اليوم: أكتوبر 18, 2025

قولوا آمين يا هيئة التأمين!

تحدثت في مقالات سابقة عن ضرورة توحيد الشروط والأحكام الأساسية التي تربط العلاقة بين المستهلك والمتجر أو الشركة أو الوكيل، مبررًا توحيد الشروط بأنه يجعل الحقوق والواجبات معلومة للجميع وللطرفين، وشائعة لا تحتاج إلى كثير خلافات، فترتاح الجهات الحكومية والقضائية من سيل الشكاوى، واقترحت أيضًا فرض تأمين المجسات الطبية على شركات التأمين كونها جزء من العملية العلاجية، ولا يجوز أن تقبل بها شركة تأمين صحي وترفضها أخرى، فالأمر ليس خيارًا بل جزء من العلاج بل أهم المراحل العلاجية، ومن المعيب على شركة التأمين الصحي أن تجهل أهمية مجسات السكر والضغط والقلب في العملية التشخيصية والعلاجية وترفضها بجهل، وإن مثل هذه الشركة يفترض ألا توجد في سوق التأمين الصحي في بلد متقدم مثل بلدنا.

ثمة أمر مهم جدًا سوف أذكره في خاتمة المقال، وهذا الأمر يؤكد أهمية أن أطالب أو أقترح أيضًا اقتراحًا آخر وهو توحيد شروط شركات التأمين الصحي بما يكفل شمولية التغطيات التي تراها وزارة الصحة أساسية ومنها المجسات، وألا تترك التغطية خيارًا للشركات خاصة، وأن بعض أطباء تلك الشركات المناط بهم الموافقات محدودو التعليم والخبرة الطبية، ومن مدارس لم تصل بعد للتطور الذي وصلنا له في هذا البلد المتقدم، وهو ما ذكرته تفصيلًا في مقال سابق في هذه الصحيفة الغراء نشر يوم الأربعاء 29 ذو الحجة 1446هـ بعنوان (مجسات يا قلب العناء وتأمين يرفضني أنا)، وفيه ذكرت أننا عندما نقول (بعض شركات التأمين وليس كلها) فإن ذلك أوضح دليل على أن رفض شركة التأمين لصرف تلك الحساسات أو المجسات أو أجهزة القياس الإلكترونية نابع عن جهل الطبيب الذي باشر طلب موافقة الشركة على صرف المجس، فقام برفضه لأنه يجهل أن الجهاز الحساس أو المجس هو من أهم عناصر العملية العلاجية والتشخيصية، بل ربما أن طبيب الشركة جاء من مدرسة لم يصلها بعد التطور الطبي الذي وصلنا إليه في السعودية العظمى.

ولهذا السبب سالف الذكر، فإنني أرى ضرورة توحيد شروط التغطية لجميع شركات التأمين الصحي حسب ما يراه خبراء وزارة الصحة، وبما يحقق الرعاية الصحية الشاملة التي نطمح لها في هذا الوطن الغالي الطموح (همة طويق)، وليس حسب ما يراه طبيب عام متعاقد مع الشركة ومن مدرسة لم تصل لما وصلنا إليه من تقدم وشمولية في الرعاية الصحية.

أما الأمر الأهم، الذي وعدت بذكره في خاتمة المقال، فهو أنني اكتشفت ومن التواصل مع إحدى موظفات أحد المستشفيات الأهلية أن شركة التأمين (حسب السجلات) وافقت على صرف مجسات السكر للمريض، لكن أدوية المريض صرفت من صيدلية المستشفى ووصلت إليه دون المجسات على أساس أن شركة التأمين رفضت الموافقة على المجسات!، وبين سجلات الموظفة وواقع عدم استلام المجسات (باهظة الثمن!) يبرز سؤال (أين المجسات؟!) ومن أخفاها؟! وهل ذهبت لغيره في الداخل أو الخارج؟! والقول الفصل هو أنه لو تم توحيد شروط قبول الشركات لعلم المريض أن المجسات من حقه وأن الموافقة عليها حتمية وطالب بها، لكن تباين الشروط واختلاف الشركات في الموافقات أوهم المريض بأن المجسات لم تتم الموافقة عليها ولم تحضر بينما هي حضرت ولكن في مكان ما قد يكون بعيدًا، نسأل الله الهداية لمن أخذها وحرم المريض منها، ونسأله سبحانه أن يسدد خطانا لإجراء لا يدع فرصة للتفريط ولا الإفراط في شروط التأمين، قولوا آمين يا هيئة التأمين!

