أربع ستات

التمييز في اللغة يحمل معنى واحداً سواء استخدم للتمييز العنصري أو للتمييز بالأرقام.شخصياً كنت ولا زلت ضد التمييز بكافة معانيه عدا التميز بالنجاح أي التميز المكتسب بجهد شخصي إيجابي على المجتمع.

حذرت من موجة الدعاية للأرقام المميزة ورأيت أن تترك للدور (من يشترك أولاً يحصل على الرقم السهل) لكنهم رأوا إطلاق سباق الأرقام المميزة في كل شيء في لوحات السيارات وأرقام الجوالات أو الهواتف الثابتة بل وحتى أرقام ملفات المرضى شفانا الله وإياكم من كل مرض وحب التميز الشكلي مرض خطير برقم مميز خاصة في مجتمعنا.

اختاروا أن يستثمروا في الأرقام المميزة في كل مجال حتى وصل سعر لوحة مثل (أ ح ب 666) إلى ملايين الريالات مع أننا جميعاً وبحكم غريزة طبيعية نحب «الستات» وبفعل حكمة وشمولية وعمق تعاليم ديننا الحنيف فقد أعطانا الحق في أن نحب «أربع ستات» حباً مشروعاً على أن نعدل فإن خفنا أن لا نعدل فواحدة.

قليلون جداً من كان لديهم الجرأة للوصول لهذا الرقم المميز (4 ستات) بطريقة مشروعة.

دعونا نعد للأرقام المميزة في لوحات السيارات فقد كانت وجهة نظري المنشورة في حينه أن منحها بمقابل مادي سيخلق تنافساً غير محمود «وتمييزاً» قد يصل حد الخطورة عندما يتأثر به شرطي المرور الذي كان يعاني من الارتباك عندما يقرر إيقاف شاب يعتلي سيارة مميزة بالماركة واللون و«الموديل» فما بالك حينما يرى أن رقمها مميز هو الآخر.. لابد أنه سوف يتأثر لأنه جزء من المجتمع والمجتمع ميز فلماذا لا يميز جندي المرور؟!

ما حدث كان أخطر حتى مما كنت أتوقع فقد أصبح شبابنا يبحثون عن التميز في رقم لوحة سيارة أو جوال بل وبطاقة الأحوال وربما بطاقة المستشفى ورقم المخالفة المرورية وأصبح التميز هدفاً، ثم ثقافة مجتمع حتى أضحى إحدى علامات التأهيل الاجتماعي، بمعنى انك لو كنت علماً في فكرك وأدبك أو علمك أو مجال عملك فإن الشاب (ابنك أو ابن صديقك) يتوقع أن تكون لوحة سيارتك برقم مميز وهاتفك كذلك، وإلا فإن تميزك المهني والعلمي أصبح موضع شك وهذا خطير جداً ليس بسبب تدني النظرة الشبابية لهذا المستوى ولكن لأن الطموح أصبح متدنياً لهذا الحد، لقد كنا نتنافس في التحصيل العلمي وفي الأعمال الرجولية والنخوة والشهامة واستقبال وإكرام الضيف وفي الصلاة بالمسجد وحضور الجمعة وفي إثبات الذات بأفعال لا بأشكال ويفترض أن لا نساهم كمجتمع وكصناع قرار في خلق شباب يبحث عن تميز شكلي مصدره إرث مادي لا إرث ثقافي أخلاقي لأن هذا النوع من الشباب لا يصلح لبنة مجتمع جاد.

اترك رد