الشهر: أوت 2025

مفاجأة في خطبة الجمعة

لم تكن خطبة الجمعة الماضية مصادفة بل تدبيراً إلهياً حكيماً، فقد ذكرت في منصة (x) أنه من أعجب ما حدث في أمر قطيعة الرحم، وأنا شاهد على ما حدث، وأقسمت أنني متأكد من تفاصيل ما حدث، كان يعاني ويشتكي من أذى قريب له يقول: أحسنت إليه كثيراً، وأساء إليّ كثيراً، وأذاني هذه الأيام، وأشير عليّ أن أدعو عليه فلم أستطع، ودعوت له بالهداية والصلاح أو أن يكفيني الله شره بما يشاء، حدثني عن وضعه وأيّدته بما دعا وأن لا يدعو عليه بل له، وفجأة دخلنا جامع الأميرة سارة بحي التعاون الجمعة حيث اعتاد أن يخطب بنا الشيخ د. عاصم الحمد خطباً غاية في المعالجة لمشكلات المجتمع، وغاية في الدقة والتثبت والشمولية والاستناد والاستشهاد بما ورد في الكتاب والسنة، فإذ الخطيب هو نائبه الشيخ سفيان بن ماهر القحطاني؛ لمصادفة سفر الشيخ عاصم، وإذا بالخطبة عن قاطع الرحم وما سيلقاه في الدنيا والأخرة من سوء المصير، وكيف يتعامل من أذاه قريب قاطع للرحم، فيصل من قطعه، ويستمر في الإحسان لمن أساء له، في خطبة مؤثرة مدعّمة بما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، فنظرت للمظلوم فإذا هو غارق في دموعه، وكأني به يحمد الله أنه لم يدعُ على قريبه.، وما إن أتممنا الصلاة والتسبيح وهَمّ الشيخ سفيان بالخروج، سلمت عليه ودعوت له، وطلبت منه نسخة من الخطبة، واستأذنته بنشرها، لعل قريب المظلوم يقرؤها وتحرك مشاعره ويفيق من سباته ويستعيذ من الشيطان، ومن المؤكد أنها ستنفع الآلاف غيره، فكم بيننا من قاطع رحم ظالم! وكم من مظلوم حائر في حاجة لما ورد فيها! فالظالم يكف عن ظلمه، والمظلوم يصل من قطعه، فما حدث تلك الجمعة لم يكن صدفة بل رحمة من الله.

خطبتَي صلاة الجمعة محاضرة أسبوعية قيّمة، من شأنها أن تعالج مشكلات اجتماعية كثيرة، ومن شأنها أن تنبه عما قد يغيب عن أذهان الكثيرين وتوقظ ضمائر نائمة، خاصة أنها محاضرة مراجعها الكتاب والسنة وما روي من الأحاديث الصحيحة، ودور الخطيب هو اختيار الموضوع والتذكير بما ورد عنه في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهذا ما حدث في الجمعة الماضية، أنظر كيف أن الخطبة الأولى تناول فيها الشيخ سفيان أمر قاطع الرحم، فذكر مما ذكر أن من أعظم الأمور التي بعث بها خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، هي الحث على صلة الأرحام والسعي في الإحسان إليها بشتى الطرق والوسائل، وأن الساعي في قطع الأرحام معرّضٌ للّعن، وهو الإبعاد والطرد من رحمة اللّه، وأن قاطع الرحم قد حكم على نفسه بالقطع من كل خير في الدنيا والآخرة، وأن قطيعة الرحم سببٌ للبلايا والمصائب وانعدام البركة وسوء الحال وضيق الصدر وكره الخير وظلمة القلب، فقد تُعجلُ للقاطع العقوبة في الدنيا. ثم في الخطبة الثانية تطرق لفضل الواصل وما له من بشارات عظيمة في الدنيا والآخرة، فمن تلك البشارات أن صلة الأرحام سببٌ في طول العمر وسعة الرزق في الدنيا فتأتي للواصل الأرزاق من حيث لا يحتسب، ويبارك اللّٰه في عمره وصحته وماله جزاء من ربك عطاءً حساباً، والأمر الذي قد يجهله كثيرون أن الواصل ليس بالمكافئ ولكن من إذا قُطعت رحمة وصلها، أي أن تصل من قطعك وعاداك من قرابتك، لا أن تصل من وصلك وتقطع من قطعك.

