التصنيف: بصوت القلم

غارة على الهيئة لا غيرة على فتاة!

نحن هنا نخاطب العقلاء، وندعوهم إلى كلمة سواء حول التعاطي مع واقعة النخيل مول، أما من اتخذوا موقفا جاهزا (مقولبا) من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن تطبيق شعيرة حث عليها كتاب الله الكريم وربط تطبيقها بالإيمان وصفة الخير في الأمة، فهؤلاء لا يستحقون المجادلة ولا نقول لهم إلا سلاما، وندعو لهم بالهداية، أما من يربط بين عمل أعضاء الهيئة وأي اجتهاد أو حماس في عمل ديني وبين «داعش» هو ادعاء غبي بأن «داعش» ينتمي للدين ونحن نعلم أنهم أبعد عن الدين بعد المشرق عن المغرب، فلا مجال لمقارنتهم بمسلم مجتهد وإن أخطأ، إلا لدى مريض جدير بأن نعالجه بآخر العلاج وهو الكي، لأنه بهذا الربط يشكك النشء فيما اتفقت عليه كل المراجع والقيادات الإسلامية وعلى رأسها قيادة هذا البلد الأمين من أن «داعش» أبعد ما يكون عن سماحة الإسلام ورحمته.
تعالوا أيها العقلاء إلى كلمة سواء في تعاطي غالبية الكتاب مع واقعة النخيل مول، فجميع خصوم الهيئة ركزوا على جزئية ما ذكره الشاهد مبارك الدوسري عن الهيئة وأهملوا تماما أهم ما ورد في شهادته وهي عبارة «الشاب الذي ضرب الفتاة ليس أخوها.. هو شاب يغازل»، فلم يسأل كاتب واحد منهم عن ذلك الشاب الذي ضربها بعد أن غازل!
ولماذا لم يقبض عليه ولم يعاقب وأين هو من القضية؟! والغريب أن الجميع دون استثناء نصبوا مبارك بطلا غيورا، ومع ذلك لم تدفعهم غيرتهم إلى المطالبة بالاقتصاص للفتاة من ذلك الشاب الذي ضربها! هل لأنه مغازل وليس من الهيئة؟! أم أن حماسهم لم يكن غيرة على الفتاة بقدر ما هو غارة على الهيئة؟!.
على الأقل لأنكم تدعون المطالبة بحقوق المرأة وتعارضون أن يضربها زوج أو أب، كان عليكم المطالبة بحقها في الاقتصاص ممن ضربها وهو لا يحمل أية صفة، لا صفة قرابة يعقبها لوم، ولا صفة رسمية تتبعها محاسبة!.
حسب معلوماتي فإن عضو الهيئة حوسب على عدم التزامه بأنظمة وآلية الضبط بملاحقته للفتاة، رغم أنه أوضح أنه لحق بها عندما كان اتجاهها نحو حاجز النفق خوفا من أن ترمي بنفسها في النفق وبمجرد تغيير مسارها بعيدا عن النفق تركها تهرب مع قدرته الإمساك بها، بدليل أنها هربت ولا تزال هاربة، لكن ذلك لم يعفه من المحاسبة أو ينفي عنه الخطأ.
المخجل أن الشاهد عندما توهم أنه قد يلحقه أذى من الهيئة تم تضخيم ذلك وكأن هذه الهيئة ليست مؤسسة حكومية تمثل وطنا عادلا منصفا لا مكان فيه لتخويف ولا فوضى ولا انتقام.

