الكاتب: محمد سليمان الأحيدب

تطور مروري رياضي وصحي يحتاج أن نتطور

من حيث التخطيط والبناء والصرف والرؤية فإننا نعيش قفزات نوعية تحقق أحلامنا وبعضها فوق ما كنا نطمح ونحلم، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الفساد المالي والإداري ومكافحة المخدرات ومجالات السعودة والاستثمار وخفض نسب البطالة والضمان الاجتماعي ومساعدة ذوي الدخل المحدود والإسكان وسرعة التقاضي والربط الإلكتروني للإجراءات العدلية والنمو الاقتصادي والصناعة الوطنية، وجوانب أخرى عديدة يصعب حصرها.

ومن ينكر هذا التطور السريع العازم الحازم ظالم لنا ولنفسه؛ فالنتائج تتحدث عن نفسها والشواهد واضحة، فمثلا محاربة الفساد نجم عنها جودة في تنفيذ المشاريع الحكومية وخوف من المحاسبة كانا غائبين، انعكس على مشاريع نلمسها في حياتنا اليومية، وخذ على سبيل المثال لا الحصر تنفيذ مشاريع الطرق، كنا نعاني من سوء تنفيذ المقاول لها وحدوث تشققات وحفر بعد صيف واحد من التنفيذ، لكنها اليوم أصبحت بمواصفات عالية وجودة واضحة، وقس على ذلك ما شئت.

تطورنا السريع يحتاج أن تتطور معه كل الجهات وكل الموظفين بنفس السرعة ومن لا يستطيع، أو ليس لديه النفس واللياقة لأن يجاري هذه القفزة فعليه أن يريح ويستريح، فمثلا: من أكثر ما سعدت به مؤخرا تدشين الرصد الآلي لعدد من المخالفات المرورية الميدانية والذي بدأ يوم الأحد الماضي، مثل عدم استخدام الأنوار اللازمة عند السير ليلا أو في الأحوال الجوية والقيادة على كتف الطريق وعدم التزام الشاحنات بالمسار الأيمن وقيادة المركبة دون لوحات.. إلخ، هذا الرصد الآلي رائع جدا لكنه يحتاج بالإضافة له لرصد ميداني بواسطة مرور سري مكثف، خصوصا وأن أجهزة الرصد لا يمكنها تغطية كل الطرق والمواقع، وأن كثيرا من المخالفين يعرف مواقع أجهزة الرصد وأن المتعاون مواطنا أو مقيما لا يستطيع التبليغ دون تصوير فوري بالجوال! واستخدام الجوال في حد ذاته مخالفة.

ليل الاثنين الماضي (بعد التدشين) كنت أسير على الدائري الشرقي في الرياض وفوجئت بسيارة سوداء دون أي أضواء تتجاوزني من اليمين بيني وبين شاحنة ضخمة، فلا صاحب الشاحنة يراها عن يساره ولا أنا أراها عن يميني ولولا لطف الله لقذفها أحدنا على الآخر ووقعت كارثة، عندها تساءلت: ماذا استفيد أنا من الرصد الآلي لهذه المركبة (إن حصل) قبل أو بعد أن تتسبب لي في حادث؟! ولماذا لم تتم حمايتي من خطرها بإيقافها ميدانيا منذ دخولها للطريق السريع عن طريق دورية مرور سري.

التطور الكبير بإصدار الضوابط الحكيمة المحكمة الدقيقة التي صدرت من مجلس الوزراء لعمل الأطباء الحكوميين في المستشفيات الخاصة تحتاج من وزارة الصحة إلى سرعة في التطبيق ودقة في المتابعة والمحاسبة وما لم تواكب الوزارة هذا التطور وتجاريه بنفس الحكمة والإحكام فإنها تعيق توجها طالما حلمنا به.

تخصيص الأندية الأربعة الكبار وثبة نوعية عالية في مجالنا الرياضي تحتاج إلى مسايرة وزارة الرياضة لهذا الإنجاز بحزم وعدل ونبذ لكل ما من شأنه استغلال النفوذ لخدمة الميول، واتحاد كرة قدم قوي في لجان مسابقاته وتحكيمه وتوثيقه وانضباطه تتعامل بمهنية وحياد وإبعاد لكل متعصب وفتح الميدان لتنافس رياضي شريف ممتع للجميع، لا غبن فيه ولا غضب ولا توتر.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 18 ذو القعدة 1444هـ 7 يونيو 2023م

أطباء (تويتر) ماذا أصابهم؟ انصحوهم

صحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة (تويتر) و(السناب) و(الواتساب) و(تيك توك) فضحت الكثير من العقليات وأخرجتها على حقيقتها وأخرجت لنا العجب العجاب من الغثاء من مشاهير فلس ومهايطية ومبذرين وسبابين وشتامين وجميعهم، وإن اشتهروا، لا يشكلون نسبة تذكر من مجتمعنا وإن كثر متابعوهم فإن الأمر طبيعي، فالناس بطبيعتها تلاحق ذوي التصرفات الغريبة والطباع العجيبة بدليل أنهم كانوا يلاحقون المجنون ذا التصرفات الغريبة في الشوارع بينما يسير الشخص العاقل الطبيعي وحيدا.

