اليوم: جوان 16, 2025

بروفيسور الغفلة.. وأستاذ بلا درجة

نحن نغفل أو نتغافل عن إساءة استخدام لقب بروفيسور، هذا اللقب العلمي البحت الذي يشير إلى درجة علمية بحتة هي درجة أستاذ ويحصل عليها بترقية الأستاذ المشارك في الجامعة إلى درجة أستاذ بناء على نشر أبحاث في مجلات علمية متخصصة يفترض أنها مرت على محكمين في تخصص دقيق، ولا علاقة لهذا اللقب العلمي بالمشاركات الإعلامية، وسابقا قلت إن من يضع لقب بروفيسور في الإعلام كمن يدخل السوق بالمعطف الأبيض والسماعة الطبية، وهذا ممنوع، وهو نتاج شعور بتعويض نقص.

تاريخ لقب بروفيسور يعود لكلمة لاتينية تشير لمدرس خاصة في الجامعة أي أستاذ جامعي وهو لقب أكاديمي رفيع يحصل عليه الشخص بناء على تميزه في الأبحاث والتدريس الجامعي أو هما معا، وغالبا يحكم الوصول لهذا اللقب الأكاديمي في الجامعات أنظمة ترقية تشترط إجراء عدد من الأبحاث ثم نشرها في مجلات علمية متخصصة في ذات التخصص الدقيق بعد مرورها على محكمين معتمدين، وتختلف دقة الشروط والرقابة عليها حسب مكانة الجامعة ومركزها العالمي.

وغني عن القول إن البحث العلمي الذي هدفه الترقية، كغيره من مجالات الحياة والإغراءات الدنيوية قد يكون عرضة لإساءة الاستخدام أو بلغة أكثر شفافية التحايل، فقد يعتمد رئيس قسم أو وكيل كلية أو عميد أو حتى أستاذ مشارك على مساعد باحث مقيم في إجراء بحوثه ومراجعة نتائجها وكتابة البحث باسمه، وهو ليس بالأمر النادر، والأدهى والأمر أن بعض الجامعات المؤسسة ارتجاليا ودون أساس أكاديمي قوي قد تسمي حامل البكالوريوس أستاذا مساعدا وهو لا يرقى بمؤهله إلى درجة محاضر، معتمدة على درجة طبية أو صيدلانية أو أحد التخصصات الصحية المساعدة لحامل البكالوريوس الذي لا يستحق أكثر من درجة معيد فكيف يتدرج ليصل إلى درجة أستاذ مشارك أو أستاذ وهو لم يحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة (PhD)؟! هذا أمر غريب فثمة فرق كبير بين السلم الصحي للممارسين الصحيين والسلم الأكاديمي الذي يبدأ بشهادة الماجستير ودرجة محاضر ولا يمنح درجة أستاذ مساعد إلا لحامل الدكتوراه، لكن ذلك يحدث في بعض جامعات العالم الأقل تقدما وإن كان نادرا.

وفي كل الأحوال فإن الوصول للقب بروفيسور في مجال دقيق لا يخول حامله لاستخدامه في مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام، كما أن الأستاذ (البروفيسور) في فرع دقيق لا يمكن أن يدعي الإلمام بكل علوم التخصص أو التميز فيه ولا القدرة البدنية للإبداع في إجراء جراحي مثلا، فمن الأخطاء التي وقعنا فيها كعرب الخلط بين اللقب الأكاديمي والمهارة الجراحية، كأن نقول: أجرى جراحة الرباط الصليبي لركبة اللاعب الفلاني البروفيسور فلان، أو أجرى جراحة القلب البروفيسور فلان، والحقيقة أن هذا الفلان أو ذاك ليس ماهرا أصلا في الجراحة أو أنه بلغ من العمر مرحلة لا يتحكم فيها برعشة يده ومن أجراها أحد مساعديه الشباب، فلا الأول من أبدع ولا الثاني بروفيسور، لكن الأمر برمته تدليس على اللاعب المصاب أو المريض من أجل المغالاة في التكلفة، وهذا ما أنا بصدد التنبيه له، فلا تخدعكم عبارة بروفيسور لا في معلومات ليست ضمن التخصص البحثي الدقيق ولا في التدخلات الطبية ولا حتى علم النفس فليس ثمة تميز إلا أكاديميا فقط، فإذا أجرى الباحث بحثا في مجاله الدقيق فهو عرضة لرأي المحكمين، وإذا تحدث في غير علمه الدقيق فليقل ما يشاء ولكن ليس تحت لقب بروفيسور لأنه بذلك يخدع المتلقي، وبالمناسبة الواثق من نفسه لا يستخدم هذا اللقب إعلاميا ومن يحرص على ذكره لا يستبعد أن يكون “بروفيسور الغفلة”.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 8 ذو الحجة 1446هـ 4 يونيو 2025م

المضادات الحيوية شأن وطني.. وهذه الأدلة

في مقال الأربعاء الماضي تحدثت عن حادثة الأستاذ الجامعي الذي كتبت له طبيبة مقيمة مضادا حيويا خطيرا من الجيل الرابع له أعراض جانبية خطيرة، ولم يكن في حالة تستدعي ذلك المضاد القوي الذي يفترض أن يكون محفوظا احتياطيا لحالات تستوجب إعطاءه، وقلت في (تغريدات) مصاحبة للمقال إننا نحن الصيادلة نقول في محاضراتنا للأطباء إن من يستخدم مضادا قويا للقضاء على بكتيريا ضعيفة كمن يقتل ذبابة بمدفع، وبالمناسبة ما زال المريض يعاني من تلك الأضرار الجانبية للمضاد.

