اليوم: جانفي 2, 2012

جربوها يا أمراء المناطق

يكفي للإقناع بأهمية وإنسانية وجدوى ونجاح الفكرة أن تقول إن الذي طبقها هو رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا عندما كان في منصب عمدة إسطنبول، ولست هنا لأذكر المواقف المتتالية والنموذجية لهذا الرجل الذي سلب ألباب فقراء تركيا ومتوسطي الدخل فيها والمنصف من الأغنياء بدليل إعادة انتخابه بفارق كبير من الأصوات وبقائه (بالانتخاب) رئيسا للوزراء منذ 14 مارس 2003م وحتى اليوم.
عندما شعر أردوغان أن المواطن التركي والمقيم والسائح يستغل ماديا وصحيا وغذائيا وإنسانيا في طعامه من قبل المستثمرين في مجال المطاعم وهو استثمار كبير في بلد يعشق سكانه وزواره الأكل في المطاعم وعلى شاطئ البحر الجميل الذي يحيط بإسطنبول من كل مكان قام بإنشاء حوالي 20 فرعا لمطاعم غاية في الروعة والجمال ودرجة التصنيف التي تتفوق على الخمس نجوم التجارية وأسماها مطاعم اجتماعية (Social) واختار لها أجمل المواقع على البحر وداخل المدن وهي مفتوحة للجميع أتراكا ومقيمين وسائحين لكن السواح العرب لا ينتبهون لها ولا يعرفونها جيدا، وهي تقدم وجبات منوعة ولذيذة ونظيفة جدا (تحت إشراف مباشر وإدارة من بلدية إسطنبول) وأسعارها مقارنة بالمطاعم الأخرى تعتبر رمزية جدا، ولا يمكن أن تتخيل جمال مواقعها المختارة على البحر أو نوعية الوجبات المقدمة وتنوعها بين الشوربات والمقبلات والسلطات والوجبة الرئيسة والحلويات إلا عندما تجربها، وأعدكم أن أعرض في موقعي على تويتر صورا لمطاعم البلدية تلك والتي تعتبر من أقوى روابط بلدية إسطنبول مع سكان المدينة التي تشعرهم باهتمام البلدية بهم إلى جانب الحدائق العامة المجانية، ومع أن تلك المطاعم تعتبر فرصة للفقراء ومحدودي الدخل لتناول طعام يرقى إلى ما يأكله الأغنياء، إلا أنها ليست للفقراء فقط فجمالها وموقعها ونظافتها وأمن طعامها من الغش جعل الأغنياء والطبقة المخملية يرتادونها فأصبحت فرصة لاختلاط الطبقتين وتمازجهم وتساويهم في مطعم واحد وهذا من حكمة وإنسانية وبعد نظر المسؤول عندما يكون مخلصا وبعيد النظر وهو ما يعرفه الأتراك ويقولونه عن رجب طيب أردوغان وتقوله حتى مواقفه السياسية وإن كانت السياسة لها أهداف أبعد من مجرد الإنسانية.
حسنا ونحن مجتمع أكول في المطاعم ومستغل من تجارها ونعاني جفوة كبيرة بين الناس والبلديات لماذا لا يسعى أمير منطقة أو أمين مدينة إلى تطبيق تلك الخطوة ليكون مثالا يحتذى.