لكننا لم نتوقع قط أن تصل حال بعض المهنيين المتعلمين كالأطباء (مثلا) إلى ما وصلت إليه بعد أن فتحت لهم نوافذ الإعلام الحديث على مصراعيها ليصبح لكل منهم نافذته التي يطل منها بحرية لا رقيب عليه إلا ذاته، بعد أن كان لا يطل على الناس إلا عبر صحيفة سيارة أو شاشة فضية أو أثير إذاعة وجميعها لديها فلاتر ومناخل تميز الغث من السمين، أو على الأقل تحد من الترويج للذات والنرجسية إلى الترويج للمعلومة، وفي بعض وسائل الإعلام التقليدي المهني الرزين يتم التأكد من صحة المعلومة من خبراء ومستشارين في كل مجال، ما أمكن ذلك، أو يأتي من يرد على المعلومة ويعلق على الخبر مصححا ومنبها للعامة، وهو ما لا يسمح به صاحب الحساب في وسائل التواصل الحديثة، حيث يلجأ لإخفاء التعليق أو حتى حظر المعارض للمعلومة الخاطئة.

ما بال طبيب قلب يفتي في أمراض المسالك البولية والعيون والجلد والأذن والأنف والحنجرة بل ويعلن سماحه بزواج مريضة ويتدخل في حياتها الشخصية ثم يدعي حرصا على حفظ سرية المريض؟! وما بال طبيبة تنصح كل حامل أن تلجأ لإبرة الظهر لتخدير الجزء السفلي مدعية أن إبرة الظهر آمنة، مع العلم أن المقولة الطبية الثابتة التي يرددها كل طبيب لمرضاه (ليس هناك إجراء آمن 100 ٪ ولكل تدخل طبي مضاعفاته) بدليل توقيع المريض على تعهد بقبوله للإجراء ومن ذلك إبرة الظهر؟! وما بال طبيب يدعي أن أمنيته أن يعالج مريضه مجانا ومرضاه يعلمون أنهم يدفعون له أضعاف ما يتقاضاه غيره ولا يرونه؟! ألا يخجل من شهود الله في أرضه؟!

صحيح أنه مر علينا في الإعلام التقليدي (قبل تويتر وأخواتها) حالات لبعض أطباء ادعوا إجراء عمليات نادرة وهي ليست نادرة وبعضهم ادعى أنه أجرى العملية المعقدة مع أن الذين قام بها فعليا شباب سعوديون غيره وعقدهم رغم نجاحهم في عمليات معقدة، ولكن ذلك زمن ولّى ونحن الآن في عهد تصحيح وإلهام وحزم وعزم، لذا أنصح بنصح المخالفين لأخلاقيات هذه المهنة النبيلة من بعض أطباء (تويتر) أو إيقاف نشاطهم في وسائل التواصل حماية للمريض ولصحة المجتمع ولقيم وأخلاقيات المهن الصحية جميعا.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 11 ذو القعدة 1444هـ 31 مايو 2023م

الأوغندي والنصر وقطاع خاص مقصر

مصادفة وفي أحد مراكز التسوق بالرياض وجدت عاملا أوغنديا يعمل في ترتيب وتسعير البضائع بالمركز التجاري، وكعادتي مع مثل هؤلاء المغتربين أسألهم عن أحوالهم وكيف وجدوا وطني الحبيب، وأحمد الله أنني ما سألت أحدا أيا كانت جنسيته إلا أبدى سعادته بما وجد في هذا البلد الطيب أهله والمبارك رزقه والأمن من يسكنه.

كان الشاب الأوغندي صغيرا لطيفا ممتنا للحديث فأطلت الحوار معه حتى أتى على ذكر كرة القدم فقال إنه يعشق فريق النصر السعودي قبل مجيء كريستيانو رونالدو وزاد حبه للنصر بعد مجيئه وأنه يتمنى الحضور في الملعب، لكنه لا يعرف كيف يشتري التذاكر ولا كيف يصل للملعب ولا كيف يحدد أي الملاعب ستلعب عليه المباراة، عندها فتحت له موقع الأول بارك وشرحت له الطريقة والطريق وفئات التذاكر لمباراة النصر في الجولة 28 وعندما أخبرته أن سعر الواجهة 70 ريالا وقد تكون مكلفة بالنسبة له، قال: أبدا مستعد لاقتطاع 70 ريالا من راتبي لأحضر للنصر.

