يقول رئيس لجنة المقاولين (لا فض فوه) إن المقاولين بريئون مما حدث في كارثة جدة، حيث يقتصر دورهم على التنفيذ وفقا لإشراف الجهة الحكومية !! انتهى.
هذا القول مقبول مع المشاريع التي تنفذ وفقا لما أعد لها من مواصفات هندسية وجدول مواد عند الطرح في المناقصة، ومقبول عن المشاريع التي تكمل عمرها الافتراضي دون أن تعيب أو تتعطل، وغير مقبول مطلقا مع الجسور التي تتهاوى أركانها قبل أن يكتمل بناؤها ولا تلك التي يقصم ظهرها بلوغ أحمالها نصف المحدد لها، ولا الجسر الذي يميل مع الريح أو تغوص أعمدته في التراب، وغير مقبول مطلقا مع الأنفاق التي لا تصرف رشة مطر أو تلك التي تحن جدرانها إلى التقارب قبل أن تحتفل بربيعها الأول.
إن المقاول يا رئيس لجنة المقاولين هو الرقم الصعب في معادلة الفساد بل هو المغري على الفساد والمستفيد منه والحريص عليه وأسرع الناس هروبا من تبعاته بكل أسف ولعل أحد أهم أسباب تمادي المقاول الفاسد (وهم كثر) أن التشهير بالراشي والرائش والمرتشي لم يطبق بعد وإن كانت المباحث الإدارية ناشطة في هذا المجال إلا أن أحداث كارثتي جدة الأولى والثانية ستؤدي بإذن الله إلى التسريع بتطبيق عقوبة التشهير دون مزيد من التردد والمجاملة والأعذار، وعندها سيجد المقاولون أنهم رقم الفساد الصعب في البداية والنهاية. ثم إن المقاول (مع كل احترام للأمين والصالح والنظيف منهم) هو رجل الديك التي إذا سحبت (جابت) الديك الفاسد كله بأجنحته المرفرفة وظهره القوي ورقبته الطويلة ورأسه وعرفه الأحمر على أساس المثل الصادق (رجل الديك تجيب الديك) فالمقاول يعرف من ارتشى ويعرف من غض الطرف وانتفع ويعرف من رأى وكأنه لم ير ويعرف من تعفف وامتنع.
إن تهرب المقاول من مسؤولية الفساد يذكرني بما ذكر عن الشيطان في أكثر من موقع في القرآن الكريم عندما يغوي ابن آدم فإذا وقع وحلت به العقوبة تبرأ منه الشيطان وقال «إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين».
الشهر: فيفري 2011
الرصيد الذي لا تجمده سويسرا
منذ أن كنا صغاراً لا نملك أرصدة ولم نتعرض لخسائر ولم نفرح بأرباح ولم نجمع بعد ما يزيد عن عبوة حصالة صغيرة من العملة المعدنية التي جمعناها من عيدية جدة أو (شرط) من عجوز أو (تفريحة) من خالة، ليس من بينها ولله الحمد والمنة نقود مسروقة ولا دخل غير مستحق ولا (شرهة) غير (شرط) العجوز و(الشرط) لمن لا يعرفه في لهجة أهل نجد القديمة هي عطية غير مشروطة فتقول العجوز (جدة أو خالة أو عمة) (تعال اشرط لك) ولم أجد معنى ولا تفسيراً لهذه التسمية اللهم إلا أن تكون شرط محبة وكسب ود، أي أنها (شرهة) نظيفة وعادلة.
أقول منذ ذلك الوقت ونحن نسمع ونحن صغار أن بنوك سويسرا هي الملاذ الآمن للأرصدة حيث لا تتعرض أرصدة الأثرياء ثراء فاحشا (الحصالات العملاقة) أو (هايبر حصالة) للحجر أو التجميد أو الكشف. وكنا نتساءل ببراءة (لماذا سويسرا؟!) بل ما هي سويسرا هذه وأين تقع؟!، كان الطفل من أهل الرياض يحسبها في المربع وطفل القصيم يظنها بين عنيزة وبريدة ويتساءل طفل سدير ما إذا كانت حول المجمعة، عموماً لم يقلل من سعادتنا جهلنا بسويسرا آنذاك ولم نزدد سعادة بمعرفتنا بسويسرا اليوم فمعظمنا عرف موقعها وعرف مهيتها لكنه لا يودع في بنوكها بل ليس لديه من الأرصدة ما يخشى عليه من الكشف أو التجميد وهذا من أسرار السعادة الدائمة إلى جانب الإيمان وكنز القناعة.
