وبعضها عادات وتقاليد عريقة، وبعضها له أساس ديني إما من كتاب أو سنة، لكنه لا يفرق في انتقاده الممزوج بهيام بالغرب واغترار وانخداع به حد إنعدام الرؤية!!، والمشكلة أن بعضهم يعتبر نفسه مثقفا.
يأخذون علينا ــ نحن المسلمين أو العرب تحديدا ــ مثلا ــ الخوف من العين أو الحذر من السحر والعلاج بالرقية والإيمان بأن في ماء زمزم شفاء لما شرب له أو العلاج بالعسل، وغير ذلك من معتقدات لها أساس ديني من الكتاب أو السنة، ويعتبر الواحد منهم نفسه مثقفا إذا رفض تصديقها بحجة أن الغرب الذي يعيش فيه أو يهيم به ليس فيه مثل ذلك!!.
يبدو أن ثقافتهم قاصرة جدا حد عدم الاستيعاب أو عدم الحياد في المقارنة، فلدى غالبية عظمى من شعوب أوروبا، بشقيها الغربي والشرقي، معتقدات وأفكار لا يقبلها لا عقل ولا منطق وليست حتى من أديانهم قبل أن تحرف!!. يكفي أن تعايش أوروبيا أو أمريكيا، بل يكفي أن تدور في أسواقهم، وتكون ممن يعقل، وسترى العجب العجاب!!، كثير منهم يعتقد أن السحلية تجلب الحظ!! تخيل السحلية تجلب الحظ!!، ونحن إذا رأينا البرص جلبنا (النعلة الزبيرية ــ أعزكم الله)!!. أكثر ما تجده في أسواقهم وبيوتهم وسياراتهم تلك الدائرة السماوية التي بداخلها رسمة عين، وهذه في اعتقادهم تطرد العين!!، نحن أنعم الله علينا بقول (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) إذا أعجبنا شيئا وخشينا أن نحسده، وهم يدقون الخشب!!، (على كذا النجار لا يمكن أن تصيبه عين!!). عندما يدخل الكنيسة يبل أصبعه بماء ثم يرسم على صدره التثليثة أو خارطة الصليب ودعك من هذا، لكن أن يرمي قرشا في الماء ويطلب أمنية أو يكتب ورقة للعذراء مريم بما حدث له من مشاكل ويطلب حلها، فهذا لا يرى فيه هائم أو مغتر غرابة تذكر. أما (أعمق!) و(أحكم!) و(أرحم!) وأسخف ما قرأت، فهي عبارة (الحضارة أن يكون لكل كلب بيت، وأن يكون في كل بيت كلب!!)، ألستم أنتم من شرد الفلسطينيين وهدم بيوت العراقيين.

بين سجدة شايع وأخلاق الفرج

بينما كان لاعب فريق النصر يبكي حزنا على ضربة حظ أضاعها ويقع أرضا كان كل من حوله من زملائه ورئيس النادي الأمير فيصل بن تركي يحاولون مواساته وجعله ينهض!!، لكنه ودون أن يتكلم كان يجذبهم إلى الأرض!، ظنوا أنه قد انهار وضعف، لكنه كان قد استمد من إيمانه شموخا وازداد قوة!!، فخر ساجدا يحمد ربه.

هذه القيم الإسلامية والوقفات الإيمانية رسختها فطرة إسلامية وتربية حرص من خلالها الأجداد والآباء من بعدهم على تنميتها في أبنائهم، ومثل هذه المواقف خاصة في لعبة جماهيرية مؤثرة عندما نسلط الضوء عليها، فنحن نساعد في تربية جيل كامل من الصغار والشباب من الملايين الذين يتابعونها، وقد سبق أن قلت إن كرة القدم وسيلة مؤثرة سلبا وإيجابا، ولا عيب مطلقا في أخذ العبر من مواقفها!!، قلته لمن يطالبنا بعدم الكتابة في شأن رياضي. على النقيض تماما وفي موقف سلبي يجب علينا التنبيه على فداحته للأجيال أيضا، فأثناء المباراة وبعد أن سجل محمد السهلاوي هدف فريقه بادر وزملاؤه إلى السجود الفوري شكرا لله، وهذه أيضا هي فطرة وتربية إسلامية عظيمه، لكن المخجل أن بعضا من جماهير الهلال قذفتهم بالقوارير وهم سجود!!، وهذا أمر مستغرب جدا وسلوك يفترض أن نقف عنده وننبه إلى أن أحدا ــ أيا كان ــ لا يجرؤ على أن يقذف ساجدا لله، وقد لفت نظري أن اللاعب عوض خميس كان يؤشر للجمهور معاتبا ويقول (كيف وقد كنا سجودا؟!)، التنبيه هنا أن قيمك الدينية وأخلاقك الإسلامية يجب أن لا تشغلك عنها كرة القدم مهما بلغ بك الحزن أو الفرح خلالها. بينما كان اللاعب ناصر الشمراني الذي ختم تاريخه الكروي مؤخرا بسلوكيات جلبت له العقوبات، وقبل ذلك وبعده فقدان التركيز وهبوط المستوى والبقاء احتياطيا أو الخروج مبكرا، أقول بينما كان يحث الجمهور على رفع الصوت لاستفزاز الفريق المهزوم ويصرخ بعبارات وإشارات مستفزة، كان سلمان الفرج يدور على زملائه لاعبي النصر ويواسيهم فردا فردا، بل ويتوشح شال فريق الخصم بثقة وسمو أخلاق، هي ذات الأخلاق التي جعلت محمد الشلهوب محبوبا لدى كل جماهير الكرة السعودية، بل ولدى جماهير أشرس خصوم الهلال ومنافسيه، وكان أيضا الشلهوب يتحدث بكل تقدير واحترام للخصم (أشقاؤنا وزملاؤنا لاعبو النصر).

