أكره أن نتحدث عن الوطن (بفئوية)، لكن الواقع يقول بأن السواد الأعظم والغالبية الجارفة من المواطنين أثبتوا في أكثر من مناسبة وموقف أنهم مواطنون مخلصون محبون امتزج الولاء في دمائهم، ولأن عنصر الولاء للوطن أثقل من كريات الدم الحمراء، وأكثر لزوجة من بلازما الدم، فإن الدم يخرج قبل أن يخرج الولاء للوطن، والمنطق يقول أيضا إن السواد الأعظم والغالبية هم من المواطنين العاديين المستورين (ذوي الدخل المحدود).
البقية هم من فئة (ذوي الدخل الممدود) مد النظر، والذين حققوا ثرواتهم ــ دون أدنى شك ــ من خير هذا الوطن وأرضه وقرضه وبيئة الاستثمار الميسر والقوة الشرائية العظمى فيه وانعدام الضرائب والاستقدام الميسر غير المحدد والتكلفة الرمزية للوقود والطاقة بصفة عامة، بما فيها تعرفة الكهرباء والماء (نحن هنا نتحدث عن الأثرياء المشروعين، أما من أثرى من فساد إداري أو عقاري فهذا تكلفته صفر).
هذه الفئة القليلة كثير منهم أقل مواطنة من الآخر، وجمعيهم ــ دون أدنى شك ــ أقل مواطنة من ذوي الدخل المحدود، قياسا بأن من يده في الماء غير من يده في النار.
دعونا نركز على رجال الأعمال أو الأثرياء الأقل مواطنة وولاء من الجميع، هؤلاء يجاهرون بالعقوق دون حياء وفي كل مناسبة وعند كل شدة ومحك، هم من امتنع عن التوريد والصبر أثناء أزمة الخليج (حرب تحرير الكويت)، وهم من امتنع عن التوريد والصبر عندما حدث الهبوط الاقتصادي وأصبحت الدولة تعاني من تأخير في سداد بعض الالتزامات، وهم من واجه أول خطوات جادة للدولة نحو تجنيب الوطن الخطر المحدق من كل جانب بسبب البطالة، فهددوا المرحوم ــ بإذن الله ــ غازي القصيبي وزير العمل الأول بنقل استثماراتهم للخارج، ولأنه يدرك جيدا ما سيواجهونه في الخارج وعدم جديتهم قال لهم مقولته الشهيرة (سأكون أول المودعين)، ولم يجد في صالة المغادرة من يودعه لأنهم غير جادين، لكنهم (خادعوا) نسب السعودة بالتزييف والتوظيف الوهمي والقوائم الوهمية والكر والفر والمهادنة في حربهم على مشروع «السعودة»، وما زالوا يفعلون.
هؤلاء العاقون، ورغم ما يشاهدونه اليوم من تفجر البراكين من حولهم وتطاير الحمم قريبا منهم وبقاء هذا الوطن ــ حماه الله ــ ينعم بالاستقرار الاقتصادي والسياسي القائم على التلاحم والحب والولاء، إلا أنهم ما زالوا في غيهم يعمهون، ما زالوا يعتبرون التحاور حول تطبيق إرادة الوطن نحو السعودة مضيعة للوقت، وما زالوا يهددون بنقل استثماراتهم ولكن إلى أين؟! ومن أين؟! الجواب إلى لا مكان (TO No Where)، ومن الوطن الذي صنف اليوم وفي أحلك الظروف بالبيئة الاستثمارية الأفضل في العالم، فهل نعي نحن أن الوقت قد حان لنتعامل معهم بما يستحقون، ونخلع عنهم جلباب الدلال الذي لا يستحقونه ونرفع لهم راية (ارحلوا غير مأسوف عليكم)، طالما أنكم لا تنفعون لا في الضراء ولا السراء، ونفرض عليهم إرادة الوطن في حربه على التهديد الحقيقي، وهو البطالة، لنكشف أن تهديدهم إنما يدل على أن (ما عندهم دم) مثل أنه ليس لديهم ذات الولاء.
اليوم: مارس 28, 2011