اليوم كبرنا وعرفنا سويسرا وسر بنوكها لكن الأحداث كشفت لنا أن أمن الأرصدة في سويسرا الذي كنا نسمع عنه ليس إلا مجرد وهم وخيال مثل كل الأشياء التي كان أهلنا يخوفوننا بها مثل (حمار القايلة) و(النمنم) و(المقرصة الحامية) وشيء ليس له وجود مثل العنقاء والخل الوفي فأثبتت بنوك سويسرا أنها ليست خلا وفيا ولا ملاذا آمنا للأرصدة المنهوبة، وأثبتت المحن أن جهلنا ونحن صغار ببنوك سويسرا لا يختلف عن جهل الكبار بالبنوك الحقيقية الآمنة وهي بنوك الحب في الداخل وأن الرصيد الوحيد الذي لا يمكن لأحد تجميده هو رصيد حب الشعب.
سويسرا أعلنت تجميد أرصدة زين العابدين بن علي قبل أن يقوم من مقامه، وجمدت أرصدة حسني مبارك قبل أن يرتد إليه طرفه، والرصيد الوحيد الذي لا تستطيع سويسرا تجميده ولا أمريكا ضمانه هو رصيد حب الناس، اللهم اجعلنا ممن يحبهم العباد في الله.
قوة التشهير على أهل الشعير
تلوح وزارة الصناعة والتجارة هذه الأيام بقرب إصدار عقوبة التشهير بعدد من تجار الشعير الذين تلاعبوا بالأسعار أو مارسوا تخزين الكميات وتجفيف السوق بغرض رفع الأسعار، وإعلان العقوبات والتشهير بالمخالفين أمر جيد بل أكثر من رائع وعقوبة رادعة لطالما طالبنا بها وأكثرنا المطالبة ومارسنا دحر حجج الخصوصية وتأثر العائلة والقبيلة وخلافه من الحجج الواهية التي حالت زمنا طويلا بيننا وبين هذه العقوبة المستحقة الرادعة.
لكننا في الوقت نفسه نرفض رفضا قاطعا أن نقع في فخ الانتقائية في تطبيق عقوبة التشهير لأننا بذلك نعود دون أن ندرك إلى كمين الخصوصية والعائلة والأسرة والقبيلة ولكن بحجة أخرى، وهل هذه (الفلاتر) إلا ضرب من ضروب الانتقائية المكروهة البغيضة، وما أقصده من الانتقائية هنا هو انتقاء التشهير بناء على السلعة (ولكل سلعة تاجر) فأنا ضد أن نشهر بتاجر الشعير قبل أن نشهر بتاجر الأرز والسكر مع أنهم جميعا مارسوا نفس الجرم والمخالفة، وضد أن نشهر بتاجر الطوب الأحمر ونغض الطرف عن تاجر الحديد الأسود والذهب الأسود وغيرها من السلع التي ارتكب في حقها، أو في حق الوطن عن طريقها الغش والخداع وتجفيف السوق والتخزين ورفع الأسعار والبيع في أسواق سوداء وحمراء وأخرى عديمة لون وطعم ورائحة.
المخالف للنظام المستحق لعقوبة التشهير يجب أن يشهر به بصرف النظر عن سلعته فالنظام لا يحدد السلعة والسلعة لا تحمي المجرمين والحديد فيه باس شديد لكن قوته لا تمنع من التشهير بمن خزنوه في المزارع والاستراحات، وضعف الشعير وكونه علفا حيوانيا لا يجعل تجاره أقل إنسانية من تجار الأرز (الوجبة الآدمية الرئيسة التي كانت وزارة التجارة ستحولنا منها إلى الأندومي دفاعا عن تجار الأرز عندما خزنوه ورفعوا أسعاره في أشهر مضت مثلما فعل تجار الشعير اليوم).