اليوم نكمل الحديث عن أهمية المضادات الحيوية كعنصر وطني مهم يفترض أن يحاط توفيره ووصفه واستخدامه برقابة شديدة كونه السلاح المضاد للأوبئة وللأمراض التي يسببها غزو بكتيري قد يكتسب مناعة ومقاومة للمضادات الحيوية القوية إذا أسيء استخدامها، ويجب ألا نعتمد فقط على عدم صرفها دون وصفة (وهذا مهم) بل أن نقنن أمر وصفها ونتشدد فيه، ونحاسب عليه ويتم تحديد الطبيب المخول بوصف المضاد بشروط علمية من أهمها: إجراء مزرعة تثبت وجود الآفة المسببة للعرض أو الالتهاب، وأنها حساسة لذلك المضاد، وليس هذا فقط بل تثبت المزرعة أن تلك الآفة (بكتيريا أم فيروسا) وأنها لا تستجيب لمضادات أخرى من جيل أقدم وأقل قوة وأقل أعراضا جانبية وأكثر أمنا وأقل تكلفة على الوطن والمريض، وهنا سوف أسرد باختصار شديد مواقف تؤكد أهمية ما ذكرت.

في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني وفي أواخر الثمانينات الميلادية لاحظنا وجود مقاومة بعض أنواع البكتيريا لمضادات حيوية مهمة تعطى بالحقن الوريدي أو حتى بالفم، وأجرينا الكثير من الدراسات التي أثبتت ذلك، فقمنا نحن الصيادلة السعوديين بلفت نظر الإدارة لذلك وأعددنا ما يعرف بصحيفة المضادات الحيوية (antibiotic sheet) وعرضناها على لجنة الصيدلة والعلاجات (pharmacy and therapeutics committee)، وبدعم من المشرف العام الدكتور محمد الشريدة -رحمه الله- والمدير الطبي الدكتور سليمان الذكير وبعض أعضاء اللجنة من الأطباء غير المعارضين لها، فرضنا استخدام تلك الصحيفة أو الاستمارة التي تجب تعبئتها كشرط لوصف أي مضاد حيوي، وموافقة الصيدلية بناء على معلومات مهمة عن المضاد والبكتيريا والمزرعة ودرجة حساسية البكتيريا لخيارات متعددة من المضادات، وفعلا خلال أشهر معدودة تحكمنا في البكتيريا المقاومة في المستشفى بشكل كبير جدا وأصبحت خياراتنا من المضادات أوسع بكثير وحققنا وفرا كبيرا من المال في زمن قصير.

الموقف الوطني الآخر الذي لا يمكن أن أنساه كان بطله معالي وزير الصحة الدكتور أسامة عبدالمجيد شبكشي -رحمه الله- وأسكنه فسيح جناته، فقد احتاجت الوزارة لتوفير كميات من مضاد حيوي من مجموعة السفالوسبورين المستخدم لعلاج الإصابة بالالتهاب السحائي البكتيري استعدادا لموسم الحج في أواخر التسعينات الميلادية، حيث كان الوضع الاقتصادي العالمي يعاني ركودا وعجزا عالميا متأثرا بما خلفته حرب تحرير الكويت، وكان ذلك المضاد تنتجه شركة وطنية لكن رئيسها لم يقدم عرضا للوزارة بحجة وجود مستحقات سابقة لم تصرف، فغضب الدكتور أسامة شبكشي ولجأ لتأمين المضاد من شركة ألمانية، وتمت أمور الحج بنجاح تام كعادة هذا الوطن المعطاء.. وبعد مدة دعا الوزير شبكشي -رحمه الله- صناع الدواء السعوديين لاجتماع مع معاليه لمناقشة احتياجاتهم، وكنت حاضرا كرئيس تنفيذي لمصنع إنتاج الأمصال بالحرس الوطني مع جميع رؤساء مصانع الدواء في المملكة وبينهم رئيس تلك الشركة الذي رفض تأمين المضاد، والذي قاطع أكثر من مرة مطالبا بالدعم كمصنع وطني، فما كان من معالي الوزير إلا أن ذكره بموقفه ووبّخه عليه بأدب جم وعبارات عتاب وطني اضطر لإعادتها لأن صاحبنا أعاد الكرة والمطالبة بحجة الوطنية فسمع كلاما ودروسا وطنية أجمع الحضور أنها تستدعي حمرة الخجل.