قنواتنا لم ترحم مؤتمر الرحمة

كان على القنوات العربية المتلفزة أن تستثمر المؤتمر الدولي عن الرحمة في الإسلام أقصى استثمار في ترسيخ مفهوم الرحمة في الإسلام، خاصة في هذا التوقيت الذي يحاول فيه أعداء الإسلام نسب العنف والقسوة للدين الإسلامي الذي هو منهما براء، بل هو الدين الذي نزل رحمة بالعالمين، وهو ما ألقاه في المؤتمر أكثر من ٤٥ متحدثا من ٤٠ دولة بطرق متعددة وأدلة قاطعة وحجج دامغة، كان لا ينقصها إلا قنوات تلفزيونية عربية تتفاعل مع الحدث بما يستحق، بل تترجم ما طرح فيه من أوراق إلى اللغة العالمية وأشهر لغات العالم، لكنها للأسف لم تفعل، فقد مر المؤتمر مرور الكرام على كثير من قنواتنا المتلفزة.
المملكة العربية السعودية قامت بدورها العظيم في معانيه والدقيق في توقيته، وعقدت هذا المؤتمر الدولي الهام في رحاب إحدى أعرق جامعات العالم، جامعة الملك سعود بالرياض، وافتتح المؤتمر أمير الرياض صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ولم ينقص المؤتمر إلا تغطية إعلامية تليق بأهميته وتوقيته وأهدافه النبيلة، لكن التغطية لم تكن بحجم الحدث، سيما من قنوات فضائية عربية يفترض أن تنشره عالميا بكل ما أوتيت من إمكانات ودعم.
لو أن مؤتمرا عن حقوق الإنسان يعقد في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أهدرت أبسط الحقوق في معتقلها بجوانتانامو، وحيث نزعت الرحمة مع نزع الملابس في سجن أبوغريب، لربما وجد تغطية من قنوات عربية أفضل من تلك التي وجدها المؤتمر الدولي عن الرحمة في الإسلام الذي عقد في السعودية معقل الرحمة والإنسانية وتطبيق شرع الله.
حتى رعاية المؤتمر، لم تشارك فيها كثير من الشركات والجهات القادرة للقيام بدورها في هذا الصدد وهذا مؤسف جدا، وهنا نحيي سمو الأمير سعود بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع والذي وجه صندوق موظفي سابك «بر» لرعاية المؤتمر كالراعي الماسي ويستحق جميع رعاة المؤتمر الذهبيين الامتنان ونخص بالذكر إذاعة الرياض حيث تعتبر رعايتها للمؤتمر مبادرة رائعة.
على أية حال مازال ثمة وقت للتعويض فعسى أن تستدرك القنوات الفضائية التجارية والرسمية وتعد ملخصات مترجمة بجميع اللغات وتسعى لنشرها بالتعاون مع محطات عالمية فالهدف أسمى من أن يطاله تقصير والتوقيت أثمن من أي ثمن!.

لا تستهينوا بإحباط الشباب مالياً

مواقف إحباط الشباب ماليا عديدة ومتعددة للأسف، وفي كل موقف تسهم دائرة حكومية مع القطاع الخاص في إحباطهم أو تسهل للقطاع الخاص استغلالهم وأخذهم لحما ورميهم عظما وهذا وربي خطير.

جميعنا نتذكر طلاب الدبلومات الصحية الذين وعدهم وزير الصحة حمد المانع بوجود حاجة للتخصصات التي سيدرسونها تمتد لعشرين سنة، فباع بعضهم سيارته واستدان بعضهم واقترض آخر ليجمعوا ثمن الدراسة في معاهد مرخصة ويحصلوا على الدبلوم المطلوب، ثم يأتي وزير الصحة عبدالله الربيعة فيرفض مؤهلاتهم المعتمدة، في وقت قبلت مؤهلات عرب وآسيويين لا يعرف مصدرها وإمكانية تزييفها!، وقبلهم حلت مصيبة مشابهة بخريجي دبلوم اللغة الإنجليزية.

قلت حينها ليس أخطر من إحباط شاب عصامي بذل مالا من جيبه ليتعلم ويحصل على عمل ثم يخسر هذا وذاك.