كتبت تغريدة أتساءل فيها إن كنا نجيد التسويق لأنشطتنا عامة والرياضية خاصة فتواصل معي عدد من الإداريين في النصر هاتفيا وأبدوا أولا استعدادهم لاستضافة المشجع الأوغندي بمنحه تذكرة فئة منصة وعندما أخبرته طار فرحا وذكر على استحياء أن أحد زملائه لديه نفس الرغبة فرحب به النادي وجعلها تذكرتين منصة، وأوضح الإداري المسؤول أن نادي النصر يسوق جيدا لأنشطته باللغة الإنجليزية عبر حساباته في مواقع التواصل.

هنا أود أن أوضح أن تساؤلي لم يكن عن ناد بعينه أو نشاط بعينه بل ذهبت لأبعد من ذلك وهو: هل نحن عموما نجيد التسويق لما نبدع فيه من أنشطة بلغات من يقيمون عندنا؟ ولماذا القطاع الخاص، ممثلا في الشركات والمؤسسات والمراكز التجارية التي تستقدم مئات الآلاف من العمالة، لا يقوم بدوره في الترويج لجميع الأنشطة السياحية والرياضية والثقافية والترفيهية التي تتم في مدننا وقرانا خدمة لموظفيه أولا ثم إسهاما في تسويق أنشطة مهمة تدر دخلا على الوطن.

يجدر بالشركات والمؤسسات أن تزود موظفيها بجميع المعلومات باستمرار وعبر عدة وسائل وبأكثر من لغة، بل يفترض أن تشجع منتسبيها على الحضور وتقدم لهم عروضا ونسبة تحمل فالصحة النفسية للعامل تنعكس إيجابا على عمله وتعامله واستمراره.

إن الملاحظ (بكل أسف) أن القطاع الخاص لدينا يشارك فقط فيما يعود عليه بالكسب كمنح نقاط ولاء للعملاء أو عروض (بخيلة جدا وشحيحة) في مجالات تنافسية على الزبون.

عندما كنت أدرس في بريطانيا أو أتدرب في أميركا كنت ألمس مشاركة لجميع المتاجر ومراكز التسوق بل وشركات الأدوية والصيدليات في الترويج لجميع الأنشطة الوطنية، لأنهم يدركون أن الإقبال على تلك الأنشطة سينعكس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عليهم عبر دعمه للاقتصاد الوطني.

أتمنى أن يفرض على جميع الشركات والمؤسسات التي لديها أكثر من عشرين عاملا إنشاء إدارة علاقات وترفيه موظفين، وأن يشترط أن تتولى عناصر وطنية مخلصة أمر هذه الإدارة فترتب لأنشطة ترفيهية مجدولة وزيارات تعريفية ورحلات داخل الوطن بما في ذلك رحلات حج وعمرة ويجدر بالغرف التجارية أن تفرض ذلك وتشجع عليه.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 4 ذو القعدة 1444هـ 24 مايو 2023م

المستشفيات الخاصة تلوي رقبة الواجب الوطني

قلت في مقال سابق نشر في هذه الجريدة الغراء يوم الأربعاء 3 مايو 2023م بعنوان (لتسهم المستشفيات الخاصة في علاج الإدمان طوعا أو كرها)، وكان المقترح واضحا يؤكد على أن المستشفيات الخاصة يجب أن تسهم (مجانا) ودون مقابل في علاج الإدمان، ومساعدة من تورطوا في السقوط في وحل استعمال المخدرات على الخروج منه بطريقة علاجية معروفة عالميا، تهون عليهم أعراض الانسحاب وتكفيهم شر العودة لذلك المستنقع، ومشاركة المستشفيات الخاصة في هذه الحرب على المخدرات واجب وطني لا منة فيه، وهو رد دين للوطن على ما قدم لهذا النوع من الاستثمار على مدى عقود طويلة بل قرابة قرن من الزمان، وإضافة إلى أنه واجب وطني ورد دين للوطن فإنه أيضا تعويض للوطن عن ممارسات من هذا القطاع الصحي صبر عليها الوطن كثيرا، وسوف آتي على ذكرها لاحقا في هذا المقال.

وبالرغم من وضوح المقترح وأن الإسهام والمشاركة يجب أن تكون مجانية، إلا أن بعض الأقلام والتغريدات حاولت الالتفاف على موضوع المجانية والتحدث عن دعم المستشفيات الخاصة لفتح مراكز علاج الإدمان بمقابل مادي!! أي يريدون الدعم المعتاد من الدولة لفتح مراكز استثمار يتاجرون من خلالها في أمر علاج الإدمان، وهذا وربي ضرب من الاستغفال والاستغلال الذي تعودوا عليه ويمارسونه دون خجل لا من الوطن ولا من المواطن ولا من أنفسهم.

