الكاتب: محمد سليمان الأحيدب

علمتني الوظائف.. رئيسك قد يسرقك

اليوم أختتم سلسلة مقالات علمتني الوظائف والتي بدأتها منذ شهر ووعدت أن أطرح بعض ما استفدت منه وتعلمته في الحياة الوظيفية على مدى نحو 40 سنة، علها تفيد النشء كعبر وليست دروسا، فقد قلت إنني أستشهد بعبرة ولا ألقي دروسا، وهي عبر تعلمتها من عملي في عدة جهات، فلا مجال للاعتقاد أنني أقصد جهة بعينها أو شخصا بعينه، فقد عملت مع عدة أشخاص فخرجت بعدة عجائب وعبر، وهنا أطرح العبرة الرابعة والأخيرة في تلك السلسلة:

إن من أسوأ سلبيات المبالغة في التقيد بالتسلسل الوظيفي في المؤسسة أو الشركة هو أن يعمد الرئيس المباشر لفرض قيد على موظفيه بألا يكتبوا مقترحا أو يسهموا بطرح فكرة إبداعية إلا من خلاله، وبالتالي فإن الموظف المبدع لا يستطيع إيصال مقترحه أو فكرته للإدارة العليا إلا عبر رئيسه المباشر، ولو توقف الأمر عند هذا الحد لكان أخف تأثيرا وأسهل وطأة على الإبداع والطموح والفكر الخلاق.

لكن الطامة الكبرى تقع عندما يقوم الرئيس المباشر باستلام خطاب المقترح أو الفكرة الإبداعية وبدلا من أن يضع عليه خطاب تغطية ويرسله كما هو باسم صاحب الفكرة أو المقترح، يقوم بوضعه في الدرج أو تمزيقه وكتابة خطاب جديد تحت توقيعه هو وإرسال المقترح وكأنه منه هو، أي باختصار يقوم بسرقة الفكرة أو المقترح وتجييره لنفسه.

هذا السلوك الذي يحدث كثيرا من بعض المديرين يتسبب في قتل الطموح لدى الموظف المبدع وإحباط بقية الموظفين وعدم تشجيعهم على التفكير الخلاق، ناهيك عن أنه سرقة فكرية دنيئة يعلمها كثير من الموظفين فينظرون لرئيسهم المباشر باحتقار لا يستطيعون التعبير عنه، وبدلا من أن يكون قدوة حسنة لهم يصبح وقد سن سنة إدارية سيئة قد تؤثر في قلة منهم مستقبلا فيقلدونه وتؤثر في البقية فيفقدون الثقة في المؤسسة أو الشركة بأكملها.

إن ترك المجال واسعا ومفتوحا لتواصل الموظف، مهما صغر مركزه الوظيفي، مع الإدارة العليا فيما يخص المقترحات التطويرية والأفكار الإبداعية هو السبيل لاكتشاف المواهب الإبداعية وإعطاء كل صاحب حق فكري حقه وعدم إتاحة المناخ لصعود طرف سلبي على أكتاف طرف إيجابي وبالتالي تطوير سريع للمؤسسة.

ولعشاق التقيد بالتسلسل الوظيفي فإن ثمة طرق حديثة للتخاطب تضمن الالتزام بالتسلسل مع حفظ الحقوق، مثل أن يكون الخطاب بصيغة (من الموظف فلان إلى الإدارة العليا عبر رئيسه فلان).

كم من الأفكار الإبداعية بل والإنجازات الإدارية والهندسية والطبية والنجاحات في مجالات عدة سرقت من أصحابها الحقيقيين وجيرت لغيرهم بسبب عقدة التسلسل الوظيفي، والعزاء الوحيد أن الله وحده يعلم من صاحب الفضل الحقيقي ويجازيه عنه وأن الوطن استفاد من فكرة أو إنجاز بطلها الحقيقي يقبع خلف الكواليس.

نشر بجريدة الرياض بوم الأربعاء 24 ربيع الآخر 1445هـ 8 نوفمبر 2023م

علمتني الوظائف.. نائب المدير وشلته

في الأسبوعين الماضيين بدأت سلسلة مقالات وعدت أن أستمر فيها لطرح بعض ما استفدت منه وتعلمته في الحياة الوظيفية على مدى نحو 40 سنة، علها تفيد النشء كعبر وليست دروسا، فقد قلت إنني أستشهد بعبرة ولا ألقي دروسا، وهي عبر تعلمتها من عملي في عدة جهات، فلا مجال للاعتقاد أنني أقصد جهة بعينها أو شخصا بعينه، فقد عملت مع عدة أشخاص فخرجت بعدة عجائب وعبر، وهنا أطرح العبرة الثالثة:

في زماننا كان المدير يختار شخصا ضعيفا ويوكل إليه المهام ويجهزه لتولي المهة في غيابه وإجازته ثم يرشحه نائبا له، ونحمد الله سبحانه أن هذا السلوك الوظيفي شارف على الاختفاء.

