الشهر: ماي 2011

بل يقاضي وزارة الصحة

أحيانا تشعر أن الفرد حتى لو كان واعيا بحقه وبما يجب فعله يتأثر بذات الخطأ الشائع الذي يشتكي منه، وكأن أخطاء الجهات الحكومية أصبحت معدية.
تمعن في الخبر الهام الذي نشرته «عكاظ» أمس الاثنين بعنوان شاب يعتزم مقاضاة قاتل طفل تبوك: طعنني وعاد وارتكب جريمته البشعة، فهذه الحالة ــ ولا أقول الجريمة لأنها نتاج ترك مريض نفسي خطير يحتك بالناس، هي جريمة في عرف المسؤولية لكنها حالة بالنسبة للمعتدي ــ هذه الحالة تشرح بوضوح ما كنا نحذر منه على مدى سنوات دون أن نسمع لأنه لا حياة لمن ننادي عندما نادينا عبر هذه الصحيفة وعبر برنامج 99 طيب الذكر وعبر قناة الإخبارية وعبر كل وسيلة إعلامية ممكنة بأن المرضى النفسيين المتروكين دون إيواء ولا رعاية يشكلون خطرا على أنفسهم وأهليهم والناس أجمعين، ودأبت على تسمية الصحة النفسية في مقالاتي وحواراتي المتلفزة بـ (نصف الصحة المهمل)، لأن المرض لا يخرج عن نصفين عضوي ونفسي، والأول رعايته متفاوتة وبالبركة، والثاني لا رعاية له مطلقا ومهمل تماما مقارنة بما يجب وفق أضعف المقاييس العالمية.
نعود للشاب محمد العنزي الذي طعن بسكين ذات المريض النفسي قبل قتله للطفل رائد الكعبي بنحو ثمانية أشهر لو تم خلالها التعامل مع المريض النفسي بأضعف المقاييس والمتطلبات العالمية لما قتل رائد، لكن العنزي يدرك أن الخطأ كان من عدم التفاعل مع الإنذار وقيام مستشفى الصحة النفسية (إن صحت التسمية) بإطلاق المريض دون إيواء ودون استقرار لحالته وكأن طعنه للشاب العنزي كان مجرد (مزحة عابرة لكل طبقات الجلد والعضل حتى بلغت العظم)، ومحمد العنزي عندما ظهر ثانية ليرفع قضيته مستشهدا بما آل إليه إهمال المريض النفسي الخطير يدرك أن خصمه ليس هذا المعتل النفسي بل من جعله طليقا دون رعاية ولا علاج ومع ذلك كان يتحدث وحسب العنوان عن مقاضاة قاتل رائد الكعبي، في حين عليه أن يقاضي المستشفى الذي أهمله ونظام الرعاية النفسية القاصر، كان عليه أن يقاضي وزارة الصحة لعلنا نسلم من آلاف المرضى النفسيين الذين لا يجدون الرعاية ونحد من حالات القتل والاعتداءات والانتحار، لكن العنزي رغم وعيه وإدراكه تأثر بمحيطه فنسي خصمه الحقيقي الطليق.

