اقتنع خصوم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخيرا ولله الحمد أن من أثاروا بعض النقاشات والاعتراضات في معرض الكتاب هم من المحتسبين الذين لا ينتمون لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأية صلة، وأوضحت الهيئة موقفها من هؤلاء بسرعة مما أغلق الطريق تماما أمام من كان يبري قلمه للنيل من هذه الجهة الرسمية والهيئة الحكومية التي تمارس ضمن واجباتها المتعددة وبالغة الأهمية شعيرة من شعائر الدين الإسلامي السمح.
للمرة الأولى تتفق جميع الصحف والكتاب على استخدام عبارة (المحتسبون من غير منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )، وهذا شيء جميل فرضته حكمة الهيئة وسرعتها في إعلان موقفها وتوضيحها للأمور، لكن الأمر الذي يجب أن يفرضه كل حكيم ويسرع بإعلانه كل هادف للصالح العام بنية حسنة خالصة لوجه الله ولإحقاق الحق وللحرص على المصلحة الوطنية هو التنبيه على أن ما حدث من سلوكيات متشددة واجتهادات واحتساب مبالغ فيه في معرض الكتاب ــ إن كان حدث بالصورة المشينة التي نقلت ــ فإن من الظلم ربطه بالمظهر الديني للمسلم الوسطي المعتدل الذي يشكل السواد الأعظم من أبناء الوطن، والغالبية الساحقة فيه هم أهل الوسط والاعتدال والحكمة، فمن الممارسات الإعلامية الخاطئة التركيز على المظهر لا الجوهر لمن قاموا بتلك الأعمال، فقد لاحظنا تركيزا في رسوم الكاريكاتير على اللحية وقصر الثوب والمظهر الديني الذي لا خلاف عليه وهو سبغة للسواد الأعظم من أهل الوسطية والاعتدال، وتركيز في بعض المقالات على ذات المظهر دون استثناء لفرق الجوهر، فليس كل ملتح وغير مسبل ولا يلبس عقالا هو محتسب متشدد بل إن بعضهم لا يرضى مطلقا عن إحداث الفوضى ورفع الصوت عند ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أحداث الفوضى (إن كانت حدثت كما نقل) لم يحدثها لأنه ملتح أو مقصر ثوب بل لأن عقليته وتفكيره أكثر تشددا وغلظة، بدليل أن مظهره الذي ركز عليه رسام (الكاريكاتير) أو الكاتب هو نفس مظهر الكثير من الملتزمين دون تشدد فكري والوسطيين بتلطف محبوب..
أقصد أن التركيز على مظهر عام فيه ظلم لأهل ذلك المظهر واستفزاز لمشاعرهم لا ينم عن حكمة ولا عقل ولا يقل عن سلوك أولئك المتهورين فكلاهما في الفوضى والتهور سواء.
لقد سبق لي أن رأيت حليق شارب ولحية يضايق النساء في السوق، فهل أقول إن كل ليبرالي مشاغب؟! أم أقول إن ذلك (المغازلجي) حلق شاربه ولحيته ليبدو ليبراليا يدعو لحرية المرأة وهو يضيق عليها ؟!!، وقد عرفنا القذافي حليق شارب ولحية يقتل شعبه وابنه (زيف) الإسلام حليق شارب ولحية يتوعدهم ويهددهم ورأينا أحمد عز حليقا في زنزانته، فهل يحق لنا أن نقول إن حلق الشارب واللحية رمز للقتل والتعسف والفساد ؟! طبعا لا، بدليل أنهم إذا طال بهم الاختباء والسجن سيلتحون لكنهم لن يحسبوا حين ذاك مع المتدينين.