لقد مارست المستشفيات الأهلية صورا من استغلال صبر هذا الوطن ورحابة صدره، ومن أمثلة تلك الممارسات على سبيل المثال لا الحصر تشغيل الأطباء الحكوميين في مستشفياتهم الأهلية والخاصة أثناء الدوام الحكومي في مخالفة واضحة للأنظمة والتعليمات المتلاحقة لوقف تلك الممارسات، حتى أصدر مجلس الوزراء ضوابط ومراقبة إلكترونية صارمة تحكم عمل الطبيب الحكومي في المستشفى الخاص خارج وقت الدوام وبموافقة جهته وبعد قيامه بكامل نصاب مهامه في المستشفى الحكومي على أكمل وجه وعبر منصة الكترونية محكمة، وكم أتمنى أن تتحرك وزارة الصحة وتشعر وسائل الإعلام بما تم في هذا الخصوص خاصة وأن مهلة التنفيذ قد مر عليها عدة أشهر.

أما الصورة الأخرى من صور ممارسات المستشفيات الأهلية والخاصة المخجلة فتتجسد فيما حدث أثناء أزمة (كورونا) من اختراع تطبيقات تستغل الحاجة للمعلومة حول المرض والأعراض وطرق الوقاية وهي التطبيقات التي استغلت فيها حاجة المريض بجشع مشترك بين بعض المستشفيات وبعض الأطباء، في حين يفترض أن تكون مجانية، هذا إضافة إلى التفنن في استغلال الحاجة لفحص كورونا بوضع أسعار عالية وفئات فحص (مستعجل وعادي وسفري) وكأنك تتعامل مع مغسلة ثياب.

إن ما قلته في المقال السابق، وأؤكد عليه الآن واضح وهو فرض مشاركة المستشفيات الأهلية والخاصة في الحرب على المخدرات (مجانا) طوعا أو كرها، وهذا لا أسميه ضريبة طبيعة استثمار بل هو تعويض للوطن وتسديد ديون سابقة ولاحقة، بل هو عمل مردوده على الجميع؛ فشفاء المدمنين وخلو الوطن من المخدرات يستفيد منه كل مواطن ومقيم سواء كان مستثمرا أو مستهلكا في شكل أمن دائم بحول الله وفضله.

نشر في جريدة الرياض يوم  الأربعاء 27 شوال 1444هـ 17 مايو 2023م

ليكن تدريب الأطباء وطنياً لا شركات فيه

تعلن بعض المؤسسات والمجالس عن برامج لتدريب أطباء الرعاية الصحية الأولية على علاج بعض الأمراض مثل برنامج داء السكري التدريبي وغيره من البرامج الجيدة ذات المردود الإيجابي على الرعاية الصحية سواء الأولية أو المتقدمة، والتي نؤيدها بقوة شريطة ألا يكون التدريب عن طريق شركة لها أدنى علاقة بالمتاجرة في علاج ذلك المرض، وأعني ألا تكون ذات علاقة بالاستثمار في أي عنصر يتعلق بذلك المرض، فمثلا داء السكري يجب ألا يكون للشركة أدنى علاقة بإنتاج أدوية للسكري أو إنتاج أجهزة تحليل السكر أو أشرطة تحليل السكر، لأن في ذلك تضارب مصالح واضحا.

عندما تتولى تدريب أطباء الرعاية الصحية الأولية على علاج داء السكري شركة تنتج أدوية ذلك الداء أو أجهزة وأشرطة تحليله أو أي عنصر يتعلق بعلاجه، فإن من مصلحة الشركة أن تنحاز لمنتجاتها أو أجهزتها أو أشرطتها وكل ما يتعلق بها، وهنا فإن التدريب لن يكون خالصا للصالح العام.

ليس هذا فحسب؛ بل إن هذا الأمر سيتحول لسلوك دعائي مؤثر على استقلالية القرار الطبي، بمعنى أن تأتي شركة إنتاج حليب أطفال (مثلا) وتعرض خدماتها لتبني برنامج تدريب أطباء وطبيبات الأطفال، وربما الأمهات أيضا، على التغذية المناسبة للمولود في مراحله العمرية، وهنا لا تستطيع أن تستبعد انحياز تلك الشركة لمنتجاتها من حليب الأطفال، وقس على هذا الأمر ما تشاء مما يتعلق بالرعاية الصحية سواء الأولية أو المتقدمة.

لا مانع إطلاقا من أن تسهم (تطوعيا) شركة أو عدة شركات في الدعم المادي والرعاية المالية لأحد برامج تدريب الأطباء أو أكثر من برنامج بشرطين مهمين: الأول ألا يكون لتلك الشركة أدنى علاقة بما يختص بالمرض أو أدويته أو وسائل علاجه، والثاني أن يكون التدريب حكوميا صرفا مستقلا عن الشركة في كل ما يخص المادة العلمية وطرق وبروتوكولات العلاج والمنتجات المستخدمة.

إن ما نتحدث عنه يأتي من رصيد من التجارب الصيدلانية مع أساليب شركات ووكلاء الأدوية والمنتجات الدوائية والصحية على مدى 40 سنة، رأيت خلالها حيلا كثيرة تمارسها تلك الشركات لإيهام طبيب منشغل بتخصصه ولا يعطي معلومات الدواء حقها من البحث أو سؤال الصيدلي المتخصص، فيوهمونه بأن منتجهم سحري لا أعراض جانبية له ولا عيوب ولا تعارض مع مرض أو دواء.

