الشهر: نوفمبر 2024

لنطعم العاملات قبلنا ومن خير ما نأكل

العاملة المنزلية والسائق بشر يعيشون داخل منازلنا، جاؤوا من بيئات ينقصهم الكثير مما أنعم الله به علينا، خاصة من الطعام، ففي ظني أنه يفترض أن يأكلوا قبلنا ومن خير ما نأكل، سواء ما نطلب من المطاعم -وإن غلي سعره- أو ما نطبخ في منازلنا وإن ارتقى صنفه وارتفعت جودته وغلي ثمنه، فليس من الدين ولا القيم الأخلاقية والكرم ولا من الحذر أن يتناول ابنك أو بنتك أو نفسك طعاما شهيا منظره جذاب ورائحته زكية تفتح الشهية والعاملة تنظر والسائق يشم ولا ينالهم إلا شطيرة جبن أو (أندومي) أو أي طعام غير ما تأكلون.

ليست نصيحة، فالناس لم تعد تطيق النصح، ولكن خاطرة تبادرت لذهني وطرحتها على أسرتي الصغيرة ثم أردت أن أشارككم إياها، راجيا أن تسمحوا لي بتبرير الاستثناءات الثلاثة أو بعضها ولكم حق الاعتراض:

ليس من الدين ولا من شرع الله وهدي نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن نحرم من يعمل لدينا (لا أحب مسمى خادمة وخادم) من أكل خير الطعام الذي نرضاه لأنفسنا، هذا أمر أتركه لأهل الذكر وطلبة العلم الشرعي (لا حرمنا الله من علمهم وتعمقهم وسؤالهم فيما هم أعلم منا به)، فلست في مقام من يفتي ولا مقام من يعظ، وإن كانت كثير من الآيات والسيرة النبوية في هذا الخصوص واضحة جلية.

وليس من القيم الأخلاقية والكرم أن نأكل وغيرنا ينظر ويشم ما نأكل ولا نطعمه، هذا أمر عرفناه وتربينا عليه وغرسه فينا الأجداد والآباء، ويجب أن نسقي هذا الغرس وننميه في أبنائنا وأجيالنا، فمجتمعنا بكل مناطقه وأطيافه ومستوياته المعيشية تربى على مكارم الأخلاق وعلى الإيثار والتضحية والكرم والسخاء، ولنا في هذه الصفات والطبائع والسلوكيات قصص ومواقف حدثت في كل منطقة ومدينة وقرية وهجرة، خاصة في مواقف إكرام الضيف، والعاملة والسائق ضيوف وإن كان لهم أجر وبدل طعام، فليس من مكارم الأخلاق (مثلا لا حصرا) أن نفتح كيسا لطعام شهي مميز جاء من مطعم راق ونجتمع حوله ونأكل منه والعاملة ترى شطيرة (الهامبورغر متعددة الأدوار مثلا) أو قرص (البيتزا) المستدير بما يعلوه من خيرات الله من جبن وزيتون وشرائح لحم وخضار، وهي -أي العاملة- ترى وتشم ولا ينالها منه شيء! والسائق هو من أحضره أو حضر إدخاله وشم رائحته (الزكية) ولم تكن كفيلته (ذكية) فتطعمه منه، ورأى السائق بقايا الأكل ترمى في (القمامة) ولم يعزمه عليه كفيله (الهمام)!

وليس من الحذر والخوف والاحتياط أن ننسى أو نتناسى أن العين حق وأنها (أي العين) أكثر ما تكون فيما اشتهت النفس ولم تنله، وشهية الطعام (خاصة لمن جاء من جوع أو تم تجويعه) هي من أخطر الشهوات (نعم أخطر).. والله أعلم وأحكم.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 18 جمادى الأولى 1446هـ 20 نوفمبر 2024م

يسمونه وسخًا ويأكلونه

الأمر يحتاج إلى بحث (جيني) وليس البحث عن (جني) أو شيطان يقف خلف هذا السلوك الغريب أو التحول الفوري من حالة الزهد الشديد إلى حالة السرقة.

