الشهر: مارس 2024

بناتنا حذرات.. ولكن لا يسرقن الإنجازات

نقلة نوعية نشهدها في هذا الوطن الغالي في كافة المجالات التي كنا نحلم بها فأصبحت حقيقة، ومنها مجال توظيف المرأة وفتح أبواب الرزق لها واعتمادها على نفسها، فقد توسعت مجالات التوظيف فتم فرض السعودة بقوة غير مسبوقة وحزم، فأصبحت المجالات أوسع وأشمل.

هنا أود أن أسجل بعض النصائح أو قل بعض الملاحظات المبنية على تجارب شخصية أو خبرة عملية عمرها حوالي أربعين سنة، ولكنها غير مبنية على دراسات إحصائية أو أرقام وأبحاث، وأتمنى لو كان أساتذة جامعاتنا أكثر جدية وحماسا واهتماما بالدراسات الاجتماعية فيتم تأكيد هذه الملاحظات أو نفيها أو حتى دعمها بالأرقام.

الذي لاحظته كمستهلك أو عميل للشركات على موظفي الرد على العملاء أن العنصر النسائي أكثر حذرا في إعطاء المعلومة وأكثر تجنبا لتصريح بوعود أو التزامات، وأعني (مثلا) أنني مررت كعميل بحالات تقول فيها موظفة الرد إن هذا العطل غير مشمول بالضمان بينما يتضح لاحقا أن ضمان الجهاز يشمل ذلك العطل، ولاحظت أيضا أن الموظفة تفتيك بأن رسم زيارة فني الصيانة لا يخصم من تكلفة الإصلاح بينما يرد الموظف الرجل (من قال لك ذلك؟! رسم الزيارة يخصم من فاتورة الإصلاح اذا تم إصلاح الجهاز لدينا وهو حق من حقوقك).

تلك كانت أمثلة لتوضيح وجهة نظري حول حذر الموظفة المرأة مقارنة بالرجل، واعتقد أن مرد ذلك الحذر ليس التهرب من المسؤولية، ولكن حداثة التجربة وقلة التدريب وكون المكالمات مسجلة فتخشى أن تورد معلومة خاطئة تحاسب عليها أو يتمسك بها العميل وهي غير متأكدة من صحتها، وعلى الشركات والمتاجر أن تتقي الله في العميل وتطلع الموظفة الجديدة على حقوق العميل وتطلب منها أن توضح له حقوقه دون وجل ولا خوف.

حتى في مجال المراجعات في دوائر خدمية سواء حكومية أو خاصة تجد الموظفة المرأة أكثر حرصا حد التعقيد أو عدم المرونة مقارنة بالرجل، وهذا يبدو أمرا طبيعيا مقارنة بحداثة التجربة وطبيعة حرص ودقة المرأة، لكنني كمراجع سأبحث بالتأكيد عن الأكثر مرونة ومن أستطيع مناقشته بجرأة أكثر وحرية أوسع في المجادلة والإلحاح فأختار الرجل.

أما من تجاربي العملية في المؤسسات الصحية والمستشفيات فقد خرجت بمعلومة شبه مؤكدة أن الموظفة المرأة تحب أن يكون مديرها رجلا وليس امرأة؛ بل لا ترتاح اذا كانت رئيستها امرأة وتحاول جاهدة الانتقال لقسم يرأسه الرجل، وهذا الشعور قد يفسر بحساسية المرأة نحو المرأة أو عامل التنافس أو الغيرة وخلاف ذلك من المشاعر وليس بناء على موقف سلبي، فالمؤكد أن الاستعاذة جاءت من قهر الرجال فهم من إذا اتخذوا موقفا شخصيا فإنهم أكثر جورا وقهرا، لكنني اتوق دوما للبحث الاجتماعي الدقيق والدراسات الجادة لتفسير أي سلوك أو ظاهرة وتأكيدها أو نفيها.

الذي أستطيع أن أؤكده أيضا من واقع ذات الخبرة العملية أن النساء لا يسرقن الإنجازات، فالمديرة لا تسرق إنجازات موظفيها وتنسبها لنفسها بل تشجع المرؤس (رجلا أو امرأة) وتطالب له بالتكريم، بينما الرجال يشيع لديهم سرقة الإنجازات فلا يتاح للموظف المبدع إيصال إنجازه للجهة الأعلى فيحتكر المدير كل نجاح ويجيره لنفسه بمخاطبات رسمية متسلحا بالتسلسل الوظيفي في المخاطبات والذي أرجو أنه سيندثر، لكن المؤكد عندي أن بناتنا لا يسرقن الانجازات بينما المدير الرجل قد يسرق من الإنجازات جملاً، أي جمل؟! يسرق جبلاً.

