الجذب الإعلامي المعاكس

ندوة تأثير القنوات الفضائية على الثقافة العربية أكدت على أننا في الوطن العربي ندرك جيداً ما يحيط بنا من خطر أو أخطار البث الفضائي، ولا تنقصنا مطلقاً القدرة على التعبير عن قلقنا من هذا الخطر ولا نفتقر للمفكرين في هذا المجال ولا لاقتراح الحلول لما نعلمه من خطر قادم يفوق كثيرا ما نعايشه اليوم، لأنه خطر يتزايد ليس كل يوم ولكن كل دقيقة .
ما ينقصنا حقا هو قدرة المفكرين على إقناع أصحاب المصالح وأصحاب القرار أن الخطر على الأمة يفوق كثيرا المكاسب الشخصية، ولا يقارن بها على الإطلاق.

الشيء الآخر أو السبيل الآخر غير الإقناع هو أن تكون لدى الأمة العربية الجدية والصرامة في أن تجبر ملاك القنوات ومنافذها على تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، تماما كما ذكر أحد المتحدثين في الندوة وأعتقد أنه الدكتور عدلي رضا (ان امتلاك القناة الفضائية لا يعطي مالكها الحق في أن يفعل ما يشاء) .

الإعلامية والمذيعة خديجة بن قنة ترى أن حرية المشاهد ورقابة المشاهد على نفسه ومن هم تحت وصايته هي المحك فالمشاهد هو من يركب الصحن الفضائي وملحقاته وجهاز الاستقبال وهو من يحرك جهاز التحكم عن بعد (الريموت كنترول) فهو المسئول عما يختار لنفسه وأسرته من القنوات، أما الأستاذ حمدي قنديل مقدم برنامج (قلم رصاص) في قناة دبي الفضائية فقد تحدث عن إيجابيات مرحلة الفضائيات مقارنة بما قبلها، لكنه أبدى استغرابه وامتعاضه من انتشار قنوات الميوعة والخلاعة والمجون التي تطلق بدعوى أن (الجمهور عايز كده) مع أن وادي الغناء والرقص والطرب هو وادي مختلف عن الوادي الذي نعيش فيه كعرب !! وتساءل عن أي نوع من (الشيزوفرينيا) (فصام الشخصية) الذي يجسده التناقض بين الإعلام والأمة وبين وادي الانبساط والفرفشة والواقع المناقض الذي نعيش فيه؟.

تساؤل الأستاذ حمدي قنديل منطقي جدا ويبرئ ساحة المشاهد لأن بعض قنوات الفضاء تفترض واقعاً أو وادياً غير الوادي الذي نعيش فيه .

أما أنا فأعتقد في رأيي المتواضع أننا وفي ظل استحالة فرض آلية عربية تغلب المصلحة العامة للأمة على أهواء قنوات الفضاء، ليس أمامنا إلا نهج أسلوب الجذب المعاكس للمشاهد عن طريق إشباع رغباته الواقعية وجذبه أو إشغاله عن قنواتهم بدعم القنوات المهنية سليمة المقاصد والهادفة البناءة في أي مجال كان.

القنوات الرياضية لو مارست مهنية عالية كفيلة بجذب أكثر من مجرد فئة الشباب ولديها هامش أوسع للتفاعل وقضايا ذات جذب حميد وممتع.

القضايا الاجتماعية والاقتصادية وبرامج النقد والتحاور وسيلة جذب أخرى لا تقل متعة ومتابعة إذا اتسمت بالمهنية وهامش أوسع من الشفافية والإثارة المحمودة التي تنعكس على المجتمع العربي بإيجابيات عدة تجمع بين الإصلاح والجذب والإشغال عن توافه الأمور.

فتح باب التعبير والمطالبة والتفاعل بين القنوات الهادفة ومشاهديها سيقطع الطريق أمام قنوات الرسائل النصية (sms) الهابطة لأن الشاب والفتاة سيتحول إلى التفاعل مع مجتمعه بدلا من الاختباء خلف اسم مستعار ليملأ فراغه بمداعبة مفاتيح جهاز الهاتف النقال لإرسال مشاعر نحو مجهول على الطرف الآخر للقناة.

رأي واحد على “الجذب الإعلامي المعاكس

  1. سيدي الكريم… ثق تمام الثقة ان ما يشهدة الاعلام العربي في هذة الفترة هي اللآم المخاض لاعلام عربي جديد(لست مغرما بكوندليسارايس )لكن هذه العبارة الصحيحة (من وجهة نظري) التى تنطبق على ما يعيشه الاعلام العربي حاليا . اما قنوات العري والخلاعة لن تجد لها بعد خمس سنوات اثر، لن تقفلها الحومات العربية بل سيملها المتلقي ..مع انفتاحنا على العالم سنتيقن ان ما نفعله(كمشاهدين عرب)هو جريمة يعاقب عليها العقل وانا ما كنا عليه لن يضيف لنا الا مزيدا من سنوات التخلف….هذا يحدث في حالة واحدة فقط ..اذا فُسح المجال للاعلام بممارسة الحرية (الواعية) وتحجيم دور حارس البوابة..وحارس البوابة الذي لم يمنع الغرباء من الدخول ولم يحافظ على سلامة من هو حارسا عليهم….

    اشكرك اخي محمد

    تحيتي..

اترك رد