لقد كنا نحن صيادلة المستشفيات الحكومية السعوديين نمنع مندوب الشركة من الانفراد بالطبيب ونفرض عليهم موعدا ولقاء بحضور الصيدلي السعودي، فنقاطعهم ونذكر ما ثبت من أعراض جانبية وموانع استخدام لمنتجهم، ونتصيدهم في ممرات المستشفى للحيلولة دون ما يمارسونه من تدليس وهدفنا الأول والأخير هو المريض المسكين الضحية لكل ما يفعلون.

نشر بجريدة الرياض يوم  الأربعاء 20 شوال 1444هـ 10 مايو 2023م

لتسهم المستشفيات الخاصة في حرب المخدرات طوعاً أو كرهاً

اقترحت في عدة مناسبات وعبر عدة تغريدات في (تويتر) أن يلزم القطاع الخاص بالإسهام في الحرب على المخدرات التي يخوضها الوطن هذه الأيام بكل بسالة واخلاص وتفانٍ من كل القطاعات الأمنية بتوجيه حكيم من القيادة، وهي حرب رابحة، المنتصر فيها هو كل المجتمع بجميع فئاته وشركاته ومؤسساته وجهاته، وواضح أن حملة مكافحة المخدرات بدأت تؤتي أكلها، خاصة في جانب البداية باجتثاث عناصر الترويج والاستعمال وتجفيف مستنقعات التخزين وتحديث التشريعات المتعلقة بالحيازة والاستخدام والتفتيش والقبض.

أما لماذا يجب أن يسهم القطاع الخاص بكل أنشطته ومجالاته في هذه الحرب والمكافحة فلأن الحرب على المخدرات مثلها مثل أي حرب يخوضها الوطن يجب أن نجند جميعا للإسهام فيها، لأن مردود الانتصار فيها يعود علينا جميعا بالأمن والسعادة والاستقرار، فالوطن جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، وقد أثبتت الأيام أن مخدر (الشبو) وحده سبب لنا جميعا حمى نسأل الله أن يقطع دابرها.

وبالنسبة لمقترح الإلزام وعدم ترك الخيار للشركة أو البنك أو المؤسسة أو المستشفى الخاص في الإسهام، فلأن تجربتنا مع أداء القطاع الخاص لواجبات المسؤولية الاجتماعية مخيبة للآمال فرغم الدعم الحكومي منقطع النظير بالأرض والقرض والتسهيلات إلا أن بعض مؤسسات وشركات القطاع الخاص والبنوك لا تزال مقصرة في القيام بمسؤولياتها الاجتماعية.

المستشفيات الخاصة تحديدا يجب أن تسهم طوعا أو نظاما في علاج المدمنين وفتح أقسام داخلية مجانية لعلاج الإدمان بكل يسر وستر، فالمستشفيات (وأقولها كصيدلي قديم) لها دور في انجراف بعض الشباب في الإدمان على الأدوية التي تحتوي مهدئات أو مواد مخدرة مراقبة، وذلك في الوصف الجائر لهذه الأصناف بعد الإصابات والعمليات دون حاجة ماسة، وهذا كان يحدث بشكل أكبر في الثمانينات والتسعينات الميلادية وبوجود أطباء من جنسيات تتساهل وتجامل، إلا أن تزايد الصيادلة السعوديين وجهودهم الوطنية جعلهم يفرضون قيودا أكثر على وصف وصرف عدد كبير من تلك العقارات، فتضاعفت أعداد الأدوية المدخلة في جداول وقوائم الأدوية المراقبة والمقيدة كمخدرات وتم تقييد وصفها خاصة للمرضى خارج المستشفى، كما أن تزايد أعداد الأطباء السعوديين في كل التخصصات في المستشفيات الحكومية جعل وصف هذه الأصناف محدودا ومرتبطا بالحاجة الضرورية القصوى، وهو ما نتمنى أن يحدث في المستشفيات الخاصة.

وقياسا بما تحظى به المستشفيات الخاصة من دعم وتسهيلات وتشجيع حكومي فإن عليها أن تسهم في الحرب على المخدرات وعلاج الإدمان طوعا أو كرها.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 13 شوال 1444هـ 3 مايو 2023م

كل عيدنا تغير إلا صلاة العيد

سوف أسرد لكم أشياء اختفت من عيدنا وأشياء أخرى تقلصت وذلك مقارنة بعشر سنوات مضت، لكن قبل أن أسردها لكم دعونا أولاً نحمد الله أن ارتياد المساجد لأداء صلاة العيد، وقبل ذلك صلوات التراويح والتهجد، في ازدياد كبير وواضح خاصة بين فئة الشباب بنات وبنين، وهو أمر يبشر بخير عظيم، فصلاح الأبناء والبنات من صلاح المجتمع، وتفرغهم للعبادة يعني عدم انشغالهم بغيرها مما قد يضرهم أو يضرون به غيرهم، وكلما زاد الأسوياء الصالحين في وطن كلما زاد فيه الأمن والاطمئنان وقلت الجريمة وازعاج السلطات.