المضادات الحيوية هي أهم الأدوية وطنيا، على الإطلاق، كونها عرضة للمقاومة وقد تحتاج إليها الأوطان بكميات كبيرة جدا في وقت محدود هو وقت انتشار وباء مفاجئ، لذا فإن أمر وصفها وصرفها وتحديد مدة استخدامها ووفرتها والمحافظة على مخزون وطني فعال منها في كل الأوقات يجب ألا يترك لا للطبيب ولا الصيدلي ولا المصنع الوطني ولا وكيل الشركة المصنعة، بل تتولاه سياسة وطنية ونظم وإجراءات حازمة ومفصلة ودقيقة.

نشر في جريدة الرياض يوم الأربعاء 1 ذو الحجة 1446هـ 28 مايو 2025م

تقنين وصف الأطباء للمضادات مطلب صحي

حسنت وزارة الصحة صنعاً حينما شددت الرقابة على صرف المضادات الحيوية أكثر من أي وقت مضى، فأصبح صيادلة الصيدليات الأهلية لا يجرؤون على صرف أي دواء بدون وصفة طبية وهذا جيد، لكنني أكرر ما قلته منذ أربعين سنة في ندوة تلفزيونية مع سليمان العيسى و د. محمد المعجل -رحمهما الله- و د. إبراهيم المشعل عميد كلية الصيدلة -آنذاك- حين قلت إن الوصفة يجب أن تقوم على تشخيص دقيق مدعم بالتحاليل والمزرعة فهي ليست أمر صرف قطعة من مستودع.

نعم، الوصفة الطبية يجب أن تكون محصلة لسلسلة من الفحوصات السريرية والمخبرية والأشعة (إن لزم الأمر)، ويسبقها إصغاء بتركيز وإمعان لشكوى المريض وتاريخه المرضي وقراءة بتفحص دقيق لملفه الصحي، ينتج عن هذا كله قرار بتدوين وصفة العلاج، وخلاف ذلك فإنه لا فرق بين صرف الدواء من صيدلي أو طبيب، بل الصيدلي المتمكن أكثر إلماماً من الطبيب بالدواء؛ لأن الطبيب تركيزه في تعلمه على علم الأمراض، بينما يركز طالب الصيدلة وعلى مدى ست سنوات على علم الدواء وتفاعلاته وتعارضه مع غيره من الأدوية والأمراض، وعندما يجتمع تشخيص دقيق من طبيب مخلص وإحاطة بأسرار الدواء من صيدلاني متمكن تكون الوصفة قد أصابت مسبب المرض في مقتل وإلا فإنها قد تصيب المريض في مقتل!.

وعندما يتعلق الأمر بالمضادات الحيوية فإنه إضافة لما سبق من تحاليل لا بد من إجراء مزرعة للبكتيريا المسببة واختيار المضاد الحيوي الفعال الأقل أضراراً جانبية والأقل سعراً، والأخذ في الاعتبار دراسات مقاومة البكتيريا وتحصنها ضد المضادات في المجتمع أو المستشفى، والأخذ في الاعتبار أنه ليس أي طبيب مخول بكتابة أي مضاد حيوي فيجب الاحتكام هنا لسياسات وإجراءات وصف أصناف الأدوية وتحديد وتقنين صلاحيات الأطباء في وصف أصناف من الأدوية (حسب التخصص الدقيق لطبيب) إما لتخصص تلك الأدوية وقوتها وضرورة جعلها مخزون احتياطي للحالات القصوى (RESERVE DRUG) أو لخطورتها والحماية من سوء استخدامها أو لمنع حدوث مقاومة البكتيريا لفاعليتها مثل المضادات الحيوية التي قد تكتسب البكتيريا مقاومة لها فلا تجدها حين تحتاجها سواء لحالات محدودة أو عند انتشار الأوبئة.

إن تحديد صلاحيات وامتيازات الأطباء في وصف الأدوية أو إجراء التدخلات الجراحية والطبية المختلفة (physician privileges) أمر معمول به عالمياً في الدول المتقدمة (ونحن الأكثر تقدماً اليوم) فلا يمكن لطبيب أن يجري جراحة في غير تخصصه الدقيق ولا يمكن لكل طبيب أن يجري عملية منظار ما لم يكن هذا تخصصه الدقيق، وكذلك لا يمكن لكل طبيب أن يصف كل دواء أو مضاد قوي أو أدوية نفسية أو مخدرة، فهناك ما يسمى نمط الوصف الدوائي (prescribing pattern) يجب التقيد به، وفيما يخص المضادات الحيوية (محور حديثنا هنا) فإن المصلحة الوطنية صحيًا واقتصاديًا تقتضي أن يتم تقييد وتقنين صلاحيات وصفها وليس مجرد تقييد صرفها، فمن خطورة فتح صلاحيات وصفها حدوث مقاومة البكتيريا لمضادات حيوية قوية من جيل حديث وغالية الثمن نتيجة الإسراف والتفريط في وصفها واستخدامها، وغني عن القول إن شركات تصنيعها ووكلاءها يحثون على صرفها ولو لالتهابات بسيطة لا تستدعي مضاد أصلاً كونها إما فيروسية لا تحتاج لمضاد أو بكتيرية يكفيها مضاد عادي ومأمون ورخيص الثمن، ومن المصلحة الوطنية صحيًا واقتصاديًا أن نطبق كل عناصر الاستخدام الأمثل للدواء (RATIONAL USE OF THERAPY) خصوصًا في هذا الوقت الذي يتعرض فيه الوصف عمومًا ووصف الدواء خصوصًا للإسراف واستغلال نعمة التأمين الصحي.