صندوق الموارد البشرية (هدف) كان ولا يزال يعين القطاع الخاص على غبن شبابنا بدفع دعم بـ٢٥٠٠ ريال لكل من ادعى توظيف شاب أو شابة بخمسة آلاف، ثم يأخذ التاجر الدعم ويدفعه للشاب ويجبره على القبول بقوة عدم الرقابة أو التساهل أو أسلوب (قال من أمرك؟ قال من نهاني؟) ثم يأتي مدير الصندوق ليقول إن الشباب يتواطؤون مع جهة التوظيف معلقا على ٥٠٠ حالة توظيف وهمي لفتيات في شركة ليس لديها أقسام نسائية ولا مقر عمل نسائي ولم يكتشفها واشتكين ولم يتجاوب معهن.

كنت قد وجدت عذرا للجامعة في ما حدث للملفات المرمية في الزبالة، لكنها غير معذورة في عدم تأكدها من مصداقية وظائف المشاركين في المعرض وكان عليها أن لا تكتفي فقط بما يدفعون من مبالغ طائلة كإيجار للجناح!، ومثلما تتأكد من (دفع الإيجار) يفترض أن تتأكد من (دافع الاستئجار) وأنه ليس مجرد استعراض وخداع.

وكان على وزارة الصحة أن تفي بوعدها لخريجي الدبلومات الصحية أو تبين مأخذها على مخرجاتهم وتساند إعادة الرسوم الدراسية لهم، لا أن تتركهم فريسة لتاجر هي من «وهقتهم» به حتى وإن تغير الوزير.

وكان على صندوق الموارد البشرية أن يخلص في الرقابة بما يضمن ذهاب مال الدولة ودعم المال العام كاملا للشاب والشابة ليحقق الغرض منه، والذي من المؤكد أنه ليس دفع كل الراتب الزهيد نيابة عن تاجر مخادع.

إن من التهاون والسذاجة حد الغباء الاستهانة بتأثير الإحباط المالي والوظيفي على شاب جاد عصامي وعلينا التعامل بحزم مع كل مسؤول يعرضه لذلك الإحباط الخطير.


رمي ملفات المتقدمين قديم ولندني!

عندما دعتنا وزارة التعليم العالي (آنذاك) منذ سنتين ككتاب رأي لحضور يوم المهنة في لندن، غضبت مني الوزارة، لأنني أجريت حوارا مع المبتعثين أثبت أن أغلب الجهات الخاصة والحكومية المشاركة بمعارض استقبال طلبات التوظيف، كانت غير جادة وجاءت للاستعراض فقط، وكتبت عن هذا الواقع الأليم في هذه الصحيفة المباركة ثلاث مقالات متتالية عناوينها (صدمة المبتعث بعد التخرج) و(يا يوم المهنة أين يوم الشفافية؟!) و(ليت كل التوظيف لندني والزي ديني)، وجميعها في شهر أبريل ٢٠١٣.
شخصيا استغربت غضب وزارة التعليم العالي، ذلك أن عدم جدية الجهات المشاركة ليس ذنب الوزارة المنظمة، ربما الغضب لأنني أشرت إلى عدم توحيد زي الخريجات وحالة استعراض الأزياء غير اللائقة بنا كسعوديين ولا تليق بالمناسبة، فقررت الوزارة عدم دعوتي لاحقا، وحقيقة لا يشرفني دعوة من يريد من الصحفي أن يمدح ولا ينتقد وسعدت وشرفني زعل الوزارة في هذا الصدد.
الآن جاءت فضيحة مقطع رمي ملفات المتقدمين خلال أسبوع المهنة بجامعة الملك سعود لتؤكد عدم جدية بعض الجهات المشاركة، لكن ذلك أيضا لا يعيب جامعة الملك سعود كجهة منظمة إلا إذا وقفت موقف المدافع عن الحادثة كما يبدو من بياناتها وتعليقات بعض ممثليها.
الموضوع يحتاج إلى أكثر من وقفة ومقال، لأن فيه خداعا للمتقدم، سواء لأيام المهنة في حفلات التخرج بأمريكا وبريطانيا وغيرها، أو داخليا في أسبوع المهنة، ومضيعة لوقت وجهد المتقدم، والأهم من ذلك تشكيكه في مؤسسات وطنه الخاصة والعامة وإحباطه وتعليمه عدم المصداقية منذ أول احتكاك بالوظيفة المحتملة أو الموعودة!.
السؤال الذي لم أجد الإجابة عليه منذ غضبت علي وزارة التعليم العالي عام ٢٠١٣ هو: أين شفافية المعروض من الوظائف؟!، لماذا لم تقدم البنوك والشركات والمؤسسات والجامعات والوزارات المشاركة قوائم بالوظائف التي ترغب التوظيف عليها، وعدد الشواغر والتخصصات التي تحتاجها، والمؤهلات المطلوبة في الخريج الذي جاءت للبحث عنه؟!، هذا إذا كانت لم تأت لمجرد الاستعراض، والمشاركة لمجرد المشاركة، و(توهيق) المتقدمين الذين ازدحمت بهم مساحات المعرض وطالت بهم طوابير التسجيل!.
كان من المفترض، لو صدقت النية، أن تكون تلك المعلومات متوفرة على موقع إلكتروني واضح ومباشر، قبل المعرض بمدة كافية، وأن يكون من شروط المشاركة في المعرض توفير هذه المعلومات مسبقا، وسهولة وصول المتقدم إليها إلكترونيا.