ومن أعجب ما رأيت أنه ما من مدير أناب شخصا لعلمه بضعفه (فلا يخشى منه) أو لقرابته أو لمصاهرته ليأمن جانبه ويستأمنه على أسراره ويضمن ولاءه، وقدمه على غيره من الموظفين الأكفاء المستحقين المؤهلين، إلا صار نائبه وبالاً عليه ومحاربا له رغبة في منصبه، لأن الضعيف في نفسه ضعيف في قيمه وأمانته وحتى ولائه وامتنانه (عكسه القوي الأمين) لذا فمن السهل أن ينقلب ضدك، وقد رأيتها، وربي، رأي العين، فكم من مدير قدم ضعيف قدرات وضعيف نفس وضعيف شخصية وضعيف تأهيل على غيره من المؤهلين فكان وبالاً عليه أثناء عملهما معا، أما الأكثر غرابة وعجبا فهو أنهما حين يفترقان ويتولى النائب الإدارة خلفا للمدير فإنه ينقلب إلى ضده وتنشأ بينهما عداوة وعناد و(استقعاد) يعجب منه صغار الموظفين قبل كبارهم، (لعلها عقوبة إلهية لظلم المستحقين من الأقوياء الأمينين، فإن خير من استأجرت القوي الأمين).

أما (الشللية) في الحياة الوظيفية فقد رأينا منها العجب، فقد كان المدير يحيط نفسه بشلة من الأقارب والأصهار وأهل القرية ومن ينتفع منهم في تجارة أسهم أو عقار، ويجعل هذه الشلة ذات سيطرة ونفوذ وهيبة ومن المقربين، يمشون معه إذا مشى ويقفون إذا وقف ولهم حظوة في المميزات والترقيات والانتدابات.

ومن عجائب وبال سوء العمل وخبث النيات، أنه ما من مدير فعل ما ذكرت إلا سقط وفشل بفعل شلته وأخطائهم وإهمالهم فيغلقون أبوابهم عن المراجعين وينشغلون بأسهمهم وتجارتهم ومصالحهم ويركنون لعلاقتهم بالمدير، ويقصرون في علاقتهم بربهم بإهمال مصالح الناس ومصلحة الوطن فتفشل المؤسسة ويفشل المدير ويكونون أول من يتخلى عنه.

العبرة هي: أخلص في عملك بما يرضي ربك وينفع وطنك وأهله ولا تُنِبْ ضعيفا لضعفه ولا تقربْ شلة لمصالح شخصية واستأجر القوي الأمين وكن قبل ذلك أمينا.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 10 ربيع الآخر 1445هـ 25 أكتوبر 2023م

علمتني الوظائف.. وباء الغيرة المهنية

في الأسبوع الماضي بدأت سلسلة مقالات وعدت أن أستمر فيها لطرح بعض ما استفدته وتعلمته في الحياة الوظيفية على مدى حوالي 40 سنة، علها تفيد النشء كعبر وليست دروسا، فقد قلت إنني أستشهد بعبرة ولا ألقي دروسا، ونوهت أنه قد يكون من حسن حظي أنني عملت في عدة جهات، أو من سوئه، الله أعلم، ولكن المؤكد أنه (أي عملي في عدة جهات) يبعد هواة التأويلات ويحيرهم فلا يمكنهم من توظيف ما أسرده من عبر للاعتبار فيجعلونه إيماء لشخص بعينه، فقد عملت مع عدة أشخاص فخرجت بعدة عجائب وعبر.. وهنا أطرح العبرة الثانية:

في حياتك العملية ستواجه أمرا لم تكن لتتوقعه وهو الغيرة المهنية، ويتمثل في حسد شخص أو عدة أشخاص يعملون في نفس المجال أو التخصص لزميل أو عدة زملاء نجحوا في مهنتهم وقد يصل الحسد حد المحاربة ومحاولة إعاقة النجاح أو تشويهه أو التقليل منه ما أمكن ذلك.

والغيرة المهنية لا تعرف حدودا ولا تعترف بمستويات أو درجة علمية أو مستوى ثقافي، بل حتى أنها (أحيانا) لا تخضع لمستوى الوعي بل تخضعه وتسيطر عليه، وهذه ليست نظرة تشاؤمية، بل تجربة وخبرة، فعليك أن تحسب لها ألف حساب وتتوقعها وتستعد لها وأنت تكافح من أجل النجاح.

لقد رأيتها في أساتذة جامعات وفي أطباء وصيادلة وإداريين كبار ومهندسين وعلماء وباحثين، وقد تصل حدا يضر بالصالح العام ويضحي به، ولذا فإن نصيحتي دوما ألا يجعل الإنجاز الوطني عرضة لأخطار الغيرة المهنية وذلك بأن نبعد النجاح المهني عن تأثير الزميل الإداري، ولذا اقترحت كثيرا أن يتولى الإدارة للمنشأة الصحية إداري متخصص في الإدارة لعدة أسباب أهمها التخصص ووضع المتخصص المناسب في مجال علمه وما تعلم وعدم إيكال الإدارة لطبيب أو صيدلاني فهو لم يتعلمها مطلقا (وهذا سبب رئيس) لكنه ليس الوحيد فقد يخضع الإدارة لمصلحته المهنية ويسلب إنجاز زملائه وقد يسخرها لأهواء الغيرة المهنية فيعيق إنجاز غيره، وليس أقل الأسباب هو تحاشي تأثير الغيرة المهنية على النجاح المهني بسبب النفوذ الإداري، وأحمد الله أن ما اقترحته يطبق حاليا في وطني وبنجاح تام في عهد زاهر.