نعم أمر تحول الإنسان من شخص يرى الدنيا رخيصة جدًا وهو في المقبرة يدفن أخا أو صديقا أو عزيزا ثريا ترك خلفه أموالا طائلة وأراضي شاسعة، إلى شخص ينهب شقيقه ويخدع صديقه ويحتال على فقير ويستقوي على ضعيف، أمر يحتاج إلى دراسة للجينات أو العوامل الوراثية والحمض النووي المسؤول عن هذا التحول السريع في الطباع والقناعات، ونحن نفتقد لمثل هذه الأبحاث التي تدرس سلوكيات الناس وتحللها، بل العالم أجمع (بمن فيهم الغرب المتقدم في مجال الأبحاث والدراسات) يفتقد لمثل هذه الأبحاث والدراسات النفسية، لكننا أكثر حاجة منهم، ليس لأننا أكثر إجرامًا وتحولًا، ولكن لأننا أكثر تمسكا بقيم دينية وأخلاقية يفترض أن تردعنا، وأكثر استشعارا وشعورا أن الحياة الدنيا محطة عبور هي أرخص وأحقر من أن ننشغل بها عن دار الخلود، بدليل أننا أكثر من يساوره ذلك الشعور الزاهد في الدنيا بأموالها وأراضيها في أوقات محددة وظروف معينة مثل دفن عزيز ثم يحدث لدى كثير منا ذلك التحول السريع والرجوع للجشع وسرقة شقيق أو خداع صديق واختلاس ماله أو أرضه أو حقوقه وظلمه.

أعلم أن الشيطان وجنوده خلف كل شر وتحول من الخير إلى الشر (أعاذنا الله منه) لكن الشيطان موجود في كل مكان بما فيه المقبرة وفي كل زمان بما فيه الساعات أو حتى الأيام التي تلي الفقد أو الظرف الذي تحدث فيه حالة الزهد، فما هو الطبع أو (الجين) أو (الكروموزوم) المسؤول عن الضعف الشديد أمام وساوس الشيطان والذي يعزف عليه الشيطان سريعا فيجعل ذات الشخص يرقص طربا لمغريات الدنيا من جديد وبسرعة؟!

وأعلم أن النفس الأمارة بالسوء لها دورها في ذلك التحول السريع من الزهد إلى الطمع، لكن الغريب هو اجتماع النقيضين أو الضدين في ذات الشخص في وقت واحد فتجده يقول وبإلحاح ما لا يفعل (أسمع كلامك يعجبني وأشوف أفعالك أتعجب)، وتراه ينصح بالزهد بقوة وإقناع وهو ينهب بنهم واقتناع، بل يمارس الوعظ وهو يعظ، وينصح بالصدق وهو كذاب، وبصلة الرحم وهو قاطعه، ويسمي المال (وسخ دنيا) وهو يأكله!

هذه التناقضات التي تحدث في الشخص نفسه في الوقت نفسه تنم عن خلل نفسي يحتاج لدراسة؛ علّنا نستطيع الحد منه بقطع دابره وليس بالوعظ فقط، فكفى بالموت واعظا ولم يتعظ كثير ممن يعملون جاهدين على جمع الأموال وتعدادها ونهب المساحات والاعتداء على أملاك الآخرين ومثلهم مثل صاحب التسع وتسعين نعجة ويريد أخذ نعجة أخيه ليتم بها المئة ويتركه تائهًا.