الشهر: مارس 2011
بل حققوا مع وزارة العمل وصندوق الموارد والتأمينات
يوما تلو يوم، تكشف إجراءات بسيطة سهلة أن بعض الجهات الحكومية لا تقوم بدورها إطلاقا، ولا نقول على أكمل وجه، بل هي تبقي مستوى أدائها على (أنقص وجه)، بالرغم من أن الإعلام يقوم بدوره في التنبيه عن أشكال القصور، بل ينبه إلى الممارسات الخاطئة التي ما إن تكتشف حتى تدعي الجهة الحكومية أنها فوجئت بما يحدث، فهذه وزارة العمل تبدو وكأنها مصدومة ومتفاجئة باكتشاف توظيف الشركات لأسماء وهمية من أجل ادعاء السعودة، وهذا صندوق الموارد البشرية يظهر وكأنه يكتشف للوهلة الأولى أن إعانات السعودة تذهب لشركات تستخدم أسماء مواطنين، وتدفع لهم ألف ريال لتحصل على ثلاثة آلاف عن كل رأس من هذا الصندوق النائم بل (المتنائم).
وزارة عمل مهادنة للشركات، وصندوق موارد بشرية مهادن للمزورين، ثم ينهض كلاهما وكأنه مصدوم، متفاجئ، مبهور مما كشفه أمر الملك بدعم العاطلين عندما جاء الجد وأصبح المخدوع من المواطنين العاطلين والمتخادع منهم يبحث عن ما هو أهم، وهو إعانة العاطل عن العمل لمدة سنة، ليجد أن اسمه مدون في مؤسسة التأمينات الاجتماعية كموظف يدفع عنه التأمين، وحتى هذه المؤسسة تتحمل وزر عدم التأكد من أن الموظف المؤمن عليه يعلم أنه مدون لديها، وأنه موظف فعلا، خصوصا أنه ــ أي الموظف المؤمن عليه ــ هو العنصر الأساسي بالنسبة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، فهو عميلها، وهو من سيصرف له التأمين بعد التقاعد، وهو من سيطالبها أو لا يطالب، وهو بالعامية (قبيلها) والرقم الصعب في كل عملها، فما المانع من طلب رقم جواله عند التأمين أو طلب حضوره عند أول دفعة على الأقل، ومن ثم إشعاره برسالة جوال أن الشركة الفلانية تدعي تعيينه، وأنه مؤمن عليه بالرقم الفلاني، وأن عليه الحضور شخصيا لتوقيع علمه بهذا الإجراء، خصوصا أن الجوال والهوية الوطنية باتا وسيلة اتصال وإثبات تستخدمهما البنوك في إرسال الأرقام السرية والتعاملات الإلكترونية، وفيما هو أهم من مجرد إشعار بتأمين.
وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية ومؤسسة التأمينات الاجتماعية نبهناهم أكثر من مرة لهذه الممارسات، وتزييف الشركات، والتوظيف الوهمي، واستغلال الأسماء والاتفاق مع سعوديين لاستلام راتب ألف ريال وحصول الشركة على ثلاثة من الصندوق، فلا عذر لهم فيما حدث، ويجب أن يشمل التحقيق كل من له علاقة في وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية ومؤسسة التأمينات، فما نشرته «عكاظ» أول أمس الجمعة في صفحتها الأولى، تحت عنوان (أمر الملك بدعم العاطلين يكشف شركات وظفت أسماء وهمية) ليس مفاجئا لهم، بل هم به يعلمون منذ بدأت حزمة إجراءات فرض السعودة وإعانة صندوق الموارد البشرية.
إن على المشتكين المخدوعين ممن زيفت أسماؤهم كموظفين أن لا يكتفوا بتغريم الشركات، بل لهم حق المطالبة برواتب السنوات التي ادعت الشركة توظيفهم خلالها، ولهم حق احتساب فترة التأمين لتلك السنوات في خدمتهم أو إعادة المبلغ لهم، فقد خصم المبلغ لصالح المؤسسة من الشركة تحت حجة توظيفهم وباستخدام أسمائهم.