أمامي شكوى (قمت بالتثبت منها وعايشتها) لأستاذ جامعي شكى من حساسية في الجيوب الأنفية نتيجة للغبار وما تفرزه الأشجار فذهب لمستوصف خاص وأدخل على طبيبة عربية يقال إنها أخصائية أنف وأذن وحنجرة، وعلى الفور وصفت له مضاداً حيوياً خطيراً من الجيل الرابع له قائمة طويلة من الأضرار الجانبية مذكورة حتى في النشرة المرفقة واسمه العلمي (LEVOFLOXACIN) وهو من مجموعة الفلوروكوينولون ومن المضادات التي يفترض أن لا تعطى إلا لحالات التهابات حادة خطيرة يخشى منها على الحياة لا ينفع معها مضاد أقل قوة غير هذا، مع ضرورة إشعار المريض بخطورته وتنبيه بالأعراض الجانبية المستوجبة للتوقف الفوري، لكن ذلك لم يتم وما حدث بعد أربعة أيام من تناول المضاد هو نفس الأضرار الجانبية المذكورة في النشرة (تنميل في جميع الأطراف وألم شديد مع تورم في أسفل الظهر ووهن وعدم قدرة على الوقوف أو المشي ومازال يعاني، وبالرجوع للطبيبة نفت أن تكون هذه الأعراض من المضاد وبعد اطلاعها على النشرة المرفقة بالدواء طلبت إيقافه فورًا وبدى واضحًا من ارتباكها أنها لم تقرأ النشرة!.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 23 ذو القعدة 1446هـ 21 مايو 2025م

المرأة في العزاء أجمل منها في الحفل!

تولد الأنثى بجمال طبيعي وتكبر وتصبح فتاة بجمال ساحر يراه الرجل وقد لا تراه هي في المرآة لقلة ثقتها بنفسها أو لرغبة في الكمال أو لشعور بالنقص، (لست محللا نفسيا ولا أصلح أن أكون محللا)، لكن المؤكد أنها تبدأ في محاولات التغيير بوضع الألوان والأصباغ والعدسات الملونة ثم تحل الكارثة بنفخ الشفاه وحقن (الفلر) والتدخلات الجراحية الخطيرة التي تحدث التشويه وربما المضاعفات الصحية، فهم يخدعونها بالمغريات وإخفاء الأضرار والمضاعفات.

جربي وخذي (وردة) وصوريها ثم حاولي تجميلها بتغيير ألوانها وتموجاتها وطبيعة أجزائها وستجدين أنها أصبحت (ورطة)، فالجمال الطبيعي هو الأكثر قبولا وجاذبية وهذا نراه في كل المخلوقات: نباتات وطيور وفراشات وأسماك وحيوانات وحتى في الجماد والتضاريس الطبيعية فإن بقاءها على طبيعتها هو الأجمل، وفي الإنسان يستثنى من ذلك فقط إصلاح التشوهات الخلقية الغريبة النادرة.

ما أقوله هنا ليس تدخلا في الرغبات الشخصية لامرأة أو لرجل بل هي، وبحكم التخصص، محاولة لموازنة زخم التوجه التجاري الربحي الصرف الذي يخفي خطورة وأضرار ومضاعفات عمليات التجميل بكافة أشكالها، ومن أشدها مجازفة وخطرا عمليات التكميم والقص وشفط الدهون وحقن مواد التكبير (الفلر) ونفخ الشفاه والخدود ويليها تصغير الأنف وحفر الغمازات ودهن المساحيق والألوان، وجميعها يصورها تجارها على أنها غير ضارة؛ بينما رأينا نحن آثارها في المستشفيات، وقد أدى أغلبها لبتر أعضاء (كتبتها مفصلة سابقا) وحالات فقد للبصر وفقد لوظائف بعض الأعضاء وفقد للحياة، هذا خلاف فقدان الإحساس وفقدان الجمال بحثا عن وهم زيادة الجمال.

