اليوم: جوان 16, 2023

أبو كاميرا ومواقع التواصل.. المنع والفائدة

منذ نحو 20 سنة حاورني المذيع الرائع الذي فقدناه في عز شبابه سعود الدوسري -تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته-، حاورني في برنامج إذاعي كان يقدمه، أظن أن اسمه (فور شباب)، وكان من بين محاور الحوار سؤاله عن رأيي في جوال “أبو كاميرا”، وكان ممنوعا آنذاك بتحفظ ممن كانوا يخشون خطره، وبالرغم من أنني كنت أصنف محافظا، شأني شأن السواد الأعظم من مجتمعنا الوسطي المحافظ، إلا أنني كنت أؤيد السماح بدخول جوال “أبو كاميرا” على أساس أنه جهاز شأنه شأن كل تقنية حديثة يمكن أن توظف في الخير والشر، والخير في مجتمعنا أكثر ولله الحمد.

وبالفعل دخل جوال “أبو كاميرا” وكان أكثر المستفيدين منه هم معارضوه ولم يخلُ من سلبيات قليلة كانت وأصبحت وستظل موجودة في كل مجتمع فيه الصالح ولا يخلو من الطالح، ولن يخلو إلا برحمة شاملة من رب العباد.

نفس الشيء عاد ليحدث مع مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلام الحديث الذي هاجمنا ودخل أجهزتنا ومنازلنا عنوة ولم يترك لنا خيارا، حتى التلفزيونات الحديثة غزاها وكذا جوالات و(آيبادات) الأطفال والكبار والصغار بل حتى الرضع والكهول والعجائز، ونافس الإعلام الورقي والمرئي والمسموع المتحفظ الرزين وحل محله، وأصبح لكل فرد منصته الإعلامية الحرة لا يراقبها إلا ذاته ومن حوله من الناصحين أو المضللين الفاضحين.

أيضا قلقنا من هذا الغزو السريع وخشينا من نتائجه، وكان بعضها وخيما جدا وخطيرا يستحق القلق وما زال كذلك، لكن كان وما زال له فوائده لمن يحسن اختيار المتابعة ويحكم عقله شأنه شأن الكتاب إن اخترته لخير فهو خير وإن اخترته لشر فشر.

لكن ثمة ميزة عظيمة لوسائل التواصل الاجتماعي سواء منها ما غرد و(توتر) أو ما (فيس وبوك) أو ما تساءل عن الحال و(واتسب) أو ما (تك تك) أو ما (سنب) فجميعها كشفت لنا الصالح والطالح والحكيم والأحمق وذات الحياء وذات التبرج والعفيفة والفاسقة والصادق والكاذب والعاقل والمختل والرزين والخفيف.

بل إن وسائل التواصل تلك أرشدتنا وصححت مفاهيمنا، فكم من شخص ظنناه صالحا فبان فساده، وظنناه صادقا وبان كذبه، أو حسبناه عاقلا وهو صامت فنطق ليمد أبو حنيفة قدمه، لقد كشف لنا إعلام الأفراد ما كان مستورا من أحوال أناس ستر الله عليهم دهرا فنطقوا ففضحوا ما ستره الله عليهم، ووالله إننا لا نفرح بفضيحة مسلم، لكنك لا تهدي من أحببت، نسأل الله لهم الهداية، وثمة من جاهر بالمعصية وفاخر بها، سواء بإسراف في طعام أو تبذير أو رياء وسمعة أو غير ذلك مما لا يرضي الله ولا خلقه ظنا أنه سيقنع المتابع ويجذبه لذات السلوك، لكن، ولله الحمد، أحدث ردة فعل معاكسة ومحاربة وتجنبا لسلوكه المشين.

وخلاف الإعلام الغربي المأجور الموجه ضدنا، فقد فضحت وسائل التواصل وإعلام الأفراد رؤساء دول غربية سابقين ناصبونا العداء فكشفت كذبهم في أسباب الحروب وكشفت شذوذ بعضهم فذلك زوجته ذكر و ذاك أقرب لكونه امرأة وقد ظنناه رجلا.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 25 ذو القعدة 1444هـ 14 يونيو 2023م وسقط سهوا أخر ٣ أسطر.