يا بخت من ظهره قوي
كثيراً ما نسمع عبارة فلان له ظهر، خاصة عند ضبط مخالفة أو تجاوز أو تعد على أرض ليست له، والظهر هنا تعبير عن السند والمساند والداعم، وإلا فإننا جميعاً بني البشر لنا ظهر، وعمود فقري قوي؛ ولذلك فإننا نعد من الفقاريات فقيرنا وغنينا، ضعيفنا وقوينا، وصدقوني فإن الظهر والعمود الفقري لا يختلف كثيراً من شخص لآخر إلا بحسب حجم الجسم؛ أي أن كلا منا (ظهره على قده)، هذا في الهيكل العظمي وبنية الجسم، أما في الظهر الداعم والمساند فإن الوضع مختلف ولا علاقة له بحجم الجسم إنما بحجم العلاقات والمركز الاجتماعي والمركز الوظيفي (أعرف لك واحد قصير نحيف ضئيل الجسم، بس وراه ظهر يسند عماره متعددة الأدوار مبنية بدون ترخيص).
الإنسان بطبيعته يحسن التكيف مع الظروف؛ فمنهم من يعمد إلى البحث عن ظهر، إذا لم يكن له ظهر؛ إما بإنشاء العلاقات أو المشاركة أو بالنسب أو بتبادل المصالح وفق قاعدة «شد لي واقطع لك»، وهناك من هو أذكى من هؤلاء جميعاً فيخلق له ظهراً وإن لم يكن له ظهر عن طريق الادعاء أنه مسنود وهو لو أرجع ظهره لم يجد سنداً وضربت هامته في الأرض وارتفعت رجلاه وانكشف ستره، لكنه من الذكاء بحيث لا يضطر إلى إنشاء علاقات ولا إدخال شريك ولا مصاهرة نافذ وليس بإمكانه تبادل مصالح لأنه ضعيف لكنه بارع في الادعاء.
والظهور أشكال وأنواع وعجائب، وقد وجدت أن أقوى الناس ظهراً الأجانب، وهؤلاء لا يدعون بوجود الظهر ولا يجازفون ولكن يتأكدون ويجزمون؛ لأن الواحد منهم يعلم أنه لو ادعى وتظاهر بوجود الظهر ثم وقع ولم يظهر له صاحب تم تسفيره على أقرب قارب، ولأنهم جازمون ومتأكدون ولعيون ظهورهم كاسرون فإنهم (وقحون) لا يستحون ويراهنون على أنهم من السيارة نازلون وفي سيارة أخرى أفخم وأريح راكبون.
ولعيون ظهورهم كاسرون .. كيف، وهل للظهر عين؟! نعم وليس أقوى من عين الظهر وليس منها أخطر؛ لأن عين الظهر لا تنكسر إلا بالمشاركة والاشتراك في الجريمة والأجنبي يدرك أن عين ظهره مكسورة وأنه لن يتركه ليعترف بكل ما لديه ويعري ظهره وإليتيه، فالأجنبي يدرك أنه وشريكه عينان في رأس.
للمخالف ظهر وللموظف الذي يواجهه ظهر هو رئيسه وللرئيس ظهر هو مرجعيته؛ لذا فإنه حينما تحدث المخالفة ويكتشفها الموظف ويقبض على المخالف فإنه بذلك يدق جرس بدء المصارعة بين الظهور باستخدام (الأعمدة) الفقرية (كل واحد عصاه عاموده، وهات يا ضرب) وفي النهاية يا بخت من ظهره أقوى، ولكن حتى لو انتصر ظهر الموظف المحارب للفساد فإن العقوبات ضعيفة جداً.
قالوا وقلنا
** قال: معمر القذافي «دقت ساعة الزحف.. لا رجوع.. إلى الأمام، إلى الأمام، ثورة ثورة».
ــ قلنا: زحف؟! ملك ملوك أفريقيا صار ضبا؟!.
** قالوا: شركات الاتصالات تعلن مجانية الرسائل النصية ورسائل الوسائط ثلاثة أيام ابتهاجا بالمناسبة السعيدة.
ــ قلنا: وعطلوا الإرسال ثلاثة أيام.. يا عيباه.