مع الفلبينية.. وثقنا وما توثقنا

لا اعتراض على قيام سفارة العاملة المنزلية بضمان حقوقها وتوثيق العقود والعمل على ما من شأنه حصولها على كامل ما ينص عليه العقد بينها وبين من استقدمها، فالسعي لضمان حقوق مواطن أي بلد أمر جميل من سفارة بلده، ونحن كتاب الرأي ندعو دوما إلى ضمان الحقوق ونشجعه، ولكن للكفيل سواء المواطن أو المقيم حقوق في العقد الموثق يجب حصوله عليها كاملة ومحاسبة العاملة إذا خالفت العقد الموثق وإلا ما فائدة التوثيق بالنسبة للطرف الثاني (صاحب العمل) أو الكفيل؟!.

الفلبين من الدول التي نستقدم منها بشكل كبير، وهي من الدول التي تحرص على ضمان حقوق عمالتها في الخارج، وأحيانا تبالغ في بعض الشروط والمتطلبات وتكثر من إيقاف إرسال العاملات لبعض دول الخليج كردة فعل لأي حادثة فردية تتعرض لها عاملة، وهذا شأنهم – وإن بالغوا فيه – ولكن يجب أن نشعرهم أيضا أن فتح دول الخليج أبوابها لعمالتهم أمر مهم لهم وخدمة كبيرة لاقتصادهم ومعيشتهم، ويستحق أن تكون لنا شروطنا وحقوقنا التي يضمنها العقد المبرم سواء مع عاملة منزلية أو سائق أو ممرضة أو طبيب أو مهندس أو فني أو ممارس صحي، فإذا بالغوا في شروطهم فيما يخص العمالة المنزلية لأنهم يرون نهمنا في طلبهم وحرصنا على الاستقدام منهم، فعلينا أن نبالغ نحن أيضا في شروطنا لاستقدام نفس العمالة المنزلية والفئات الأخرى من العاملين.

السفارة الفلبينية، وعبر مكتبها للقوى العاملة الفلبينية في الخارج المسمى اختصارا (بولو) تشترط على الكفيل السعودي لعودة العاملة المنزلية عند سفرها بتأشيرة خروج وعودة توثيق العقد بشروط جديدة واجازات أسبوعية ومواعيد عمل وبدلات.. الخ، مع دفع مبلغ 143 ريالا للتوثيق وإحضار العاملة للمكتب والانتظار ساعات طويلة (وقت الذروة) لتوثيق العقد، بل ويطلبون صور مستندات تخص الكفيل مثل صورة الهوية (مع أنه أمر منهي عنه) والعنوان الوطني وصورة تأشيرة الخروج والعودة.. الخ.

الغريب أنك تفعل هذا كله كصاحب عمل ثم حينما تغادر العاملة بتأشيرة خروج وعودة وتذكرة ذهاب وإياب لا تعود فتخسر قيمة تذكرة العودة ورسم التوثيق وجهدك في التوثيق وصور مستنداتك الشخصية وخسرت التزام عاملة بالعقد وتحتاج لاستقدام بديلة ولم تستفد إطلاقا من ذلك التوثيق! فأنت وثقت العقد لكنك لم تتوثق من أي حق من حقوقك كصاحب عمل، هذا خلاف الأمور الأخرى التي قد تبنى على الثقة مثل إعطائها راتب مقدم أو أخذها لأشياء من المنزل أو سرقتها لمقتنيات على أساس أنها بيتت النية بعدم العودة.

السؤال هنا هو: أين استفادة صاحب العمل من التوثيق في مكتب يتبع للسفارة، ولماذا لا تضمن السفارة حقه في استعادة ما خسره في هذا التوثيق من نفس العاملة وأهمها ثمن تذكرة العودة وثمن رسم تأشيرة الخروج والعودة، ورسم إصدار العقد الموثق وإعادة المسروقات إن سرقت ومعاقبة العاملة التي خالفت وعدها الموثق بمنعها من الحصول على عقد عمل آخر سواء في هذا البلد أو غيره كونها استغلت سفارتها في ارتكاب مخالفتها للعقد وحنثها بوعدها وأي جريمة أو سرقة، وبدون تحقيق ذلك من السفارة فإن التوثيق مجرد مبالغة في استغلالنا وكأننا الطرف الأضعف أو أننا في حاجتهم وليسوا في حاجتنا، وهذا غير صحيح فعقود العمل منافع متبادلة يحق لكل طرف استخدامها كوسيلة ضغط.