التصنيف: بصوت القلم

دعوا قافلتنا تسير وكلابهم تنبح

قذف ثمار هذا الوطن المثمر، بكل أشكال وأوزان الحجارة ليس بجديد، وحسده على نعمة التمسك بالدين والقيم والأمن والأمان والتماسك والوحدة الوطنية والثراء ورغد العيش ليس وليد الساعة بل أمر علمناه منذ الصبا وعشناه وعايشناه في الشباب وعاشته أجيال قبلنا فلا جديد ولا غرابة ولا استغراب ولا فرق بين الأمس واليوم إلا في مصدر الحسد وماهية الحاسد وطريقته في بث سمومه.
لم نسلم من حسد وحقد بعيد ولا قريب على اختلاف الدرجات، ولم نسلم من حسد العدو الواضح، والعدو الخفي، ومن يدعي الصداقة، ومن حسبناه صديقا، وكنا ولازلنا في هذا البلد الأمين، وبفضل من الله وبتمسكنا بتعاليم ديننا والتزامنا بشرع الله دستورا انفردنا به، نسير من نجاح إلى نجاح أكبر ومن نعمة إلى نعمة أعظم ومن أمن إلى أمان أكثر ويتخطف الناس من حولنا!.
تلقينا مكائد خفية مرت علينا بسلام ولله الحمد والمنة، واكتشفنا لاحقا أنها ممن أحسنا إليهم كثيرا، فرزقنا الله على قدر نوايانا الحسنة، وتلقينا مكائد ظاهرة من أعداء لنا، دحرهم الله ورد كيدهم في نحورهم، دون حتى أن نشعر بما كانوا يخططون له، أو شعرنا به وتجاهلناه، فزدناهم قهرا وغيضا.
علينا الآن أن نستمر في تجاهلنا لمن يحسدنا فلا نبالغ في الرد عليه لا بشعر ولا قصيد ولا حتى كثير تغريد أو رفع صوت إعلامي، فالعالم أجمع يعلم ويجمع على عظيم جهودنا وعلو مكانتنا وتأثيرنا وقيادتنا لقوى الخير وريادتنا لمشروع السلام في المعمورة وخدماتنا للإسلام والإنسانية، وهو إجماع غير مسبوق من الشعوب أولا والقيادات العاقلة ثانيا، وأضفنا لذلك حينما اضطررنا حزما عسكريا بقوة وعزم بشجاعة، أكسبنا اعتزاز وفخر الصديق ورهبة وخوف العدو، فلسنا في حاجة للرد على أحد، تماما كما كنا شجرة مثمرة تقذف لتتساقط ثمارها وقافلة خير تسير ولا تكترث بأن الكلاب من حولها تنبح.

تبذير الولائم يحتاج إلى حزم

من الصعب جدا أن تطالب الجهات الرسمية بالتدخل حتى في السلوكيات الفردية للأشخاص، فالأمر الطبيعي أن يعي الناس مسؤولياتهم ويقوموا بواجباتهم دون أن يكون هناك وصي عليهم، لكن عندما يتعلق الأمر بسلوك فردي قد تتضرر منه الجماعة سواء بالسمعة أو ردة الفعل أو العقوبة الإلهية، فإن تدخل الدولة يصبح ضرورة ملحة، واعتقد أن أمر التبذير في الولائم وما يرمى في مكبات النفايات من أطنان الأرز واللحم بات أمرا مخيفا يتطلب الردع بعزم وحزم وسرعة، ولا يجوز أن نتوقف عند الدعاء بأن لا يؤاخذنا الله بما يفعل السفهاء منا فلابد من فعل الأسباب وإيقاف هذا الهدر للنعم.
مرت عدة سنوات ومواقع التواصل الاجتماعي تنقل صورا حية ومقاطع طويلة لكميات كبيرة من الأرز ومفاطيح الإبل والخراف تكب كاملة غير منقوصة في مكاب النفايات ومن كثرتها تحمل بالجرافات وعلى ظهور القلابات الكبيرة، وكان أحدث مقطع للتبذير والإسراف ما تم تداوله مؤخرا من إخراج عشرات الصحون في الشارع كاملة بلحمها وشحمها وأرزها ليتولى العمال حملها واحدا تلو الآخر ورميها في مكب النفايات، وقد كنا قبل هذا المقطع نعيش على وهم أن الفائض من تلك الولائم المبالغ فيها يرسل للجمعيات الخيرية ويوزع على المحتاجين وهو مالم يعد يحدث من فرط الإسراف والاستهتار.
إن ما يحدث هو نتيجة مرض نفسي اجتماعي مرتبط بالتباهي والتنافس والتسابق في ميدان أكثر الذبائح وأجزلها، وهذا المرض النفسي يصعب علاجه بالتوعية فقط بل يستحيل علاجه بمجرد النصح والتوجيه شأنه شأن كل أشكال التنافس المرتبط بالشعور بالنقص يتطلب تعويضه بسلوك غريب أو تميز، لذا فلابد من رادع عاجل جدا، ليس فقط لاحتمال أن تصيبنا عقوبة بما يفعل السفهاء وحسب بل لأننا بذلك نستفز جياع العالم ونجرح مشاعرهم ويسخر منا عقلاء العالم ونفقد احترامهم بسبب قلة مريضة صورتها هي السائدة.