قضايا معلقة

من العيوب الكبيرة في معالجتنا الإعلامية لقضايا المجتمع المهمة أن الإعلام ــــ وخاصة الصحافة المكتوبة ــ يتبنى قضايا إنسانية خطيرة، ثم ما يلبث أن يتركها دون متابعة أو تقص. وهذا العيب، ترتاح له الجهات المقصرة أيما ارتياح؛ فهي تلتزم الصمت حيال أي قصور يطرح، جازمة أن الأمر مآله للنسيان، فلا متابعة من جهات رقابية لما نشر، ولا الصحف سوف تعيد طرق الموضوع بحثا عن تطوراته، والأسوأ من هذا وذاك عندما ترسل الجهة تعقيبا يلتف على لب الموضوع ويتناول قشوره بعد تقديم الشكر للصحيفة على اهتمامها، ويختتم التعقيب بتأكيد بأن «كل شي تمام»، وللأسف فإن هذا التعقيب يفترض أن الموضوع قد أجيب عليه وأقفل، ليس لدى الجهة فقط بل حتى الوسيلة الإعلامية، وهذا جد خطير؛ لأنه يعني أن قضايا الناس مهما بلغت خطورتها وتعددت أطرافها وأبعادها تقفل بمجرد تعقيب، مع أن الصحف هي القناة الوحيدة الفاعلة والسريعة حاليا، لكن نفسها قصير والمسؤول يدرك ذلك.
النهج الوحيد الذي يجب أن نقابل به هذا العيب الواضح هو أن يستمر الصحافي الذي تبنى القضية بنقل تطوراتها، ومتابعة أحوال شخوصها، ومعرفة مدى تجاوب الجهة على أرض الواقع، والتواصل مع القضية حتى تصل إلى نهاية مقنعة تعالج الوضع برمته، وخلاف ذلك فإن الصحافي والصحيفة يجب ألا يستجيبا للتخدير ولا عبارات الوعود المنمقة والتحرك الوقتي لامتصاص حماس كل الأطراف.
ثمة قضايا كثيرة أثيرت وتحولت إلى مجرد زوبعة في فنجان، بل حتى الفنجان قلبته الجهة لتخفي كل شيء. أين وصلت قضية الضحية رئيس قسم الأسنان الجهني الذي قتل بخطأ طبي فادح في مستشفى خاص، وقضيته شائكة تشتمل على عدة مخالفات في تزييف كفاءات وممارسات صحية غير مرخصة وإهمال واضح؟!، ماذا تم في قضية المعوق الذي عذب بالضرب داخل دار التأهيل، وأثار تعاطف الكتاب والصحف، وأثير حول قضيته الكثير من الحجج والأقاويل؟!، ما مصير الطفلة التي لم يجد والدها سريرا تتلقى فيه العلاج من متلازمة أمراض عضال؟!، ما تفاصيل حالة المعوق الذهني (عمره الزمني 18عاما وعمره العقلي 7 أعوام) الذي تعرض للاغتصاب عدة مرات على يد عامل في معهد التربية الفكرية داوم الاعتداء عليه جنسيا لعدة أشهر؟!.
أنا لا أسأل عن تعقيبات الوعود والتخدير، إنما يهمني المسار الفعلي للقضية، وهل حصل المشتكي على حقه، والمقصر نال جزاءه، وتكرار القضية أصبح مستبعدا أم أن الوضع على حاله؟!.

التبرير ضرب من التغرير

التبرير نهج مستحدث لا أدري من أين ابتلينا به لكنه بالتأكيد تقليد أقل ما يقال عنه أنه ليس حكيما ولا منطقيا، لأنه وبكل بساطة يؤدي إلى إيجاد العذر للمقصر وبالتالي مزيد من تخاذله ولا يخدم المؤسسة ولا الوطن، لكن جهات كثيرة وجدت فيه مخرجا إعلاميا ونهجا سهلا لتغطية العيوب، وزارة الصحة بدأت المسلسل بتبرير للأخطاء الطبية بندوة إعلامية، وبرر الطب الوقائي لارتفاع حالات الدرن بأن ارتفاع الحالات إلى 4334 حالة في عام 2010م ناجم عن القدرة على اكتشاف الحالات مع أن اختبار الدرن إجراء سهل جدا وسريع منذ 40 سنة، ووزارة الزراعة تبرر لغلاء الخراف النعيمية والدجاج بارتفاع أسعار الأعلاف وكأن بقية أنواع الخراف والطيور تتغذى على الهواء أو التراب، ووزارة التجارة تبرر عدم مراقبة ارتفاع السلع بحرية التجارة والعرض والطلب وكأننا لسنا البلد الذي يعفي من الضرائب ويدعم ويمنح القرض والأرض، ووزارة العمل تركز على دور الشباب في عدم الحصول على العمل وكأننا لانرى الأجانب يهيمنون على الوظائف حتى باعة الصناعات الوطنية بل العارضون في معارض الصناعات الوطنية ليسو مواطنين، ووزارة الشؤون الاجتماعية تبرر لجملة إخفاقاتها في الرعاية الاجتماعية بأنها صرفت لمستحقي الضمان وكأن الصرف مهمتها الاجتماعية الوحيدة في مجتمع يعاني من غياب كامل للإسناد الاجتماعي في كل المجالات بدأ بإحباط اليتامى وليس انتهاء بمساندة المكلوم والمحبط نفسيا ومن فقد عزيزا وغاليا، مما رفع حالات الانتحار نتيجة غياب السند الاجتماعي المطمئن والمتمثل في الأخصائي الاجتماعي والأخصائية الاجتماعية.
إننا في أمس الحاجة لمؤسسات تعمل للحل لا للتبرير ولقيادات إدارية تعمل لسد الذرائع لا لتشجيع المقصر، وإذا كانت التبريرات الإعلامية التلميعية تخدم الاستمرار في المنصب لبعض الوقت فإنها بالتأكيد تسهم في استمرار المشكلة لكل الوقت.
ليتنا لا نقبل التبريرات ونطالب بالحلول مهما كان المبرر ومن لا يملك الكفاءة على إيجاد الحل فثمة من يحل محله.