النظام نص دقيق والتاجر إنسان والغش جريمة والسلعة أداة والتشهير عقوبة والعقوبة تحددها الجريمة وليس الأداة وتطبيق العقوبة على الإنسان لا تحددها مهنته أو تجارته أو اسمه فقد قال رسول الهدى ــ صلى الله عليه وسلم ــ «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
مرح المسير سر استفزاز السفير
دققت في مشهد تعامل سفير المملكة في القاهرة الأستاذ هشام ناظر مع المواطنة التي طالبته بإيجاد (الحلول) للإسراع في إخلاء المواطنين السعوديين من مصر، وهو المشهد الذي أغضب كل مواطن ينشد التزام السفراء بتنفيذ أوامر خادم الحرمين الشريفين (ملك الإنسانية) ملك التأدب مع أبناء شعبه عبد الله بن عبد العزيز الذي شدد على السفراء باحترام المواطن السعودي ليحترمه الآخرون.
بعد التدقيق في المشهد أو (الفيديو كليب) الذي انتشر بشكل واسع، وأرجو أن لا يكون هناك مشهد غيره لم يصور أو لم ينشر، وجدت أن ما استفز المواطنة الخائفة ليس رد السفير بعبارة (يا سلام أنت عندك حلول) حتى وإن جاءت بلهجة استخفاف برأي المواطنة، لأن المواطنة تدرك أن كلمة (يا سلام) نقولها تعبيرا عن الإعجاب وقد تفهم هنا على أنها تعبير من السفير عن إعجابه بأفكار المواطنة واعتراف منه أن لديها من الحلول ما لا يتوفر لديه ــ رغم أنه كان وزيرا للتخطيط ــ وأنه يخشى أن يحسدها على ذكائها وتخطيطها وهمتها وحماسها وهو ما لم يتوفر لدى السفارة في ذلك الظرف رغم تباطؤ الأحداث وإمهالها لكل من لديه همة.
ولعل أوضح دليل لتفسير تصوري الشخصي هذا في أن كلام السفير ليس سر استفزاز المواطنة ولا من تابع المشهد هو أن المقطع لو كان صوتيا فقط (دون صورة) فإنه سيكون عاديا محسوبا للسفير كاعتراف بأن لدى مواطنة عادية ما ليس لديه من الحلول بدليل (يا سلام عندك حلول)، لكن الواضح من المشهد والصورة أن عنصر إثارة الاستفزاز وشعور المواطنة بالإهانة يكمن في التفات السفير عنها وهي تتحدث ومواصلته السير بخيلاء وسط مرافقيه وهو أسلوب عفا عليه الزمن في مصر تحديدا بمقدار زمن أسبوعين، وإحقاقا للحق أننا لم نتعود عليه في المملكة على الإطلاق، بل تعودنا أن يقف ولاة الأمر لسماع شكوى ومقترحات المواطنين بإصغاء بالغ وأدب جم، وأشهد شهادة لله، سوف أحاسب عليها، أنني شاهدت عبد الله بن عبد العزيز يتوقف في أحد ممرات المستشفى، أثناء زيارة غير منقولة إعلاميا ولم يشاهدها الكثيرون، يقف لامرأة اعترضت مسيره ورفعت صوتها بالشكوى وهو يهدئها ولم يغادرها إلا بعد أن أتمت شكواها ووجه حفظه الله بالنظر في أمرها ونقل مسؤوليتها من رقبته إلى رقبة مدير المستشفى بتوجيه واضح.
إذا فإن هشام ناظر عندما صد عن المواطنة وتجاهلها وهي تتحدث وانعطف في مشيته باستعلاء واضح وخيلاء بينة ومشى في الأرض وكأنه سيخرقها أو سيبلغ الجبال طولا أحبط مواطنة خائفة وأحدث لها ألما وإهانة ليس بالنقاش ولكن بالسير مرحا بدليل أنها شكت أمرها لله مرددة (لا إله إلا الله).
وقفات أسبوع .. قالوا وقلنا
** قالوا إن بناء أحد السدود في شمال محافظة الطائف تم إيقافه بعد أن دمرت الشركة المنفذة الأرض وقطعت الأشجار وخلفت حفريات خطرة لتكتشف بعد سبعة أشهر وإنجاز 20 % من المشروع أنها تعمل في موقع خاطئ يبعد 15 كم عن الموقع الصحيح (عكاظ 29 صفر 1432هـ).