نشر في جريدة الرياض يوم الأربعاء 23 ربيع الآخر 1447هـ 15 أكتوبر 2025م

توحيد الشروط الأساسية للمتاجر مع المستهلك

الشروط الأساسية للمتاجر والشركات ووكلائهم مع المستهلك تتضمن فترات الاسترجاع والاستبدال وشروط الضمان وأجور الصيانة والإصلاح والتوصيل والتركيب، فهذه أمور ظروفها متشابهة بل متطابقة أحيانا وتخضع لعوامل تتعلق بنفس المدينة أو القرية أو البلد بصفة عامة مثل الطرق وساعات العمل والطقس وخلافه، فلماذا يترك للوكيل أو الشركة أو المتجر فرض شروط خاصة يتم الاحتكام إليها عند الخلاف، علما أن القوانين العالمية تؤكد دوما أن الاحتكام يكون بناء على قوانين وأنظمة البلد الذي تم فيه الاتفاق والتنفيذ.

حاليا كل شركة أو وكيل أو متجر يضع شروطا وأحكاما يطلب من العميل الموافقة عليها ويطلب منه الموافقة على تغييرها لاحقا، وعادة تكون مكتوبة بخط صغير غير مقروء وحتى لو كان واضحا فإنها شروط من طرف واحد وغير محتكمة لجهة تمثل المستهلك مثل حماية المستهلك أو وزارة التجارة، وهذا الانفراد بالشروط يسبب إزعاجا للجهات المعنية عند حدوث خلاف سواء وزارة التجارة نفسها أو الجهات القضائية، ولو كانت الشروط موحدة وشاملة وتخدم الطرفين المستهلك ومقدم الخدمة ومصادق على عدالتها من الجهات المختصة لكانت إجراءات الاختلاف أسهل وأسرع ولربما لم نحتج إلى الشكوى أصلا، لأن الشروط الموحدة تنتشر وتصبح معلومة للجميع وتصبح ديدن التعاملات فلا يقع بعدها خلاف.

أكثر المشاكل التي مررنا بها أو اطلعنا عليها في مواقع التواصل الاجتماعي أو وردت لنا ككتاب رأي سببها خلاف يكون الحق فيه مع المستهلك لكن البائع أو الشركة الخدمية تتمسك بعبارات مكتوبة بخط صغير في الفاتورة ليس بالضرورة أن يكون عادلا أو منصفا ويلجأ المستهلك للشكوى لكن يقابل بعبارة (هذه شروط البائع ولا نستطيع التدخل) وعندئذ يتم تصعيد الشكوى فتنشغل عدة جهات حكومية وتزداد معاناة المستهلك أو العميل أو المشترك.

الغريب أن المتاجر العالمية الخارجية التي يشتري منها المستهلك عن بعد (on line purchased) أكثر مرونة وسماحة في التعامل والاسترداد والتبديل والارجاع ورد مبالغ الشراء ومنح التعويضات مقارنة بالمتاجر الداخلية التي لا تقدم أي مرونة أو تنازلات، وهي نظرة تجارية وتسويقية أكثر ذكاءً من قبل المتجر الخارجي، فالمشتري يريد أن يكون مطمئنا ومرتاحا للتعامل قبل ارتياحه للسلعة نفسها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا المتاجر والشركات الخارجية أيسر تعاملا من المحلية؟ هل هو جهل المحلية بعلم التسويق الحديث وحقوق المستهلك، أم أنهم اعتبروه جدارا قصيرا؟!

