رقيب لا يقرأ

أوضح الأدلة على وجود النظم والإجراءات والقنوات النظامية الكفيلة بحل مشكلة ما أو إتمام إجراء معقد هو حلها فورياً عندما تطرح إعلامياً، أي أن سبل الحل كانت متوفرة وسهلة وممكنة لو رغب الموظف في حلها أو لو شعر بأن أحداً سيحاسبه على قصوره وتخاذله بينما بقيت لعدة أشهر أو عدة سنوات عالقة عندما كانت متابعتها تتم بعيداً عن عين الرقيب وبالتعامل مع موظف أو مدير أو مدير عام في معزل عن أي عامل من شأنه هز الكرسي.
أقصد أن مشاكلنا لا تكمن في غياب النظم والإجراءات على الدوام، بل تتمثل في عدم توفر الحماس والإخلاص في إنجاز معاملات الناس وحل مشاكلهم والتعامل مع احتياجاتهم النظامية كلها وكأنها جميعاً نشرت في صحيفة أو تابعها وسيط عزيز أو حاول دفعها شفيع نَفيع.

إذاً فإن المشكلة تكمن فينا نحن وليس في النظم والإجراءات وما دام الأمر كذلك فإننا، أو غالبيتنا، نعاني من نفس المشكلة كمراجعين، ونمارس نفس الخطأ الفادح كموظفين، إلا من رحم ربي ورزقه الإحساس بأن الوظيفة أمانة، وأنه أمام معاملات ومصالح الناس راعٍ ومسئول عن رعيته من المراجعين، ويفترض أن يتعامل مع كل معاملة أو مصلحة أو مشكلة لمواطن في يده حلها وكأنها نشرت في الصحف اليوم، ولو طبقنا ذلك فإن النسبة العظمى من مشاكل الناس التي تسبب الاستياء والشكوى سوف تنتهي تماماً دون ضجة إعلامية أو شكوى في الصحف.

في الوقت الذي أؤكد فيه أن الحل الفوري للمشاكل المنشورة يدل على أن العيب في المدير أو الموظف وليس النظم والإجراءات، وأن السبب في سرعة وقوة التفاعل هو الخوف من إطلاع الرقيب على القصور المنشور، فإنني أنصح بأن لا نعتمد على النشر كوسيلة حل، وأتمنى أن نفعل دور الرقيب دون نشر، الرقيب الذي ليس بالضرورة أن يقرأ في الصحف ليتفاعل وإنما يتفاعل حتى لا يقرأ شيئاً سلبياً في الصحف.

اترك رد