قد يقول قائل إن حرص هؤلاء على جمع المال والمساحات رغم اتعاظهم بالموت هو لضمان مستقبل أبنائهم، فنقول إن من حق غيرهم أيضًا ضمان مستقبل أبنائهم والله الضامن سبحانه وهو الرازق وعليه التوكل، ثم إن كثيرًا من الأثرياء في العالم حرصوا على جمع الكثير من المليارات وهم لا وريث لهم ويورثون كلالة، لكن حب المال وتملك الأرض والمزارع شعور غريب أصر على أنه يحتاج لدراسة عميقة متعمقة لا تقبل المبررات السطحية.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 11 جمادى الأولى 1446هـ 13 نوفمبر 2024م

الممارسون الصحيون يعلنون والرقيب لا يردع

إعلان الممارس الصحي عن نفسه ممنوع نظاماً حسب المادة العاشرة من نظام مزاولة المهن الصحية، حيث حدد النظام في الفقرة (أ) أنه يحظر على الممارس الصحي (في غير الحالات التي تحددها اللائحة التنفيذية) الإعلان عن نفسه أو الدعاية لشخصه مباشرة أو بالوساطة، وكانت الفقرة (ب) من هذه المادة واضحة وصريحة حيث نصت على أنه يحظر على الممارس الصحي أن يسجل على اللوحات أو البطاقات أو الوصفات الطبية أو الإعلانات ألقاباً علمية أو تخصصات لم يحصل عليها وفقاً للقواعد المنظمة لها.

الأنظمة لدينا رائعة جداً ودقيقة ومفصلة، لكن التزام الممارسين الصحيين بها يكاد يكون معدوماً بسبب ضعف المراقبة والمتابعة وتطبيق العقوبات الرادعة، لذا تجد وسائل التواصل الاجتماعي خاصة (X) تعج بالمخالفات خاصة من قبل بعض الأطباء ممن تحولوا إلى تجار يعتبرون المريض (زبوناً) يجب إغراؤه، والمرض (سلعة) يجب استغلالها، فتجد أحدهم يضع في تعريف حسابه أنه جهبذ الطب والخبير في تخصصه وفي غير تخصصه (مثل: التجميل الذي أصبح تخصص الجميع بسبب دخله العالي)، ويكون معرفه أكثر من أربعة أسطر كلها دعاية لنفسه ويختمها برقم جوال التواصل!! فأي إعلان ودعاية وجذب أكثر من هذا؟!

إن إغراء المريض للتوجه لممارس صحي بعينه سواء كان طبيباً أو طبيب أسنان أو أخصائي علاج طبيعي أو صيدلانياً أو أخصائي تغذية وغيرهم من الممارسين الصحيين أمر زاد عن حده بل يفترض ألا يحدث أبداً، لكن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تعج بهؤلاء وأصبحت ساحة أشبه بالحراج الذي فيه يصرخ كل بائع بأعلى صوته للفت النظر لسلعته، وهذا سلوك غير لائق مهنياً ولا يتناسب مع ما نشهده من تطور في الأنظمة والحزم في تطبيقها إلا أن إدارة الإلتزام والمتابعة بوزارة الصحة تحتاج هي لمتابعة والتزام فليس أوضح مما ينشر في (X) و(السناب) وأخواتهما.

وليس أدل من أن الصورة الدعائية بلغ فيها السيل الزبى دون ردع من رقيب، مما يحدث في سوق علاج احتكاك الركب وتركيب المفاصل ومجال المسالك البولية وتوابعه من أعراض الضعف الجنسي وتخصص العيون وعمليات تصحيح النظر والطب النفسي، من إعلانات بطرق مباشرة من الطبيب نفسه أو المستشفى الذي يعمل فيه الطبيب (سواء كان نظامياً أو مخالفاً) أو عن طريق أشخاص أخرين يستخدمهم الممارس للثناء عليه وجلب (الزبائن) له، وكل هذه الممارسات شملها النظام الوافي الكافي الذي يحتاج لمتابعة وحزم، هذا خلاف الوصول لقلب المريض عن طريق مداعبة مشاعره وما يعاني منه بنصائح وفتاوى طبية غير مدعمة بدليل أو بحث علمي، فطبيب القلب يفتي في الغذاء والدواء والزواج والمسرطنات والأسنان وحتى التعصب الرياضي، وقس على هذا بعكوز وبكوز الطب النفسي.

