اليوم: 28 يناير، 2012

هيئة مكافحة الفساد ضائعة

لم أجد اثنين يختلفان على أن الأستاذ محمد الشريف رئيس هيئة مكافحة الفساد رجل مجتهد ونزيه ومؤمن بضرورة القضاء على الفساد، كما أنني لم أجد اثنين يتفقان على أن الهيئة تسير في الطريق الذي يؤدي مباشرة إلى القضاء على الفساد وفق ما هو مأمول من الهيئة منذ فرحنا بإنشائها، الهيئة (ياجماعة الخير) أشبه بمجتهد يحتاج إلى دعم بشري ومالي و(لوجيستي) وفكري والاستعانة ببيوت خبرة أجنبية مجربة تدله من أين يبدأ وكيف يبدأ ومن يستهدف وكيف يصل، لأن خبرة الدول العربية أجمع في مكافحة الفساد حديثة الولادة وربما لازالت جنينا غير مكتمل النمو.
قبل أشهر طالب رئيس هيئة مكافحة الفساد المواطن والمقيم بالدلالة على الفساد ورصد مكافأة وقلنا إنه كمن يقول دلوني على الشمس، وبالأمس نقل لنا الزميل سعيد الباحص عبر «عكاظ» خبرا تناقلته الصحف مفاده أن هيئة مكافحة الفساد تتجه إلى إدراج مديري المشاريع الحكومية والمشتريات ضمن المسؤولين الذين ستتم متابعة أرصدتهم المالية، إلى جانب إقرارهم كل ثلاثة أعوام بالذمة المالية وأداء القسم الوظيفي، وأن الهيئة تخطط لإجراء بحوث ودراسات تتعلق بحماية النزاهة وحث مراكز البحوث ومؤسسات المجتمع المدني على الإسهام في إجراء الدراسات والقياسات المتعلقة بتأثير الفساد على التماسك الاجتماعي والتنمية (انتهى).
لنبدأ من حيث انتهى الخبر ونؤكد أن مهمة الهيئة هي البحث عن الفساد والفاسدين وليس البحث عن تأثير الفساد على المجتمع، ومهمتها فرض سيادة النزاهة بقوة الرقابة وليس حماية النزاهة بالحث والوعظ فهذه مهمة الدعاة والوعاظ، ولننتهي بالقول إن الأولى من متابعة أرصدة مدير مشتريات أو إقراره بذمته المالية وأدائه القسم هو المطالبة بفرض مسار واضح وشفاف لعملية الشراء الحكومي تبين بجلاء نقاط الفساد بمجرد تلويثها للمسار، ولا يجب تصوير الفساد على أنه حكر على مسؤول الشراء فبائع الضمير يمكن أن يكون في موقع أعلى.
لقد غاب عن الهيئة أن مسمى الوظيفة في معظم قطاعات الدولة يختلف عن المهمة الفعلية وأتوقع إذا مضت الهيئة في أمر متابعة أرصدة مديري المشتريات فإن أنزه مدير مشتريات سيعتذر عن المهمة.