السيل الجارف للتوجه الطبي التجاري غير المهني الذي يقوده انتهازيون و(متمصلحون) ماديا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يجب أن يواجه بتوعية مكثفة للجانب السلبي لعمليات التجميل وموادها الضارة وخطورة مضاعفاتها التي يخفيها أصحاب المصالح والجشع المتنكر بقناع الطب المختفي داخل معطف طبي أبيض وهو في الحقيقة أسود، فليس أخطر على المجتمع من الدعاية للتدخلات الطبية أو الأدوية أو المواد والمساحيق وإخفاء أضرارها وخطورتها وأعراضها الجانبية، وذلك من التدليس الطبي، وبالمناسبة فإن وطننا الغالي هو من يتحمل عبء وتكلفة علاج نتائج ذلك التدليس الذي أتمنى أن يعاقب عليه المدلس لأنه فساد مهني وأخلاقي.

إحدى سبل تقليل التأثر بدعايات ومغريات عمليات ما يسمونه التجميل (وهو في الحقيقة تشويه) هو زرع الثقة في الفتاة والمراهقة منذ طفولتها أن طبيعتها هي الأجمل، ثم مواجهة حملات الدعاية لتلك التدخلات الخاطئة وترسيخ الثقة أن العيون والشفاه والأنوف والخدود والألوان الطبيعية هي الأكثر صحة وسلامة ووقاية وهي الأجمل، ونحن الرجال نرى ذلك جليا في النساء خصوصا بعد أن أصبحنا نراهن أكثر سواء في التلفاز أو المسلسلات أو جماهير الحفلات وكرة القدم، ونكتشف أن المصطنع أقرب للقبح منه للجمال خصوصا في الشفاه المنفوخة الجامدة اليابسة (السمكية) والأنوف المصغرة والعدسات الملونة بألوان عيون القطط (القطوية).

ليس أدل على زيف المساحيق والألوان والتلوين من أن المرأة في العزاء أجمل منها في حفلات الزواج والأعياد وحفلات الغناء، كونها في العزاء خالية من كل مصطنع، ولعلهن هن يلاحظن ذلك فيقتنعن، مثلما اقتنع الشاعر نزار قباني فقال:

بَعْضُ النِّسَاءِ وُجُوهُهُنَّ جَمِيلَةٌ

وَتَصِيرُ أَجْمَلَ عِنْدَمَا يَبْكِينَ

نسأل الله ألا تبكي ولا تحزني ولا تضعفي فتخدعي.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 16 ذو القعدة 1446هـ 14 مايو 2025م

حذارِ من عين الطبع وثعابين البشر

الأمثال، سواء العربية الفصحى أو العامية، هي عصارة تجربة ثرية خاضها السابقون ثم وضعوا نتاجها في عبارة بليغة مختصرة أشبه بكبسولة تحتوي على أكسير حياة، فجدير بنا أن نتناوله بحرص وعناية وثقة في فاعليته، فلا غنى لنا عن تجارب من سبقنا ممن دوّن خبراته في شكل حكمة أو مثل خالد.

علمتني هذه الحياة أن الشهم الكريم الشريف الصادق لا يرى سلوك غيره إلا بعين طبعه فلا يتوقع خذلانا ولا بخلا ولا نذالة ولا كذبا، لذا فقد يتعرض لخذلان وخديعة من نذل أو كاذب، وهذا لا يعيبه فقدره أنه ولد وتربى على طبع سليم فأصبح يرى الناس بعين طبعه السوي، وإن فرح النذل الجبان بالنجاح في خداعه ونعته بالغباء فقد كان يتغابى ترفعا ويتغافل ولم يكن مغفلا ويتجاهل وليس بجاهل (لست بالخب ولا الخب يخدعني).

في المقابل، فإن النذل المخادع إذا تلطفت معه ظن أنك تنوي على نذالة وخداع لأن هذا طبعه وهو يراك بعين طبعه، لذا فهو دائم التوجس والشك والحذر ويصعب عليه التصديق أن أحدا يعمل المعروف دون مقابل أو يتلطف دون سبب، وهذا بلا أدنى شك ومرض خطير، ولسنا هنا بصدد علاجه ولكن بصدد التحذير منه ومن خطورته وقد لا أكون متشائما إذا قلت إن علاجه أمر ميؤوس منه فليس أبلغ من المثل أو الحكمة التي تقول: (كل يرى الناس بعين طبعه) إلا المثل أو الحكمة التي تقول: (الطبع يغلب التطبع).

كل ما علينا هو أن ندرس جيدا الشخص الذي نتعامل معه ونعرف هل هو شهم نبيل كريم أم نذل خسيس بخيل في أخلاقه، ثم نحتاط ونغير في أنفسنا فنحذر ونأخذ بقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لست بالخب ولا الخب يخدعني)، والخب هو الخداع المخادع الغادر وعلينا أن نحذر منه ونحتاط وإن تغافلنا لا نغفل.

