شاءوا أم أبوا فقد سجل الأستاذ الجامعي و استشاري الأنف و الأذن والحنجرة الدكتور علي بن معيض الشهري اسمه كأحد أكبر المؤثرين في لفت النظر للممارسات الطبية الخاطئة من داخل كواليس مهنة الطب في شقها التجاري الذي ابتعد عن الإنسانية أكثر من أي وقت مضى، فقد خرج بكل شجاعة ليدلي بشهادته ( ولا أقول يفضح ) لأن تجار الطب باتوا مفضوحين منذ زمن، فلم يكتم الشهادة مثل غيره، بل شهد عبر أكثر برامج التلفزيون شهرة ( ياهلا ) و يقول أن أسعار عمليات و فحوصات القطاع الصحي الخاص مبالغ فيها و أن تجاره والمنتفعين منه يطلبون تحاليل و أشعة مبالغ فيها ليقتاتوا على معاناة مريض جاء بحثا عمن يخفف معاناته، وقدر، بعد خبرة ٣٠ سنة أن نسبة من يمارسون هذا السلوك ٩٠٪.
كعادتهم، خرج الدبابير من عشهم الذي نكشه الدكتور علي بن معيض و حاولوا النيل منه و تهديده و ثنيه، لكنه كشخص مؤمن لا يخشى في الله لومة لائم، و كشخص واثق من نفسه و مبادئه لم يضعف أمام تهديداتهم، مثل ما فعل بعض من حذفوا تغريدات صادقة أو تراجعوا عن تصريح في حالة صدق، بسبب ضغوط المتضررين من الصدق، لكن د.علي لم يفعل ذلك فما كان منهم إلا استغلال المساحة المتاحة للجميع في برنامج ( ياهلا ) و طلبوا الرد عليه و لأنه برنامج مهني عرض عليه حضور المواجهة و قبل بكل شجاعة و إيمان برسالته، و دعى البرنامج أطراف محايدة و أخرى مشهود لها برجاحة العقل.
بدأ الحوار و استمر راقيا، و صريحا بأدب و كان كفيلا بأن يجعل المتلقي يحكم و يكتشف من جاء للدفاع عن قيم المهنة و إنسانيتها و حقوق المريض و من جاء للدفاع عن أسياده في العمل وعن جشع الممتهن و وحشيته و التبرير له.
لم أكن أتمنى أن أتطرق لأمر محاولات النيل من الدكتور علي و تهديده و التنمر عليه لولا أنني تابعت كثافته في (تويتر) و رسائل (الواتساب) و هو ما سبق أن مر به كل من قال الحق في هذا الصدد و تعرضت له شخصيا و لم أكترث قط ، لكن الدكتور علي غير معروف إعلاميا و قد تؤثر تلك الحملة و تشكك البعض في طبيب مخلص، فاضطررت للتنويه أن قطيع من أسماك القرش من الأطباء الفاسدين تحوم حول كل طبيب شريف ينصحهم أو يفضح ممارساتهم و تنهشه بأسنان حاده و توزع أشلاءه في ( قروبات الواتساب و تويتر ) و حقيقة لم أتوقع أبدا أن ( يُنْهَش ) الدكتور علي بن معيض بسؤال شخصي على الهواء مباشرة من ضيف خصم ليقول ( أين تضع نفسك؟، ضمن ال ٩٠٪ الهالكة، أم ال ١٠٪ الصالحة؟) وقد اعترضت على السؤال في حينه و طالبت بسحبه لأنه سؤال شخصي تشكيكي غير أخلاقي و هو لا يخرج عن التنمر الذي ذكرت، والمؤسف أن السائل يعلم أن د. علي من المشهود لهم بالتطوع و إجراء عمليات مجانية و صرح بذلك، فلماذا السؤال؟ و ما الهدف منه غير قمع الشاهد.
ولأن أصحاب النوايا الحسنة يوفقهم الله دوما فقد وفق الدكتور علي بإجابة عاقلة رزينة بدأها بقوله ( سؤال وجيه ) والمعنى في بطن الشاعر، ثم أتاح له السؤال بالتحدث (مضطرا) عن أعماله التطوعية و أسعار عملياته المتدنية.
أما و قد اتضح أن الدكتور علي بن معيض الشهري من العشرة بالمائة الصالحة، فإن نهش أسماك القرش ليست سوى لسعات بعوض و أصبح علينا أن نبحث بجدية مبادرة ابن معيض و نشكر (عضة) السؤال فقد أكدت ما قلت عن فلول القرش، و علينا الآن تشجيع من يبلغ عن الفساد بحمايته و تقريبه والتجاوب مع قلقه ومحاسبة كل من يتنمر عليه. أما السؤال الأغرب الذي لم يكف وقت البرنامج للرد عليه، فهو سؤال يتنكر للجهود الحكومية المخلصة في الرعاية الصحية فيقول السائل : ( السؤال العريض الذي يحتاج لحلقات هو لماذا لجأ المرضى للقطاع الخاص؟) عجبا من هذا التبجح فالجواب لا يحتاج لحلقات بل لحلق منصف عادل يمتن لجهود الوطن، فمستشفيات الدولة أفضل إمكانات و قدرات و أشعة و مختبرات و ممارسين صحيين ولم يلجأ المرضى للقطاع الخاص إلا لأن الفاسدين من أطباء المستشفيات الحكومية تركوا دوامهم و خرجوا نهارا جهارا للخاص فأصبحت مواعيد الحكومي تمتد لسنوات بسبب عدم التزام الأطباء الفاسدين، هذا غير إقناعهم للمرضى بمقابلتهم في عيادات الخاص طمعا و جشعا.