كتبت ذات مقال (بل عدة مقالات) في هذه الجريدة الغراء منذ عدة سنوات أقول إن الوطن يتسع لأكثر من إنجاز طبي في وقت واحد ومؤسسة واحدة وذلك لما رأيت فيما مضى في ذلك الوقت من تأثر إنجاز جدا بمنافسة إنجاز آخر، لا لشيء إلا لغيرة مهنية، والله أعلم وأحكم.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 3 ربيع الآخر 1445هـ 18 أكتوبر 2023م

علمتني الوظائف.. كذبة المنصب لا يُطلب

قد يكون من حسن حظي أنني عملت في عدة جهات، أو من سوئه، الله أعلم، ولكن المؤكد أنه (أي عملي في عدة جهات) يبعد هواة التأويلات ويحيرهم فلا يمكنهم من توظيف ما أسرده من عبر للاعتبار فيجعلونه إيماء لشخص بعينه، فقد عملت مع عدة أشخاص فخرجت بعدة عجائب وعبر.

عملت معيدا في جامعة الملك سعود ثم محاضرا فيها وعملت في مجمع الملك سعود الطبي عملا جزئيا منتدبا من الجامعة وعملت محققا صحفيا هاويا في عدة صحف وعملت في الشؤون الصحية بالحرس الوطني صيدلانيا ثم مديرا عاما تنفيذيا للمركز الوطني لإنتاج الأمصال لسموم الثعابين والعقارب الذي أسسته فأسسني ومنحته علمي الذي تعلمته في الماجستير وعلمني أن سموم بعض البشر أخطر من سموم الثعابين كثيرا ولدغاتهم من تحت الطاولة أخبث من لدغة العقرب من تحت الطين، ونجحت في انتاج أمصال فعالة لسموم الثعابين والعقارب وفشلت فشلا ذريعا في سبر غور سموم البشر وكيف تتجنبها.

يقولون إن الثعبان يتسلل بخفية وخداع ويسميه الفرنجة (سنكي) أو متسلل بخفية ووجدت في بعض البشر من هم (أسنك) وأخبث تسللا.

دعك من المقدمات ودعوني أشارككم بعض ما اكتشفته من طباع لعل النشء والشباب يستفيدون منها في فهم ما سيواجهون في حياتهم العملية، وسوف أطرحها في سلسلة أسبوعية تحت المقدمة أعلاه إذا سمحت لي هذه الصحيفة الغراء التي هي من أقوى محطات حياتي المهنية إعلاميا:

العبرة الأولى: (ولا أقول الدرس الأول فأنا هنا أسرد عبرا مستفادة ولا أحاضر أو أعطي دروسا):

في حياتك الوظيفية أعمل بما يرضي الله ويخدم وطنك ويحلل راتبك وأخلص للوظيفة وستنجح وتبرز وتفرض نفسك على الجميع بما فيهم مديرك، لكن لا تستبعد أن تحسد أو تحارب من بعض زملائك أو حتى مديرك، إن كنت منافسا، وهذه العبرة معروفة ولا جديد فيها يستحق التكرار، حتى لو وجدت في بعض الإدارات أنك تعمل وتنتج والتقدير يذهب لغيرك فأمر التقدير تحكمه عدة اعتبارات أهمها عدالة المدير وانصافه بين الموظفين بعضهم مع بعض وإنصافهم جميعا مقابل نفسه، فالغالب أن الموظف يعمل ويبدع ويخطف المدير ابداعه ويحصل على التقدير (أرجو أن نكون بدأنا في تغيير هذا المفهوم ضمن كثير من التطوير المطرد) وعموما لا عليك فأنت حققت بإبداعك شيئا للوطن وهذا الأهم.

أما العبرة العجيبة الجديدة التي مررت بها كشاهد فهي فلسفة المدير بأشياء ومبادئ من اختراعه، لا أساس لها في علم وعالم الإدارة ولا السلوك الوظيفي السوي المجرب، والأعجب عندما يكرر المدير مثل هذه المبادئ المخترعة ولا يطبقها.

فرضت علي إحدى التكاليف الوظيفية المؤقتة أن أتواجد كثيرا في مكتب أحد المديرين ولاحظت أنه كلما طلب منه موظف مبدع مخلص ترقية أو منصبا شاغرا، ردد عبارة (المنصب يمنح ولا يطلب) وهذا وربي مبدأ من اختراعه، ليس له أساس إداري.

تكرر هذا الموقف، وتلك العبارة، مع أكثر من موظف مستحق، وذات يوم قالها في حضوري (المنصب يمنح ولا يطلب) فضحكت واعترف أن ابتسامتي كانت صفراء ساخرة فسألني: (صح يا محمد؟ المنصب يمنح ولا يطلب؟) قلت: (لا وربي مهوب صح.. سيدنا يوسف عليه السلام قال للملك “اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم” فجعله عليها) ولعل إجابتي لم تعجبه، لكن الأعجب أن ذلك المدير كان أكثر من طلب منصبا من قبل ومن بعد.

فلا تصدم ولا تحزن أخي الموظف سترى عجبا من بعض الموظفين، فقط اعمل بإخلاص وعينك على رد جميل هذا الوطن الجميل، فهم البعض والوطن الكل.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 26 ربيع الأول 1445هـ 11 أكتوبر 2023م

حذار أن يصيبنا ما اصابهم

قد تلاحظون معي أن فحش القول بالسب والشتم واللعن قد بلغ حدا ومستوى طاغيا سائدا متكررا في حديث كثير من الأمريكيين و بعض الأوربيين، حتى أنه أصبح ضمن قاموس اللهجة المعتاد الدارج لديهم، خاصة اقذر هذه الالفاظ وهي الكلمة التي تبدأ بحرف الفاء (F ) وتنتهي بحرف الكاف (K) وطبيعي أن اترفع عن ذكرها، أعزكم الله، وقد اصبحت لديهم دارجة معتادة ويعتبرونها عادية، حتى انهم يرددونها قبل كل اسم او صفة او وصف أو اداة، وليس شرطا أن تسبق عبارة غضب أو احتقان بل درجت عليها السنتهم فأصبحت تسبق كل كلمة ينطقونها حتى في الأحوال الطبيعية، فلو تحدث عن سيارته قال:  (my F…car) ولو أراد قهوة قال (give me the F…. coffee) حتى أنها قد ترد في الخطب والكلمات الرسمية والحوارات الإعلامية وعلى لسان رؤساء وكبار مسؤولين لديهم وأصبح ورودها عادة.