وعلمتنا حكم من سبقونا أن نتقي شر من أحسنا إليه، وليس كل من أحسنت إليه سيصيبك منه شر، ولكن من إذا أحسنت إليه رد الإحسان بالنكران والسوء، فعليك أن تتقي شره وتحذره ألف مرة لأنه (مقارنة بشر من لم تحسن إليه) أخطر ألف مرة فقد جمع بين خسة نكران الجميل وخصلة الشر.

إن كانت حكم وأمثال الأولين تركت لنا موروثا يجب أن نستفيد منه ونستشهد به فيما يخص ما ذكرته عمّن يرى الناس بعين طبعه وتغلب الطبع على التطبع واتقاء شر من أحسنت إليه، فإن هذا لا يعني أبدا أن نتشاءم وننظر لمن حولنا بنظارة سوداء، فالغالبية هم الطبيعيون أهل الشهامة والكرم والوفاء، خاصة في المجتمعات المسلمة المؤمنة التي تخاف الله وتتقي غضبه، لكن وفي الوقت ذاته علينا أن نحذر من القلة التي تقصدهم الحكم والأمثال، فعلى أبنائنا وبناتنا من هذا الجيل أن يستفيدوا مما واجهنا وواجه من سبقونا، فأنا ألمس في أبناء وبنات هذا الجيل طيبة وثقة ووداعة تعرضهم للخداع المالي والوظيفي والاجتماعي بل وحتى الصحي فيقعون ضحايا لأصحاب النفوس الضعيفة من مخادع وغادر ونذل جبان وكأنهم لا يعلمون بوجود مثل هذه المخلوقات.

يا بني، الغالبية بخير ولكن ستجد حولك وقريبا منك من يحسدك ويستغل طيبتك وشهامتك وكرمك، ويشك فيك (لأنه يراك بعين طبعه)، وستجد في مكان عملك من يسرق إنجازك وإبداعك وينسبه لنفسه ويحاول الإيقاع بك وإن سبق أن حاولت أنت انتشاله ووقفت معه وعاضدته، لأنه غادر ويراك بعين طبعه وستسمع من يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا تتوقع، لأن طبعه يغلب تطبعه، وستجد من يسيء لك بعد أن أحسنت إليه، لأنه أناني يبحث عن مصلحته على حساب مصلحتك، وأنت شهم كريم رأيته بعين طبعك، والشهم الكريم الصادق يرى الناس بعين طبعه، لذا يخدعه الأنذال لأنه ظنهم شرفاء مثله، والأمر المطمئن أن عدالة خالق الأنفس سبحانه وتعالى تتحقق في النهاية (وعلى نياتكم ترزقون)، فقد عشنا ورأينا العجب العجاب من هذه المخلوقات وقلتها سابقا: لقد عشت (بحكم عملي وتخصصي) مع الثعابين الخطيرة السامة فلم أجد أخطر من ثعابين وسموم البشر، ولم أجد أسرع ولا أعدل من عدالة الخالق سبحانه.

نشر في جريدة الرياض يوم الأربعاء 9 ذو القعدة 1446هـ 7 مايو 2025م

بلّغ عن الفساد واستعن بالصالحين

نحمد الله أن أنعم علينا بنعم عظيمة، وإحدى هذه النعم هذا الوطن الصالح أهله، الحكيمة قيادته ولا يمكن لأحد أن ينكر أننا في هذا العصر نشهد أقوى حرب على الفساد في العالم قياسا بعدالتها وجديتها وشموليتها، وما على المواطن الصالح إلا البلاغ السهل السري المأمون، كما أن تقنيات هذا العصر ووسائل تواصله (إذا سخرت لعمل الخير) تتيح قنوات أيسر للتواصل والتبليغ عن كل أشكال القصور.

في السبعينات والثمانينات والتسعينات الميلادية لم تكن تلك التقنيات ووسائل الاتصال السهلة متوفرة ومع ذلك لا يخلو من يحمل حسا إنسانيا ووطنيا من قدرة على إيصال بلاغه ومقترحاته فالأبواب مفتوحة وقبلها القلوب لكل مواطن صالح، لذا لم نكن نجد جهدا في إيصال ما نريد سواء ككتاب رأي عبر المقالات أو عبر الخطابات والبرقيات وعبر من يوصل المعلومة من القريبين من المسؤول أو صاحب القرار وزيرا كان أو وكيلا أو رئيس هيئة، فوطننا يتميز -ولله الحمد- بكثرة الغيورين المتحمسين لفعل الخير والصالحين الموثوقين.