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 16 ربيع الآخر 1447هـ 8 أكتوبر 2025م

حلول التلاعب بتخفيضات اليوم الوطني

هذا الوطن الغالي لم يجبر شركة أو تاجراً على عمل تخفيضات أو تسهيلات لليوم الوطني، وحري بنا إذا لم نبادر في المشاركة في المناسبة بعمل هدايا أو تخفيضات، ألا نستغل المناسبة بإغراءات غير صحيحة أو وهمية أو كاذبة، فجدير بك أن تقول خيراً أو تصمت وتفعل خيراً أو تمتنع عن الاحتيال، وإذا لم يردعك رقيبك الذاتي فعلى جهة حماية المستهلك أن تردعك.

من الممارسات التي شاهدتها والملاحظات التي سجلتها في مسح سريع غير شامل، أن بعض أسعار السلع المزعوم خفضها في اليوم الوطني تزيد على سعرها في متجر آخر بأكثر من 10 ٪ ، فمثلاً تجد سعر جهاز كي ملابس في متجر شركة مساهمة مشهورة يزيد على سعره في متجر آخر بفارق 33 ريالًا رغم ادعاء المتجر الأول أنه مخفض عن سعره الأصلي بفارق 100 ريال، وفي هذا احتيال واضح، إما أن السعر السابق غير صحيح أو أن السعر السابق تم رفعه سابقاً استعداداً لهذه الحيلة، وهذا الجانب كانت وزارة التجارة توليه اهتماماً ومتابعة عند إعلان عروض التخفيضات الخاصة بالمتاجر ولا أدري إن كانت تطبق ذات التدقيق في عروض اليوم الوطني، أم أنها تركته لجمعية حماية المستهلك فلم تقم بالمهمة؟ وهذا الأمر حله سهل، وهو تكثيف المتابعة للأسعار قبل اليوم الوطني بعام كامل أي بعد انتهاء عروض اليوم الوطني السابق مباشرة ثم الطلب من التاجر تحديد السلع التي سيساهم بخفضها تقديراً لليوم الوطني التالي والتعهد بأن سعرها الأصلي قبل التخفيض هو سعرها طوال العام المنصرم.

ومما لاحظت أيضاً أن بعض المتاجر تعلن عن تخفيضات مغرية لزيارة المعارض والفروع ويتزاحم الناس على معارضها وفروعها ثم لا يجد السلعة التي جاء من أجلها وحجتهم نفاد الكمية، وهو أمر أشك في صحته، ولإزالة الشك أقترح أن يطلب من المتجر قبل الموافقة علي إعلان العروض أن يحدد عدد الكميات المتوفرة في مخازنه من السلعة المعروضة في الإعلان المغري ثم يبرز فواتير بيعها عند طلب الرقيب ليتسنى للرقيب عند الحاجة مقارنة المخزون المصرح به بالكميات المباعة لكل مشترٍ للتأكد من استفادة العملاء من العرض ونفاد المعروض فعلاً وليس وهماً.

ومن الحيل الجديدة الرائجة والمنتشرة، حيلة النقد المرتجع (الكاش باك) وذلك بإعلان نسبة لرصيد مرتجع عند الشراء بمبلغ معين لسلع معينة لم يشملها التخفيض، وعند الشراء تكتشف أحد ثلاثة أمور: إما أن سعر السلعة أصلاً مبالغ فيه بحيث يكون النقد المرتجع أقل بكثير من فارق السعر المعلن عن سعر السلعة العادل في السوق، أو أن النقد المرتجع نفسه ينكمش في النهاية بخصومات لم ترد في الإعلان مثل تكاليف النقل أو التركيب أو بخصم القيمة المضافة فتجد النقد المرتجع ينطبق عليه المثل العربي (تمخض الجبل فولد فأراً)، أو يفاجئونك أن السلعة لا يشملها النقد المرتجع لأن سعرها منخفض وأقل من حد معين لم يوضحوه في الإعلان.. الحل هنا هو تعهد التاجر أو الشركة بأن سعر السلعة هو السعر العادل المعلن طوال العام وأن النقد المرتجع (الكاش باك) عرض لليوم الوطني فعلاً وأنه نسبة خالصة صافية من المبلغ المدفوع لا يشوبها خصومات ولا تكاليف إضافية. والله من وراء القصد..

