الشهر: سبتمبر 2020

عضة سمك القرش لا تؤلم إبن معيض!!

شاءوا أم أبوا فقد سجل الأستاذ الجامعي و استشاري الأنف و الأذن والحنجرة الدكتور علي بن معيض الشهري اسمه كأحد أكبر المؤثرين في لفت النظر للممارسات الطبية الخاطئة من داخل كواليس مهنة الطب في شقها التجاري الذي ابتعد عن الإنسانية أكثر من أي وقت مضى، فقد خرج بكل شجاعة ليدلي بشهادته ( ولا أقول يفضح ) لأن تجار الطب باتوا مفضوحين منذ زمن، فلم يكتم الشهادة مثل غيره، بل شهد عبر أكثر برامج التلفزيون شهرة ( ياهلا ) و يقول أن أسعار عمليات و فحوصات القطاع الصحي الخاص مبالغ فيها و أن تجاره والمنتفعين منه يطلبون تحاليل و أشعة مبالغ فيها ليقتاتوا على معاناة مريض جاء بحثا عمن يخفف معاناته، وقدر، بعد خبرة ٣٠ سنة أن نسبة من يمارسون هذا السلوك ٩٠٪.

كعادتهم، خرج الدبابير من عشهم الذي نكشه الدكتور علي بن معيض و حاولوا النيل منه و تهديده و ثنيه، لكنه كشخص مؤمن لا يخشى في الله لومة لائم، و كشخص واثق من نفسه و مبادئه لم يضعف أمام تهديداتهم، مثل ما فعل بعض من حذفوا تغريدات صادقة أو تراجعوا عن تصريح في حالة صدق، بسبب ضغوط المتضررين من الصدق، لكن د.علي لم يفعل ذلك  فما كان منهم إلا استغلال المساحة المتاحة للجميع في برنامج ( ياهلا ) و طلبوا الرد عليه و لأنه برنامج مهني عرض عليه حضور المواجهة و قبل بكل شجاعة و إيمان برسالته، و دعى البرنامج أطراف محايدة و أخرى مشهود لها برجاحة العقل.

بدأ الحوار و استمر راقيا، و صريحا بأدب و كان كفيلا بأن يجعل المتلقي يحكم و يكتشف من جاء للدفاع عن قيم المهنة و إنسانيتها و حقوق المريض و من جاء للدفاع  عن أسياده في العمل وعن جشع الممتهن و وحشيته و التبرير له.

لم أكن أتمنى أن أتطرق لأمر محاولات النيل من الدكتور علي و تهديده و التنمر عليه لولا أنني تابعت كثافته في (تويتر) و رسائل (الواتساب) و هو ما سبق أن مر به كل من قال الحق في هذا الصدد و تعرضت له شخصيا و لم  أكترث قط ، لكن الدكتور علي غير معروف إعلاميا و قد تؤثر تلك الحملة و تشكك البعض  في طبيب مخلص، فاضطررت للتنويه أن قطيع من أسماك القرش من الأطباء الفاسدين تحوم حول كل طبيب شريف ينصحهم أو يفضح ممارساتهم و تنهشه بأسنان حاده و توزع أشلاءه في ( قروبات الواتساب و تويتر )  و حقيقة لم أتوقع أبدا أن ( يُنْهَش ) الدكتور علي بن معيض بسؤال شخصي على الهواء مباشرة من ضيف خصم ليقول ( أين تضع نفسك؟، ضمن ال ٩٠٪ الهالكة، أم ال ١٠٪ الصالحة؟) وقد اعترضت على السؤال في حينه و طالبت بسحبه لأنه سؤال شخصي تشكيكي غير أخلاقي و هو لا يخرج عن التنمر الذي ذكرت، والمؤسف أن السائل يعلم أن د. علي من المشهود لهم بالتطوع و إجراء عمليات مجانية و صرح بذلك، فلماذا السؤال؟ و ما الهدف منه غير قمع الشاهد.

ولأن أصحاب النوايا الحسنة يوفقهم الله دوما فقد وفق الدكتور علي بإجابة عاقلة رزينة بدأها بقوله ( سؤال وجيه ) والمعنى في بطن الشاعر، ثم أتاح له السؤال بالتحدث (مضطرا) عن أعماله التطوعية و أسعار عملياته المتدنية.

أما و قد اتضح أن الدكتور علي بن معيض الشهري من العشرة بالمائة الصالحة، فإن نهش أسماك القرش ليست سوى لسعات بعوض و أصبح علينا أن نبحث بجدية مبادرة ابن معيض و نشكر (عضة) السؤال فقد أكدت ما قلت عن فلول القرش، و علينا الآن  تشجيع من يبلغ عن الفساد بحمايته و تقريبه والتجاوب مع قلقه ومحاسبة كل من يتنمر عليه. أما السؤال الأغرب الذي لم يكف وقت البرنامج للرد عليه، فهو سؤال يتنكر للجهود الحكومية المخلصة في الرعاية الصحية فيقول السائل : ( السؤال العريض الذي يحتاج لحلقات هو لماذا لجأ المرضى للقطاع الخاص؟) عجبا من هذا التبجح فالجواب لا يحتاج لحلقات بل لحلق منصف عادل يمتن لجهود الوطن، فمستشفيات الدولة أفضل إمكانات و قدرات و أشعة و مختبرات و ممارسين صحيين ولم يلجأ المرضى للقطاع الخاص إلا لأن الفاسدين من أطباء المستشفيات الحكومية تركوا دوامهم و خرجوا نهارا جهارا للخاص فأصبحت مواعيد الحكومي تمتد لسنوات بسبب عدم التزام الأطباء الفاسدين، هذا غير إقناعهم للمرضى بمقابلتهم في عيادات الخاص طمعا و جشعا.  