اتق شر من أحسنت إليه

وهل أكثر إحسانا من الوالدين لأبنائهم؟! وهل أمر الإنسان بأمر بعد عبادة الله أعظم من الإحسان لوالديه؟!.
مقولة اتق شر من أحسنت إليه، مقولة خالدة منذ عصور وهي مقولة لها مناسباتها العديدة تاريخيا ماضيا وحاضرا ومستقبلا بلا أدنى شك، وما كانت لتردد عبر العصور لولا تمثلها وحدوث مناسباتها، أسريا واجتماعيا وسياسيا، وعلى مستوى السياسة فإن أحدث أمثلتها ما يحدث الآن من بشار الأسد تجاه وطنه وشعب أخلص له، ولوالده من قبله، وانتهى الأمر بهم لقتل أكثر من ربع مليون وتهجير أضعافهم وتشريد مثلهم.
وليس شر المخلوع علي عبدالله صالح نحو رجال اليمن وقبائله الذين أحسنوا إليه ببعيد عن صحة المقولة!.
وبلا أدنى شك إن مقولة اتق شر من أحسنت إليه ليست على إطلاقها بل هي محمولة على اللئام دون الكرام، لكنها تتمثل لي كثيرا حين أزور دور الرعاية الاجتماعية (دور العجزة) وأشاهد رجالا ونساء تركهم أبناؤهم في الدور بعد أن ضحى الوالدان من أجلهم وهم صغار بكل غالٍ ونفيس من نفس وصحة ومال.
جاع الوالدان ليشبع الأبناء ومرضوا ليصح الأبناء وشقوا ليسعدوهم وسهروا ليناموا وبذلوا الجهد والصحة والمال، بل بذلوا حتى عزة النفس ليعتز أبناؤهم! فمنهم من عمل في عمل (لا أقول مهينا) لأن العمل لا يهين، و(لا أقول وضيعا) لأن كل كسب حلال هو رفيع، وإنما الوضيع عكسه، ولكن أقول عملوا في خدمة أناس قد يسيئون إليهم بالإهانة والتحقير وصبروا من أجل أبنائهم ومنهم من تسلف وطلب المال من الغير وتعرض للإحراج ليعيش أبناؤه في كرامة، فأي عذر للأبناء اليوم في تركهم غير مقبول مقارنة بإحسانهم إلا أن يكون مما تنطبق عليه مقولة (اتق شر من أحسنت إليه).
بالله عليكم هل يكفي عذر إرضاء زوجة أو ظروف عمل أو إسعاد أولاد أو حرية أسرية أو خصوصية عائلية في تبرير عقوقك لوالديك بهجرهم ورميهم في دور الحزن؟! فقط راجع نفسك وأنت تتلو آيات من القرآن الكريم في حق الوالدين.

فتاوى الشيخ «واتس اب»

في سابق الزمان كانت الأمور تتم كما يجب بكل مباشرة ووضوح ومعرفة للمصدر ومن ذلك أن الفتوى في أمر العلم الشرعي (وهو تخصص دقيق وواسع وعميق يفوق في تفرعه ومتشابهاته ومزالقه وخطورته كل تخصص آخر) كانت الفتوى تصدر من المفتي العام، أو من يوازيه علما، مباشرة، وفي الغالب مواجهة، ثم أسهمت برامج الإذاعة وخاصة إذاعة القرآن الكريم في تثقيف الناس في الداخل والخارج بأمر دينهم عن طريق استضافة علماء محددين من المؤهلين في مجال العلم الشرعي هم كبار العلماء المعتبرين.

