اليوم: جوان 15, 2023

أطباء (تويتر) ماذا أصابهم؟ انصحوهم

صحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة (تويتر) و(السناب) و(الواتساب) و(تيك توك) فضحت الكثير من العقليات وأخرجتها على حقيقتها وأخرجت لنا العجب العجاب من الغثاء من مشاهير فلس ومهايطية ومبذرين وسبابين وشتامين وجميعهم، وإن اشتهروا، لا يشكلون نسبة تذكر من مجتمعنا وإن كثر متابعوهم فإن الأمر طبيعي، فالناس بطبيعتها تلاحق ذوي التصرفات الغريبة والطباع العجيبة بدليل أنهم كانوا يلاحقون المجنون ذا التصرفات الغريبة في الشوارع بينما يسير الشخص العاقل الطبيعي وحيدا.

لكننا لم نتوقع قط أن تصل حال بعض المهنيين المتعلمين كالأطباء (مثلا) إلى ما وصلت إليه بعد أن فتحت لهم نوافذ الإعلام الحديث على مصراعيها ليصبح لكل منهم نافذته التي يطل منها بحرية لا رقيب عليه إلا ذاته، بعد أن كان لا يطل على الناس إلا عبر صحيفة سيارة أو شاشة فضية أو أثير إذاعة وجميعها لديها فلاتر ومناخل تميز الغث من السمين، أو على الأقل تحد من الترويج للذات والنرجسية إلى الترويج للمعلومة، وفي بعض وسائل الإعلام التقليدي المهني الرزين يتم التأكد من صحة المعلومة من خبراء ومستشارين في كل مجال، ما أمكن ذلك، أو يأتي من يرد على المعلومة ويعلق على الخبر مصححا ومنبها للعامة، وهو ما لا يسمح به صاحب الحساب في وسائل التواصل الحديثة، حيث يلجأ لإخفاء التعليق أو حتى حظر المعارض للمعلومة الخاطئة.

ما بال طبيب قلب يفتي في أمراض المسالك البولية والعيون والجلد والأذن والأنف والحنجرة بل ويعلن سماحه بزواج مريضة ويتدخل في حياتها الشخصية ثم يدعي حرصا على حفظ سرية المريض؟! وما بال طبيبة تنصح كل حامل أن تلجأ لإبرة الظهر لتخدير الجزء السفلي مدعية أن إبرة الظهر آمنة، مع العلم أن المقولة الطبية الثابتة التي يرددها كل طبيب لمرضاه (ليس هناك إجراء آمن 100 ٪ ولكل تدخل طبي مضاعفاته) بدليل توقيع المريض على تعهد بقبوله للإجراء ومن ذلك إبرة الظهر؟! وما بال طبيب يدعي أن أمنيته أن يعالج مريضه مجانا ومرضاه يعلمون أنهم يدفعون له أضعاف ما يتقاضاه غيره ولا يرونه؟! ألا يخجل من شهود الله في أرضه؟!

صحيح أنه مر علينا في الإعلام التقليدي (قبل تويتر وأخواتها) حالات لبعض أطباء ادعوا إجراء عمليات نادرة وهي ليست نادرة وبعضهم ادعى أنه أجرى العملية المعقدة مع أن الذين قام بها فعليا شباب سعوديون غيره وعقدهم رغم نجاحهم في عمليات معقدة، ولكن ذلك زمن ولّى ونحن الآن في عهد تصحيح وإلهام وحزم وعزم، لذا أنصح بنصح المخالفين لأخلاقيات هذه المهنة النبيلة من بعض أطباء (تويتر) أو إيقاف نشاطهم في وسائل التواصل حماية للمريض ولصحة المجتمع ولقيم وأخلاقيات المهن الصحية جميعا.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 11 ذو القعدة 1444هـ 31 مايو 2023م

الأوغندي والنصر وقطاع خاص مقصر

مصادفة وفي أحد مراكز التسوق بالرياض وجدت عاملا أوغنديا يعمل في ترتيب وتسعير البضائع بالمركز التجاري، وكعادتي مع مثل هؤلاء المغتربين أسألهم عن أحوالهم وكيف وجدوا وطني الحبيب، وأحمد الله أنني ما سألت أحدا أيا كانت جنسيته إلا أبدى سعادته بما وجد في هذا البلد الطيب أهله والمبارك رزقه والأمن من يسكنه.