معروض طلب قطعة ورق وليس قطعة أرض!! ليت منح الأرض بسرعة الورق!!

منذ ١٨ سنة و تحديدا في ٢٩ يوليو ٢٠٠٢م كتبت في جريدة الرياض في زاويتي (بصوت القلم ) مقالا بعنوان ( الإعلام يظلم عسير ) و كان حينها بعض الأقلام و رسوم الكاريكاتير تبالغ في وصف غلاء إيجار السكن في أبها، فذهبت، عائلتي و أنا وقضينا ،لأول مرة ، أجمل و أسعد و أرخص إجازة صيفية، في منزل صغير جميل في السودة، فوصفت ما وجدت بمنتهى التجرد من العاطفة و أذكر من المقال هذه الجزئية:

 (( بعد الاستقرار لعدة ايام والاستمتاع بخدمات ومرافق القرية السياحية، غلب عليّ ميولي القروي فقررت الاستمتاع بالريف في مسكن منفرد في نفس المنطقة شاهقة الارتفاع فكانت الخيارات متعددة من المنازل الجميلة المفروشة والمؤثثة بكل الاحتياجات الاسرية ولم يتجاوز ايجار اي منها مائتي ريال يومياً مع ان العقد يحدد ان الماء والكهرباء على المالك واخترت منزلا جميلا يقع منفردا في قمة جبل تلامسه السحب من كل جانب ويصل اليه الطريق المعبد حتى عتبة الباب بإيجار يومي قدره مائة وخمسون ريالا علما ان قيمة صهريج الماء الذي يتكفل به المالك متى شئت هي مائة ريال!! فما عساه يوفر؟! واي غلاء يتحدثون عنه؟! .. في ذلك المنزل امضت الاسرة أسعد 30يوما صيفيا لم تجدها في اي مصيف آخر من قبل (لا أحب الحديث عن تجارب الذات ولا اقولها تباهيا ولكن توثيقا واداء شهادة حق وحتى لا يقول قائل، هذا ما شاف عيشه، فقد قضيت اجازات صيف في اورلاندو وباريس وماليزيا ولندن ولم اجد امتع ولا أجمل ولا ارخص ولا آمن من عسير، كان السحاب يحتضن المنزل الصغير من كل جانب حتى لا تكاد ترى من حولك، تنام على صوت زخات المطر وخرير الجداول وتصحو على نغمات حبات البرد تطرق الباب الحديدي الآمن فأي سعادة اكبر ينشدها السائح!، ما الذي يريده الهارب من حر الصيف اكثر من نسمات باردة وظواهر طبيعية فريدة وتحليق فوق السحاب وتجوال في منتزهات طبيعية بكر “بأمان تام لا غريب ولا مستغرب” وبين مواطنين قمة في الكرم وحسن التعامل..اين يجد رب الاسرة نظما واجراءات تصون حرمة العائلة وتمنحها الميزات والاولوية (العائلة في مصايفنا هي بطاقة التسهيلات الذهبية) هذه الميزة لا تشعر بأهميتها الا عندما تفتقدها في الخارج باستثناء من لا يهمهم تقديم التنازلات من بند العادات والتقاليد والأخلاق والقيم..)) انتهى. والمقال موجود في مدونتي هذه بنفس العنوان.

بعد نشر المقال بيوم واحد قام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ( أمير عسير آنذاك ) بإعادة نشر صورة المقال صفحة كاملة ملونة في صحيفة (الوطن) و ذيلها بعبارة كريمة ( شكرا لمن صدق ) و كانت ( حسب علمي) أول و آخر مرة تنشر فيها صحيفة منافسة مقال صحيفة أخرى صفحة كاملة بترويسة الصحيفة المنافسة و تفاصيلها.

بادرت بشراء ثلاثة أعداد من (الوطن) و احتفظت بها في مكتبتي لسنوات، حتى إذا اجتهدت إحدى بناتي أثناء سفري في مؤتمر و قامت بترتيب مكتبتي و ظنت أنها صحف قديمة قرأتها فتخلصت من الأعداد، ومنذ بحثت ولم أجدها و أنا أحاول لسنوات، بعلاقاتي مع الزملاء في الوطن ولم أجد نسخة من العدد، ومر ١٨ سنة حتى جمعني لقاء وزارة التعليم الشهر الماضي مع الدكتور عثمان الصيني و كنا على نفس الطاولة فكتبت له وريقة عنونتها ب (معروض طلب قطعة ورق لا قطعة أرض) طالبا مساعدته في الحصول على نسخ من العدد، فوعدني و كعادته صدق، وحصلت خلال يومين علي صورة PDF  من الصفحة ( ليت منح الأراضي بهذه السرعة ) ووعد من موظف المحاسبة في جدة بالبحث عن نسخة ورقية.