اليوم، ومع تسارع وتطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح أمر التوجيه الشرعي والفقهي خطيرا جدا، فبرنامج (الواتس اب) يعج بالرسائل التي تتعلق بأمور الدين مثلما يعج بمثلها مما يتعلق بأمور الدنيا!، وبالمناسبة جميعها خطيرة فالفتوى في أمور الشأن الاجتماعي والنفسي والسلوكي والصحي لا تقل خطورة عن الشأن الفقهي أو الشرعي، لكن الفارق يكمن في أن المتلقي لا يتقبل مشورة أو توجيها مجهول المصدر في شأن صحي أو اجتماعي أو نفسي أو سلوكي، ويتساءل من أنت لتوجهني؟!، أما في الشأن الديني تحديدا فإن المتلقي يقبل ما يرسل مفترضا صحته خاصة حينما يستدل الراوي بآية (وإن كانت في غير محلها وتفسيرها) أو حديث (ولو لم يكن يعرف صحته أو سنده) وهنا مكمن الخطورة!.

وعلى وجه العموم فإن العلم الشرعي رغم دقته وعمقه واتساعه وتفرعه ومتشابهاته وأهمية التخصص فيه، إلا أنه وكما ذكرت كثيرا، وفي أكثر من وسيلة إعلامية، أكثر العلوم عرضة للجرأة عليه وانتهاكه! ودائما أقولها: إنك لو كنت في مجلس أو وسيلة إعلامية وأراد أحدهم إيراد معلومة طبية أو صيدلانية أو هندسية لبدأ بالاعتذار لأهل التخصص وطلب التثبت منهم عن صحتها!، أما العلم الشرعي فإن كل من هب ودب من كاتب ومذيع وممثل بل ومغن لا يتردد في التفلسف فيه.

أنصح بالحذر مما يرد في وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر) و(الفيسبوك) و(الواتس اب) في كل ما يتعلق بالعلم الشرعي تماما كما يجب الحذر من المعلومات التي ترد في مجالات أخرى كالأدوية والأمراض وعلوم الفلك والطب البديل، والعودة لأخذ العلوم من مصادرها الموثقة المصححة المحكمة والمجازة علميا وتلك في المكتبات.


الحسم والحزم

صبر الملك سلمان وتثبته وانتظاره لانتهاء التحقيقات حكمة معروفة عنه سلفا، فأمر سقوط الرافعة كان مرتبطا بحالة جوية نادرة وشديدة لم تنجح أي دولة في العالم رغم تقدمها وأبحاثها واحتياطاتها الحد من خطورتها، ناهيك عن الحماية منها، ولنا في ظواهر طبيعية خير دليل وأشهرها إعصارات أمريكا وتسونامي اليابان.
وقرارات الملك سلمان الحاسمة والحازمة بعد أن اتضح أن ثمة إهمالا في تثبيت الرافعة وعدم احتياط المقاول للظروف باتخاذ إجراء بسيط جدا بتثبيتها، قرارات حزم وعزم وحسم اشتهر به الملك منذ نعومة أظفاره وفي جميع المناصب التي تولى زمامها، وهذه الإجراءات الرادعة بتحميل المقاول جزءا من المسؤولية وإعادة النظر في عقد الاستشاري، جميعها قرارات ستجعل كل مقاول مستقبلا يعمل ألف حساب لكل نفس بشرية وليس حسابا طفيفا لكل ألف نفس يعرضها للخطر.
أمن العقوبة هذا أنهاه سلمان الحزم وسيصبح كل مقاول صغر أم كبر يلتزم بالاحتياطات ويعقل ويتوكل ولا يترك أرواح الناس عرضة لأي عارض.
لمسة رائعة جدا هي من خصال سلمان بن عبدالعزيز فرغم التعويضات الإنسانية المليونية لذوي الشهداء ومن أعيق إعاقة دائمة إلا أنه -يحفظه الله- يستدرك مؤكدا بحكمته المعهودة (ذلك لا يحول دون مطالبتهم بالحق الخاص أمام الجهات القضائية)، فالقضاء في وطننا وعند جميع ملوكه منذ المؤسس -رحمه الله- خط أحمر وباب مفتوح هو الأكبر.