تلك كانت مختارات مما ورد في تلك الخطبة الهادفة الموفقة، أما رابط نصها كاملاً فموجود على حسابي في منصة (X)، وغني عن القول إن منبر الجمعة هو منبر إصلاح اجتماعي عظيم، من شأن كلمة فيه أن تنبه فرداً ضالاً أو غافلاً، وإذا صلح الفرد صلحت أسرته، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، فالفرد خلية في نسيج الأسرة الصغيرة، وتلك جزء من نسيج اجتماعي كبير، ويجب التأكيد على أهمية استغلال هذا المنبر الأسبوعي أفضل استغلال، يهدي ويهدئ ويصلح ويريح الأنفس وينير الدروب في كل شأن اجتماعي ونفسي وسلوكي، وإن توفرت المعلومة فأيضاً ينير صحياً واقتصادياً، وفي كل المجالات التي يجيدها خطيب الجمعة أو تتوفر لديه المعلومة الموثقة الصحيحة حولها.

نشو بجريدة الرياض يوم الجمعة والسبت 15/14 صفر 1447هـ 9/8 أغسطس 2025م

عيادات الأسنان تعض المرضى بأنياب سامة

الوضع كان أسوأ بكثير فمنذ نحو 28 سنة نشرت النشرة الوبائية السعودية التي تصدر عن الوكالة المساعدة للطب الوقائي في عددها الثالث والرابع يوليو – ديسمبر 1997م دراسة تشير إلى أن نسبة عظمى من عيادات ومراكز الأسنان لا تعقم الأدوات بين مريض وآخر وبعضها ليس فيها جهاز تعقيم أصلا، إلى آخر ما جاء في الدراسة، وآنذاك علقت على الدراسة بمقال في هذه الجريدة الغراء انتقد فيه غياب الرقابة على تلك المراكز والعيادات وكان بعنوان (وكالة الطبل الوقائي) على أساس أن الوكالة المساعدة ترجع صدى قصور هي الملزمة بعلاجه، وحينها غضب مني طبيب أسنان يملك عيادات أسنان ويبدو أنه كان مخالفا وأصبح يلاحقني في المؤتمرات الطبية والمناسبات التي أتحدث فيها أو أدعى لها ليقول ما ينفس عن غضبه إما شعرا أو هذيانا (وهذا أمر طبيعي عندما تنتقد مخالفا يعرف أنه مخالف ويريد أن ينعم بأكبر ربح غير حلال).

اليوم تغير الوضع إلى الأفضل بعد أن أوكلت إدارة الصحة لفطاحل الإدارة والمتخصصين فيها والذين يتعاملون مع الصحة بحياد تام واحتكام للأنظمة والإجراءات فلا يجاملون مالكا لأنه طبيب أو صيدلي أو طبيب أسنان وعينهم على المريض وحقوقه والنظام وتطبيقه.

المخرج الخلفي الخفي الذي بدأ بعض تجار عيادات الأسنان يدخلون من خلاله مكاسب غير مشروعة أو مبالغ فيها هو مخرج التلاعب بأسعار مواد التركيب والحشوات والجسور والمشدات، وليس الأسعار فقط بل يتلاعبون في مدى الحاجة للمادة الغالية فيطلبون الذهب كحشوة لا تحتاج للذهب بل السيراميك أفضل منها وقس على ذلك بقية المواد، والأدهى والأمر أن بعضهم يغش في المواد فيدعي ذهبا وهو غير ذلك!!.