في ظني وحسب متابعتي لهذا السلوك اللفظي باهتمام، فإن البداية كانت من افلام هوليود حيث بدأت عبارات الشتم تخرج من افواه الممثلين في نهاية الثمانينات الميلادية ثم ما لبثوا يرددونها حتى اصبحت هي الأساس.

الكلمة الثانية لا تقل قذارة او تزيد هي تلك التي تبدأ بحرف الاس والاتش (SH) ويستخدمونها كثيرا في حال الغضب او الانبهار والمفاجئة، وهي بالمناسبة تشبه في نطقها كلمة ( صفحة )  مع تغيير طفيف في طريقة النطق بالمد في الأخيرة والتسكين في الكلمة القذرة، لذا فإن بعض المعلقين على مباريات كرة القدم العرب ولدينا تحديدا وبعض مذيعي البرامج الرياضية عندنا خاصة ضعفاء التعليم وناقصي التأهيل عندما يريدون القول بأن هذا الحارس خرج بشباك نظيفة او صفحة نظيفة ينطقونها بطريقة جد خاطئة باللغة الانجليزية الركيكة فيقعون في المحظور !!. لذا فقد كان عليهم أن ينطقونها بلغتنا العربية الجميلة الغنية بالمفردات فبدل أن يقول باللغة الانجليزية ( كلين … ) يقول : هذا الحارس خرج من المباراة بصفحة بيضاء أو بصفحة نظيفة أو بشباك خالية من الأهداف فلغتنا العربية ثرية  غنية بالخيارات.

الأهم في هذا التنويه والتنبيه هو أن نحذر من أن نتهاون في أمر ترديد ابناءنا وبناتنا لبعض عبارات السب والشتم واللعن ، و أن نقف جميعا ضد هذا السلوك المشين حتى لا يصيبنا ما اصابهم من حالة استمراء اللعن والسباب وفحش القول، خصوصا و أن الملاحظ ورود بعض عبارات اللعن والطرد من رحمة الله خاصة اثناء متابعة المباريات مما يهدد بشيوع تكرارها، كما أن بعض مشاهير و مشهورات الفلس بدأوا في ايراد مثل هذه العبارات في لغوهم و كلامهم في حساباتهم سواء في (سناب) او ( X ) (تويتر سابقا) أو (تيك توك) وغيرها من وسائل التواصل التي ينتشر فيها سوء القول و سيئ العمل انتشار النار في الهشيم.

غني عن القول أن من الضروري أن تبادر القنوات الفضائية ودور عرض الأفلام لدينا بإخفاء تلك الألفاظ النابية عند ورودها في المشهد احتراما للمشاهد و منعا لانتشارها بين النشء وشيوعها كما شاعت لديهم.

إن ديننا و قيمنا كمسلمين أنقى و أرفع و أرقى و أطهر وأحسن قولا وأقيم قيلا فلا تقبل ما يخدش الحياء ويسب ويلعن، ويكفينا هدي نبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ).

مدافع عندهم ومهاجم عند غيرهم

ذلك المدافع الصلب الشرس، الذي يصل في دفاعه حد إغراء المهاجم بما يجوز وما لا يجوز ويغضب مع كل هجمة ويحاول بما أوتي من قوة وصلابة رد الهجوم بالأمس، هو قبل الأمس وربما غدا مهاجم أشرس، يهاجم من كل جهة ويشتاط غضبا على من يدافع فيهاجم ذات اليمين وذات الشمال ومن الأمام ومن الخلف ومن فوق وإن استطاع من تحت.

هذه حالهم، عرفتها منذ بدأت الكتابة النقدية منذ أكثر من أربعين سنة، لذا أسميتهم كما سماهم بعض كتاب دول سبقتنا (الفم الكبير) وعرفتهم أكثر عندما شاركت مع 34 زميلا غيري من خيرة الكتاب والناشطين والمهتمين بالمستهلك في تأسيس أول جمعية لحماية المستهلك في المملكة منذ حوالي ثلاثين سنة.

إنهم موظفو العلاقات العامة أو الشؤون الإعلامية في الشركات الخدمية ووكلاء شركات السيارات والأجهزة والمعدات والمتاجر ومصانع الغذاء والدواء وبعض المؤسسات والجهات الحكومية، وهؤلاء الموظفون يستميتون في الدفاع عن الشركات والمؤسسات والجهات التي يعملون بها عند طرح أي موضوع يهديهم لعيب في خدماتهم أو يبين لهم قصورا في أدائهم لواجباتهم نحو المستهلك.

للأسف لدى كثيرين من القائمين على قسم العلاقات العامة والشؤون الإعلامية وبعض رؤسائهم مفهوم خاطئ عن مهام هذا القسم، فهم يرون أن مهمته الدفاع المستميت عند ورود شكوى لدرجة النفي، بينما المفروض أن من مهامه التقصي عما يرد من شكوى أو ينشر من نقد وتحويل النتائج للرئيس التنفيذي وهو بدوره يكلف من يحقق في القصور أو التقصير – إن ثبت – ويعترف به ويمنح التعويض أو الاعتذار للمشتكي والشكر للناقد ثم يبادر بعلاج أسباب القصور.