الصحة وشح الصيادلة

رحم الله من أهدى إلي عيوبي، مقولة خالدة أكد عليها قائد هذه الأمة والأدرى والأحرص على هذا الوطن، وعلينا جميعا أن نتعامل بمفهومها ونطبقه في حياتنا، خاصة حياتنا العملية التي لا تخص المسؤول وحده، بل تعني الجميع.
وزير الصحة المهندس خالد الفالح مبعث تفاؤل بتطبيق نهج إداري حديث وقيادة إدارية محنكة، مثل تلك التي تعلمها في (أرامكو)، لكن ذلك لا يغني عن سماع آراء المتخصصين في المجالات الدقيقة، خاصة أولئك الذين يقبعون خارج الوزارة، سواء في الجامعات أو المستشفيات أو هيئة الغذاء والدواء، ذلك أن قدامى وزارة الصحة قد أعطوا كل ما لديهم ولم يتبق عندهم شيء، كما أن بعض من جاؤوا معه من (أرامكو) ليست لديهم الخبرة الكافية في العمل الحكومي بل ربما لم يمارسوه مطلقا، وبالتالي فإن العمل في قطاع حكومي مثل وزارة الصحة يستوجب محاولة تطبيق نظام (أرامكو) ولكن بأدوات لديها الخبرة في العمل الحكومي وأنظمة القطاعات الصحية الحكومية.
خذ على سبيل المثال لا الحصر، قرار وزير الصحة بفرض صيدلي سعودي على الصيدليات الأهلية يتولى عهدة الأدوية النفسية أو الأدوية المراقبة بصفة عامة، هذا قرار يستحيل تطبيقه كون الكوادر الصيدلانية الوطنية شحيحة جدا وتتحدث الإحصاءات عن نصف قرن من المخرجات الحالية ليكتفي الوطن من الصيادلة السعوديين في المواقع الحساسة جدا، ووزارة الصحة نفسها أكثر من يعاني من شح الصيادلة السعوديين، فكيف سيطبق هذا القرار؟! ومن سيلتزم به؟!.
الواقع يقول ألا أحد سيطبقه وما تم تطبيقه كنتيجة للقرار هو استغلال ملاك الصيدليات الأهلية لهذه الفرصة الذهبية للامتناع عن توفير الأدوية النفسية والأدوية المراقبة كونهم أصلا يتحينون الفرص لعدم توفير الأدوية الرخيصة وتلك التي تحتاج إلى جرد وصداع وليس فيها فرص عروض مجانية (بونص)، هذا التقصير كتبنا عنه كثيرا وفضحنا صوره دون مجيب.
أيضا كتبنا عن سلبيات القرار وما أدى إليه امتناع الصيدليات عن توفير الأدوية النفسية من انتكاسات للمرضى النفسيين، لذا آمل من معالي الوزير أن يلتفت إلى مثل هذا الأمر.

وزارة المياه تهدر الماء وتعاقبنا!

لا اعتراض على رفع تعرفة استهلاك المياه، بل تأييد لذلك الرفع، خصوصا أن النسبة قد تؤدي إلى ترشيد استهلاك الغني ولن تضر الفقير، هذا أمر لا خلاف عليه ونشكر لمعالي وزير المياه والكهرباء إيضاحاته المتعددة لكيفية الزيادة والشريحة التي ستؤثر فيها، وكان أحدث تلك الإيضاحات ما قاله في برنامج (الثامنة) أول أمس الأحد.
الاعتراض على تركيز الوزير على نسب استهلاك الفرد والمنزل للمياه وعرض شرائح وأرقام لوسائل الهدر المنزلي بدءا بـ(السيفون) ثم غسل الملابس إلى آخر صور الاستهلاك والهدر المنزلي للمياه، ثم التعريج على أرقام دقيقة لاستهلاك الفرد ومقارنته باستهلاك الفرد في دول العالم، وكيف أن المملكة تأتي في المرتبة الثالثة عالميا في استهلاك المياه، وأنها أكثر استهلاكا من كثير من دول أوروبا!، وكل هذا السرد والاستشهاد يأتي مقرونا بهدر الفرد والمنزل السعودي للمياه دون أدنى ذكر للهدر الناجم عن تسريبات الشبكة والعوامل الأخرى ذات العلاقة بالهدر الوطني للمياه، مثل الاستراحات والمزارع والمنتجعات والقصور.
عندما نتحدث بلغة الأرقام والإحصاءات فإن الدقة والأمانة العلمية تقتضي التحدث بشمولية وحياد، ونحن نعلم جيدا أن تسريب شبكات توصيل المياه يشكل رقما لا يستهان به بين أسباب وصور هدر المياه وطنيا، بل إن ما ينزف من الأمتار المكعبة من ماسورة مكسورة لم يتم إصلاحها لعدة أيام أو أسابيع كمية كبيرة لا يمكن مقارنتها بما يهدره (سيفون) من مليمترات مكعبة في المنزل لعدم وجود كيس إزاحة أو لكبر (السيفون)، ويجدر بنا عندما نتحدث عن هدر الماء من منطلق وطني أن نحيط بكل أسباب الهدر وبكل صراحة!.
كما أن المقارنة بدول أوروبية في نسب استهلاك الفرد يفترض أن تشتمل على المقارنة مع تلك الدول في نسب الهدر الناجم عن عدم إصلاح ماسورة مكسورة لعدة أيام أو تسريب شبكة لعدة سنوات، وهو ما لا يحدث في تلك الدول المذكورة بينما يتكرر حدوثه عندنا!.
إذن فإن اعتراضي هو على تحميل المواطن تبعات هدر مياه لا يتحمله وحده، بل إن من يحمله مسؤولية الهدر ويعاقبه عليه يتحمل النسبة الأكبر دون عقوبة.

افحصوهم نفسيا يا اتحاد القدم!

الاتحاد السعودي لكرة القدم وضع نفسه بنفسه في مشكلة حتى أصبح مهددا بالتجميد، لا يفصل بينه وبين التجميد إلا منطقية شكوى رئيس لجنة مقال وقبولها.
هذه الحالة ذكرت كثيرا من المتابعين والنقاد والمحللين بالمثل الشعبي (يا من شرى له من حلاله علة)، أما أنا فذكرتني بأمرين، أولهما مقولة (وعلى نياتكم ترزقون)، أما الأمر الثاني والأهم وطنيا فهو ضرورة اعتماد الفحص النفسي قبل الترشيح لأي منصب أو وظيفة، وهنا لا أقصد الترشيح لرئاسة لجنة في إتحاد قدم أو يد أو سلة فقط، بل كل منصب حساس تلعب فيه الحالة النفسية للمرشح دورا في تعاطيه مع أمور حساسة بتصرف أو تصريح أو حتى موقف!.
بالمناسبة هذا الأمر كان معمولا به في السابق عن طريق إجراء مقابلة شخصية يجريها عدة أشخاص ويطرحون أسئلة متعددة تكشف إجاباتها عن جانب من شخصية المتقدم أو المرشح، لكنها في هذا الزمن غير كافية، كما يبدو من مفاجآت البعض، لذا فأنا أقترح إخضاع المرشح لفحص نفسي دقيق، وهو أمر معمول به في كثير من الدول المتقدمة، بل إن بعضها ذهب إلى جهاز فحص الكذب وهذا قد نحتاجه في فحص بعض الوعود بالمشاريع والخدمات في الوزارات الخدمية، لكنه ليس ضروريا في رؤساء و أعضاء اللجان.
اتحاد كرة القدم السعودي يعتمد على ترشيحاته في رئاسة وعضوية اللجان على عنصر واحد فقط، هو الميول لناد معين، وهذه نظرة مائلة بل عوراء، لكنها أصبحت واقعا حتى في رعاية الشباب، للأسف، وها هو إتحاد كرة القدم يدفع ثمن اعتماده على الميول.
علينا أن نستفيد من دروس الرياضة في كل مجالاتنا، فلا الولاء وحده يكفي ولا الشهادة وحدها تكفي ولا السيرة الذاتية التي يقدمها المتقدم للوظيفة تكفي، لا بد من الرجوع للجهة التي عمل بها المتقدم والسؤال عن تفاصيل دقيقة، ثم إجراء المقابلة الشخصية بعناية وتدقيق، هذا للوظائف العادية، أما للمواقع الحساسة فيجب إجراء الفحص النفسي!، وإلا فإن براقش ستجني على نفسها كثيرا، خاصة إذا كانت نية براقش مبرقشة بالألوان.

أوقفوا تدليس المأكل والمشرب

يتعرض المستهلك السعودي لتدليس واضح في كثير من المأكل والمشرب والعلاج، ويأتي هذا التدليس موثقا بالكتابة على العلب بالنسبة للأطعمة والعصائر والألبان، وموثقا بدعايات مغلوطة لبعض المستحضرات العلاجية غير الدوائية مثل الكريمات ومعاجين الأسنان وبعض الأدوية التي تباع دون وصفة.
بعض الأطعمة يكتب عليها أنها طبيعية خالصة وهي صناعية خالصة أو مخلطة، وبعضها يكتب أنها لا تحتوي على مواد حافظة أو محسنات صناعية أو أصباغ وهي تحتوي على كل هذه العناصر أو بعضها!.
وفي العصائر نرى العجب العجاب فتجد أن أصباغا خالصة ومواد ملونة مركزة تم تخفيفها لا تمت للطبيعة بصلة ويكتب على اللاصق أنها (عصير طبيعي)، ويروج لها على أنها عصير طبيعي، وهذه الأصباغ والمواد الملونة لها أضرار ومخاطر كبيرة لمن يتناولها وهو يدرك أنها أصباغ فيحد من تناولها، فكيف بمن تم إيهامه أنها طبيعية فصدق؟!.
في معجونات الأسنان كثرت الممارسات غير الأخلاقية لأطباء أسنان، (أو ممثلين يدعون أنهم أطباء)، يخرجون في مشاهد تمثيلية إعلانية تمجد معجونا على أنه يعالج التسوس أو يمنع نزف اللثة وهو مجرد مواد تنظيف أسنان عادية لا تتميز عن غيرها بغير قدرة الشركة المصنعة على الخداع الدعائي، والشيء نفسه يقال عن مستحضرات الشعر (الشامبو) التي يدعي منتجوها أنها تحتوي مواد تعالج التساقط أو القشرة دون إثبات!.
هذا التدليس محرم شرعا وممنوع نظاما وهو من أسباب الحث على الاستهلاك طلبا لفائدة غير موجودة ومن صور عدم العدالة في تساوي الفرص بين منتج مدلس وآخر صادق، ويجب وقفه فورا لما تقتضيه المصلحة العامة، خصوصا أن وزارة التجارة تعيش أوج مجدها في مجال حماية المستهلك والمصداقية.
وحقيقة فإن الأدوية لا يشملها هذا التدليس ذلك أن هيئة الغذاء والدواء تفرض سرد المحتويات الفعلية للدواء سواء على العلبة أو في نشرة الدواء وذكر العيوب بجانب المميزات، إلا أن ما يحدث من دعاية لبعض الأدوية، مثل أدوية الصداع أو الزكام أو كريمات الروماتيزم والالتهابات أو المقويات الجنسية، مخالفة صريحة وبها مبالغات وتدليس يجب وقفه فورا بتكاتف من الجهات المعنية وهي وزارة الصحة ووزارة الإعلام وهيئة الغذاء والدواء بمعاقبة المعلن وليس الوسيلة الإعلانية، فالمعلن (سواء الشركة المنتجة أو الوكيل) يعرف النظام وهو من يمارس التدليس!.

بين نفع الداعية و ضرر شبه الليبرالي

لكل منبره ولكل موقفه ولكل أولوياته، ومواقع التواصل الاجتماعي منبر مشترك للكل، يطل منه كل فرد ويرمي بما في جعبته و ينضح كل إناء بما فيه.

أثبتت المواقف والإطلالات أن المواطن الداعية ذي المنطلق الشرعي الديني أنفع للوطن وللمجتمع وللأمة و أكثر إيجابية و أخلص موقفا وأكثر دقة في تحديد الأولوية ممن يدعي (ليبرالية) هو أبعد ما يكون عنها.

في منابر الدعاة تجد نصائح مدعمة بأدلة من الكتاب والسنة تحث على توحيد الصف وطاعة ولي الأمر والبر بالوالدين والرفق بالقوارير والقيام بالمسئولية نحو الأسرة واللطف مع الزوجة والأبناء والحث على الصدقة ونبذ الإسراف والتبذير، وتذكير بما نحن فيه من نعمة أمن و استقرار ورغد عيش وكيف نحافظ عليها بشكر النعم وعدم هدرها، ونصح وحث على إطعام البائس والفقير وكفالة اليتيم والرفق به والحفاظ على ماله، ونشر للأدعية والأذكار الواردة في سنن المصطفى عليه أفضل الصلاة وآتم التسليم ودعوات للصلاح وعدم الإفساد في الأرض، وتذكير بعظم أمر قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وفضل القصاص وفضل تطبيق أحكام الله في المجرمين في حفظ الحياة والأمن، وتذكير بعظم أمر الدفاع عن الدين والوطن والإستشهاد في سبيل ذلك، ومنزلة من قتلوا في سبيل الله وطمأنة ذويهم وعزاء كل من أصابته مصيبة وصبر وفضل الصبر على المصاب، وغير ذلك من ذكر ونصائح لها مردود إيجابي في الحفاظ على مجتمع متماسك، صالح، صحيح نفسيا، وعناية بأهم الأولويات من منطلق شرعي وليس سفائف أمور من تقليد غربي كما يفعل بعض أدعياء الليبرالية.

لقد شهدنا الجمعة الماضية كيف ركزت خطب الجمعة على نبذ مظاهر الإسراف وهدر الموائد والتباهي بالهدر والهياط، بل هذا الأسبوع كله رأينا مواقف منابر الدعاة في ( تويتر) وغيره من أمر الهدر و (الهياط) وقبل ذلك من تأييد لتنفيذ أحكام الله في المفسدين وقبله بتشجيع أبطال الحد الجنوبي والتذكير بفضل ثباتهم وأجر تحملهم لمشاق البرد والفراق ومنزلة الشهداء.

على الجانب الأخر لدى أدعياء الليبرالية تجد في منابرهم بعدا عن هموم الوطن وأولياته وتركيزا على أمور بعضها سطحي هش أقل ما يقال عنه أنه (سخيف)، وبعضها مقبول الأهمية لكن ليس في التوقيت المناسب وبعضها مدعاة للسخرية، فهذا يريد حضور نساء لملعب كرة وذلك مطلبه دور سينما وثالث همه أن تقود المرأة السيارة وكأنه انجاز العصر أو مطلب غالبية النساء، وآخر همه إلغاء جهاز الهيئة وأخرق أو خرقاء يعتبر المفسد في الأرض وقاتل النفس معبرا عن رأي! متجاهلا حق الأرواح التي أزهقها ومشاعر ذويهم وحقوق الإنسان في أن يبيت أمنا في سربه!، فيا عجبا من هؤلاء ويال إعجابنا بأولئك وكفى.

التجارة والدواء بعد زيارة رالف نادر وخطأ نادر

كان رالف نادر المحامي والناشط الأمريكي في حماية المستهلك يزور المملكة منذ ٣٢ سنة، وكنت آنذاك محققا صحفيا في جريدة (الجزيرة) معنيا بقضايا المجتمع والمواطن فاستغللت الفرصة و أجريت معه حوارا نشر على صفحة كاملة في ١٦ جمادى الآخرة ١٤٠٤هـ الموافق ١٨ مارس ١٩٨٤م حول وجهة نظره عن حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية، فقال كلاما كثيرا عن الحقوق والضمانات الضائعة خاصة في تجارة السيارات والأجهزة وعدم فحص الأغذية والأدوية ومجالات عدة كانت قاصرة آنذاك، لكنني لا زلت أذكر تصريحه الذي اتخذته عنوانا حين قال (وزارة التجارة سحبت سيارة إحدى الشركات من السوق السعودية وذلك إنجاز كبير لحماية المستهلك)، كما ذكر أن الجهود في مجال فحص الأغذية جيدة لكنها في مجال فحص الكيماويات والأدوية لم تحقق النتائج المطلوبة.

بالمناسبة رالف نادر رشح منذ سنوات قليلة لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية و لا زال عند مبادئه ومواقفه نحو المواطن وتحديدا المستهلك وربما لهذا السبب لم يفز!، وأنا أعيد قراءة الحوار اليوم وبعد مرور ٣٢ سنة تمنيت لو أن رالف نادر زارنا مرة أخرى ليرى أن حماية المستهلك تراجعت كثيرا مقارنة بوضعها عند زيارته حين كان الدكتور عبدالرحمن الزامل وكيلا للوزارة، ثم هوت إلى مستوى سحيق لعدة سنوات، حتى جاء د. توفيق الربيعة وزيرا للصناعة والتجارة فأعادها لمستوى رفيع لم يصل القمة بعد، لكن سحب السيارة لعيب صناعي أصبح خبرا عاديا في وطني و أن الدكتور الصيدلي محمد المشعل جعل من هيئة الغذاء والدواء صمام أمان للأغذية والأدوية لا يقل أمنا عن هيئة الغذاء والدواء عندهم في أمريكا!.

نادر لو جاء مرة ثانية سيدرك أن وطني لديه كل الإمكانات ولديه حرص القيادة ويتغير أداء أجهزته الخدمية ١٨٠ درجة عندما يكسب الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا ما حدث في حماية المستهلك بسحب السيارات المخالفة وفي فحص الأدوية والأغذية والتي كان نادر يعتبرها انجازا نادرا !.

هذا لا يمنع من القول بأننا ننتظر المزيد من وزارة التجارة في حماية المستهلك، وننتظر منح هيئة الغذاء والدواء صلاحيات أكبر خاصة في تحديد العينة العشوائية لفحص الغذاء الوارد للجمارك و اعتماد تقرير مختبراتها في رفض الشحنة الفاشلة، ومنع دخولها، فهو قرار هيئة الغذاء في كل أنحاء العالم بما فيها بلد السيد نادر وترك القرار لإدارة الجمارك خطأ نادر.