غني عن القول إن وجود نظام واضح وصريح ومستوفٍ لكل جوانب الممارسة ووجود مخالفين في العلن هو مدعاة للاستهانة بكل منع إذا لم يتبعه ردع.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 4 جمادى الأولى 1446هـ 6 نوفمبر 2024م

احذروا الأنوف الشائكة

يحرص بعض الموظفين المقربين من المدير العام أو المسؤول الأعلى منه على منع غيرهم من الوصول إليه أو حتى الاقتراب منه خوفاً على مناصبهم أو حظوتهم لديه، فيشكلون حوله دائرة من الأسلاك الشائكة تمنع المرور إلى المدير أو المسؤول إلا عبرهم ومن خلال بواباتهم المليئة بالأسئلة (ماذا تريد منه؟! ماذا ستقول له؟! أنا سأنقل له ما تريد، ابق مكانك)، والمدير الذكي هو من يحرص على الوصول لأصغر موظف، فيسلم على هذا ويطبطب على ذاك ويسأل الموظف الصغير عن أحواله، بل يصل للمراجع ويسأله عن مدى رضاه.

في مقال قديم جداً نشر في هذه الصحيفة الهادفة سمّيت هؤلاء بالأنوف الشائكة، مستعيراً التسمية من الأسلاك الشائكة، وتمتد الأسلاك الشائكة لتمنع مرور «متطفل» إلى منطقة محظورة ليس من حقه العبور إليها إما لأن ملكيتها تعود لغيره، وغيره هذا لا يريد لأحد أن يدخلها غيره، أو لأنه ليس من المفترض أن يطلع على ما بداخلها رغم أنها ملكية عامة أو من أجل منعه من الإضرار بها وحمايتها أو لحمايته لأن فيها ما قد يضره.

بالنسبة للأسلاك الشائكة الأمر طبيعي جداً ومقبول بل مطلوب، فهي مصنوعة من جماد ويتكون غالباً من الحديد المطاوع وإن قام بمدها وإحكامها البشر.

ثمة أجساد بشرية شائكة لم يمدها أو ينصبها أحد لكنها مدت نفسها لتحيط بشخصية عامة وتحرم غيرها من الاقتراب من تلك الشخصية بل تجتهد في المنع وكأن ذلك المدير أو المسؤول شيء تمتلكه أو منطقة محظورة بقرار ممن يحيطون به من الأجساد الشائكة.

في عصر الوعي والشفافية والرغبة في الاحتكاك بأكبر عدد ممكن من الناس ومن شرائح وفئات مختلفة ومتعددة يحرص المسؤول عن شأن ما أن يستمع للجميع ويحاور الغالبية وينوع مصادر اطلاعه واحتكاكه بالناس. لكن من يحيطون به يصرون على ممارسة الوصاية على محيطه ويتحولون فجأة إلى أنوف شائكة تمارس شم رائحة القادم الجديد المرفوض أصلاً بالنسبة لهم مهما كانت رائحته وينصبون أمامه العوائق التي تناسب طبيعته أو «رائحته» بالنسبة لهم.

فإذا كان ممن لديه أنفة وعزة نفس وحساسية مفرطة لما ينال من كرامته فإن التطفيش وإشعاره بعدم الرغبة فيه كفيل برده.

أما إن كان كثير المشاغل فعلاجه بكثرة المواعيد، وهكذا فإن لكل قادم أسلوباً «لتصريفه» إلى أن يأتي من تفوح منه رائحة عدم الإحساس ولا الأنفة ولا الذكاء وهذا يتركونه وشأنه ليجتاز كل العوائق لأنهم يعلمون أنه لن يحظى بالقبول لدى المدير ولا يشكل خطراً على منطقتهم التي يملكونها أو يدعون ملكيتها.