دعوا الهيئة ترحمنا

لم نكد نصدق أن يكون لدينا هيئة للغذاء والدواء بهذه القدرات والإمكانات والتقنيات لحمايتنا من الغش الخفي جدا، الذي لا يكشفه إلا مختص في الغذاء أو الدواء وأجهزة دقيقة وانتشار واسع وفحص شامل، وتحقق هذا الحلم ثم بقي فترة إعداد طويلة ثم فترة خمول طالت، والآن وبعد أن اكتملت لديه العدة وتوسعت قدراته وتسلح بالأجهزة والانتشار وزاد حزمه وعزمه، نكتفه بالبيروقراطية وتحجيم الصلاحيات وتضييق الواسع وتعقيد الإجراءات؟! هذا أمر ليس في مصلحتنا ولا يخدم إلا تاجرا يخدعنا.
في كل الدول الأوروبية وشمال أمريكا، تتولى هيئة الغذاء والدواء القرار فيما تفحص وفيما تفتح من حاويات السلع الواردة وهي من تختار العينة العشوائية التي تفحص وهي من يقرر فسح دخول السلع الواردة من عدمه بناء على الفحص الدقيق ومطابقة السلعة للمواصفات المطلوبة للغذاء والدواء.
عندنا، فقط، لازالت هيئة الغذاء والدواء تفحص فقط ما يحال إليها من الجمارك!، رغم توفر إمكانيات فحص عينات من كل ما يرد للوطن، وهنا هدر للإمكانيات ومخاطرة!.
وعندنا، فقط، لا تتولى هيئة الغذاء فتح الشحنة الواردة وسحب العينة العشوائية رغم تواجد مندوب الهيئة وانتشار فروعها في الموانئ والمنافذ وفي هذا تقييد للهيئة وإيكال عملها لموظف الجمارك المتخصص والخبير في غش آخر غير الغذاء والدواء والخلطات العشبية!.
وعندنا، فقط، قد تقرر هيئة الغذاء والدواء عدم اجتياز عينة الشحنة الغذائية وتقف صلاحياتها عند حد نتيجة فحص العينة وعدم الاجتياز، لكن أمر فسح دخولها بيد الجمارك وقد تمر الشحنة رغم رسوب عينة الفحص!.
وعندنا، فقط، نصرف كثيرا على تأسيس هيئة علمية متخصصة ذات قدرات ثم نحد من صلاحياتها، فإما أن الهيئة قصرت في المطالبة بالصلاحيات المستحقة أو أن موجة التنافس بين الجهات الحكومية على الصلاحيات دون مسوغ علمي لا تزال هي السائدة وهي ما يجعل جهة لا ترحم ولا تدع غيرها يرحم.

سر ارتفاع رسوم المدارس

الارتفاع السنوي لرسوم المدارس الأهلية وبنسب كبيرة جدا وغير مبررة لا بتطوير خدمات ولا بسعودة وظائف، ليس سرا بل أصبح مجاهرة وعنادا وعصيانا تمارسه المدارس ضد وزارة التعليم في كل مراحلها وتسمياتها ومن تولوا مسؤولياتها!.
السر يكمن في سبب غض الطرف عن مخالفة رفع الرسوم رغم ما تقدمه الدولة حفظها الله من إعانات وما قدمته لهذا القطاع من دعم في شكل أرض وقرض وتسهيلات ليقف على قدميه!، وعندما وقف على قدميه أصبح يركل كل قرار تتخذه وزارة التعليم (للحد) من الارتفاع المسعور في الأسعار!.
تغيرت مسميات هذه الوزارة من معارف إلى تربية وتعليم ثم تعليم تشمل صلاحياته التعليم العام والعالي وتغيرت أسماء قبطانها ومع ذلك لم يرتفع مؤشر قوة شخصية هذه الوزارة على التعليم الأهلي بل تمادى هذا القطاع وتفننت لجنته (الوطنية) في الغرفة التجارية في التبجح حتى أصبحت اليوم تعطي دروسا للقطاعات الحكومية في ضرورة الالتزام بالأوامر والقرارات (انظر إن شئت كمثال تصريح رئيس اللجنة «الوطنية» للتعليم الأهلي بالغرفة التجارية لصحيفة الشرق بقوله إنه لا يحق لصندوق الموارد البشرية إيقاف إعانة المعلمين والمعلمات عن المدارس الأهلية في العطلة الصيفية حتى لو لم يعملوا فيها كونها إعانة بأمر ملكي ويحق للمدارس وقف الراتب كونه أجرا مقابل عمل يقف بوقف العمل، ويردف قائلا: إن إيقاف الإعانة مخالفة للأمر الملكي) انتهى.
الآن أصبح رئيس اللجنة يعرف المخالفات بل ويعرف الجهات الحكومية بها!!، فيا عجبي من التناقض ثم التبجح به! أين كان من المخالفات الصريحة للمدارس الأهلية وعصيانها لكل التعليمات؟!.ارتفاع رسوم المدارس الأهلية إلى الضعف ليس سرا، السر هو في سبب سكوت الجهات الرقابية بالوزارة على عصيان المدارس الخاصة ومخالفتها برفع الرسوم سنويا وغيرها من المخالفات وإلى متى؟!.