– قلنا أين المكتب الاستشاري؟! أين المراقبون؟! أين المشرفون؟! أين المهندسون؟! أين الملايين؟ وزارة المياه فين؟!.
** قالوا إن الدولة ستعوض ذوي كل متوفى في سيول جدة ما لا يقل عن مليون ريال.
– قلنا الفاسد يسرق ويتسبب في الغرق والدولة تعوض أهل الغريق!! متى يكون التعويض من حساب المتسبب؟!.
** قال تقرير إن شركة أغذية قامت بالتبرع لمنكوبي السيول في جدة بأغذية فاسدة.
– قلنا مساكين أهل جدة ألا يكفيهم أنه ليس لهم تصريف سيول تجعلونهم قنوات تصريف غذاء فاسد.
** قال ديوان المظالم إن عدم تنفيذ وزارة الحج للحكم الصادر عليها لصالح شركة (لبيك) هو تعنت والتفاف على الحكم وتعطيل له بغير حسن نية.
– قلنا يعني بسوء نية (بس خجلانين تقولونها).
** قالوا مؤسسة الموانئ تؤجر متر الأرض للجمارك بستة آلاف ريال وللزراعة بنصف ريال فقط.
– قلنا ونزيدكم من الشعر بيت، الجمارك تسقي المتر بالعرق ودم الأبطال وتمنع دخول الأخطار والزراعة تسقيه بالمجاري ومياه الصرف الصحي وتؤكلنا الثمار.
** قالت وزارة الزراعة إنها تحذر من جمع وأكل الجراد الصحراوي المعامل بالمبيدات الكيميائية لخطورته على الصحة العامة.
– قلنا ويزيد خطورته أنه أكل خس وبقدونس مزروع في مياه صرف صحي يعني ملوث بـ (دويتو) كيماوي وعضوي!!.
** قال سكان سراة عبيدة إن وادي الفرشة مصدر الحياة الوحيد في المنطقة ملوث بالنفايات الطبية ونشرت «عكاظ» صور النفايات الطبية الملقاة في الوادي.
– قلنا غدا ترد وزارة الصحة بأنها وضعت له استراتيجية وخطة عالمية محكمة تتبناها دول الخليج.
** قالت الفنانة الإماراتية شادية: لا أحب كرة القدم لأنني ناعمة!!
– قلنا نفهم من هذا إن بناتنا اللاتي شكلن فريق كرة قدم خشنات و(جلوف)؟!.
منع «الولاعات» في الدول العربية
تسبب محمد بوعزيزي في لفت الأنظار وإشعال ثورة الشارع التونسي عن طريق إشعال النار في جسده بسبب ظلم تعرض له بحرمانه من (عربته) ومصدر رزقه، واعتبر بوعزيزي رمزا لثورة الياسمين التونسية، مع أن ثمة احتمالا كبيرا أن بوعزيزي لم يكن يقصد أن يجعل من جسده شرارة لإشعال الثورة وإحراق حكم دام أكثر من 30 سنة وإنما قرر وضع حد لحياته نتيجة اليأس وفرط القهر والشعور بضعفه أمام النظام وأراد أن يلفت الأنظار لهذه النهاية فوجد أنه ليس أفضل من النار للفت الأنظار، لكنه لم يكن يتوقع أن يؤدي ذلك إلى قلب النظام الذي ظلمه وإلا فإن من الطبيعي أن يفعل أي شيء آخر يمكنه من البقاء لرؤية قلب النظام والانتقام من رجل الأمن الذي صادر عربته والمرأة التي صفعته، مستفيدا من الفوضى الكبيرة التي تصاحب سقوط الأنظمة، وحب البقاء وحب الانتقام هي الغرائز السائدة لدى الإنسان وليس حب الفناء والتواري عن أنظار الظالم دون ثمن مرئي يسعد برؤيته قبل أن يموت، وهذا السيناريو هو الأقرب لطبيعة الإنسان وغرائزه، ومع ذلك دعونا نقول إن محمد بوعزيزي قصد إشعال الشارع وتوقع هذه النهاية ليس للموظف الذي صادر عربته ولا الموظفة التي صفعته ولكن للنظام الذي أتاح لهما إيذاءه وقطع رزقه فجعل من قلب عربته أنموذجا لسهولة قلب كل شيء بما في ذلك نظام ضرب أطنابه 30 سنة.