بقي أن نقتنع بنظرية الأنوف الشائكة تلك وإذا اقتنعنا فإن المدير الذكي أو المسؤول الأذكى هو من يعمد إلى الخروج من دائرة الأجساد الشائكة ليقابل الناس بعيداً عنها؛ لأن أحداً لن يستطيع منعه.

بل ما رأيك في إجراء تغيير دوري للأنوف من حولك؟!

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 27 ربيع الآخر 1446هـ 30 أكتوبر 2024م

لنفرض الشاحن السريع للسيارات بمحطات الطرق

واجه ملاك السيارات الكهربية (ولستُ منهم) مشقة بالغة عند رغبتهم التنقل بين مدن وطننا الغالي المتباعدة مثل الانتقال من الرياض للدمام أو جدة أو سدير والقصيم وحائل أو أبها وغيرها من المدن التي تربطها طرق سريعة رائعة لا ينقصها إلا أن توفر محطات الوقود شواحن كهربية سريعة ذات جهد عالٍ تمكن مرتاديها من أصحاب المركبات الكهربية من شحن السيارة خلال دقائق معدودة لمواصلة رحلتهم بنفس السرعة والوصول لوجهتهم في زمن معقول.

كثرة السيارات الكهربية والتوجه لاقتنائها ظاهرة صحية تواكب توجه الدولة -أعزها الله- إلى كل ما هو صديق للبيئة وخلق بيئة صحية ومواكبة التطور الذي نشهده في كافة المجالات، لكن نحتاج من القطاع الخاص أن يواكب هو الآخر هذا التوجه والتطور بأن يقوم بمسؤولياته بنفس السرعة ونفس الحماس، ومن ذلك (في هذا الصدد) أن تسارع محطات الوقود والشركات المستثمرة في مجال تزويد المركبات بالوقود لتركيب أجهزة شحن كهربائي سريع للمركبات في جميع فروعها على الطرق الطويلة وعلى مسافات متقاربة وبأعداد كافية، وعندما نقول شاحنا سريعا فإنما نقصد ذلك الشاحن الذي يستخدم تيارا كهربائيا عالي الجهد لإنجاز الشحن خلال دقائق وليس ساعات، وهو أمر سهل جدا إذا تكاتفت جهود ملاك المحطات مع شركة الكهرباء لمواكبة تطورنا الوطني وتوجهنا لحماية البيئة وتسهيل كافة الاحتياجات، وهو أمر سهل بدليل أن دولا كثيرة طبقته فأصبح فيها الشاحن السريع متواجدا في محطات الوقود مهما بعدت المسافات بين المدن كما هو في الولايات المتحدة الأميركية أو حتى بين الدول كما هو في دول الاتحاد الأوروبي.

للأسف.. إن كثيرا من الشركات توفر مصادر الشحن الكهربي للسيارات في المدن وليس في الطرق، والمدن ليست في أمس الحاجة للشاحن كون أغلب الملاك يوفرون الشاحن قرب منازلهم للاستفادة من مميزات تقنيات السيارة الكهربية أثناء الوقوف مثل كاميرات المراقبة والتبريد والتحديث واعتناء السيارة بنفسها عبر حساسيتها العالية لما حولها، لكن ملاك هذه السيارات يعانون كثيرا عند السفر بين المدن التي ذكرتها فيضطرون للقيادة ببطء يشكل خطرا عليهم وعلى غيرهم لتوفير الطاقة الكهربية أو التوقف في مدينة بها شاحن عادي بطيء لأربع أو خمس ساعات للشحن، هذا إذا كان الشاحن الموجود على الخريطة يعمل وغالبا لا يكون كذلك لإهمال الشركة فيعاني المسافر الأمرّين، لذا أقترح أن يكون من ضمن شروط الترخيص وتجديد الترخيص لكل محطة وقود أن توفر شاحنين سريعين على الأقل.