أيضا بعضهم يوظف طبيب أسنان عام مؤهله وخبرته محدودتان ويقوم بعمليات متخصصة يفترض أن لا يقوم بها إلا استشاري مختص في التخصص الدقيق مثل زراعة السن أو جراحة الأسنان والتركيبات فجميعها تخصصات دقيقة يفترض أن لا يقوم بها خريج جديد، وسبق أن نتج عن توظيف طبيب أسنان عام يقوم بكل إجراء لا يجيده بأن وضع زرعة زرعت كارثة مثلما ذكرت إحدى طبيبات الأسنان المخلصات لبرنامج الراصد على قناة الإخبارية عندما كاد مريض أن يفقد بصره بسبب زرعة طبيب عام مقيم تم فصله ونقله لعيادة أخرى!!.

علما أن هيئة التخصصات الصحية تشدد على أمر التخصص، لكن مع كثرة انتشار عيادات الأسنان الخاصة فإن من الصعب أن يتم مراقبتها إذا لم يراقب تاجر الأسنان ذاته وهو طبيب أسنان، وهنا يبرز المثل الشعبي الذي يقول (لن تستطيع رد السيل بعباتك) وهنا لعل من المهم أن نعوض نقص المراقبين بتفعيل أكثر من قنوات تبليغ وشكوى وأن تكون العقوبات رادعة جدا ولا تقتصر على إرجاع مبلغ أو تعويض مالي بل يتعامل معها كغش فهي كذلك.

ومن الملاحظات التي يجدر توجيه نظر الرقيب لها هي عمل بعض أطباء الأسنان الحكوميين الاستشاريين في عيادات خاصة وهو نفس ما نبهت له سابقا من (تزويغ) بعض الأطباء الاستشاريين الحكوميين لمستشفيات خاصة تاركين مرضاهم في الحكومي ينتظرون، فهذا السلوك المشين بدأ بعض أطباء الأسنان يفعلونه، وهنا تبرز خطورة استغلال مريض المستشفى الحكومي بتحويله لعيادة تعاقد معها الطبيب أو قد تستخدم مواد ثمينة من المستشفى الحكومي في عيادة خاصة ويدفع ثمنها المريض فمن سرق وقت المريض من مستشفى حكومي (قد) يسرق حقوقه في ذات المستشفى والله أعلم وأحكم.

نشر في جريدة الرياض يوم  الأربعاء 5 صفر 1447هـ 30 يوليو 2025م

خطبة الشيخ سفيان القحطاني عن مصير قاطع الرحم وكيف التعامل معه

الخطبة الاولى

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، عباد اللّٰه قال اللّٰه تعالى: (يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثِيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُم رَقِيبًا)) [النساء:** ١

أما بعد

فإن خير الحديث كتاب اللّٰه وخير الهدي هدي محمد ويد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالةٍ في النار ..

عباد الله

إن من أعظم الأمور التي بعث بها خير البرية محمد اليو هي الحث على صلة الأرحام والسعي في الإحسان إليها بشتى الطرق والوسائل وبإختلاف الأزمنة والأماكن وفي مقابل ذلك جاء صلى اللّٰه عليه وسلم بالإنذا والنهي عن قطع الأرحام ورتب على القاطع لرحمه جملة من الأمور التي تودي به إلى هلاك دينه ودنياه إن لم يتب فبين صلى اللّٰه عليه وسلم جملة من العواقب الوخيمة على القاطع لرحمه:

أولاً: أن الساعي في قطع الأرحام معرضٌ للعن وهو الإبعاد والطرد من رحمة اللّٰه نسأل اللّٰه السلامة والعافية وان قاطع الرحم قد اتى بخصلة من خصال الجاهلية كما قال اللّٰه جل جلاله: (قَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَيتُم أَن تُفسِدوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعوا أَرحامَكُمْ أُولِعِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُم وَأَعمى أَبصارَهُم )