** قال: مصدر مسؤول في وزارة الخدمة المدنية أن التثبيت سوف يبدأ على الوظائف الشاغرة.
ــ قلنا: الشاغرة المعلنة أم المحجوبة؟!.
** قال الكاتب الدكتور عبد العزيز الجار الله: هناك وظائف عليا في المراتب 15،14،13 شاغرة في أدراج مكاتب الوزراء والنواب ووكلاء الوزارات، يجمدونها حتى إذا علموا بقرب التشكيل الوزاري، أفرجوا عنها، ورشحوا عليها في شكل عطايا وهبات وداعية، أو إحراجا للوزير الذي يأتي بعدهم.
ــ قلنا: وبعض من يرشحونه عليها لديه وظيفة في قطاع آخر وله راتب آخر مثلهم تماما.
** قالوا: الأرصدة المجمدة في بريطانيا لرؤساء دول وعائلاتهم ممن تم إسقاطهم لن تعود إلى خزائن تلك الدول العربية.
ــ قلنا: إذا، ما يحدث هو أحد حلول الأزمات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ومصائب قوم عند قوم فوائد.
** قالوا: معلم يقذف الطالب بجهاز كومبيوتر (لاب توب) على وجهه ويؤدي إلى إصابته.
ــ قلنا: هذا المعلم من جيل مشروع «وطني» الذي وعد به الوزير الأسبق، وشعاره (كومبيوتر لكل طالب)، بس فهم المشروع (غلط).
** قالوا: رسام الكاريكاتير في صحيفة الجزيرة يقترح إلصاق (معقم أيدي) في كل ملف فساد لتعقيم يدي من يلمسه.
ــ قلنا: طيب وملف شراء المعقمات من يعقمه؟!.
** قال عمر المهنا رئيس لجنة الحكام: إن تحية الجماهير من قبل الحكم غير مقبولة.
ــ قلنا: هذا عصر الجماهير يا عمر، وعقلية لجنتكم قديمة بقدم سيطرة التضليل الإعلامي.
** قالوا: أكثر من 400 ألف وصفة دوائية إلكترونية نفذتها الخدمات الصيدلانية في مدينة الملك فهد الطبية في 2010م.
ــ قلنا: يا حبكم لمسح إحصائيات 2006م.
** قالت «عـكاظ»: خطأ هندسي يودي بحياة 25 شخصا في الشرقية.
ــ قلنا: غدا يعقدون ندوة «الإعلام والأخطاء الهندسية»، ويطالبون بندوة عن الأخطاء الإعلامية!! وفق حقيقة إذا لم تستح.
** قالوا: موظف مستشفى يختلس 11 مليونا من الرواتب ويبرر: أخذته سلفة وسأعيده.
قلنا: (يا حراااام.. واحنا نحسبك سارقه.. طيب بسرعة رجعه لأن الموظفين قاعدين يتسلفون).
أين إسهام التجار في الفرح الوطني؟!
ابتهج الجميع في الداخل والخارج بعودة الملك المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من رحلة العلاج سالما معافى فكان الفرح تلقائيا بمثل تلقائية الملك، وصادقا بمثل صدق القائد، ومخلصا بمثل إخلاص والد الجميع ومعبرا عن حب رجل أحب الناس فأحبوه وعطف عليهم فأسر قلوبهم وتواضع لله فرفعه.