أمر آخر تجدر الإشارة إليه وطنيا هو تطبيق غرامات مجزية على من يقف في المواقف المخصصة للشحن لا تقل هذه الغرامة عن غرامة من يقف في موقف ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما نجحنا في الحد منه بالحزم مؤخرا، وإذا أخذنا في الاعتبار صدمة ومشقة وخسائر المسافر الذي يصل لشاحن بعد عناء ويجده عاطلا أو تقف أمامه سيارة بنزين أو ديزل، فإنني لا أبالغ إذا قلت إنه يجب تغريم مالك الشاحن المتعطل وسحب وحجز سيارة المخالف بالوقوف.

نشر بجريدة الرياض يوم  الأربعاء 20 ربيع الآخر 1446هـ 23 أكتوبر 2024م

روضة شريفة وشخصية عائمة

مؤشرات عهد الحزم والعزم كثيرة جدا وعديدة ومتعددة تجد صورها واضحة جلية في الحرب على الفساد والرقابة على تنفيذ المشروعات وسلامة البنية التحتية والحرب على المخدرات ومحاربة التحرش ومنع كل ما يؤذي الذوق العام، ومواقف كثيرة متعددة تؤكد أن عصر المجاملات على حساب النظم والإجراءات وسياسات العمل ذهب دون رجعة.

موقف الرجال والنساء الشيب والشباب مع من أراد الدخول للروضة الشريفة دون أن يتبع الإجراءات السهلة الميسرة الإلكترونية التي لا تستغرق دقائق معدودة، ولم يحاول حتى محاولة ليحصل على ما يمكنه من الدخول وفقا للدور والتنظيم الذي يمنع التزاحم والتدافع والفوضى وهو الأمر المعمول به في جميع المشاعر المقدسة، والذي كلف مبالغ طائلة وقوى عاملة وأجهزة متطورة عالية التقنية وفرتها هذه الدولة الفتية ولم يقدرها ذلك الشخص لجهله وغروره معتقدا أنه شخصية عامة وهو يثبت بسلوكه ثم بتصريحه أنه شخصية عائمة؛ وخاصة بعد اعتذاره بعذر أقبح من الذنب ثم رجوعه عن الاعتذار بعد عودته لوطنه وإرساله رسائل وتلميحات مبطنة وسخيفة.

أقول إن موقف أولئك الرجال والنساء بمنعه احتراما لحق غيره ممن اتبع النظام وحصل على الإذن، هو موقف يستحق الشكر والإشادة والتكريم، وهو من مواقف هذا العهد الزاهر المشهود له بالحزم بحق والعزم بثقة.

شاهد العالم أجمع في مواسم الحج والعمرة كيف أن العسكر السعوديين، أفرادا أو صف ضباط أو ضباطا، مهما علت رتبهم ومراتبهم الوظيفية، يتحول الواحد منهم إلى يد رحيمة تعالج الحاج والمعتمر المصاب، وأكتاف تحمل المنهك العاجز وأكف تسقي ضيف الرحمن الظمآن وتداوي جراحه، لذلك قلت وأقول دوما: “كل عسكري يجرح إلا العسكري السعودي يداوي”، وهذا هو تعاملنا مع ضيوف بيوت الله، فقيرهم وغنيهم، ضعيفهم وقويهم، صغيرهم وكبيرهم، شخصية عامة أو شخصية عائمة، لذا فنحن لسنا بحاجة شهادة ذلك المتردد حول ما نقدم من خدمات وما نطبق من أنظمة، ولعله كشف عن شخصيته المهزوزة بتراجعه عن اعتذاره واتجاهه بعد عودته للهمز واللمز.