يامدير الخطوط تعال إلى كلمة سواء

أما وقد كتبنا على مدى سنوات عن إخفاقات ناقلنا الوطني الذي نود أن نفخر به ويشرف وطننا، وأما وقد قال أعضاء مجلس الشورى مثل مانقول وأكثر، وأما ولم نجد لما قلنا وقالوا تأثيرا وتجاوبا، فإن حبنا لهذا الوطن وكل ما يمثله يدعونا لأن ننهج معك منهج المناصحة والتنوير مفترضين حسن النوايا وأننا وأنت في حب الوطن سواء، بل تتفوق علينا في تحمل المسؤولية في الإخفاق والزهو بالنجاح.
إن ماحصل في رحلة الخطوط السعودية رقم 820 إلى جاكرتا كتبته بكل واقعية وإثباتات صورها الناس ونقلتها الأخبار ووثقناها تماما مثلما يريد نظام المطبوعات الجديد وبما يحقق المصلحة الوطنية بما يريد النظام ونريد نحن، فاستمع لنا يارعاك الله وسددك فنحن نقبل بصدر رحب أي عطل طارىء ولكننا لانقبل أن تطير طائرة متهالكة مستهلكة بأربعمائة نفس بشرية، ونحن نقبل أن تتأخر رحلة بسبب أحوال جوية، لكننا لانقبل أن تتأخر لأن موظف التشغيل القابع في مكتب أحواله الجوية مكيفة يؤخر إعطاء القرار لعدة ساعات والركاب في أسواء الحالات يعانون من الحر والجوع والعطش والإغماءات، وإذا نزلوا للأرض للانتظار أهملوا أيما إهمال واستفزوا بما يغضبهم ويسيء لسمعة وطننا المعطاء للمواطن والمضياف للضيف، كما أن إلغاء الحجوزات وتخفيض الدرجات أمر لاعلاقة له بكل أعذاركم بقدم الأسطول وتأخر وصول الجديد، إن سوء الخدمة الأرضية وما يصاحبها من ارتباكات سببه التفريط في الكفاءات الخبيرة ومنحها الشيك الذهبي لنحصل نحن على خدمة حديدية صدئة، ثم إنني أنقل إليك مخلصا لاتوددا لك ولكن ودا لوطن أحبه فإن المحاسبة على عظيم الأخطاء لاتطال المسؤول الفعلي عنها بل قد لاتصل إليك فبعض من حصلوا على الشيك الذهبي وفروا بجلودهم وكثير ممن صبروا وبقوا يتحدثون عن تقارير تقصير لاترفع بينما تتم محاسبة ملاح على نسيان طلب كوب قهوة لمسافر في رحلة مزحومة وإن كان سجله حافل بالتضحيات..
يا أخي المدير الذي نتودد لك ودا في الوطن ورغبة في الإصلاح إن المؤسسة تعاني من هشاشة الولاء المصحوب بعدم المحاسبة المنتهي بالرغبة في حصول الإخفاقات فإن لم تبادر في الإشراف شخصيا على سير التقارير ومنتهاها واكتفيت بالدفاع عن الإخفاق والتحسس من النقد فإن الخسارة على الوطن وعليك وعلينا، لأن ثمة من لايكترث بما يحدث بل يحرص على حدوث أخطاء متتالية وإلا كيف نفسر استفزاز موظف لركاب مرهقين مقهورين بينما يهدئهم أخر إلا بوجود متعمد اساءة لايحاسب وحسن نية لايكافا وانما يريد أجره من الله، أرجوك أن لاتقل لي أن ماحصل لرحلة جاكرتا وماقبلها وقبلهما وبعدهم جميعا مجرد صدفة وإن شئت فإنني من أجل الوطن لا من أجلك مستعد للجلوس معك إلى كلمة سواء أقول فيها ما منعه في فمي الماء.