أذكر في أواسط الثمانينات الميلادية وكنت محاضرا بكلية الصيدلة بجامعة الملك سعود أن بعض أعضاء هيئة التدريس وأنا لاحظنا أن عمال النظافة في الكلية يعانون ضيق ذات اليد ولا يجدون ما يأكلون حتى أنهم يأكلون ما يجدون من شطائر فوق مكاتبنا، وعندما تقصيت عن أمرهم (وكنت صحافيا في جريدة الجزيرة) علمت أنهم أعداد كبيرة في كل الجامعة يتبعون لمقاول غير سعودي لم يصرف رواتبهم لثمانية أشهر فألمحت للأمر في مقالة بالجريدة دون تصريح باسم المقاول أو مؤسسته ثم ذهبت لوكيل الجامعة آنذاك الدكتور حمود البدر وأبلغته بالأمر وكان، أمد الله في عمره، لطيفا متفهما وحليما في كل أحواله وكنت شابا متقدا ولا أقول عجولا ولكن صحافيا لا أتحمل التأجيل فاستعنت بفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن سعد الشويعر مستشار سماحة الشيخ ابن باز -تغمدهما الله بواسع رحمته-، وكانت جريدة الجزيرة تستعين بعلمه الغزير، وطلبت منه موعدا مع الشيخ ابن باز وحدد لي موعدا، وعندما حضر الشيخ ابن باز رأيت ما لم أره من قبل فما أن سلم الشيخ وقبل أن يستوي جالسا على كرسيه رفع (شماغه) عن أذنه ليستمع لكاتبه يتلو ما في المعاملة تلو الأخرى (غالبيتنا حين ندخل المكتب نسترخي ونتناول القهوة ونطالع الصحف قبل أن نفتح أول معاملة، أما سماحته فلم يضع ثانية واحدة)، ولما وصل دوري قرأ كاتبه خطابي فأخذ سماحته يردد (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ثم تثبت مني عن الموقف كاملا وسألني عدة أسئلة ليتأكد ثم غادرت ولم يمض إلا يوم واحد ورأيت أثر تدخله فيبدو أنه نبه إلى وجود توجيه كريم من الملك فهد -رحمه الله- بأن أي مقاول أو شركة متعاقدة مع جهة حكومية تتأخر في صرف مستحقات موظفيها تقوم الجهة باقتطاع حقوق الموظفين من مستحقات الشركة وتصرف للموظفين عن طريق الشركة، وفعلا تم صرف مستحقات العمال خلال أقل من أسبوع.

أما الموقف الثاني فكان حوالي عام 2005م وكان دوائيا حيث لاحظت أن إحدى شركات الأدوية تعلن في قنوات فضائية غير حكومية عن مقوٍّ جنسي بطريقة غير لائقة بل وقحة ويكون إعلانها في أوقات يشاهد فيها الأطفال التلفاز بل وبين أشواط المباريات، فكتبت عن ذلك في هذه الصحيفة الغراء ونبهت له في حوارات متلفزة معترضا على هذا الإعلان ومنطلقا من ثلاث حجج، تكفي منها واحدة، وهي: أولا أن الإعلان عن الأدوية والترويج لاستخدامها ممنوع نظاما وعرفا أخلاقيا عالميا وثانيا أن الأولوية في تحقيق الأمن الدوائي وطنيا هو أن نصنع الأدوية الأساسية المنقذة للحياة مثل أدوية القلب والضغط والسكر والكبد والغدد والأورام وليس مقويات الباه، والثالثة أن أسلوب الإعلان ومشاهده وإيحاءاته غير لائقة، وكتبت مباشرة للجهات ذات العلاقة آنذاك بتراخيص الأدوية والاعلانات والرقابة عليها، ولكن دون استجابة تذكر أو وقف للإعلان، فكتبت لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد وكان رئيسا لمجلس الشورى وشرفت بمقابلته وشرحت له أبعاد الأمر وخطورته فتجاوب مشكورا وبسرعة فتم وقف الإعلان.

مجمل القول: إن أي فترة من الزمن وأي ظروف تصاحبها لا يعدم فيها المواطن الحيلة والقدرة على المساهمة في الإصلاح ومحاربة الفساد في وطن قيادته تفتح القلب قبل الباب لكل مواطن صالح أو حتى مقيم محب، وفي هذا العصر الزاهر فإن وسائل التواصل أصبحت أسهل وأسرع والأنظمة أكثر تحديثا ودقة وشمولية وبقي أن يقوم كل مواطن بدوره في دفع عجلة مكافحة الفساد والمخدرات وكل ما هو ضار.

نشر بجريدة الرياض يوم  الأربعاء 2 ذو القعدة 1446هـ 30 إبريل 2025م

حذارِ من الثعابين ومن أبحاث وهمية

وعدت في المقال السابق أن أنشر عصارة ما خرجت به من معلومات وقائية على مدى أربعين عاما قضيتها في مباشرة حالات اللدغ في غرف الطوارئ في مستشفيات المملكة والخليج إما حضوريا أو هاتفيا، وأعدكم أن يكون في السرد تحذير لا مبالغة فيه، مستشهدا بوقائع حدثت في مستشفياتنا والكويت وفي بيوت المزارع، وتحذيراتي أعد أن يستفيد منها المواطن والمقيم والطبيب وكل من يعمل في غرف الطوارئ.