أسلوب بوعزيزي رغم اختلافنا على كونه مقصودا أو غير مقصود، واتفاقنا على أنه محرم شرعا لأنه قتل للنفس التي حرم الله قتلها بغير الحق، إلا أنه نبه عدد من المظلومين في دول عربية أخرى إلى أن حرق النفس أمام الناس أسلوب مؤثر للتعبير عن الرغبة في التغيير، وبمجرد أن نجحت ثورة تونس في التخلص من الرئيس بسرعة تكررت أنباء حرق رجل نفسه في أكثر من دولة عربية، وبالمناسبة (وهذه جملة اعتراضية) لم تعمد أي امرأة إلى حرق نفسها واقتصر ذلك على الرجال!! ربما لأن المرأة أكثر حبا في البقاء أو أعظم رغبة في الانتقام ورؤية خصمها يعاني أو أكثر إيمانا وأطول صبرا، لا ندري، لكن المؤكد أن وراء كل ظلم عظيم امرأة، فمن ظلم يوسف هي امرأة العزيز وامرأة هي من صفع بوعزيز!!.
حسنا تكررت حالات حرق النفس في عدد من الدول العربية فما الذي حدث؟ هل سارعت تلك الدول إلى حزمة من الإصلاحات وتحقيق العدالة ومنعت الظلم؟ لا بل قررت وبسرعة منع الولاعات!!.
البراك يطمئن: لسنا من شرار الناس
وردني عبر ( الإيميل) هذا الإيضاح من الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء المهندس علي البراك حول ما كتبت بعنوان «التمييز المخجل في الكهرباء» أنشره بعد أن أذن بذلك كما ورد باستثناء عبارات الثناء متمنيا أن يكون مطمئنا للقراء:
اطلعت على مقالتك يوم 5/2/2011 م تعليقا على ما نشر في صحيفة الرياض حول تركيب العدادات الإلكترونية لدى كبار المشتركين وفي الحي الدبلوماسي وليس لبقية المشتركين، ومما يؤسف له أن ينشر حديث مسؤول عن خدمة تهم الناس مبتورا أو مختصرا اختصارا مخلا كما حدث في نقل الإجابة التي أشرت إليها وبناء على ما نشر كتبت مقالتك. وهنا أود أن أوضح لك بعض الحقائق التي قد لا تكون متوفرة لديك:
أولا: العدادات المستخدمة حاليا عدادات كهروميكانيكية مطبقة في المملكة وفي معظم دول العالم إلى اليوم وتؤخذ القراءة بنفس أسلوب الشركة الحالي بجهاز حاسوب مع القارئ وهي تعمل بدقة ولكنها لا تتيح القراءة عن بعد وهو ما تخطط له الشركة مما جعل الشركة تبحث ومنذ أكثر من خمسة عشر عاما مع جميع الشركات المصنعة للعدادات في إمكانية تركيب عدادات رقمية أو إلكترونية لجميع المشتركين لكي تتمكن من بناء نظام للقراءة الآلية عن بعد ولكن جميع الشركات العالمية وبعد عدة تجارب ميدانية لم تتمكن من تقديم عدادات يمكن أن تعمل داخل صندوق موجود على السور الخارجي تصل درجة الحرارة داخله إلى أكثر من 75درجة مئوية نهار الصيف ولذا عملت الشركة مع إحدى الشركات الوطنية المتخصصة على تطوير عدادات إلكترونية تتحمل درجات الحرارة العالية وبدأ تركيبها في الحي الدبلوماسي بالرياض وفي أحد أحياء جدة وفي الدمام كمشروع تجريبي (دليلي) لاختبار نجاح ذلك قبل تعميمه عندما يتوفر التمويل أما كبار المشتركين فالمقصود بهم المصانع والمجمعات التجارية الكبيرة وعددها محدود ولأن عداداتهم داخل الغرف لا تتأثر بالحرارة ولأن لهم تعريفة متغيرة مع الوقت ولا يمكن أن يتم تطبيقها بالعداد العادي علما بأن الشركة بدأت بتركيب العدادات الجديدة الرقمية وطلبت من الجهات المختصة أن يبدأ تركيب العدادات داخل المنازل ولم يتحقق ذلك حتى الآن.
