اليوم: 22 أبريل، 2009

« بدري» على الصحف الإلكترونية

ثمة عوامل هامة وأساسية نسيها من يقول بمنافسة الصحيفة الإلكترونية للورقية خاصة في الدول العربية ، وأهم هذه العوامل عدم تساوي فرص المنافسة المرتبطة بإمكانية التواجد بين يدي السواد الأعظم من القراء ففي حين لا تحتاج الصحيفة الورقية إلا لتوفر بضعة قروش في الوطن العربي وأنحاء أخرى من العالم وريالين عندنا فإن الصحيفة الإلكترونية تحتاج إلى توفر جهاز حاسوب إما ثابت أو متنقل أو جهاز هاتف نقال ذو خصائص عالية وهذه عناصر لا تتوفر لدى السواد الأعظم من الناس ولا يمكن مقارنتها بشراء صحيفة ورقية أو قراءتها في كشك بائع صحف متسامح !!.
أيضاً تحتاج الصحف الإلكترونية إلى اشتراك في خدمة الانترنت وهذه في الدول العربية خاصة ومعظم دول العالم عامة أسعارها لا تزال مرتفعة جداً ، ففي بعض الفنادق ذات الخمسة نجوم في عواصم عربية وغيرها من الدول تجد أن تصفح النت يكلفك حوالي 30 دولاراً يومياً أو ربع دولار للدقيقة بينما تجد مجموعة من الصحف الورقية تحت باب الغرفة كل صباح مجاناً .

وأعتقد أن من يقارن عدد مرات زيارة الصحيفة الالكترونية بأرقام توزيع الصحف الورقية يرتكب خطأً فادحاً جداً ومقارنة غير عادلة ولا ذات تشابه ، فمجرد خروج شخص واحد من تصفح الصحيفة الإلكترونية وعودة نفس الشخص لها يعني مضاعفة رقم الزيارة، بل إن عودته للصفحة الرئيسة في كل مرة يعد زيارة جديدة مهما كان السبب ، وإذا أخذنا بهذه الحسبة فمعناه أن فتح قارئ الصحيفة الورقية للجريدة عدة مرات في اليوم أو اللحظة يجب أن يضاف لرقم التوزيع !!، وإذا افترضنا أن معدل أفراد الأسرة اللذين سوف يستفيدون من الإشتراك في جريدة ورقية واحدة هم خمسة أشخاص فإن كل من يفتح الجريدة يجب إضافته إلى رقم توزيع الصحيفة الورقية حتى تكون المقارنة منطقية وعادلة.

أما الأشياء التي تعود إلى طبيعة المجتمع وعاداته وسلوكياته فمتعددة أيضاً في مصلحة استمرار الصحف الورقية مهما تعددت الصحف الإلكترونية ومنها أن عادة اقتناء صحيفة يومية أو أكثر بشكلها الورقي لا تزال جزءاً أساسياً من السلوك اليومي للفرد في كثير من المجتمعات ، حتى لو توفرت لديه القدرة على دخول الشبكة العنكبوتية .

أيضاً الفارق في حجم وشكل وعدد ودخول الإعلانات يصب في مصلحة الصحيفة الورقية ، خاصة أننا مجتمعات تهنئة ، وتعزية ، وثناء عبر إعلانات تقاس بحجم الإعلان أكثر من محتواه فتخيل وقع إعلان تهنئة في صفحة جريدة ورقية إذا ما قورن بنفس فلاش التهنئة في صحيفة الكترونية ، بل تخيل ردة فعل شخص يقول له مجامل طالع إعلاني عنك في شاشة حاسوب !!.

لا بد أن نحسب الحساب لكل عناصر المقارنة وتساوي معطياتها عندما نريد أن نقارن ، ولكن هذا لا يعني أنني لا أؤيد الصحف الإلكترونية أو أنكر تميزها في جرأة الطرح المدعوم بقلة درجة المحاسبة في الوقت الحاضر إما للجهل بالمصدر أو عدم توفر الآلية . أيضاً السبق في النشر بفارق ساعات وإن كان يقابل ذلك ميزة استمرارية التواجد على الطاولة في الصحف الورقية .

لا زال الوقت مبكراً جداً للتحدث عن المنافسة ولكن يعجبني جداً أن لدينا كفاءات صحفية الكترونية تسبق زمنها بكثير فهذا جيد .