أما الأشياء التي اندثرت أو تقلصت فأسردها لكم تذكيراً فقط، وإلا فإنكم لا بد تعرفون أغلبها أو كلها، ولكل منا رأيه الشخصي حول اختفائها أو تغيرها، وهل هو إيجابي أم خلاف ذلك، وإن كنت شخصياً أراه إيجابياً. بعد أن طبقت الجهات المعنية ما طالبنا به كثيراً وهو تضييق الخناق على مستوردي الألعاب النارية وتجار الجملة وليس فقط من يبيعها بالتجزئة من النساء والأطفال في (البسطات) قلّ استخدامها كثيراً، وقلّت حوادث الإصابات والحروق، وفي الوقت ذاته تولت جهات الاحتفاء بالعيد إطلاق ألعاب نارية عامة مأمونة وفقرات احتفاء شعبية منظمة.

الأجواء الربيعية وهطول الأمطار هذا العام جعل الناس أكثر نشاطاً وتوجهاً للقرى بدلاً من السهر ليلاً والنوم نهاراً، وحقيقة لا بد من ذكرها أن كثيراً من المدن والقرى استقبلت العيد كما يجب باحتفالات شعبية وفقرات ترفيهية، وهنا أشيد بما عايشته في مدينة جلاجل بمنطقة سدير من احتفالات وطنية رائعة شارك فيها الصغار والكبار والنساء والرجال (بتحفظ واتزان وعقلانية)، وبذلت خلالها البلدية جهوداً كبيرة بمشاركة الشرطة والدوريات وكافة الجهات الأمنية وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمتطوعين من شباب وفتيات جلاجل.

كان القارئ يدفع ريالين لكل صحيفة ورقية يشتريها، وكانت كل صحيفة ورقية تصدر بأكثر من ثلاثين صفحة أغلبها إعلانات تهنئة بالعيد خلاف الملاحق، وكان ذلك هدراً للمال والورق أما اليوم فقد أصبحت مواقع الصحف نفسها إلكترونية تأتي بالمفيد بضغطة زر.

كانت شركات الاتصالات تجني أرباحاً طائلة من رسائل التهنئة التي تحدد الكل والمشترك تصل فاتورته لحدها الأعلى يوم العيد من تكاليف الرسائل النصية، وتنشغل شبكات الاتصال وتعلق بعضها أو تبطؤ أو تتوقف من شدة الضغط على الشبكة، أما اليوم فإن رسائل (الواتساب) المجانية جعلت المرسل يتفنن بها صوراً وفيديو ويحدد الكل ويرسل، (وإن كنت اعتبر تحديد الكل يفقد التهنئة تقديرها للمرسل له فقد لا يكون مقصوداً أو تصله من خصم).

يبدو لي (دون إجراء دراسة استقصائية مؤكدة) أن الناس أصبحوا أكثر توفيراً وعقلانية في حفلات العيد الجماعية، فقلّ كثيراً الهدر والمبالغة في ذبح الذبائح وشراء الحلويات والكعكات، وبدلاً من ذلك إعداد وجبات وطبخات شعبية بكميات معقولة، فقلّ الهدر والهياط، ولعل لأزمة كورونا دور في الاقتناع بأن العيد يمكن أن يحتفى به دون مبالغات وهياط تصديقاً للمثل الشعبي (يجوز العيد بلا حنا).

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 6 شوال 1444هـ 26 إبريل 2023م

لنعود لتقنية «الفار» وعين الصقر

شئنا أم أبينا فإن كرة القدم تلعب دورا في حياتنا، ومن يقول غير ذلك فإنه يكابر، أليست هي الأكثر متابعة؟ أليست هي حديث المجالس والمكاتب ومقار الأعمال ومواقع التواصل الاجتماعي؟ أليست هي التي تحظى بأكثر البرامج وتسيطر على الحوارات؟ أليست هي أكثر مجال يتم تناوله بشفافية كاملة وسقف عالٍ من النقد والنقاش المفتوح على الهواء دون تحفظ أو مراجعة؟ أليست هي التي حظيت بالنصيب الأكبر من النقل المباشر والتصوير وإعادة اللقطات وتسخير تقنية حكم الفيديو المساعد وربما عين الصقر قريبا جدا.

