اليوم: ماي 21, 2007

الرأس والفأس

لا شك أن التجاوب مع الإعلام يسعد كل إعلامي ويشعره بأن ما يكتبه أو يقوله أحدث تغييرا أو سبب فعلا.
ولكن عندما تصبح إثارة الموضوع في الإعلام مطلبا لإنجاز كل عمل، وحل كل مشكلة، وتحريك كل راكد فإن ثمة خللاً لا يسعد أحدا على الإطلاق.

الخلل ليس في الوطن، هذا أمر مؤكد لأن خلل الوطن إذا حدث، لا سمح الله، لا ينفع معه لا الإعلام ولا التعليم، ونحن نرى نماذج لأوطان لا يكترث فيها أحد لما يطرح إعلاميا حتى لو تعالى الصراخ.

مشكلتنا تكمن في كثرة وتكاثر من لا يريد أن يقوم بمسؤولياته تجاه المواطن ولا يكترث بشكواه ومطالباته ولا بدعائه عليه في أناء الليل وأطراف النهار، ويحتجب عنه خلف كم كبير من الحواجز البشرية المبرمجة على الصد، سكرتير ومدير مكتب ومدير عام مكتب، وجميعهم يجيدون التصريف وأحيانا الطرد والنهر، وعلى أقل تقدير تحويل المشتكي إلى موظف أصغر، وصدقوني ومن واقع تجربة ومعايشة فإن طبع المدير ينتقل إلى غالبية الموظفين أسرع من انتشار فيروس أنفلونزا الطيور ، فإن أغلق أبوابه أغلق موظفوه أبوابهم (وهذا طبيعي لأنهم يدركون أن أحدا لن يصل إليه ليشتكيهم) ، وعندما يضطر المراجع إلى عرض شكواه في الإعلام المرئي أو المسموع أو المكتوب تتحول المياه الراكدة إلى أمواج والأبواب المغلقة إلى مراوح لا تكاد تستقر، هذا يستنجد به ليرد وذاك (يفزع) باقتراح للخروج من الأزمة وثالث يبحث عن وسيط ليسكت الأصوات، ورابع يستغل الموقف للإيهام بأن في الأمر مؤامرة.

وعندما يحدث هذا الاستنفار وتلك الحركة الدفاعية فإن صاحبنا المدير يستقبل في الساعة الواحدة عشرات المنتفعين ويضيع في اليوم الواحد تسع ساعات!!.

أما كان الأجدى والأجدر والأوفر وقتا وجهدا لو تم فتح الباب أمام المشتكي عندما طرقه أول مرة ، وحيدا ، وبمنتهى الستر وحفظ الكرامة وقبل أن يقع الفأس في الرأس؟!.

متى يشعر كل من المسؤول وموظفيه أنهم إنما يتقاضون أجورهم مقابل خدمة المراجعين وليس خدمة ذواتهم وأقاربهم وأصهارهم ومن يتمصلحون منه؟!. هذا السؤال له إجابة واحدة : أما المسؤول فيشعر عندما تلاحقه الرقابة والمحاسبة التي تتبعها عقوبة أما الموظف فعندما تصلح حال مديره ، والله أعلم