ثانيا: العداد الإلكتروني يكلف أربعة أضعاف العداد الكهروميكانيكي وهو ليس أدق منه في القراءة ولكنه فقط يتيح القراءة عن بعد ولكي تستبدل 6 ملايين عداد على مدى 5 سنوات يتطلب استثمارات لا تقل عن مليار ريال سنويا وشبكات اتصالات قد لا يتوفر التمويل أصلا لدى الشركة في ظل التعرفة الحالية.
ثالثا: إنه لم تكن لدى الشركة فضيحة كما أشرت فيما يختص بعدد اثنين من موظفي الشركة المواطنين في مدينة الطائف عندما تقاعسا في أداء عملهما وقامت الشركة بمعاقبتهما وفصلهما من العمل وتصحيح خطأهما وكانت على درجة عالية من الشفافية مع المشتركين وسوف تستمر في هذا النهج عندما يقع أي خطأ بشري أو آلي بحق المشترك أو الشركة وتتخذ الإجراء الرادع وتعلن عنه في حينه وهذا يجب أن يطمئن المشترك.
رابعا: الشركة لا تميز بين مشتركيها بأي شكل من الأشكال في خدمة الكهرباء وترصد استهلاكهم بنفس الأسلوب والدقة والنظام وهذا من حق كل مواطن ونعتبرها أمانة في عنق كل مسؤول في هذه الشركة ولا يوجد لديها أقسام لعملاء مهمين أو غير مهمين مثل بعض الشركات بل إنها تؤمن الكهرباء للمواطن العادي بأقل من نصف تكلفتها على كبار المستهلكين كما أنها تتحمل أضعاف التكلفة لإيصال الخدمة لمن يقيمون بالقرى والمناطق دون النظر إلى اقتصادياتها.
ختاما قد يحدث تقصير من قارئ أو عدد منهم من بين ألف وخمسمائة قارئ سعودي بالمملكة ولكن هناك أنظمة وتدقيق تكشف ذلك وتعيد الحق لصاحبه فلا أحد يرضى أن يكون من شرار الناس فيظلم الناس للناس.
نحن مجتمع جاذب للانتحار
بالرغم من أننا من أوائل دول الشرق الأوسط التي وعت مبكرا وأدركت آثار التدخين على صحة المجتمع، ومع أننا من أكثر هذه الدول التي تضررت منه بموجب إحصاءات أمراض السرطان وأمراض القلب والشرايين التي سببها التدخين في مجتمعنا بدليل الإحصاءات التي استخدمت لمقاضاة شركات التبغ ووكلائها في المملكة، وبالرغم من أننا من أكثر الدول في العالم صرفا على علاج آثار التدخين على الصحة العامة، إلا أننا وللأسف من أكثر بلدان العالم تساهلا مع تشجيع التدخين وإليكم الأدلة الواضحة التي تستدعي إعادة النظر في أولوياتنا في مكافحة هذه الآفة التي قضت على أعداد كبيرة من أبناء الوطن وتنذر بالقضاء على جيل كامل قادم سواء في صحته أو قيمه الاجتماعية أو اقتصاده.
نحن أقل الدول قاطبة رفعا لأسعار السجائر وفرض الرسوم الجمركية عليها، ونحن الدولة الوحيدة في العالم المتقدم التي لا تضع صور أضرار التدخين على علب السجائر و البلد الوحيد الذي لم يفعل منعا صارما لبيع السجائر على صغار السن والمراهقين، ونحن آخر الركب في فرض غرامة على التدخين في المطارات (لم تصدر إلا منذ عدة أيام)، ونحن البلد المتقدم الوحيد الذي لم يمنع بعد التدخين في الأسواق، ونحن البلد الوحيد الذي لا يزال فيه منع التدخين في أجزاء من المطاعم والأماكن العامة جهدا ذاتيا تطوعيا غير إلزامي، ونحن البلد الوحيد الذي تقدم وتطورت آليات التوظيف والتأمين الصحي فيه وهو لا يتطرق للتدخين مطلقا في التفضيل في التوظيف أو شروط التأمين الصحي.
أتدرون ما الطامة الكبرى في هذا الصدد؟! نحن البلد المتقدم الوحيد الذي يتبنى ملاك القنوات الفضائية الصادرة منه وله إجازة أفلام ومسلسلات تعرض لقطات التدخين ضمن الفلم والمسلسل بصورة تشجع عليه رغم أن الدول التي أنتجت هذه الأفلام وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية يمنع فيها عرض ذات الفلم واللقطة التي تذكر (تذكر فقط) بالتدخين.
ألسنا بذلك نسمح بالحث على نشر القاتل الأول الذي نقاضي شركات إنتاجه؟! أليس الأجدر بنا أن نمنع قنوات الأفلام التي تشجع عليه بجعله السمة المميزة لأبطال أفلامها ومسلسلاتها سواء منها الأمريكي الذي يجذب الشباب أو التركي الذي يعشقنه البنات؟!، ألا يجدر بملاك القنوات الفضائية المقصودة وهم منا أن يفرضوا مسح لقطات التدخين من الأفلام والمسلسلات كنوع من إدراك المسؤولية الاجتماعية والتقليل من الإسهام في تدمير أبنائنا؟!.
لا للتمييز فقد تمادينا
لي موقف قديم ضد أسلوب التمييز في الخدمات أو ما يسمى (خدمات كبار الشخصيات) خاصة إذا جاء على حساب خدمة عامة الناس، ولا مانع عندي من أن تخصص الشركات والبنوك خدمات لكبار العملاء بغرض التنافس على العميل المميز طالما لم ينقص ذلك من احترام العملاء الأكثر تميزا وهم السواد الأعظم فهؤلاء بدونهم لا قيمة للشركة ولا للبنك، ولي موقف آخر ضد حب التميز الشكلي برقم والصرف الباهظ عليه كونه (في نظري) تعويضا لشعور بالنقص.
موقفي القديم ضد أسلوب التمييز في تقديم الخدمات لم يكن ضد مبدأ تسهيل الحصول على الخدمة لكبار الموظفين الذين لديهم مشاغل كثيرة تستدعي الإسراع في خدمتهم أو أن شهرة وظائفهم تستوجب تلافي احتكاكهم بالناس، لكنني كنت ولا زلت ضد أن يكون أي تمييز هو على حساب وقت وسهولة وجودة الخدمة المقدمة لعامة الناس، وجاءت المواجهة الأولى في بدايات عملي كصيدلي في أحد المستشفيات وأثناء تقديم خدمة مراجعة ثم صرف وصفات عدد كبير من المرضى اكتظت بهم الصيدلية فوجئت بأحد موظفي قسم كبار الشخصيات في المستشفى يمد لي عددا كبيرا من الوصفات لعدد من المرضى وعندما وضعت الوصفات في صفها في الدور ومنحته الرقم التالي للمريض الذي قبله استغرب وطالب بإعطاء الوصفات الأولوية كونها لمرضى من قسم كبار الشخصيات فرفضت وأشرت إلى أعداد المرضى المنتظرين وقلت له هؤلاء جميعا في نظري من كبار الشخصيات، ومن أحضرت وصفاتهم مثلهم لكنهم منحوا ميزة أن تنوب أنت عنهم في إحضار الوصفة والانتظار في الصف وليس المقصود أن تتخطى كل هؤلاء المرضى الذين حضروا بأنفسهم، وقد سعدت اليوم وأنا أرى أن بعض القطاعات طبقت هذا المفهوم وخصصت صيدلية لكبار الشخصيات وتركت العامة في حالهم، وسأكون أكثر سعادة لو طبقت كل المستشفيات ذلك لكنه يستحيل بالعقلية الحالية للوزارة.
أما الموقف من التمييز بالأرقام فهو تحذير قديم كتبت عنه عدة مرات فيما يخص لوحات السيارات المميزة التي يبيعها المرور فأنا رأيت ولا زلت أرى أن تمييز سيارة برقم يباع بالملايين قد يؤثر على بعض رجال المرور في التعامل المميز مع صاحب الرقم، ويكفينا من أرقام السيارات دخولها عالم القبائل والانتماء بحرف ورقم وهو أبعد مما كنا نحذره، وأكثر خطرا.