الكل عبر بطريقته عن الفرح وقد لاحظت أمرا هاما وأنا أشارك مع أسرتي في مسيرة الفرح التي عمت شوارع الرياض يوم الأربعاء الأبيض وهو أن الشباب الذي عبر عن فرحته انتهج نهجا مختلفا عن كل احتفالياته السابقة سواء باليوم الوطني أو الاحتفاليات الأخرى أو بالانتصارات الرياضية (وهي قليلة مؤخرا) فقد كان الشباب والكهول المحتفلين بسلامة الملك يعبرون عن سرورهم وسعادتهم بحمل صوره أو التوقف والرقص على قارعة الطريق أو عزف الألحان بمنبه السيارة، كل هذا ولكن دون أي سلوك يسيء للآخرين أو يضر بالممتلكات الخاصة أو العامة أو يشتمل على تصرفات غير محبوبة وهو ما كان يحدث في الاحتفاليات المذكورة آنفا حيث يتعرض المشارك للتأخير أو الاعتداء أو الاستفزاز وتتعرض بعض المنشآت والممتلكات لأضرار مختلفة، وتفسيري الشخصي لهذا الاختلاف هو أن الشباب المحتفل في السابق كان يعاني من ضغوط نفسية وهموم عدة وكان الاحتفال بالنسبة له مجرد فرصة للتنفيس عن ضغوط البطالة وهموم الحياة أكثر منه فرحة وسرور حقيقي، أما في الاحتفالية بسلامة الملك فقد كان الأمر استثنائيا فالفرح كان حقيقيا والتعبير كان تلقائيا والسعادة كانت أكبر من أي هم وحزمة الأوامر التي أصدرها الملك خاطبت مشاعر المواطنين قبل احتياجاتهم ووصلت قلوبهم في شكل امتنان حتى قبل أن تصل إلى (جيوبهم) وأرصدتهم، ولذا فإن من المهم جدا أن يكون المسؤول التنفيذي المخول بسرعة التنفيذ ومرونته على قدر كبير من الحماس وإدراك هذه العلاقة الحميمية وقدر كبير من المرونة والحد الأدنى من البيروقراطية المكروهة وترك البحث عن المعوقات والاستثناءات التي لا ينتج عنها سوى تنغيص حالة الفرح.
وليس أخطر على حالة الفرح من مسؤول منغص حاسد إلا تاجر متربص مستغل لتحسن الوضع المالي للمستهلك، ومتحفز لالتهام ما قد ينبته ربيع الجيوب كالجرادة التي تأكل الزرع ولا ينتفع منها فلا هي ثروة حيوانية تشبع من جوع ولا هي مستودع طعام ينفع في السنين العجاف، وبالمناسبة فقد لاحظت أيضا أن كل أدلى بدلوه للإسهام في الفرح إلا قطاع التجار، هذا القطاع البخيل حتى بالمشاعر، فلا هم منحوا موظفيهم ذات إجازة الفرح، ولا هم أعلنوا عن تخفيضات أو أي مبادرة يفرح بها المستهلك ويشعر بأنهم جزء من الجسد الذي دعمهم وهيأ لهم القرض والأرض والتسهيلات ليصلوا إلى ما وصلوا إليه.
أعطني تاجرا أعلن عن تخفيضات حقيقية مجزية أو البيع بأقل ربح أو منح تسهيلات بهذه المناسبة، ولا تقل لي إنهم يعلنون فالإعلان يبقى دعاية لهم ولمتاجرهم ولا يعد تضحية أو إسهاما ينفع المستهلك بل أعطني تاجرا لم يرفع أسعاره مع كل زيادة راتب أو بدل، وهذا السلوك يستوجب إعادة النظر في التعامل مع الجشع منهم وهم كثر للأسف والمزيد من الوقوف مع عامة الناس وفقرائهم فقد أثبتوا أنهم الأكثر امتنانا والأكرم عطاء.
