أمانة الكلمة أمر عظيم خاصة عندما تتعلق بوصف الوطن أو أحد مكوناته أو تصويره أو تحميله ما لا يحتمل ووصفه بما ليس له بوصف، وعندما تأتي الكلمة الجائرة غير المحسوبة من شخص وضع فيه الوطن ثقة ذات يوم (ولو بالخطأ) وصنفه ضمن النخبة وأهل الرأي، كأن يكون عضوا بمجلس شورى سابق فإن أمر التهاون بأمانة الكلمة وتسخيرها لحب الشهرة والرغبة في الإعلان عن الذات باستفزاز الآخرين ــ ليس إلا ــ يكون أمرا بالغ الخطورة ويفترض بمن لديه ذرة عقل أو أمل في تعقل، ولو لفترة حرجة، أن يتجنبه حبا في الوطن وإنكارا لرغبات النفس الأمارة بالسوء.
عندما يتنكر من يصنف نفسه مؤرخا لحقيقة أن المرأة السعودية منحت من الجميع فرصة التعلم والوصول إلى مرحلة الريادة العالمية في أعقد المجالات العلمية والمهنية ليصل عدد الرائدات السعوديات عالميا (أقول الرائدات فقط) في مجال العلوم الطبيعية والطب والجراحة والإبداعات التقنية رقما يفوق كل التوقعات مقارنة بعدد السكان وعمر التعليم وسرعة تطوره، وتشهد الجمعيات العلمية المحايدة والهيئات المهنية العالمية لأكثر من امرأة سعودية بالريادة العالمية في جراحة أو اختراع أو طرق علاج، ويفخر بها مجتمعها كله دون استثناء ويبارك تطور تعليمها وعطائها وانفتاحها الذي لا يتعارض مع تعاليم دين سمح ومجتمع متسامح منفتح، ورغم كل هذا يخرج مغالط، مريض بحب الشهرة عن طريق المناكفة ليقارن المجتمع السعودي بمجتمع طالبان في تعامله مع المرأة، ويبرر (دون مرجعية علمية ولا بحث ولا دراسة ولا استقصاء للآراء) سلوك المجتمع المبني على افتراضه وادعائه المنافي للواقع فيقول (إن حضور المرأة لمعرض الكتاب يمثل خطورة للمحتسبين لأن تثقيفها يهدد بعدم تباعيتها لأفكارهم) انتهى.
أولا: أي (طالبان سعودية) يتحدث عنها هذا السقيم بحب الظهور ولو بأسلوب (خالف تعرف) في مجتمع وصلت فيه المرأة للمحافل الدولية وشهد لها العالم بالريادة؟!.
ثانيا: أي خطورة وتهديد يتحدث عنه، هذا المتزلف لخصوم تمسك وتماسك المجتمع السعودي، تتمثل في تثقيف المرأة السعودية أو حضورها لمعرض الكتاب وهي المرأة التي ألفت الكتب واعتلت سلم الثقافة؟!.
إن التفسير المبني على افتراضات وأوهام وتخيلات لم يعد العالم المتقدم الذي يتزلف له صاحبنا يعتد به أو يعتمد عليه في ظل الاعتماد على الأرقام والدراسات والإحصاءات والاستفتاءات ويعتبر تفسيراتك تلك في حد ذاتها أعراض لمرض نفسي واختلال في الشخصية أقرب إلى الوسواس والذهان وحب البروز!!، وكيف يمكننا الاعتماد على تأريخ كتبه من هذه سطحيته في تخيل المواقف ثم تصديق خيالاته وتفسيرها حسب موقفه الشخصي منها؟!.
اليوم: مارس 13, 2011