قالوا وقلنا

** قال وزير الزراعة: اتركوا النعيمي والرز والدجاج وكلوا الجريش والمرقوق
ــ قلنا: إذا تركنا كل شيء ارتفع سعره لأنكم لاتتدخلون سنتحول إلى أكل الكلام فهو أرخص طعام.
**
** قالوا: إن قسم التربية الخاصة في مبنى الإدارة العامة للتربية والتعليم في الدور الرابع وقسم التربية البدنية في الدور الأول مع عدم وجود مصعد.
ــ قلنا: (قل الدبرة يجيب العجايب)
**
** قالوا: السعوديون ينفقون 18 مليون ريال يوميا على السجائر.
ــ قلنا: وننفق أربعة أضعافها يوميا في علاج أضراره.
**
** قالوا: الرئيس العام لرعاية الشباب يكرم أعضاء المنتخب السعودي لكرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصة الفائز بكأس العالم بجنوب أفريقيا 2010م.
ــ قلنا: ليت كل المنتخب الأول من ذوي الاحتياجات الخاصة لعلهم يشرفوننا بسرعة ويكرمون ببطء.
**
** قالوا: المصالح الشخصية عطلت نظام مكافحة التدخين 12 عاما.
ــ قلنا: (المصالح الشخصية سبب رئيس لأمراض القلب وسرطان المجتمع).
**
** قال مستشفى أهلي: إنه أول من حصل على شهادة اعتماد (jci).
ــ قلنا: كفاكم استغفالا هذه شركات تعتمد لمن يدفع أولا.