ومن الصور الأكثر سوءاً لدى بعض الجهات قيامهم بمنح تسهيلات للكاتب أو الناقد وحل مشاكله هو وترك المشكلة الأساسية قائمة يعاني منها الجميع، بل يصل بهم الأمر إلى منح مميزات للكاتب لكسب رضاه وإسكاته، وهذه أقبح صور الرشوة، فإن رضي وسكت فهو أقبح منها، فالكاتب الأمين النزيه حتى لو واجه مشكلة في خدمة فإنه لا يقبل بحلها له هو فقط بل يطالب بحل يصحح الخطأ الذي سيواجهه غيره ولا يقبل أي مميزات.

ونصيحة مخلصة لكل موظف يدافع عن أخطاء وقصور الجهة التي يعمل بها فأقول له: أنت تغضب وتدافع عن هذه الجهة ضد شكوى مستهلك لأنك موظف فيها، لكن تذكر أنك مستهلك لدى جهة أخرى، وسوف تشتكي يوما ما وتلح في المطالبة بحقك وهذه سنة الحياة، فلا تجور في الخصومة ضد مشتكي فيجار عليك، ثم تذكر أنك وأنت تعمل في الجهة المقصرة مطالب بالمساهمة في إصلاحها، وليس المساهمة في تماديها في ظلم المستهلك وتذكر أن “شر الناس من رضي ظلم الناس للناس”.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 21 صفر 1445هـ 6 سبتمبر 2023م

زوجة وطفل وليل وأمن الطرق

لا جدال في أن أمن سكان شبه الجزيرة العربية لم يستتب ويصبح المواطن والمقيم آمنا على عرضه وحياته وماله إلا بعد أن أنعم الله على هذه البلاد بالملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -تغمده الله بواسع رحمته- الذي أسسها على تطبيق شرع الله وجعل دستورها القرآن الكريم وضرب بيد قوية من حديد على كل من تسول له نفسه الاعتداء على عرض أو نفس أو مال أو ارتكاب أي عمل يخالف كتاب الله وسنة نبيه.

وقبل تأسيس المملكة على يد المؤسس -رحمه الله- كان أجدادنا والمتأخر من آبائنا يروون لنا قصصا مخيفة عن الخوف على العرض والنفس والمال في حلهم وترحالهم وتنقلهم، فلله الحمد قبل وبعد.

وغني عن القول إن تطبيق شرع الله في المجرمين يردع من تسول له نفسه الإجرام، لكنه لا يعني اختفاء الجرائم ولا يحول تماما دون الرضوخ لهوى النفس ووساوس الشيطان بارتكاب الجريمة ولا يضمن السلامة دوما، خصوصا لمن يجعل نفسه في موقف ضعيف يستهوي ضعيف النفس!، لذا فإن الحذر واجب والوقاية مطلوبة ولذلك فإن الجهات الأمنية تكثف التوعية بالحذر من كل خطر، ورجال الأمن البواسل هم أحرص من بعض المتهاونين من المواطنين والمقيمين على أمن المواطن والمقيم، وهذه وربي نعمة أخرى عظيمة ننعم بها في هذا الوطن، ونتميز بها عن كثير غيرنا من دول تدعي أنها سبقتنا تقدما تقنيا، وقد أثبت وطننا أنه تخطاها بمراحل في مجالات شتى، خاصة في هذا العهد الذي رسخ مبدأ الحزم والعزم والعقاب والثواب فأصبح كلٌ يقوم بمهامه بحرص وإخلاص وحذر من التقصير، وقد استشهدت في مقال سابق وعديد من التغريدات بموقف دولتنا -أعزها الله- مع المواطن والمقيم والمخالف في أزمة كورونا.

هنا سوف استشهد بموقف لمواطن أعرفه جيدا وتثبت من تفاصيل روايته، ولم أكن قط مداحا (إلا في حق وبعد تثبت) ولا متزلفا أو مداهنا أو مجاملا، لكن انتقد السلبي لإصلاحه وامتن للإيجابي وصلاحه.

يقول المواطن: قررت وزوجتي وطفلي السفر لقطر بالسيارة لأربعة أيام (هي إجازتي المتاحة) هربا من ضغط العمل في شركة لا تكف عن تكاليف العمل حتى في الإجازة ما دمت داخل المملكة، ولأن أرض الأسفلت حارة جدا (وخوفا من تكليف صباحي مفاجئ) سافرت في ساعة متأخرة من الليل.

وعند منتصف الليل وقبل الوصول لمنفذ سلوى بنحو ساعة (80 كيلومتر) انفجر إطار السيارة في منطقة شبه مقطوعة وأصاب زوجتي وطفلي الفزع من الظلام والسكون وأسقط في يدي، ولعلمي أنه لا يوجد لدي إطار احتياطي، قلقت، ومن لا يخاف لا يسلم، ففكرت في الاتصال بأحد تطبيقات المساعدة، لكن زوجتي أخبرتني أن أحدا لن يحضر لنا في هذه الساعة المتأخرة وفي هذه المنطقة المعزولة إلا رجال سلمان بن عبدالعزيز وأن علي أن اتصل بأمن الطرق، ففي ذلك لنا (بعد الدعاء والأذكار) أمن وأمان واطمئنان وحل بحول الله.

يقول: اتصلت بأمن الطرق، وما أن علموا بأننا عائلة وأن ليس لدينا إطار احتياطي كان توجيههم بأن أبقى في السيارة وأن فرقة منهم ستحضر عاجلا وأنهم سيتواصلون مع (سطحة) للحضور ونقلنا لأقرب محطة تستبدل الإطار، ليس هذا وحسب، بل إنهم وزيادة في لطفهم وحسن تعاملهم خيروني بين الاستمرار في الطريق باتجاه منفذ سلوى أو العودة للأحساء، وبقوا معي على اتصال مستمر يطمئنون، وعندما سمع المتصل صوت الطفل سألني إن كان الطفل يحتاج لما يشرب أو يأكل ولم تمض بضع دقائق إلا والدورية تصل لنا، ثم يصلنا اتصال من أمن الطرق يشعرنا بأن صاحب (السطحة) طلب 400 ريال فهل السعر مناسب أم لا؟! وهذا وربي قمة التلطف وحسن التعامل الذي لا يمكن أن يحلم به مواطن في أي بقعة من هذا العالم، يقول: شعرت بغصة في حلقي، ليس سببها الحزن بل الفخر والسعادة والامتنان والخجل وأنا أقول نعم السعر مناسب.

يقول بقيت الدورية معنا تؤنسنا وأفادني قائدها أن تعليمات عمليات أمن الطرق أن تنطلق لكم دورية من مركز سلوى أو من الأحساء أيهما تصل أسرع (يا له من اهتمام يعكس قيمة مواطن السعودية العظمى والمقيم فيها) وبقي معنا يطمئننا أكثر من ساعة حتى وصلت (السطحة) وضمن نقلنا بطريقة صحيحة.

قلت: إن السؤال الأهم الجوهري، سؤال التريليون الذي يساوي وزن (السطحة) ومن تحمل ذهبا، هو ليس كم سعر (السطحة) بل كم قيمة المواطن السعودي لدى قيادته؟! إنه غالٍ جدا فلا يقدر بثمن.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 14 صفر 1445هـ 30 أغسطس 2023م

تأمين السيارات.. حتى أنت يا نجم!

لا بد من القول إننا خطونا خطوة واسعة ومتقنة في شأن التأمين عموما وتأمين السيارات على وجه الخصوص، ومن ينكر ذلك ظالم لنا ولنفسه، فكيف كنا نمكث في انتظار إنهاء تقرير المسؤولية عن حادث وتقدير تكلفة الإصلاح ثم انتظار التعويض مع إيقاف المخطئ ريثما يدبر المبلغ، وكيف أصبحنا الآن حيث لا يستغرق إنهاء إجراءات الحادث دقائق معدودة؟ (لا يدرك الفرق إلا من عاش الوضع السابق ويعيش الوضع الحالي).

هذا لا يمنع من القول إن طموحنا الذي يعانق عنان السماء يجعلنا نطمح للأفضل والإشارة إلى بعض بواطن القصور التي سببها كالعادة الشركات والتجار عموما، فهم دائما لهم ممارسات تضيق الواسع وتنكد الفرح بالإنجاز.

بعض شركات التأمين على السيارات حاليا تغري المشترك بما تسميه خصم الولاء ولا تفي به فعند عرض السعر فإنه لا يقل بل قد يزيد كثيرا عن عرض نفس الشركة في مواقع وتطبيقات التنافس بالتسعيرات، مما يدل أن خصم الولاء مجرد وعد وإغراء وتدليس لا يتم الوفاء به، رغم ارتفاع أسعار التأمين بشكل جنوني.

أيضا بعض شركات التأمين على السيارات تطلب منك تجديد التأمين لديها للحصول على خصم عدم وجود مطالبات، أي خصم نجاحك لمدة عام كامل دون ارتكاب حادث ودون أن تكلفها تعويضات، لكن تلك الشركات لا تمنح سعرا يقل عن عرضها في مواقع وتطبيقات تنافس الأسعار، أي أن تجديد التأمين لا يختلف إطلاقا عن التأمين الجديد لنفس المركبة، وفي ذلك خداع للمشترك وإغراء غير مشروع.

ذلك التدليس وهذا الإغراء المخادع يجب أن تقف ضده الجهات المعنية بحزم وعلى جمعية حماية المستهلك أن تقوم بدورها في هذا الخصوص.

أما الأمر الأكثر غرابة فهو ما يحدث في تطبيق (نجم) حيث ثمة ميزة رائعة وهي إمكانية الحصول على خصم مستحق لخدمة أحقية يتراوح بين 30 ٪ إلى 40 ٪ وهذه الخدمة تمكنك من معرفة استحقاق نسبة الخصم على وثيقة تأمين السيارة، لكن المؤسف أن تطبيق (نجم) ما إن تختار أيقونة البحث عن أحقية الخصم تخرج لك علامة 0 % وتحتها عبارة (يوجد فترة انقطاع عن التأمين تزيد على 180 يوما) رغم عدم وجود أي دقيقة انقطاع عن التأمين وقد أثبتت حدوث ذلك مع أكثر من ست مركبات جميعها لم تنقطع.

وإحقاقا للحق فإن التطبيق يتيح إمكانية رفع شكوى على هذا الأمر وأنه سيتم النظر في الشكوى خلال 48 ساعة، لكن الشكوى لا يرد عليها لأكثر من خمسة أيام وبذلك فإنه إذا انتظر المشترك فقد تحدث فترة انقطاع فعلا.

السؤال الذي يطرح نفسه لـ(نجم) وهو طرف محايد هو: لماذا يتم إحباط مالك المركبة بعلامة الصفر ابتداء رغم توفر المعلومات عن عدم وجود انقطاع؟، ثم لماذا يتأخر الرد لهذه المدة؟ ولماذا لا تكون خاصية هذا الخصم وغيره من الخصومات المستحقة مربوطة آليا مع مواقع وتطبيقات المنافسة ومواقع شركات التأمين لتحصل عليها المركبة آليا وبدون إحباط ولا مطالبات؟.

إن خصومات عدم ارتكاب حوادث وعدم الانقطاع عن التأمين هي من أهم الحوافز على التقيد بأنظمة المرور وعدم السرعة وعدم التهور وعنصر مشجع جدا على الانضباط، ومن مصلحة الوطن أجمع والمجتمع والدوائر وخاصة المرور والمستشفيات و(نجم) وشركات التأمين وكثير من الأطراف ذات التأثر بالحوادث أن يتم تفعيله بسهولة وردع من يتردد في دعمه.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 7 صفر 1445هـ 23 أغسطس 2023م

فصيلة دم يا وزارة الصحة

أولا أرجو ألا يعتقد أحد أننا نتحدث هنا عن قصور في إمكانات تقنية أو أجهزة، فوطننا بلغ في مجال تسخير التقنية والتجهيز والإمكانات الفنية في جميع المجالات، ومنها الصحية، مبلغا عظيما تفوق على دول متقدمة كانت قد سبقتنا فتخطيناها بمراحل ولعل تعاطينا المتميز مع أزمة كورونا خير شاهد ودليل.

وفحص فصيلة الدم عمل مخبري سهل جدا وبدائي، كنا نجريه لبعضنا البعض ونحن طلاب المراحل الأولى في كلية الصيدلة، فهو لا يحتاج لأجهزة وكل ما يحتاجه هو ثلاث شرائح زجاجية عادية صغيرة وثلاث نقط دم من المفحوص فصيلته وثلاثة أنواع من الكواشف يوضع نوع منها على كل نقطة دم وبناء على حدوث ترسيب مع أحد الكواشف نحدد الفصيلة.

نحن هنا نتحدث عن ضعف في التنسيق الإداري قد يؤدي إلى إرهاق المراجع وتتحطم عليه جهود بذلت منذ عام 2017م للتسهيل على المريض وأقاربه عندما تم التطبيق الفعلي للخدمات الإلكترونية بالتطبيق العملي الحقيقي لخدمات الرقم 937، حيث بلغ ذروته أثناء أزمة كورونا مع بداية منع التجول في أبريل 2020م من حيث عدد الاتصالات وإنجاز الخدمات عن بعد، ثم القفزة النوعية بتسخير تقنيات الأتمتة المتقدمة جدا وعلى رأسها تطبيقات (توكلنا) و(صحتي).

ولعلي ألخص تنبيهي بالقول إن أحد متطلبات إصدار البطاقة الجامعية في الجامعات هو إصدار شهادة بنوع فصيلة الدم، وهذا أمر رائع ومهم، وقد طلبت جامعة نورة هذه الوثيقة من ابنتي فبادرت بالاتصال بالرقم 937 للسؤال عن كيفية الحصول على شهادة بفصيلة الدم فتم إبلاغها بالحصول عليها من أقرب مركز صحي بعد حجز موعد للفحص، وتم حجز موعد بعد أسبوع في مركز صحي حي النزهة بالرياض وعندما توجهنا للمركز في الموعد المحدد أفادوني بأنه لا يوجد مختبر في المركز!، ولذا فليس لديهم فحص فصيلة الدم!، وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا يتم تحويل المراجع لمركز لا يجري الفحص؟ ففي ذلك القصور الإداري إرهاق للمراجع وأحد أسباب ازدحام الطرق وتضييع لوقت المركز الصحي، وبالسؤال عن سبب الإحالة من 937 لهذا المركز طالما لا يتوفر فيه الفحص أفادونا بأن الرقم إدارة مختلفة وتحيل دون علم بما يتوفر لدى المراكز.

طلبت إحالتنا لمركز آخر لديه الفحص فأفادوا بأن مركز صحي الازدهار هو الأقرب ولديه مختبر لكنه لا يجري فحص فصيلة الدم، فطلبت إحالتنا إليه عله يحيلنا إلى مستشفى حكومي يجري فحص الفصيلة، خصوصا وأن الأمر (قد) يتطلب ربط النتيجة إلكترونيا بنظام أبشر وإلا لكنت أجريت الفحص في أي مستوصف أهلي، لكن أكثر من مستوصف تجاري أفاد بعدم القدرة على الربط بالنظام الآلي.

ومن الإفادات غير الدقيقة التي أفادنا بها مركز صحي النزهة أن جميع شهادات الميلاد لمواليد عام 2005م وما بعده توجد بها فصيلة الدم ولا حاجة للفحص، وهذا غير صحيح فلا يوجد ذكر لفصيلة الدم في شهادة الميلاد رغم أنها بعد 2005م.

وعند طلب التحويل إلى مركز صحي الازدهار بدأ مركز النزهة في إجراءات التعامل مع المراجعة كمريض بتسجيل المعلومات من جديد وفحص الوظائف الحيوية لدى طاقم التمريض ثم الإحالة إلى طبيبة المركز التي طلبت بدورها تعبئة بيانات نموذج رقم واحد المفصلة ثم الإحالة لطلب موعد سيصل برسالة جوال خلال أيام واستغرقت هذه الإجراءات وقتا وجهدا على المركز والمراجع والطرق والإشارات والتقاطعات (اللي ما هي ناقصة زحمة في الرياض) كان يمكن تلافيها لو أحسن المنسق الإداري التعامل وتم تحويل المراجع إلى حيث يستطيع الحصول على الشهادة المطلوبة منذ البداية.

ثم إن فصيلة الدم متطلب مهم ومفصلي منقذ للحياة يحتاجه المرور في رخص القيادة وسيارة الإسعاف وغرف الطوارئ في حالات الطوارئ وفرق استقبال التبرع بالدم والكليات لغرض التسجيل وربما جهات أخرى فلماذا لا يسهل الحصول عليه رغم سهولة عمله؟!

نشر في صحيفة الرياض يوم  الأربعاء 29 محرم 1445هـ 16 أغسطس 2023م

المرأة العربية.. لماذا نفخ الشفاه؟!

يجب أن نعترف أننا في البلاد العربية لم نعطِ اهتماما يذكر للأبحاث والدراسات الاجتماعية، رغم أن لدينا مراكز أبحاث وعلماء اجتماع، ولدينا ظواهر اجتماعية تستحق البحث والدراسة، ومن تلك الظواهر ما هو غريب ومستغرب يستحق التوقف عنده كثيرا، خاصة كل ما له علاقة بالثقة بالنفس والتقليد الأعمى.

يجب أن نعترف أيضا أننا، مثل كل البشر، نعجب بالجمال وننظر إليه، حتى لو ادعى بعضنا غض البصر وعدم النظر، فإن لنا النظرة الأولى التي قد تطول، وأغلبنا نعشق الجمال مثلما نمقت القبح، بل إن من العرب القدامى من مات عاشقا وجن جنونه وهام محبا، هذه صراحة وحقيقة يجب أن نعترف بها ونتناولها بشفافية وإلا فإننا نغالط أنفسنا.

ومما يلفت انتباهنا التغيرات والتغييرات التي تحدثها المرأة في نفسها، خاصة إذا كان تغيير مكلف إلى الأسوأ أو الأقبح، وعندما يكون السلوك مكلفا ماليا ومشوها جماليا فهو أمر يدعو للدراسة والبحث، علنا نجد سبيلا للتوجيه والتوعية بالسلوك الصحيح ليضاد حملة الترغيب التي تمارسها المراكز المستفيدة من الترويج للتغيير في الملامح والشكل إلى ملامح جديدة لا تضيف جمالا، بل تؤدي إلى تشوه اشتكت منه كثير من النسوة ورفعت بسببه قضايا تشويه بل ومضاعفات طبية خطيرة بعضها أدى إلى بتر أعضاء، ومن عمليات (التجميل) مجازا، وهو إلى التشويه أقرب، عمليات نفخ الشفاه ونفخ بعض أجزاء من الجسم وهي عمليات أصبحت رائجة وأدت لأخطاء وكوارث طبية، خاصة مع تحولها لعمل تجاري بحت وانتشار مراكزها بشكل عشوائي تصعب مراقبته.

هنا لن أعمم كما قلت عن النظر للجمال أو العشق، وسوف أقول إنني وبعض الرجال ننظر لأخبار دول أوروبية وولايات أميركية ونرى نساءهم في الأخبار، وفي الأنشطة والحفلات والمناسبات، بل وحتى في الأفلام، ومما يلفت النظر أن غالبية نسائهم لا يجرين عمليات نفخ الشفاه ولا غيرها ويبدين أقرب لطبيعتهن دون تكلف ولا مزيد تجميل ولا تشويه، ليس لأنهن أجمل من العربيات، فجمال العربيات مشهود ومعروف، لكن ربما لأنهن أقل تأثرا بخداع المروجين وأكثر ثقة في النفس وأكثر خبرة في عناصر الجمال الحقيقي وملامحه.

النفخ والتفخ والقص والتقليص وعمليات التصغير والتكبير وتعديل الأنف وتضييق المنخرين وغير هذه العمليات التي تسمى تجاوزا بعمليات تجميل، هي شأن شخصي لا دخل لنا فيه، لكنها حينما تتحول إلى عمليات تشويه وحدوث مضاعفات تستدعي تدخلا طبيا مكلفا، تستوجب أن ندرس أبعادها وقبل ذلك مسببات رواجها، ومن أهم الأسئلة التي يجب طرحها (في ظني) هو: ما هي الدوافع النفسية التي تجعل المرأة العربية تلجأ لهذه العمليات؟! وهل للثقة في النفس دور في إجراء مثل هذه التعديلات دون حاجة حقيقية؟! وهل علينا أن نكثف الحملات المضادة وأن نركز مستقبلا على غرس بذور الثقة في النفس وتقوية جذورها في المنزل والمدرسة ووسائل الإعلام؟!.

كل ما عليك هو أن تركز في النظرة الأولى على شفاه الكاشفات من العربيات وتقارنها بشفاه الغربيات ولا تطيل النظرة الأولى وإن أطلت لغرض البحث والتأكد فعسى أن لا يكون عليك حرج، وستجد أن انتفاخ الشفاه وامتلاءها ينم عن شخصية فارغة من الثقة.

نشر في صحيفة الرياض يوم  السبت 25 محرم 1445هـ 12 أغسطس 2023م