علينا أن نستغل شعبية كرة القدم كأسرع وسيلة لإرسال رسائل تربوية للأجيال ونفخر بالخلوق منهم ونشيد به ونصحح اعوجاج من فشل أهله في تربيته.


تصحيح حقبة صحية

سينجز الوزير غير الطبيب للصحة إنجارا عظيما لو ركز على إجراء تعديلات جذرية، أو قل تصحيحات جذرية في النظم والإجراءات القائمة في ميادين عمل الرعاية الصحية، وأهمها المستشفيات ونظام التعامل الإداري ولوائح الرواتب والبدلات والانتدابات.
فريق العمل الصحي العصري لم يعد طبيبا فقط، بدليل أن العالم كله أصبح يستخدم مفهوم الرعاية الصحية، وليست الرعاية الطبية، وهذا المفهوم العصري المتطور يقر واقعا هاما جدا، وهو أن رعاية المريض صحيا تعتمد على فريق عمل كامل لا فرق فيه بين مختص وآخر!!، فكل في مجال تخصصه يشكل عاملا مهما لا غنى عنه مطلقا، ولا يمكن لأي واحد من فريق العمل أن يغني عن الآخر أو يقوم بعمل غيره، كما أن أي خطأ مهني من أحد أعضاء الفريق قد تؤدي إلى كارثة، وطالما أن الفريق في المسؤولية سواء، وفي عامل النجاح سواء، فإنهم يجب أن يعاملوا سواسية كمهنيين.
لقد انتهى عصر قديم كان فيه الطبيب هو من يفحص ويشخص ويجري التحاليل يقترح الدواء ويعطيه للمريض بنفسه (حينما كنا نقول للطفل أوديك للدختور يضربك إبره).
أصبح للفحص أجهزة دقيقة لها مختص فيها وقارئ لنتائجها هو بالتأكيد ليس طبيبا، وللأشعة التشخيصية مختص، وللمختبر مختص، وللتغذية مختص، وللأدوية صيدلاني متعمق في كل مجموعة دوائية يعرف طريقة عملها وجرعاتها وتعارضها مع الأدوية الأخرى والأعراض الأخرى، ولإعطاء الإبرة ممرض… وهكذا، بل أصبح في كل تخصص حامل لشهادة الدكتوراه (دكتور حقيقي بشهادة عليا).
طبيعة العمل الحالية وأنظمتها القديمة ما زالت تفرض هيمنة الطبيب وانفراده بالمميزات، حتى العلمية منها؛ مثل الحصول على الانتدابات العلمية وحضور المؤتمرات وتطوير الذات، فتجد أن الأنظمة (التي صممها أطباء) تحدد (طبيب وغير طبيب)، والمفترض أن تحدد المهنة فقط وفئة العضو في الفريق (أخصائي مختبر، أخصائي أشعة، صيدلي، طبيب، ممرض، أخصائي علاج طبيعي، أخصائي تغذية… وهكذا دون أي تفرقة).
المحاسبة على الأخطاء والتهاون والتسيب مختلفة، فالطبيب في حصانة من المحاسبة الإدارية سببت ما نحن فيه من حدوث الأخطاء الطبية!!، بسبب ترك الأطباء لعملهم في المستشفى الحكومي و(التزويغ) لعمل غير مشروع في الخاص!!، بينما لو خرج فني مختبر لزيارة مريض في نفس المستشفى حوسب على الدقيقة.
سيكون إنجارا للوطن لو أعيد ترتيب وتصحيح أوراق حقبة من الصحة تم فيها ترتيب الأوراق بما يخدم مصالح ومستقبل واستثمار مهنة واحدة وعامل واحد في الفريق هو الطبيب.