تطور مروري رياضي وصحي يحتاج أن نتطور

من حيث التخطيط والبناء والصرف والرؤية فإننا نعيش قفزات نوعية تحقق أحلامنا وبعضها فوق ما كنا نطمح ونحلم، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الفساد المالي والإداري ومكافحة المخدرات ومجالات السعودة والاستثمار وخفض نسب البطالة والضمان الاجتماعي ومساعدة ذوي الدخل المحدود والإسكان وسرعة التقاضي والربط الإلكتروني للإجراءات العدلية والنمو الاقتصادي والصناعة الوطنية، وجوانب أخرى عديدة يصعب حصرها.

ومن ينكر هذا التطور السريع العازم الحازم ظالم لنا ولنفسه؛ فالنتائج تتحدث عن نفسها والشواهد واضحة، فمثلا محاربة الفساد نجم عنها جودة في تنفيذ المشاريع الحكومية وخوف من المحاسبة كانا غائبين، انعكس على مشاريع نلمسها في حياتنا اليومية، وخذ على سبيل المثال لا الحصر تنفيذ مشاريع الطرق، كنا نعاني من سوء تنفيذ المقاول لها وحدوث تشققات وحفر بعد صيف واحد من التنفيذ، لكنها اليوم أصبحت بمواصفات عالية وجودة واضحة، وقس على ذلك ما شئت.

تطورنا السريع يحتاج أن تتطور معه كل الجهات وكل الموظفين بنفس السرعة ومن لا يستطيع، أو ليس لديه النفس واللياقة لأن يجاري هذه القفزة فعليه أن يريح ويستريح، فمثلا: من أكثر ما سعدت به مؤخرا تدشين الرصد الآلي لعدد من المخالفات المرورية الميدانية والذي بدأ يوم الأحد الماضي، مثل عدم استخدام الأنوار اللازمة عند السير ليلا أو في الأحوال الجوية والقيادة على كتف الطريق وعدم التزام الشاحنات بالمسار الأيمن وقيادة المركبة دون لوحات.. إلخ، هذا الرصد الآلي رائع جدا لكنه يحتاج بالإضافة له لرصد ميداني بواسطة مرور سري مكثف، خصوصا وأن أجهزة الرصد لا يمكنها تغطية كل الطرق والمواقع، وأن كثيرا من المخالفين يعرف مواقع أجهزة الرصد وأن المتعاون مواطنا أو مقيما لا يستطيع التبليغ دون تصوير فوري بالجوال! واستخدام الجوال في حد ذاته مخالفة.

ليل الاثنين الماضي (بعد التدشين) كنت أسير على الدائري الشرقي في الرياض وفوجئت بسيارة سوداء دون أي أضواء تتجاوزني من اليمين بيني وبين شاحنة ضخمة، فلا صاحب الشاحنة يراها عن يساره ولا أنا أراها عن يميني ولولا لطف الله لقذفها أحدنا على الآخر ووقعت كارثة، عندها تساءلت: ماذا استفيد أنا من الرصد الآلي لهذه المركبة (إن حصل) قبل أو بعد أن تتسبب لي في حادث؟! ولماذا لم تتم حمايتي من خطرها بإيقافها ميدانيا منذ دخولها للطريق السريع عن طريق دورية مرور سري.

التطور الكبير بإصدار الضوابط الحكيمة المحكمة الدقيقة التي صدرت من مجلس الوزراء لعمل الأطباء الحكوميين في المستشفيات الخاصة تحتاج من وزارة الصحة إلى سرعة في التطبيق ودقة في المتابعة والمحاسبة وما لم تواكب الوزارة هذا التطور وتجاريه بنفس الحكمة والإحكام فإنها تعيق توجها طالما حلمنا به.

تخصيص الأندية الأربعة الكبار وثبة نوعية عالية في مجالنا الرياضي تحتاج إلى مسايرة وزارة الرياضة لهذا الإنجاز بحزم وعدل ونبذ لكل ما من شأنه استغلال النفوذ لخدمة الميول، واتحاد كرة قدم قوي في لجان مسابقاته وتحكيمه وتوثيقه وانضباطه تتعامل بمهنية وحياد وإبعاد لكل متعصب وفتح الميدان لتنافس رياضي شريف ممتع للجميع، لا غبن فيه ولا غضب ولا توتر.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 18 ذو القعدة 1444هـ 7 يونيو 2023م