قال ابن جرير الطبري رحمه اللّٰه في تفسير الاية أي وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليتكم من التشتت والتفرّق بعد ما قد جمعكم اللّٰه بالإسلام، وألَّف به بين قلوبكم

وهؤلاء الذين يفعلون هذا، يعني الذين يفسدون ويقطعون الأرحام الذين لعنهم الله، فأبعدهم من رحمته فأصمهم، يقول، فسلبهم فَهْمَ ما يسمعون بآذانهم من مواعظ اللّٰه في تنزيله ((وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) يقول: وسلبهم عقولهم، فلا يتيَّنون حُجج الله، ولا يتذكَّرون ما يرون من عبره وأدلته

انتهى كلامه رحمه اللّٰه

وفي الآية دلالة على أن قاطع الرحم قد جمع بين جملة من الأمور القبيحة منها أن القطيعة تعد من صور السعي في الإفساد في الأرض بغير حق وقد أمر الله بالإعتصام بحبله والحذر من التفرق فقال عز من قائل (واعتصموا بحبل اللّٰه جميعا ولا تفرقوا) والقاطع قد قطع حبل اللّٰه الذي أمر عباده آن يصلوه وفرق بينه وبين رحمه عدوانا وظلما

ثانيا: أن قاطع الرحم قد حكم على نفسه بالقطع من كل خير في الدنيا والأخرة فعن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : “خَلَقَ اللّه الخَلْقَ، فَلَمَّا قَرغ مِنْهُمْ تَعَلَّقْتِ الرَّحِمُ بحقوِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ مَهْ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ أَفمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، وَأَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ؟ قالَتْ نَعَمْ، قالَ فَذلكِ لَكِ

كما في الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد حكم على الرحم أن تقطع من قطعها وتصل من وصلها فمن اختار لنفسه طريق القطيعة فييشر بسوء العاقبة التي تنتظره وسوء المآل الذي يترصده جزاء وفاقا

ثالثا: أن قاطع الرحم قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب يعذبه اللّٰه بسببها يوم القيامة يقول النبي . لا يدخل الجنةَ قاطعٌ و بلفظ مسلم لا يدخل الجنة قاطع رحم

فهذا الحديث فيه وعيدٌ شديد على قاطع الرحم وذلك أن من آثاراها القبيحة أنها سبب للحرمان من رحمة اللّٰه يوم القيامة حين يخرج اللّٰه العصاة من النار إلى الجنة فقد يعذبه اللّٰه في النار ما شاء بسبب قطيعة الرحم

رابعا: أن قطيعة الرحم سببٌ للبلايا والمصائب وانعدام البركة وسوء الحال وضيق الصدر وكره الخير وظلمة القلب فقد تعجل للقاطع العقوبة في الدنيا قبل عذاب الآخرة قال النبي صلى الله عليه وسلم : مامن ذنب أجدر أن يعجّل اللّٰه لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له في الآخرة، من البغى وقطيعة الرحم، رواه الترمذي وصححه الألباني

خامسا: أن قاطع الرحم قد حاز حب إبليس له وخسر حب اللّٰه له وذلك أن ابليس عليه لعنة اللّٰه يحب الفرقة والتشتت بين المسلمين كما في الحديث

إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول : ما صنعتَ شيئًا، ثم يجيء أحدهم فيقول: لم أزل به حتى فرّقتُ بينه وبين امرأته، فيُدنيه منه، ويقول : نعم أنت، فيلتزمه (رواه مسلم 2813).