أهوال الرحلة 820

بدأ تاخير رحلة الخطوط السعودية رقم 820 المتجهة من الرياض إلى جاكرتا قادمة من المدينة المنورة بشكل مقبول حضاريا برسالة جوال تخبر بتأخير الإقلاع ساعة واحدة أي في الساعة 1:40 صباحا بدلا من 12:40 وفعلا بدأ الصعود للطائرة التي كانت ممتلئة بالكامل في درجتها السياحية بمعتمرين جاؤوا من المدينة المنورة متأخرين أصلا وبدأت تفاصيل المعاناة الهزلية الخطيرة عندما تأخر الإقلاع أربع ساعات بحجة زيادة وزن الطائرة وعدم إمكانية إقلاعها ثم أقفلت الأبواب وتحركت الطائرة إلى المدرج بنية الإقلاع لكنها مالبثت أن عادت بعد أن اتضح تثاقل حركتها وعلم بعض الركاب من موظفي الصيانة أن مسؤول التشغيل في المركز الرئيس كان مصرا على محاولة الإقلاع لكن الطائرة أخفقت في ذلك وعادت لإجراء توزيع توازن الوقود، وبعد حوالي 45 دقيقة تحركت الطائرة للمدرج في محاولة ثانية للإقلاع لكنها كانت أكثر إخافة للركاب من الأولى لطول المحاولة وسماع أصوات وتثاقل مخيف ومتقطع في الحركة وكأنها لا تستطيع النهوض فعادت مرة ثانية للبوابة وبقينا ننتظر وسط ذهول من كثرة تردد عمال الصيانة دخولا وخروجا وزادت حدة اللغط في الدرجة الأولى لكن لطف وتعامل الملاحين وطمأنتهم للركاب بدد بعض القلق كون الموضوع مجرد حمولة زائدة من العفش، لكن مناقشات الفنيين مع موظفي الخدمات الأرضية وأصوات أجهزة اللاسلكي وسط إنصات من يفهمون ما يرد فيها من الركاب أعاد القلق خصوصا أن الحديث عن ضرورة حضور قسم الإطفاء لحضور إنقاص الوقود أخاف الركاب فمجرد كلمة (فاير دبارتمنت) كانت مخيفة وعموما تحركت الطائرة للمرة الثالثة ولم تكن المحاولة بأقل رعبا من سابقاتها فقد كانت الطائرة تحدث أصواتا ولا تكاد تتحرك رغم ركوبها المدرج في محاولة للإقلاع أعلن بعدها العودة للبوابة لوجود خلل هذه المرة لكن الطائرة لم تعد للبوابة وتوقفت في مكان بعيد عن المباني ومنعزل وبدأت سيارات الصيانة تتزايد وقرب سلم عادي وفتح أحد الأبواب لدخول العمال وأطفئت المحركات فأصبحت الدرجة السياحية عالية الحرارة بشكل لا يطاق وبدأ الركاب يتوافدون قرب الباب المفتوح بحثا عن الهواء وخرج بعضهم ونزلوا السلم وتجمعوا قرب الطائرة وكأنهم ركاب شاحنة معطلة ومع كل ذلك ومع شدة المعاناة والخوف إلا أن تلطف الموظف الأرضي (سعد س) وتهدئته كانت محل تفهم إلى أن حضر مشرف مناوب (ف غ) وقام بدفع الركاب الأندونيسيين دفعا لإدخاهم الطائرة مرددا عبارة (خلاص طيارة كويس) لتحدث الكارثة عندما هاج الركاب ونزلوا جميعا للأرض العراء رافضين قبول تلك الطائرة، وتسقط إحدى الراكبات مغمى عليها ويتعالى الصراخ وتطلب سيارة الإسعاف التي لم تحضر إلا بعد نصف ساعة ويتم إحضار حافلات لنقل الركاب للصالات ويتركون دون أكل ولا مجيب ثم يحضر الموظف(ف ش) ويستفز الجميع بأسلوب تهديد مهين تتعالى بعده الأصوات ليحضر موظف لطيف جدا (سعود) ويحتوي الموقف باستدعاء عدد من المشرفين على رأسهم المشرف (عبدالعزيز س) ويتم تهدئة المسافرين بنقلهم إلى الفندق وتأجيل الرحلة للتاسعة مساء، هذا سرد تعمدت طرحه دون تدخل وكشهادة شاهد عيان أما تفاصيل المأساة فقد عرضت على اليوتيوب بكل أسف.

مسؤول مدقع

ليسمح معالي وزير الاقتصاد والتخطيط أن أستعير جزئية من عبارته الشهيرة (قضينا على الفقر المدقع) وهي جزئية (مدقع)، ولن أتطرق هنا للتصريح وحقيقة القضاء على الفقر (مدقعا كان أو مطلقا) فالزملاء الكتاب تطرقوا له منذ مدة، وإن كان لي من مجرد إضافة تذكيرية فهي أن الملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز الذي اعترف بالفقر في البلاد وأعلن حربه على الفقر لم يحدده بأنواع أو مسميات بل قرر مسح دمعة كل فقير وحفظ كرامته من خير وطنه وبعطف مليكه والراعي الذي يهتم برعيته.
ما أود التنبيه إليه هو أزمتنا مع الصفات غير المعرفة وغير المشروحة سلفا والتي تستخدم في تصريحات ومخاطبات هامة دون وضع تعريف واضح يشرحها مع أننا في اللوائح والأنظمة نشرح كلمات معروفة مثل (الطرف الأول) أو (المشترك) أو (الوزارة) بعبارة هو (كذا) ويشار إليه لاحقا (بكذا) مع أنها مسميات لا خلاف عليها، وهذا جيد، لكننا في الوقت ذاته لا نضع تعريفا لصفات أساسية وهامة مثل الفقر المدقع والفقر المطلق، بل إننا لا زلنا نطالب وزارة الصحة من سنوات بوضع تعريف للحالات الإسعافية الحرجة التي تقول إنه يجب على المستوصفات والمستشفيات الخاصة قبولها مباشرة دون قيد أو شرط مع أنها لم تعرف (الحرجة) حتى اليوم، وترك للمستشفى الخاص رفض استقبال حالات انتهت بالوفاة أو البتر بسبب تأخير الإسعاف، أي أنها كانت حرجة جدا لو وجد التعريف.
وبناء على ترك أمر التعريفات للاجتهاد فإنه يحق لنا أن نطلق على المسؤول الذي لا ينتج ولا يقدم للمنصب إلا التصريحات والوعود التي (تفتقر) للتطبيق على أرض الواقع بأنه مسؤول (مدقع) لأن قائمة إنجازات وزارته خالية وخاوية تماما على أرض الواقع، أما المسؤول الذي (لا ينتج ولا يصرح بأنه أنتج) فإن فقره أقل من فقر سابقه لأنه يفتقر للإنجاز لكنه لا يفتقر للمصداقية فهو على هذا الأساس مسؤول (مطلق) أما المسؤول الذي ينتج ويصرح بأنه أنتج فهذا مسؤول (متجدد) لأنه يجدد التذكير بإنجازاته عندما يقرب التجديد، أما ذلك المسؤول الذي ينتج وينتج ويعمل ويعمل لكنه لا يصرح بما قدم للمنصب فإنه مسؤول (حرج) لأن حالته حرجة فهو مثل الحالات الإسعافية الحرجة وضعها هام وخطير لكنها غير معرفة إعلاميا فتموت قبل أن تعرف.

بل وجه التاجر مثل قفاه

منذ ثلاثين سنة ونحن نحذر من تدليل التجار وأنه سينعكس سلبا على الوطن برمته، وحدث ذلك مع أول أزمة يشهدها الوطن في حرب الخليج الأولى (حرب تحرير الكويت) عندما امتنع تجار الأدوية عن التوريد واستغل تجار الأغذية الأزمة أبشع استغلال وحتى تجار الشريط اللاصق (الشطرطون) استغلوا الخوف من الكيماوي في رفع الأسعار أضعافا مضاعفة، ولم يكن الوطن الداعم بالأرض والقرض والإعفاءات الضريبية وحرية التجارة أسعد حظا بالتجار المواطنين عندما ألمت بالعالم أزمة اقتصادية طالت ميزانية الدولة وتوقع التجار (توقعا) أن لا تتمكن الدولة من دفع مستحقاتهم فامتنعوا عن توريد الأدوية والسلع الأساسية التي لولا دعم الدولة ما نجحوا في احتكار وكالاتها والإثراء منها، ثم توالى عقوق كثير من التجار في كل مناسبة حتى وصل بهم الأمر لاعتبار الإسهام في الحد من البطالة مضيعة للوقت وأمرا لا يستحق الاجتماع مع وزير العمل!!.
مارسوا تخزين الرز والسكر والأسمنت والحديد والشعير وسلع أساسية كثيرة جففوا منابعها ورفعوا أسعارها وصبرت الدولة على ممارساتهم وصبر الإعلام على تحايلهم ولم يرتدعوا، وحصلوا على حماية ما احتكروا وكالته من (الماركات)، وصبر المواطن والإعلام على حرمانهم للمستهلك من أبسط حقوقه في الضمان العالمي والصيانة المستحقة وإرجاع البضاعة بعد الشراء وكان وما زال شعارهم المتسلط أن البضاعة لا ترد ولا تستبدل، ورفعوا الأسعار والأرباح أكثر من 300% وعرضوا عروضا لتخفيضات وهمية واستوردوا سلعا رديئة بعضها تسبب في حرائق كالأجهزة الكهربية (ثلاجات ومكيفات) وأخرى تسببت في حوادث مميتة (كقطع غيار السيارات).
ومع هذا كله وعندما بدأت الدولة في تطبيق عقوبة التشهير بمن أجرم منهم وارتكب الغش والتدليس، يخرج أحدهم ليتهم الإعلام بالتحريض على التاجر والخلط بين السياسة والاقتصاد، بينما يزعم هو أن حرية التجارة تكون في عدم معاقبة المتلاعب المتنكر للقرض والأرض والإعفاء الجمركي ويعتبر أن حماية المستهلك هي (ضرب على قفا التاجر ليمشي بجانب الحيط)، ولا غرابة أن يكون المثل مستوردا (ضربني على قفاي) فبعض التجار ومن يؤيد جورهم هم دخلاء على القيم الوطنية والعطاء الوطني، وإقبالهم إدبار، الغرابة الكبرى هي في من يريد ترك الحبل على الغارب و(أن تترك الدرعا ترعى) وكأنه ما زال في درعا.

وكيل وزارة غير مألوف

وكيل وزارة المياه والكهرباء الدكتور صالح العواجي يبرر لشركة الكهرباء (مقدما) أمر انقطاع التيار في الصيف ويصف انقطاع التيار بأنه ليس نهاية الدنيا، وكأننا قلنا إنه نهاية الدنيا!!، ويشهد الله أننا لم نقل ذلك بل قلنا إنه نهاية الضوء ونهاية التكييف ونهاية عمل الأجهزة الكهربائية بل ونهاية أجهزة الحاسوب وخرابها دون تعويض ونهاية كل أشكال الأنشطة المعتمدة على التيار الكهربائي، والواقع أن كل الأنشطة تعتمد على الطاقة الكهربائية، أي أن كل أعمالنا ستصاب بالشلل، وسعادته ينهانا عن الحساسية ونحن والله يشهد لم نذكر الحساسية وإن كان مرضى الحساسية إذا توقف الكهرباء وتعرضوا للحر الشديد زادت حساسيتهم الجلدية، أما مرضى حساسية الصدر المعتمدون على أجهزة تنفس وأجهزة ترطيب الأجواء فإنهم سوف يتعرضون للاختناق خصوصا إذا تجاوبوا مع مطالبة سعادة الوكيل لهم بعدم إزعاج الطوارئ بالاتصالات المستمرة للتبليغ عن انقطاع التيار، مع أن هؤلاء المرضى وغيرهم كثير من المرضى المعتمدين على أجهزة الإمداد بالأكسجين يعتبر انقطاع الكهرباء بالنسبة لهم (نهاية الدنيا) ومغادرة هذه الدار الأولى الزهيدة التي لا تستحق منا أن ننتقد انقطاع التيار الكهربائي الذي هو بالنسبة لغيرنا من نعم هذه الحياة والأصل فيه هو الاستمرار، حتى أننا ومنذ أن عرفنا التيار الكهربائي نعرف أنه يسمى (التيار المستمر) إلا أنه بالنسبة لوكيل وزارة الكهرباء يعتبر تيارا الأصل فيه الانقطاع مثل كل دول العالم، وبالمناسبة هل يعتقد وكيل وزارة الكهرباء أننا لا نعرف دول العالم واستمرار الكهرباء فيها؟! فيقول لنا و(ينورنا) بأن انقطاع الكهرباء أمر مألوف في (كل) دول العالم!!.
نحن نريد من مسؤولي وزارة المياه والكهرباء أن (ينورونا) بما هو ضمن مسؤولياتهم وهو ضمان الحصول على تيار كهربائي مستمر، وتيار ماء كاف أما الدفاع عن الشركات المقدمة لهذه الخدمة فهي مسؤولية محامين يتقاضون أجورهم مما نسدده بتعرفة عالية وعندما لا نسدده فإنهم يقطعون عنا الكهرباء والماء، أما عندما نسدد وتنقطع الماء والكهرباء فإن واجب السيد وكيل الوزارة أن يحمينا لا أن (ينهرنا) بعدم الاتصال، وأن الانقطاع ليس نهاية الدنيا وأمر مألوف والحقيقة أن دفاعه عن الشركة أمر غير مألوف.