إذاً ما المانع من أن نستشهد بها ونطالب بالاقتداء بإجراءاتها الاحترازية الداعية لتحقيق العدالة في شؤون الحياة الأخرى مثل شؤون التوظيف والترقيات والمكافآت، وقبل هذا وذاك التحقق من الأصحاب الحقيقيين للإنجازات، خصوصا أننا نشهد، ولله الحمد، قفزات نوعية غير مسبوقة في مجال التأكد من النزاهة وترسيخها ومكافحة الفساد؟

أتمنى أن نطبق ما يشبه تقنية (الفار) ولكن في المجالات الوظيفية بأثر رجعي، أي عن طريق إعادة الفيديو لحقيقة أصحاب الإنجازات في مجالات عديدة منها الجراحية والطبية والهندسية والأفكار والمقترحات والحقوق الفكرية، فمثل ما مررنا بحوادث فساد وسوء استغلال للسلطة وغسيل أموال واختلاس للمال العام ونهب للأراضي والشواطئ، وهو ما تم تناوله بحزم وعزم وشفافية عالية ولا نزال، ولله الحمد، نحقق النجاح تلو الآخر في كشف مرتكبيه وملاحقتهم ومعاقبتهم، أقول مثلما مررنا بحوادث الفساد المالي تلك، فإننا قد نكون مررنا بحوادث مشابهة ولكن في مجالات فساد وظيفي فيها استغلال للسلطة واستغلال للمنصب، ليس ماليا ولكن معنويا بسرقة نتائج بحوث أو نتاج عمل جراحي أو طبي أو هندسي أو فكري، استغل فيه المدير سلطته على الموظف صاحب الإنجاز الحقيقي ونسبه لنفسه.

نفس الشيء يقال عن التعيينات والترقيات والانتدابات والابتعاث والترشيح للمناصب والتمييز في تقارير الكفاية، وغير ذلك من الممارسات التي ربما خسرنا بسببها أعدادا من المبدعين من جراحين وأطباء وصيادلة ومهندسين وباحثين وكيميائيين وفيزيائيين لمجرد أن رئيسهم سرق إنجازاتهم وأحبطهم.

تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) التي استعرتها هنا سهلت التطبيق في تلك الصور من الأخطاء المرتكبة، فالناس شهود الله في أرضه وهم يعلمون ما دار ويدور في كواليس مقار عملهم، ويمكن لكثير منهم إعادة شريط فيديو الذكريات، كما أن المتضررين إذا علموا بوجود مراجعة للفساد الوظيفي سيجدون فرصة لرفع أيديهم والشكوى من ولوج هدف لمتسلل، كما أن عين الصقر إذا حضرت ستصور المرمى من جميع جهاته وستعرف من حقق الهدف ومن ادعى تحقيقه.

نشر بجريدة الرياض يوم الأربعاء 21 رمضان 1444هـ 12 إبريل 2023م

التشوه المروري أهم من التشوه البصري

والمقصود بالتشوه المروري هنا ليس ازدحام الطرق فقط، بل التشوه المروري الأهم الذي تعاني منه مدننا ومنها العاصمة الرياض هو فوضى سلوك قيادة المركبات وعدم التقيد بأنظمة المرور وعدم القيادة بفن وذوق، مما يجعل مرتادي الطريق في حالة ارتباك وقلق وخوف شديد من متهور يريد التجاوز من أي جهة وآخر يلصق مقدمة سيارته في مؤخرة سيارتك ليجبرك على الانحراف للمسار الآخر حتى لو كان مزدحما وإن لم تفتح له الطريق فإنه سيجبرك على السير بنفس سرعته أو سيصدمك عند أي توقف مفاجئ، وثالث بمجرد أن تشغل إشارة الانعطاف يصر على أن يعاندك ويدخل من نفس الجهة التي تريد أن تنعطف إليها، وكأن الإشارة استفزته فقرر منعك من الانعطاف.

تلك السلوكيات و(التشوهات المرورية) لاتزال الرقابة المرورية غير قادرة على رصدها كمخالفات فورية وآلية لأنها تحتاج لمرور سري مكثف ومطاردة للمخالف وتصويره بالجرم المشهود على طول الطريق، فهذه المخلوقات الغريبة سريعة جدا ومتهورة ومخيفة للسائق والسائقة الملتزمين الهادئين اللذين يحترمان النظام وحق الآخرين في الطريق.

وحقيقة فإن عبارة (غير قادرة على رصدها) فيها كثير من التلطف، فالحقيقة أن بعض دوريات المرور غير جادة في رصد تلك السلوكيات كمخالفات، وتركز على الرصد الآلي للسرعة وربط الحزام واستخدام الجوال، لذا يفترض أن نفرق بين الرصد الآلي للمخالفات التي تغطيها (الكميرات) وأجهزة الرصد وبين رصد السلوكيات المتهورة التي تستوجب تكثيف الدوريات السرية والمتعاونين لإجبار هؤلاء على احترام حق الآخرين في الطريق.

إن التشوه المروري المتمثل في فوضى قيادة المركبات والسلوكيات المستفزة هو ما جعلنا نخشى قيادة السيارة في مدن مثل القاهرة وإسطنبول وبومباي وحتى أثينا، وأحيانا نتردد في اختيارها كوجهة، بينما نرتاح للقيادة في مدن أكثر ازدحاما مثل لندن وباريس ولوس أنجلس، لأنك في تلك المدن ستكون آمنا إذا أجدت اتباع نظم السير وستجد نفسك موقوفا فورا إذا خالفتها بقصد أو بغير قصد.