اما حوزه لحب ابليس فلتقديم هواه وشر نفسه على رضوان اللّٰه بالصلة والإحسان

واما خسرانه محبة اللّه فلأن اللّٰه قد حكم على القاطع بقطعه من كل خير في الدنيا والآخر فيا خسارة القاطع فقد جنى على نفسه وحكم عليها بالخسران

فعلى المسلم أن يحذر عقاب اللّٰه ووعيده وأن لا يتساهل في القطيعة وليبادر إلى صلة الارحام والإحسان اليهم امتثالا لأمر الله جل جلاله كما قال : (واتقوا اللّٰه الذي تساءلون به والأرحام إن اللّٰه كان عليكم رقيبا)

فاللهم ألف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام واخرجنا من الظلمات إلى النور وصلى اللّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الخطبة الثانية

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله، عباد اللّٰه قال اللّٰه تعالى: (يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقَوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَّقَ مِنها زَوجَها وَبث مِنْهُما رِجَالًا كَثِيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلُونَ بِهِ وَالْأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُم رَقِيبًا) [النساء:[١]

أما بعد :

عباد الله

فإن رحمة اللّٰه سبحانه وتعالى وعدله أنه بين عقوبة القاطع في الدنيا والآخرة وفي مقابل ذلك بين فضل الواصل وما له من بشارات عظيمة في الدنيا والآخرة فمن تلك البشارات

أولا : أن صلة الأرحام سببٌ في طول العمر وسعة الرزق في الدنيا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من أحب ان يبسط له في رزقه وينسأ له في اثره فليصل رحمه) متفق عليه فتأتي للواصل الأرزاق من حيث لا يحتسب ويبارك اللّٰه في عمره وصحته وماله جزاء من ربك عطاءً حسابا.

قال ابن باز رحمه الله: صلة الرحم والإحسان إلى الأقارب من أسباب سعة الرزق، وأن اللّٰه يخلف عليه، وأن ينسأ له في أجله

ثانيا: أن صلة الأرحام من أعظم الأسباب في أن يصلك اللّٰه بكل خير في الدنيا والآخرة فتكن مباركا طيبا في ارزاقك واموالك وفي نفسك وطاعاتك واوقاتك وكل ما فيه خير لك في دينك ودنياك فعن ام المؤمنين عائشة قَالَتْ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم : الرَّحمُ مَعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّه، وَمَن قَطَعَني قَطَعَهُ اللَّه متفقٌ عليه

وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم ما صفة الواصل فقال: (( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)

فحقيقة الصلة هي أن تسعى في وصل من قطعك وعاداك من قرابتك لا ان تصل من وصلك وتقطع من قطعك منهم فلهم حق وقدر زائد عن بقية معارفك وبقية الناس ففي صلتهم مع القطيعة فضلٌ ماليس في احدٍ إلا هم ، وأعظم الصلة صلة الابوين والاخوان والأولاد والاعمام والاخوال والاجداد ثم الأدنى فالادنى وفي هذا الباب مسألة، كثير من الناس يقول إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني أحسن اليهم ويُسيئون إليّ حتى أني تركتهم ليأسي منهم فماذا أفعل؟

والجواب عن هذا هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أن رجلا جاء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللّٰه إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحلم عليهم ويجهلون علي، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، قال له صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت لكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من اللّٰه ظهير عليهم ما دمت على ذلك، . رواه مسلم

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : فالمؤمن يجاهد نفسه ويصبر على صلة الرحم والإحسان إليهم وإن أساؤوا وإن قطعوا، لا يكون مثلهم يكون خيرا منهم، لا يكافئهم ولكن يصلهم ويحسن إليهم فيرفق بهم ويدعو اللّٰه لهم بالهداية، هكذا المؤمن صبور، والله يقول جل وعلا (( وَالْعَصْرِ م إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّّبْرِ ))[العصر: 3-1].

فالحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، ونصلي ونسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اللهم إنا نسألك قلوبًا سليمة، ونفوسًا نقية، وألسنة ذاكرة، وأرحامًا موصولة، اللهم اجعلنا من الواصلين لأرحامهم، البارين بأهلهم، المحسنين إلى ذويهم، وأعذنا من قطيعة الرحم، ومن أسباب سخطك وعقوبتك،اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، واجعلنا من المتحابين فيك، المتعاونين على البر والتقوى

اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده لما تحب وترضى، وأصلح بهم البلاد والعباد، وأدم علينا الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين