اليوم: 4 فبراير، 2009

أبدعه الوطن!!

إذا كذب الأب عند أبنائه، أو المعلم عند طلابه أو المدير عند موظفيه أو المحاضر عند مستمعيه فإن هذا يعني ولادة جيل تربى على الكذب.هناك من يكذب على أحد وهناك من يكذب باسم أحد، ولعل الكذب على ولي الأمر أو باسم ولي الأمر من أخطر أنواع الكذب لأنه كذب على الأمة مثلما حدث من تزييف لخطاب إمارة منطقة الرياض، بالرغم من وضوح التزييف وضوحاً تاماً من حيث الصيغة والأسلوب والبروتوكول، وهذه إحدى مشاكلنا الكبرى فقد منينا بمن يكذب بما يعرف الناس فيستغفلهم ولا يحترم عقولهم فمن يدّعي قصيدة وهو ليس بشاعر، كمن يدّعي عبارة وهو ليس بأديب ملهم، ومن يدّعي جمع رأسين بالحلال وهو ليس بمأذون أنكحة كمن يدّعي فصل رأسين وهو ليس بجراح مخ.

وفي كل الأحوال فإن الناس تعرف وتدرك وتملك الحدس والفروسية والفراسة لتكشف من يكذب، لكن من يكذب يصل به الأمر أن يصدق نفسه فيعتقد أن الناس ستصدقه حتى إذا اصطدم بالواقع أصبح الأمر محرجاً ومخجلاً جداً مثل ذلك الذي أعجبه عمل أدبي قدمه زميله المبدع فأراد أن يدّعيه لنفسه دون استئذان زميله وعندما كشفه الجمهور سئل في أحد المنتديات عن مبدع العمل فتجهم وجهه ورد بصوت مبحوح «أبدعه الوطن».

علينا أن نغلظ العقوبة على كل من كذب على الوطن أو باسم الوطن فمن الضروري جداً نبذ أحد أشكال الفساد الإداري والاجتماعي والاقتصادي المتمثل في الكذب والذي أخشى أن يتحول إلى ثقافة سائدة أو سلوك مألوف للخروج من المواقف المحرجة أو في محاولة ادعاء الشخص ما ليس له أو حرمان الناس حقوقهم أو تضليلهم عن الحقيقة.

في أمريكا مثلاً، فإنه رغم كثرة الكذب خاصة بين المسئوولين والساسة إلا أن الكذب منبوذ كثقافة إلى درجة أن من يكذب حتى على زوجته أو اولاده وثبت ذلك عليه أو من يكذب على الإعلام أو المنتديات ويسجل ذلك عليه فإنه ينتهي الأمر به للاستقالة من منصبه أو عدم إعادة ترشيحه. ولا شك أن أخلاقيات الإسلام أعم وأعمق لكن البعض للأسف ينسى أن الكذب من صفات المنافق.