كان الشاب الأوغندي صغيرا لطيفا ممتنا للحديث فأطلت الحوار معه حتى أتى على ذكر كرة القدم فقال إنه يعشق فريق النصر السعودي قبل مجيء كريستيانو رونالدو وزاد حبه للنصر بعد مجيئه وأنه يتمنى الحضور في الملعب، لكنه لا يعرف كيف يشتري التذاكر ولا كيف يصل للملعب ولا كيف يحدد أي الملاعب ستلعب عليه المباراة، عندها فتحت له موقع الأول بارك وشرحت له الطريقة والطريق وفئات التذاكر لمباراة النصر في الجولة 28 وعندما أخبرته أن سعر الواجهة 70 ريالا وقد تكون مكلفة بالنسبة له، قال: أبدا مستعد لاقتطاع 70 ريالا من راتبي لأحضر للنصر.

كتبت تغريدة أتساءل فيها إن كنا نجيد التسويق لأنشطتنا عامة والرياضية خاصة فتواصل معي عدد من الإداريين في النصر هاتفيا وأبدوا أولا استعدادهم لاستضافة المشجع الأوغندي بمنحه تذكرة فئة منصة وعندما أخبرته طار فرحا وذكر على استحياء أن أحد زملائه لديه نفس الرغبة فرحب به النادي وجعلها تذكرتين منصة، وأوضح الإداري المسؤول أن نادي النصر يسوق جيدا لأنشطته باللغة الإنجليزية عبر حساباته في مواقع التواصل.

هنا أود أن أوضح أن تساؤلي لم يكن عن ناد بعينه أو نشاط بعينه بل ذهبت لأبعد من ذلك وهو: هل نحن عموما نجيد التسويق لما نبدع فيه من أنشطة بلغات من يقيمون عندنا؟ ولماذا القطاع الخاص، ممثلا في الشركات والمؤسسات والمراكز التجارية التي تستقدم مئات الآلاف من العمالة، لا يقوم بدوره في الترويج لجميع الأنشطة السياحية والرياضية والثقافية والترفيهية التي تتم في مدننا وقرانا خدمة لموظفيه أولا ثم إسهاما في تسويق أنشطة مهمة تدر دخلا على الوطن.

يجدر بالشركات والمؤسسات أن تزود موظفيها بجميع المعلومات باستمرار وعبر عدة وسائل وبأكثر من لغة، بل يفترض أن تشجع منتسبيها على الحضور وتقدم لهم عروضا ونسبة تحمل فالصحة النفسية للعامل تنعكس إيجابا على عمله وتعامله واستمراره.

إن الملاحظ (بكل أسف) أن القطاع الخاص لدينا يشارك فقط فيما يعود عليه بالكسب كمنح نقاط ولاء للعملاء أو عروض (بخيلة جدا وشحيحة) في مجالات تنافسية على الزبون.

عندما كنت أدرس في بريطانيا أو أتدرب في أميركا كنت ألمس مشاركة لجميع المتاجر ومراكز التسوق بل وشركات الأدوية والصيدليات في الترويج لجميع الأنشطة الوطنية، لأنهم يدركون أن الإقبال على تلك الأنشطة سينعكس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عليهم عبر دعمه للاقتصاد الوطني.

أتمنى أن يفرض على جميع الشركات والمؤسسات التي لديها أكثر من عشرين عاملا إنشاء إدارة علاقات وترفيه موظفين، وأن يشترط أن تتولى عناصر وطنية مخلصة أمر هذه الإدارة فترتب لأنشطة ترفيهية مجدولة وزيارات تعريفية ورحلات داخل الوطن بما في ذلك رحلات حج وعمرة ويجدر بالغرف التجارية أن تفرض ذلك وتشجع عليه.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 4 ذو القعدة 1444هـ 24 مايو 2023م

المستشفيات الخاصة تلوي رقبة الواجب الوطني

قلت في مقال سابق نشر في هذه الجريدة الغراء يوم الأربعاء 3 مايو 2023م بعنوان (لتسهم المستشفيات الخاصة في علاج الإدمان طوعا أو كرها)، وكان المقترح واضحا يؤكد على أن المستشفيات الخاصة يجب أن تسهم (مجانا) ودون مقابل في علاج الإدمان، ومساعدة من تورطوا في السقوط في وحل استعمال المخدرات على الخروج منه بطريقة علاجية معروفة عالميا، تهون عليهم أعراض الانسحاب وتكفيهم شر العودة لذلك المستنقع، ومشاركة المستشفيات الخاصة في هذه الحرب على المخدرات واجب وطني لا منة فيه، وهو رد دين للوطن على ما قدم لهذا النوع من الاستثمار على مدى عقود طويلة بل قرابة قرن من الزمان، وإضافة إلى أنه واجب وطني ورد دين للوطن فإنه أيضا تعويض للوطن عن ممارسات من هذا القطاع الصحي صبر عليها الوطن كثيرا، وسوف آتي على ذكرها لاحقا في هذا المقال.

وبالرغم من وضوح المقترح وأن الإسهام والمشاركة يجب أن تكون مجانية، إلا أن بعض الأقلام والتغريدات حاولت الالتفاف على موضوع المجانية والتحدث عن دعم المستشفيات الخاصة لفتح مراكز علاج الإدمان بمقابل مادي!! أي يريدون الدعم المعتاد من الدولة لفتح مراكز استثمار يتاجرون من خلالها في أمر علاج الإدمان، وهذا وربي ضرب من الاستغفال والاستغلال الذي تعودوا عليه ويمارسونه دون خجل لا من الوطن ولا من المواطن ولا من أنفسهم.

لقد مارست المستشفيات الأهلية صورا من استغلال صبر هذا الوطن ورحابة صدره، ومن أمثلة تلك الممارسات على سبيل المثال لا الحصر تشغيل الأطباء الحكوميين في مستشفياتهم الأهلية والخاصة أثناء الدوام الحكومي في مخالفة واضحة للأنظمة والتعليمات المتلاحقة لوقف تلك الممارسات، حتى أصدر مجلس الوزراء ضوابط ومراقبة إلكترونية صارمة تحكم عمل الطبيب الحكومي في المستشفى الخاص خارج وقت الدوام وبموافقة جهته وبعد قيامه بكامل نصاب مهامه في المستشفى الحكومي على أكمل وجه وعبر منصة الكترونية محكمة، وكم أتمنى أن تتحرك وزارة الصحة وتشعر وسائل الإعلام بما تم في هذا الخصوص خاصة وأن مهلة التنفيذ قد مر عليها عدة أشهر.

أما الصورة الأخرى من صور ممارسات المستشفيات الأهلية والخاصة المخجلة فتتجسد فيما حدث أثناء أزمة (كورونا) من اختراع تطبيقات تستغل الحاجة للمعلومة حول المرض والأعراض وطرق الوقاية وهي التطبيقات التي استغلت فيها حاجة المريض بجشع مشترك بين بعض المستشفيات وبعض الأطباء، في حين يفترض أن تكون مجانية، هذا إضافة إلى التفنن في استغلال الحاجة لفحص كورونا بوضع أسعار عالية وفئات فحص (مستعجل وعادي وسفري) وكأنك تتعامل مع مغسلة ثياب.

إن ما قلته في المقال السابق، وأؤكد عليه الآن واضح وهو فرض مشاركة المستشفيات الأهلية والخاصة في الحرب على المخدرات (مجانا) طوعا أو كرها، وهذا لا أسميه ضريبة طبيعة استثمار بل هو تعويض للوطن وتسديد ديون سابقة ولاحقة، بل هو عمل مردوده على الجميع؛ فشفاء المدمنين وخلو الوطن من المخدرات يستفيد منه كل مواطن ومقيم سواء كان مستثمرا أو مستهلكا في شكل أمن دائم بحول الله وفضله.

نشر في جريدة الرياض يوم  الأربعاء 27 شوال 1444هـ 17 مايو 2023م