ملك الإنسانية ينتصر لمعلمات محو الأمية
عندما يبلغ يأس الضعيف مبلغه من عدم تجاوب الصغار من ذوي القلوب القاسية يسخر له الله كبيرا من خلقه رحيما من عباده فيأتيه الفرج على يد مفرج الضيقات ومنفس الكربات، وهذا ما أراده الخالق سبحانه لآلاف النساء والفتيات السعوديات اللاتي تعلمن وأفنين عمرا مديدا في التخصص في مجال شريف إنساني عفيف هو التعليم وتم اختيارهن لتولي مهمة غاية في الأهمية وطنيا وهي مهمة القضاء على الجهل ومحو الأمية ولكن تحت بند سمي ببند محو الأمية، ومكثن على هذه الوظائف المؤقتة غير مثبتات سنين عديدة بنين خلالها أسرا وربين أطفالا وأعلن عجائز وكهولا وأطعمن زغب الحواصل من هذا المرتب اليسير 2500 ريال الذي لا يحقق أمنا وظيفيا مستحقا، وطالبن كثيرا بالتثبيت وتعاطف مع مطالبهن كتاب وكاتبات ووزراء عمل لكن آخر رد مجحف تلقينه من إحدى بنات جنسهن التي يفترض أن تشعر بشعورهن وتعيش معاناتهن فكان الرد مخيبا لآمال الجميع بأن هذا البند ستنتهي الحاجة إليه بعد (عشر سنوات) بحجة أن الأمية ستنتهي!!، وكأن المعلمة التي أسهمت في إنهاء الأمية (إن انتهت) لا تستحق أن تمارس التعليم بعد ذلك وأن يتحقق لها الأمن الوظيفي ورغد العيش، ولكن جاء ملك الإنسانية كعادته بما أوتي من حكمة ورحمة ومشاعر أبوية ليصدر أمره الكريم أمس الأول الأحد القاضي بتثبيت جميع المواطنين والمواطنات المعينين على كافة البنود ويتقاضون رواتبهم من ميزانية الدولة، في مكرمة ملكية نبيلة سيكون لها صدى واسع لدى آلاف الأسر التي تعولها معلمة محو أمية أو أي موظف ببند أجور أو بند 105 أو غيره من البنود المؤقتة.
لقد أثبتت المواقف العديدة أن الفرج الكبير لا يأتي إلا من القلب الكبير قلب ملك القلوب وأن أكثر ما يخشى على كرم الكرام هو تعقيدات من هم دون ذلك ولا أقول لؤم اللئام، لذا فإننا نأمل أن لا تقف تعقيدات البيروقراطيين وتفسيرات الحارمين حائلا دون سرعة تحقيق سعادة أرادها القائد لبناته وأبنائه، وأن يتم تلافي ما حدث من تجاوزات في تثبيت معلمات بند 105 على شواغر أقل مما هو حق لهن بناء على الخبرة والمؤهل وسنوات الخدمة فثبت بعضهم على المستوى الثاني رغم أنهن من حملة البكالوريوس ومستحقات للمستوى الرابع للبكالوريوس غير التربوي والمستوى الخامس لحملة البكالوريوس التربوي ورفع المعلمون والمعلمات تظلما في هذا الشأن حظي أيضا باهتمام خادم الحرمين الشريفين وتم التحسين على مراحل وتم صرف الفروقات أيضا.
ما نرجوه لمعلمات محو الأمية بعد هذا الصبر الذي تلاه فرج أن لا يترك أمرهن للتثبيت على الشواغر فيحدث ما حدث في بند الأجور (التثبيت على المستوى الأقل وأحيانا الأعلى حسب الهوى)، وأن لا يتم التثبيت على الوظيفة التي تشغلها لأن هذا معناه تثبيتهن على مستويات أقل من المستحق نظاما وتتكرر مشكلة تثبيت الموظفين على بند 105. لكن الحل الأمثل هو ما أشار له الأمر السامي الكريم بأن تتولى التثبيت لجنة مشكلة من وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية والجهة المعنية، وحبذا لو تحل مشكلات التظلم مبكرا بأن تتولى وزارتا المالية والخدمة المدنية استحداث الوظائف بما يتناسب مع مؤهلات المعلمات قيد التثبيت بحيث تثبت معلمة محو الأمية على الدرجة المقابلة لسنوات خدمتها وفي المستوى المناسب لمؤهلها فتتحقق العدالة التي ينشدها ملك الإنسانية دائما بتقدير الخدمة وتغليب المؤهل.