نجحت الشرطة وبقي العقاب

عندما كان المواطن يشتكي من أنه عندما يبلغ مركز الشرطة عن سرقة سيارته يواجه بعبارة (لست الوحيد، وأمامنا عشرات البلاغات عن سيارات مسروقة)، كنا نحن الكتاب نصب جام نقدنا الغاضب على هذا التعامل، وحق علينا اليوم أن نشيد بالإنجاز الأمني المميز الذي حققته الشرطة بالقبض على أكبر عصابة سرقة سيارات منتشرة في أنحاء المملكة وتتكون من 42 جانيا امتهنوا سرقة كل أنواع السيارات بجريمة منظمة تتضمن القيام بالسرقة ثم سرعة تزييف أرقام اللوحات وأرقام الهياكل وكل المراجع الثبوتية التي تشير إلى السيارة المسروقة.
ومثلما أن الجريمة كانت منظمة و (محبوكة) فإن نجاح الشرطة كان منظما وحكيما تميز بالصبر والتخطيط والتحري بدقة ليس للقبض على جان أو عشرة، ولكن للإطاحة بكامل العصابة المنتشرة

 
في أنحاء البلاد وقطع دابرهم، وننتظر تطبيق شرع الله فيهم فإن قضي بقطع أيديهم فليكن جهارا ليرتدع غيرهم.
عندما اكتشفت شرطة منطقة الرياض 27 شخصا من أفراد تلك العصابة لم تقبض عليهم بل تتبعتهم بصبر وحنكة عسكرية حتى توصلت لجميع فروع وأطراف هذا الأخطبوط الخطير، ونسقت مع جميع أقسام الشرطة للإطاحة بكامل العصابة، وهذه خطوة نوعية تحسب للأمن العام وكافة فروعه، ونحن عندما نشيد بهذا الجهد وذلك الإنجاز فإننا ندرك أنه من صميم عمل الشرطة وواجبهم، لكننا لا بد أن نعترف بما اكتشف من دور لنا كمواطنين في حدوث السرقات فقد روجنا لوهم خاطئ بأن سرقة السيارات تتم على أيد شباب يريدون مجرد (التفحيط) بها ثم رميها، لكن ما اكتشف هو أبعد وأخطر من ذلك، وعلى الإعلام أن يعيد حساباته قبل التدخل في تفسير أو تبرير أية جريمة بناء على حالة أو اثنتين، كما أثبتت التحقيقات أن الإهمال يشكل أكثر من 68 في المائة من أسباب السرقة، وكنا نعتقد أنها تقتصر على ترك المحرك يعمل والنزول من السيارة، لكن تصريحات رجال الشرطة كشفت أشكالا أخرى من الإهمال مثل الوثوق بعمال غسيل السيارات وعمال محلات التلميع وعامل الغسيل المتجول، والأدهى والأمر النزول من السيارة عند التعرض لحادث بسيط يكون مفتعلا وجزءا من خطة السرقة.
ذلك النجاح يجب أن يقودنا إلى مزيد من التوعية والشفافية وكشف حيل العصابات والأهم تنفيذ عقوبتهم علنا.