اليوم: ماي 30, 2007

البكباشي بروفسور

تحولنا السريع إلى مجتمع ألقاب وإسرافنا في استخدامها تطرق له الزميل خالد السليمان في جريدة عكاظ يوم الخميس الماضي 1428/5/7ه، وخالد السليمان لديه جهة خامسة غاية في الإبداع يتسلل من خلالها إلى الظاهرة الاجتماعية أو حتى الحادثة الطارئة فينتقدها ويعريها ثم يربطها في عامود الماضي ويذهب، وكل ذلك في أقل عدد ممكن من الكلمات الكفيلة بإيصال الرسالة .
وقد عنّ لي أن أدلي بدلوي وأقول بأن الأمر قد تعدى مجرد التباهي والتكلف ودخل في منطقة الاستغلال والاستغفال والدعاية غير المشروعة، بل وتشويه سمعة الوطن والإيهام بسطحية أهله، وجعله مثاراً للسخرية، تماماً مثلما كنا وإلى وقت قريب نسخر من مجتمع عربي يلقب الطالب ب”دكتور” لمجرد أنه سجل في كلية الطب أو الصيدلة !!.

لقب دكتور، في المجتمعات التي تحترم الشهادة العلمية ولا تسمح بتفاعلات مركبات النقص لا يطلق إلاّ على من يحمل شهادة الدكتوراه في الفلسفة (PHD) في أي علم كان، أما الطبيب فله لقب طبيب (Physician) وللصيدلي صيدلي (Pharmacist) ولهما أن يتدرجا إلى استشاري ولكن بنفس اللقب طبيب وصيدلي .

نحن بدلاً من أن نحد من سوء استخدام لقب “دكتور” ونحصره بمن يحمل الدكتوراه ونسمي الطبيب طبيباً والصيدلي صيدلانياً ونؤكد على هذا في المخاطبات والإعلام لتصحيح نطق العامة، وجدنا أنفسنا نتحول إلى ما هو أكثر خطورة واستغلالاً للعامة فقد لجأ المصابون بداء النقص وانفلونزا الديناصور من الأطباء الذين سبق أن عملوا في الجامعات إلى تمييز أنفسهم عن غيرهم من “الدكاترة بالتطبب” باستخدام لقب “بروفسور” في مراسلاتهم ولقاءاتهم الصحفية وهو لقب أكاديمي علمي بحت يفترض أن لا يخرج من أروقة البحث والنشر العلمي .

هذا اللقب الرنان راق للأطباء، حتى الطبيب الذي كان آخر عهده بالجامعة عندما تخرج بتقدير مقبول أصبح يدعي أنه بروفسور، ثم استغلت المستشفيات اللقب في دعاية واضحة لأطباء العقم وأمراض النساء والولادة ثم التجميل ولن أستغرب لو قيل “الحلاق البروفسور فرحات” !!.

ولا أعتبر نفسي متشائماً إذا قلت أنه وخلال أقل من ثلاث سنوات ستجد أن كل أطبائنا و(أكاديميينا) ينادون بلقب بروفسور ولأن اختصاره (بروف) فسوف تكون مستشفياتنا وجامعاتنا ووسائل إعلامنا أشبه بمستنقع ضفادع تتعالى أصواتها بالنقيق مرددة (بروف بروف).

وسوف يستمر المسلسل ويأتي من يريد أن يميز نفسه عنهم جميعاً فيسمي نفسه شيخ بروفسورات عصره أو (البروفسور باشا) وربما (البكباشي بروفسور) .