ليس أخطر من إباحة التمييز إلا التمادي فيه ثم النتائج المترتبة عليه، والدليل ما ذكره الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء عن اقتصار قراءة العدادات إلكترونيا لكبار المشتركين وسكان الحي الدبلوماسي، وترك صغار المشتركين عرضة لمزاج وأمانة قارئ العداد مما عرضهم لظلم التزوير وهو ما فندت بطلانه في مقال الأمس وأكرر المطالبة بوقف كافة أشكال التمييز مستشهدا به في مقال اليوم، لكن المطالبة قديمة بقدم العدل.
عار التمييز المخجل في الكهرباء
عندما تضعف الوزارة المشرفة على الشركات المقدمة للخدمة وعندما تضرب الهيئات المسؤولة عنها عرض الحائط بحقوق المشتركين فإن الرؤساء التنفيذيين للشركات مقدمة الخدمة يتمادون دون حدود في ظلم المشترك و(احتقاره) وهضم حقوقه، وهذا ما حدث ويحدث في خدمات كثيرة أساسية كخدمات الاتصالات وخدمة الكهرباء وخدمات النقل (ورأس سنام الإخفاق فيها الخطوط السعودية)، والبنوك، بسبب ضعف شديد في هيئة الاتصالات ووزارة المياه والكهرباء وهيئة تنظيم الكهرباء وهيئة الطيران المدني، ومؤسسة النقد على التوالي.
المثال هو ما ورد على لسان المهندس علي بن صالح البراك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء في حواره مع صحيفة الرياض المنشور يوم الخميس الماضي عندما دافع عن فضيحة أخطاء قراء العدادات الذين زوروا القراءات على المشتركين وهي الفضيحة التي كشفتها «عكاظ» وكتب عنها عدد من كتاب الرأي فيها معترضين على عرض الشركة لتسوية مع المتضررين والتي سبق أن طالبت في هذه الزاوية بأن تنظرها المحاكم الشرعية لكيلا تكون الشركة الخصم حكما، فماذا قال الرئيس التنفيذي؟! قال «إن قراءة العدادات الإلكترونية تم تطبيقها مع كبار المشتركين وفي الحي الدبلوماسي ولا يمكن تطبيقها في أي دولة بالعالم مع جميع المشتركين كونها تحتاج لمبالغ طائلة» انتهى.
يا له من تمييز مقيت بغيض جاهل، لأنه يتعلق بما يخص رصد الاستهلاك وتكلفته التي ضمنتها الدولة حفظها الله للجميع دون تمييز، فكيف تميز شركة الكهرباء بين مشترك وآخر في الحق برصد سليم للاستهلاك؟!، وكيف يسكت عن ذلك وزير المياه والكهرباء ووزارته وهيئة تنظيم الكهرباء؟!، إنه الضعف الذي أشرت إليه.
إن من حق أي شركة خدمات أن تميز العميل المميز بمنحه هدية سنوية أو تخصيص مكتب خدمة لعملاء التميز، هذا شأن الشركة التي لها منافس أو تبحث عن عملاء كبار، أما رصد الاستهلاك السليم فهو حق للجميع دون تمييز مقيت، وليس صحيحا ما يقوله البراك مستشهدا بدول العالم!!، ثم هل يعقل أن يقول لي رئيس شركة الكهرباء: لأنك من (صغار) المشتركين فإنني أتركك ضحية لعدم أمانة قارئ العداد أما لو كنت من كبار المشتركين أو سكان حي دبلوماسي فإنني أضمن لك قراءة عداد عادلة صحيحة وفاتورة منصفة؟! أي منطق غبي غريب هذا؟!، وهل يدفع لكم كبار المشتركين أو ساكن الحي الدبلوماسي أكثر مما يستهلك؟! وهل يدفع صغارهم أقل مما تطلبون.
إن الحرص الشديد للدولة حفظها الله على العدالة والمساواة يتم تشويهه من قبل رؤساء الشركات الخدمية في ظل ضعف الجهات المسؤولة عنهم ويجب الضرب بيد من حديد لوقف هذه الطبقية المقيتة.