نشر بجريدة الرياض يوم  الأربعاء 9 ربيع الآخر 1447هـ 1 أكتوبر 2025م

بين اليوم الوطني وصيام رمضان

جميل جدا أن يبدي المواطن العادي مواطنة صادقة مخلصة ويحسن من سلوكياته بما يغلب مصلحة الوطن ويصبح مواطنا مثاليا في اليوم الوطني، وجميل جدا أن يتفاعل المواطن المسؤول عن شركة أو مؤسسة أو متجر أو حتى المسؤول عن مؤسسة حكومية أو وزارة مع مناسبة اليوم الوطني بما يميز هذه المناسبة في شكل إسهامات وطنية فاعلة أو تسهيلات وخدمات للمواطن والمقيم أو تخفيضات إن كان تاجرا و(ترفيعات) وزيادات في العطاء إن كان موظفا أو مسؤولا حكوميا، لكن الأجمل أن يكون ذلك التحسن السلوكي مستمرا ودائما وكأن كل يوم وشهر وسنة هو يوم وطني وهو كذلك.

هذا الوطن -بفضل الله- أعطانا واستمر في العطاء في كل ساعة ويوم وشهر وعام، أعطانا أمنا وأمانا ورغد عيش وتطورا في الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية وأساسيات الحياة من ماء وكهرباء ووفرة غذاء وحرية تجارة وتحقيق عدل وعدالة؛ وكأنما حيزت لنا الدنيا بما فيها والناس تتخطف من حولنا، ونحن ولله الحمد في أمن وأمان ووحدة وطنية وضمانات حقوقية.

هذا العطاء من وطننا الغالي وقيادتنا الحكيمة، بفضل الله، عطاء دائم مستمر بل ومتطور، ليس محدودا بيوم أو شهر أو عام، فجدير بنا أن نبادل وطننا العطاء المستمر غير المحدود ولا المحدد بيوم أو ساعات، علينا أن نستمر ونجعل كل أوقاتنا يوما وطنيا فيستمر المواطن العادي في مواطنته الصالحة فلا يخالف ولا يستهتر ولا يغيظ غيره بهياط ولا يثير النعرات فيمس الوحدة الوطنية، ولا يتلف ممتلكات عامة ويحرص دوما أن يكون مثالا للالتزام الأمني والمروري والإخلاص في العمل والوفاء بالعقود والعهود، وأن يستمر المواطن التاجر في اتقاء الله في زبائنه، والمواطن المسؤول عن شركة أو مؤسسة أو دائرة حكومية في الإخلاص في خدمة عملائه ومشتركيه ومراجعيه بنفس الروح والعطاء والإنصاف.

إذا لم نستمر في عطائنا وإخلاصنا ومشاعرنا الوطنية بعد الاحتفاء باليوم الوطني لهذا الوطن الذي أعطانا باستمرار، فإننا سنصبح مثل من يصوم رمضان ويخلص فيه العبادة والختم وقراءة القرآن الكريم ويعمر المساجد بالفروض والنوافل ثم ما أن يودع الشهر يعود للغفلة وتأخير الصلاة وترك صلاة الجماعة وهجر المسجد والقرآن أو المعاصي (لا سمح الله).. نسأل الله أن يديم على وطننا نعمه وأمنه وأمانه ورفعته، ويديم علينا الصلاح في أمر ديننا ودنيانا وشكر ربنا وحمده حمدا كثيرا والعمل على رد جميل هذا الوطن في كل دقيقة وساعة ويوم وشهر وعام.

نشر في جريدة الرياض يوم الأربعاء 2 ربيع الآخر 1447هـ 24 سبتمبر 2025م