الأرصاد مغبرة!

يبدو أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة نفسها قد تراكم عليها الغبار والمؤسسة إذا غبرت تحتاج إلى نفخ!، والنفخ البسيط لا يجدي مع الغبار الذي وقع على ماء وتحول إلى طين فهذا النوع بالذات من الطمي الطيني يحتاج إلى غسل عام وحك وربما صنفرة، ولا يمكن لأحد أن ينسى كمية المياه التي طمرت الأرصاد وحماية البيئة في كارثة جدة مع السيول المفاجئة التي ذهب ضحيتها المئات من الأنفس والأملاك والمنازل والسيارات في غرق مفاجئ لم تتوقعه الأرصاد وحماية البيئة.
يبدو أن حظ جدة مع الأرصاد غير!، فلا ترصد ماء سمائها ولا غباره ونسأل الله أن يستر عليها ويحفظها من عدم رصد الأرصاد لما هو أخطر كالزلازل والهزات الأرضية مثلا إذا لم يصب الأرصاد هزة تزيل عنها الغبار!.
هل يعقل أن لا ترصد الأرصاد عاصفة غبار بحجم تلك التي أصابت منطقة مكة المكرمة رغم توفر الأجهزة وصور الأقمار الصناعية التي تتابع على أقل تقدير انتقال كتلة الغبار فلا تحذر منها الأرصاد إلا بعد وصولها بربع ساعة؟!، (أي طفل في جدة يحمل جوالا يمكنه أن يحذر العالم من موجة غبار بعد وصولها!!) يبدو أن الأجهزة ترصد لكن المتابع نائم!.
ثمة سؤال مهم أيضا، وهو فرسان المناخ الذين أشغلونا بترززهم في الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات المتلفزة وهم يعلنون توقعاتهم وتحذيراتهم من موجة برد شديدة وثلوج أو موجة حر أو أمطار غير متوقعة، أين هم من التحذير من موجة الغبار؟!.
يبدو أن الفلكيين ومحللي المناخ عندنا مثل محللي سوق المال والمحللين الرياضيين، ما عندك أحد، ويجمعهم الترزز.

لشفافية مستشفى الحرس ثمن وفخر

لو لا سمح الله أصيب ابنك بحادث أو مرض أو واجهت زوجتك حالة ولادة، فإنك بلا أدنى شك لن تضع مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني خيارا كما كانت العادة، خوفا من الكورونا وستفكر مباشرة في التوجه لمستشفى آخر أو مستشفى خاص، والسؤال الذي يجب أن نسأله بعلمية ومنطق عقلاني هو: كيف تأكدت من سلامة المستشفى الذي ستتجه إليه من الكورونا؟! ومن يضمن لك خلوه من العدوى؟!.
لا أحد حاليا يملك الإجابة على هذه الأسئلة لغياب التفاصيل والشفافية، ولكن الجميع يدرك ضرورة أن لا يتجه لمستشفى الحرس؛ لأن الحرس الوطني مارس شفافيته المعهودة وبادر للمكاشفة بالوضع والتحذير واتخاذ الإجراءات التي تتطلبها الشفافية، فأين المستشفيات التي تتكسب من شفافية الغير؟!، علما أن حالات الكورونا موجودة في بعض المستشفيات.
الشفافية التي تعامل بها الحرس الوطني درس وطني استفاد وسيستفيد منه الوطن مستقبلا ويجب أن يفاخر بها الحرس الوطني وإن كان مستشفى الحرس الوطني دفع ثمنها في شكل انتقاد حاد والتعامل معه وكأنه مستشفى قام بتركيب وتطوير الفيروس ونشره، وليس مستشفى استقبل الحالات بإخلاص وتفان وعالج المئات منها وبذل ممارسوه الصحيون التضحيات باقترابهم من المصابين أكثر من أقرب الناس إليهم وخاطروا بصحتهم وصحة ذويهم. دفع المستشفى ثمنا للشفافية باستغلال الفاشلين والمتخاذلين للوضع ببث شائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تشكك في بعض المخلصين من الكفاءات الإدارية الوطنية بتعرضهم لتحقيق لا صحة له ولا أصل وبالمناسبة، فإن تلك الطواقم الإدارية الحالية من كفاءات الحرس الوطني هي ذات الكفاءات التي أسست المستشفى كنواة للخدمات الصحية بالحرس وهم ذات الإداريين الذين أزاحوا شركات التشغيل وبادروا بأول تجربة وطنية ناجحة في التشغيل الذاتي فكانت أفضل وأوفر من تشغيل شركات النهب والكوادر الأجنبية منتهية الصلاحية، وهي ذات الكفاءات التي حولت النواة من مستشفى واحد إلى مدينة طبية كاملة بها أكثر من عشرة مراكز تخصصية متقدمة ومستشفى أطفال وجامعة. نعم عملت وأعمل وأتشرف بالعمل في هذا الصرح الشامخ ولم أتعود المديح أو الدفاع في شبابي فكيف وقد أوشكت على الرحيل لكنها شهادة واجبة لزملاء عايشت عملهم عن قرب وأشهد لهم لأن إنجازاتهم الوطنية تشهد وتستحق الفخر (ولا تكتموا الشهادة).

وكالات الدواء لا تحقق أمنا دوائيا

مقومات الأمن الدوائي الوطني تستوجب تحويل جميع الشركات العائلية والخاصة لصناعة الدواء ووكالاته إلى شركات مساهمة تديرها مجالس إدارة متينة منتخبة وذات أساس قوي وتنظيم واضح وقرار لا يعرف المركزية ولا الأهواء والرغبات الفردية بل يغلب المصلحة الوطنية والصالح العام.

لقد صبرنا كثيرا على احتكار وكلاء الدواء وتحكمهم في أهم عنصر يربط بين المريض وصحته وهو الدواء، فقد تحكموا في توفيره بالكميات المطلوبة، وتحكموا في سعره، وتحكموا في تخزينه والآن يتحكمون فيما هو أهم وهو مصيره المستقبلي وأمن تواجده المحكوم بأدنى خلاف عائلي أو هوى شركة خاصة أو ولاء فرد وهذا لا يجوز ولا يحقق أمنا دوائيا للوطن والمواطن!.

لقد مررنا بتجارب كثيرة ومريرة جدا مع وكلاء الدواء ومصنعيه تراوحت بين تحديد سعر عال جدا للأصناف التي يحتكرون وكالتها أو يصنعونها، ثم عدم توفير الأدوية الرخيصة سعرا (بحكم سهولة الحصول على موادها الأولية)، لكنها ضرورية وثمينة جدا في إنقاذ الحياة، ثم عدم توفير الأدوية المراقبة بشدة كالأدوية النفسية والمخدرة وذلك تلافيا لصداع جردها والمحاسبة على كمياتها وطريقة حفظها حسب احتياطات وأنظمة التحكم في استخدام الأدوية المراقبة والمخدرة، ثم شح توفير كميات من الأدوية غير دارجة الاستخدام مثل هرمونات النمو رغم أهميتها لعدد من المرضى المعتمدين عليها بشكل كبير!.

لكن التجارب الأكثر خطورة، والتي دقت ناقوس خطر أنانية وأهواء الوكلاء الأفراد أو الشركات العائلية والخاصة، هي أزمات الحروب والأزمات الاقتصادية التي مرت بها البلاد، ففي حرب الخليج (تحرير الكويت) والأزمات الاقتصادية التي كان الوطن فيها بأمس الحاجة لتوفير الدواء بالكميات المطلوبة، والصبر على تأخر طفيف في بعض مستحقات الوكلاء والمصانع، امتنع بعض الوكلاء عن إمداد القطاعات الصحية الحكومية بكثير من الأدوية الضرورية للحياة وكان الموقف محرجا جدا!، هذا خلاف احتمالية توقف نشاط الوكالة أو المصنع لمجرد وفاة أو خلاف على تركة.

إن لنا تجربة رائعة وعبرة حسنة من الخطوة الوطنية الجريئة العظيمة التي اتخذها المرحوم بإذن الله الدكتور غازي القصيبي عندما تولى وزارة الصناعة بتوحيد شركات الكهرباء في شركة موحدة ومنع احتكار هذه الخدمة الضرورية أو تركها للأمزجة والخلافات والمتغيرات العائلية.