لقد نجحنا نجاحا باهرا في جعل مدننا جاذبة بيئيا وبصريا وترفيهيا وتجاريا ولا يشوهها حاليا إلا السلوك المروري، وأرى أن التشوه المروري أهم من التشوه البصري وأخطر وأجدر بسرعة المعالجة.

نشر بجريدة الرياض في يوم الأربعاء 14 رمضان 1444هـ 5 إبريل 2023م

أغرب رد على تهنئة

في رأيي الشخصي الذي لا أفرضه على غيري – وقد يكون خاطئا – أرى أن رسائل الواتساب المرسلة للكل (والتي لا تحدد الشخص بالاسم) لا تليق كتهنئة لعزيز، وأسميها رسائل معلبة أو مسبقة الصنع، ولأنها ترسل بتحديد الكل فإنها قد تصلك من عدو كاره أو خصم حفظ رقمك ولا يقصد تهنئتك، وليس عدم القصد هذا هو النقيصة، بل قد يكون خيرا لتلطيف الأجواء بغير قصد، ولكن النقيصة في مساواة هذه الرسائل بين عدو وصديق وكاره ومحب وفي هذا عدم عدل.

قلت سابقا في مقال نشر في (عكاظ) منذ خمس سنوات، بعنوان: (للمخلصين تهنئة الواتس لا تكفي) وأعيد القول بفخر إنني أخذت على عاتقي تهنئة كل من أخلص لهذا الوطن حضورياً أو باتصال هاتفي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولست بطبيعة الحال من يضع معايير تصنيف الإخلاص للوطن، فهي واضحة وضوح الشمس، في شكل إنجازات متميزة قوامها البذل وتأدية الأمانة وتغليب للمصلحة العامة على المصالح الشخصية.

من يخلص في عمله، ويؤدي أمانة مهامه في خدمتنا كمواطنين، لا شك أنه يجبرنا على الامتنان له، ونحمل في قلوبنا له واجب رد الجميل، مقارنة بمن لا يؤدي مهامه بنفس الإخلاص ويغلب مصالحه الشخصية على الصالح العام، أما الوطن فلا جميل لأحد عليه بل الفضل دائماً لله ثم للوطن.

من منطلق أن لكل موظف مخلص – سابق أو على رأس العمل – فضلا علينا فإنني أرى أن أقل ما نقدم له هو تهنئته في المناسبات السعيدة مثل دخول شهر رمضان والعيدين، فالامتنان والشكر للمخلص واجب، وكذا تكريمه في حياته، أما الثناء فخير ما يكون بعد الوفاة.

والامتنان لمن ترجل عن الفرس أسهل وأبلغ معنى، وأدل على الوفاء، وهذا ما أحاول جاهدا فعله إما حضوريا أو بالاتصال الصوتي، إضافة لتهنئة صوتية لكل من له فضل علي شخصيا أو على والدي أو أسرتي، وقد ذكرتهم بالاسم في ذلك المقال، لكنهم كثروا كثيرا خلال الخمس سنوات الماضية، فلم تعد المساحة تكفي لتعدادهم، جزاهم الله عني خير الجزاء، وأعان أبنائي وأحفادي على محاولة رد جمائلهم.

عندما لا أحظى برد على المكالمة الصوتية أبعث برسالة نصية خاصة للشخص مؤكدا له أنني سوف أعيد المحاولة “قد ترى في هذا بثارة، لكنهم يستاهلون تهنئة حضورية وتقبيل رأس”.

كثير ممن أتصل عليهم يدخلون معي سباقا في السنوات القادمة، فيبادرون قبلي بالتهنئة وهذا شعور جميل جدا، لكن لطفهم يخجلني جدا حد الإحراج، فأحاول تلافيه في مناسبة قادمة أسبقهم فيها.

أما أغرب موقف مر بي فهو عندما حاولت جاهدا الاتصال كالعادة بمسؤول سابق لتهنئته؛ تقديرا لما قدم من واجبات وظيفته العادية، وعندما لم يرد هذه المرة على مكالمتين صوتيتين، أرسلت له رسالة نصية، فرد على رسالتي اللطيفة برسالة يدعو علي فيها دعاء شديدا بالويل والثبور وعقوبة شديدة من الله، لأنني كتبت مقالا يعارض رأيا علميا طبيا طرحه في مقال، وكان الموضوع مجالا للنقاش العلمي ويحتمل أكثر من رأي، ورأيه أبعدها عن الصواب كما ثبت لاحقاً، فكانت تلك أغرب تهنئة ورد تهنئة، لكنها قطعاً لا تحبطنا عن أداء الواجب إطلاقاً.

نشر بجريدة الرياض يوم الأحد 11 رمضان 1444هـ 2 إبريل 2023م