لقد نبهنا كثيرا إلى أن بعض مشاهير الفلس تغرهم شهرتهم واهتمام شريحة سطحية بهم فيصابون بمتلازمة نفسية تجمع بين الغرور والسطحية، والاستعلاء والسقوط، وادعاء التلطف مع بذاءة ألفاظ، وادعاء الرزانة مع خفة عقل، لذا لا يعتد بهم فمدحهم كالقدح ونقدهم كالثناء، فاحذروا التعامل معهم وعاملوهم بناء على واقعهم لا بناء على شهرتهم، وهذا ما فعلته إدارة الحرم النبوي الشريف.. فشكرا لهم.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 13 ربيع الآخر 1446هـ 16 أكتوبر 2024م

عاجل.. مطلوب غباء اصطناعي

بعد أن أصابنا اليأس من تجاوب مقدمي الخدمة من شركات الاتصالات مع مطالباتنا المتكررة بحمايتنا من مكالمات أرقام الدعاية للاستثمار العقاري ومكالمات عروض التخفيضات التجارية وعروض الباقات الهاتفية وعروض شركات التأمين، بل وبعد أن أصبح الإزعاج في تزايد مستمر، حيث بدأ بسيول من الرسائل النصية الدعائية من شركات ومؤسسات وبنوك ومتاجر واشتكينا من ازعاج تلك الرسائل التي ترد من التجار وليس من شركات الاتصالات أو مقدمي الخدمة، لم تفلح المطالبات بحدوث تجاوب لا من مقدم الخدمة ولا هيئة الاتصالات آنذاك.

ثم إن شركات الاتصالات نفسها وجدت أنها أولى باستغلال خاصية الرسائل النصية الدعائية لخدماتها وباقاتها خصوصا أنها تعرف أرقام المشتركين، وشعرت بأن المشترك أصبح غنيمة متاحة، هي لك أو لأخيك أو للذئب، فبدأ مقدم الخدمة في إرسال سيل من الرسائل النصية الدعائية المزعجة، مع استمرار المؤسسات والمتاجر والبنوك والشركات في الإرسال فزاد على المشترك الإزعاج بالرسائل وزادت المطالبات بحمايته.

لكن الأمر تطور وتحولت الرسائل إلى مكالمات من أرقام إذا لم ترد عليها ستعيد الاتصال وإذا اتصلت بها لتتوسل لها بعدم الإزعاج لأنك مريض أو عملك ليلا وتنام نهارا أو أنك غير مهتم بمثل هذه العروض، فلن تستطيع الاتصال بالرقم لأنها أرقام مقفلة بخاصية عدم الاستقبال.

سيقول قائل: اقفل صوت جوالك عند نومك أو انشغالك، فأقول إنني منذ تخصصت في مجال علاج سموم الثعابين والعقارب وانتقلت لوزارة الحرس الوطني صيدلانيا وأسست مركز الأمصال وأنتج المركز الأمصال الفعالة في إنقاذ حياة الملدوغين قررت أن أرد بعضا يسيرا من دين هذا الوطن علي بأن أتطوع بمباشرة حالات التسمم بسموم الثعابين والعقارب في غرف الطوارئ بمستشفيات المملكة ودول الخليج حضوريا أو هاتفيا، ولذا فإن هاتفي النقال مفتوح ليل نهار، لذا عندما زاد إزعاج الدعايات وتحول من رسائل إلى اتصالات، كتبت في هذه الجريدة الغراء مقال (فكيني من شرك يا لطيفة) في يوم الثلاثاء 3 صفر 1444هـ الموافق 30 أغسطس 2022م أشكو إزعاج عروض الدقائق المجانية وأرجو المتصلة لطيفة أن تمنحني دقائق أنام خلالها بعد ليلة عمل طويلة.

أقول بعد أن أصابنا اليأس من تجاوب مقدمي الخدمة لحمايتنا من هذا الإزعاج، يا جماعة الخير ويا فطاحلة الاتصالات والذكاء الاصطناعي والخبرات السيبرانية، أليس لديكم طريقة لإيقاف استقبال تلك الأرقام دون غيرها بالذكاء الاصطناعي أو حتى بالغباء الاصطناعي أو التذاكي الاتصالي؟! المهم أن نجد حلا بيدنا لا بيد عمرو.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 6 ربيع الآخر 1446هـ 9 أكتوبر 2024م