من الكويت وردتني مكالمة عن إصابة شاب بلدغة ثعبان وحالته حرجة جدا، وبالتواصل بالصور اتضح أن الثعبان هو أحد أنواع الكوبرا الخطيرة التي تعيش في تايلند، فاقترحت عليهم إعطاءه المصل المنتج في الحرس الوطني السعودي بجرعات كبيرة عله يعادل سم ذلك الثعبان ولو عن طريق الطيف الواسع للارتباط المناعي ريثما نجد المصل المتخصص الذي يعادل سم تلك الكوبرا التايلندية، وفعلا تم العثور على المنتج وطلبه المستشفى بالكويت وحقن في الملدوغ وتم إنقاذه ولله الحمد.. وهنا وقفة وهي ضرورة منع إدخال ثعابين تعيش في بيئات خارجية إلى الوطن، ليس فقط لحماية الحياة الفطرية الطبيعية للوطن ولكن لصعوبة التعامل معها في حالات اللدغ، فقد كان الشاب من هواة تربية الثعابين واستوردها من الخارج.

الثعبان الأسود الخبيث وهو ثعبان خطير دقيق نابه متحرك باشرت منه ثلاث حالات وفاة؛ الأولى كانت لفتاة في الدرعية كانت نائمة ودخل الثعبان وحاول والدها ضربه فمر على قدمها مرورا سريعا ولدغها فكانت نهايتها قبل أن تصل مستشفى الملك خالد الجامعي (أقل من ربع ساعة)، ثم قتل شيخا كبيرا في الرياض ثم أهداه جاهل لحديقة الحيوان بالرياض وتعامل معه عامل جديد وصل للتو من إحدى دول البلقان فظنه صغيرا غير سام فلدغه في إبهام اليد وباشرنا حالته سريعا في مستشفى الملز الوطني قادمين من مستشفى الحرس بسيارة إسعاف نحمل مصل الصل (حسب وصف الطبيب بأنه صل)، وعلى أي حال فقد وجدناه متوفى بعد اللدغ بدقائق (حسب مرافقه)..

ومن هذه المواقف الثلاثة يؤلمني أن الأبحاث السطحية التي تهدف فقط للترقية في السلم الأكاديمي كانت تدعي أن الثعبان الأسود الخبيث لا يعيش في المنطقة الوسطى وأن موطنه جنوب المملكة، لكننا وجدناه في الوسطى بأعداد أكثر بكثير من الجنوبية، كما يستفاد من حالة فتاة الدرعية ضرورة إخراج كل من في الغرفة بهدوء تام قبل أي محاولة لقتل الثعبان، وأن علينا غلق كل الفتحات المؤدية لغرف النوم والجلوس بإحكام، كما أوضحت في فيديو منشور في حسابي في اليوتيوب وفي منصة X، كما يجب تعريف العاملين في حديقة الحيوان بالأنواع السامة لدينا.

يعتقد بعض الأطباء (خاصة من مدارس خارجية) أن العقرب غير سام وقد باشرت حالة وفاة مواطن جاء بنفسه للمستشفى يشكو لدغة عقرب أسود في يده وهو ينقض خيمته، لكن غرفة الطوارئ لم تمنحه الأولوية كحالة عاجلة وكان يصرخ من الألم حتى سقط فتم التعامل معه كحالة جلطة قلبية واشتركت في التحقيق واتضح أنه مات نتيجة الاعتقاد أن العقرب لا يقتل، وهذا شائع لدى بعض الأطباء نتيجة أن بعض العقارب تكون إبرتها مسدودة فلا تحقن السم، وهذا ما يجعل البعض يظن أنه أنقذ الملدوغ بكلوركس أو تمرة وقد أوضحت ذلك أيضا في منشور مرئي في اليوتيوب.

وفي إحدى غرف الطوارئ أحضر أقارب الملدوغ حية أم جنيب التي لدغته مقتولة في كيس بلاستك وبينما نحن نباشر حالة الملدوغ حدث صراخ شديد وفوضى بين الممرضات، واتضح أن الأفعى تحركت في الكيس بحركة عضلية تلقائية وهذا أمر طبيعي في ذوات الدم البارد مثلما يتحرك الضب في القدر، لكن ما يجب التنبيه إليه أن فك الأفعى إذا كانت أنيابها لم تهشم فيجب عدم العبث به حتى بعد قتله فقد يحقن السم ولو بكمية قليلة وما قتل كثيره فقليله خطير، وأخير فإن هذا الصيف وبعد موسم أمطار يستوجب الحذر كثيرا من الثعابين السامة، وفي شبه الجزيرة العربية كل ثعبان أسود (سوادا واضحا) فهو سام جدا، وكل ذي رأس مثلث متميز عن الجسد وذيل قصير فهو أفعى سامة مهما كان لونها، وثعبان الكوبرا يتميز بقلنسوة عريضة ينفخها ويقف مرتفعا ويكثر قرب المياه وبطون الأودية في جنوب المملكة.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 25 شوال 1446هـ 23 إبريل 2025م