الكاتب: محمد الأحيدب

هوية الصرصور أهم من هوية الشاكي

أذكر موقفا قديما جدا لذات المسؤول عندما تحدثت قناة الإخبارية السعودية الوطنية في أحد برامجها عن فساد المؤسسة التي يديرها بالأدلة والقرائن، لم يكن يفكر بذلك العيب الذي أهدي إليه، ومن المعني به؟! ومن المتسبب فيه؟! ومن هم أطرافه؟! وكيف يعالجه؟! وقبل ذلك كيف يوجه الشكر للشاهد الذي كشف الفساد وبلغ عنه؟!

 

كانت أول ردة فعل له هي: من أوصل الشاهد للبرنامج؟! ومن خلف إدلائه ببلاغه الوطني وشهادته الهامة؟!.

 

تذكرت ذلك الموقف وأنا أطالع خبر «عكاظ»، أمس الثلاثاء، واستغرابها من ردة الفعل الوحيدة لصحة القصيم على شكوى مواطن عن وجود حشرات وصراصير في مستوصف أهلي في القصيم تهدد صحة المرضى، وأن ردة الفعل اقتصرت على المطالبة بمعرفة اسم الشاكي وتفاصيله، بدلا من الاهتمام بفحوى الشكوى ومصداقيتها، والعمل على تجاوزها وعلاجها. السلوك المثالي الصحيح هو أن تكون جولة رقابية لوزارة الصحة هي من اكتشف الحال السيئ للمستوصف، خصوصا أن الواضح من التفاصيل المسببة لانتشار الحشرات أن السبب يعود لأعمال حفريات لم تتخذ احتياطات النظافة والعقامة وتوفر البيئة الصحية لمنشأة يفترض أنها صحية، وهذا معناه أن أعمال الحفريات قديمة لم تتم بين عشية وضحاها!!.

 

كان ذلك هو السلوك المثالي، أما المفترض كأضعف الإيمان، فهو أن تبادر الجهة الرقابية في الصحة إلى التوجه للمستوصف فور علمها بالشكوى، بصرف النظر عن الثقة في صحتها، فالزيارة مفروضة ببلاغ أو بدون، فكان على صحة القصيم مباغتة المستوصف ومشاهدة الحشرات على الطبيعة ومعرفة (هوية) الصرصور وتفاصيل نوعه وجنسه وعائلته، وبالمناسبة هذه ليست مزحة، فإن الحشرات ــ ومنها الصرصور ــ لها أصل وفصل وفصيلة وشعبة وفئة وعائلة ونوع ورتبة تحدد خطورتها وانتشارها في البيئة ودرجة تهديدها للإنسان (ولكن لا يمكن طبعا لصرصور، أيا كانت عائلته، رغم حقارته أن يصف إنسانا بأنه غيمة سوداء أو نيجاتيف)، والصرصار من شعبة المفصليات وفئة الحشرات وعائلة بلاتيديا، والصرصور في الصورة التي بعث بها الشاكي من نوع الصرصور الأمريكي الخطير المسمى علميا (بيربلانيتا أمريكانا).

 

وعلى أية حال، فإن استغراب «عكاظ» عن ترك مباشرة الشكوى إلى السؤال عن هوية الشاكي في محلها، وتحتاج إلى بحث على مستوى وطني يسلط الضوء على هذا السلوك الشائع العجيب في دوائرنا.

 

قنواتنا الفضائية .. وطنية إلا بحضور الدولار !!

أقصد القنوات الفضائية التجارية المحسوبة علينا وطنيا، وهي لا تقصر إطلاقا في عرض قضايا المواطنين بحماس ومهنية تفوق القنوات الحكومية حاليا، خصوصا في فترة العض على المصالح بالنواجذ، وتجريب الكرسي والحرص عليه.

 

ما علينا، دعونا نعود للقنوات التجارية المحسوبة علينا، فهذه القنوات تنتقد بشدة وبحس وطني وتثير القضايا التي تهم المواطن وتبدي حرصا على مصلحته وغيرة على صحته وسكنه وشأنه الاجتماعي والتعليمي والوظيفي، وهي غيرة محمودة وحرص مشكور يفوق كل تصور!!، وللأمانة، فلولا برامجها الحية على الهواء لما صلحت قلة من الأحوال، وإن كان كثير منها لم يصلح، فهو على أقل تقدير أثير فأحرج الجهة المعنية!!.

 

الغريب جدا وغير المقبول بتاتا أن ذات القنوات التجارية تناقض نفسها وتستمر فيما يسبب ضررا كبيرا على صحة المواطن وسكنه وسكينته وشأنه الاجتماعي والتعليمي والوظيفي إذا تعلق الأمر بالدولار القادم من الإعلان!!، حتى ولو كان حفنة من الدولارات!!.

 

خذ دليلا على ذلك عدم تجاوب تلك القنوات المرئية والمسموعة مع الموقف القوي الصارم لمجلس الوزراء تجاه ما يسمى (كذبا) بمشروبات الطاقة التي ثبت بما لا يدع مجالا لشك علمي بأنها ضارة وخطيرة على المخ والأعصاب والقدرات الذهنية وجنين الحامل، ودورها في أمراض مستعصية كثيرة لا يتسع المجال هنا لسردها، فما زالت تلك القنوات تعلن عن هذه المشروبات الضارة المنهي عن الإعلان عنها من أعلى سلطة في الوطن، وخصوصا في البرامج الرياضية والموجهة للشباب!.

المثال الثاني الدعاية لأخطر آفة على العالم أجمع، وهي التدخين، عبر عرض تعاطي السجارة في أفلام البطولات والإثارة و(الأكشن) التي تجذب الشباب إلى تقليد البطل، فعرض لقطات التدخين ممنوع في أمريكا (مصدر تلك الأفلام التي يعرضونها)، لكن (ربعنا) بغباء أو بقصد يعرضون نسخة الفلم التي لم (تمنتج) وتزال منها لقطات المدخنين!.

 

حسنا، لقطات التبرج وما يليه تحرصون عليها لشيء في أنفسكم تجاه من ينهى عنها!!، فما الذي يحرصكم على الدعاية للتدخين، وهو الذي سبب لكم التصلب اللويحي وشلل الرعاش ابتداء، ومن المؤكد أن نهايته سرطان ووفاة بسكتة قلبية؟!.

الإصلاح بدأ من الزلفي.. وبدون أرامكو

أحرج أهالي الزلفي الجميع حينما استطاعوا وبجهود ذاتية وتكاتف الأهالي وخلال أيام معدودة تركيب كراسٍ مرقمة في ملعب كرة القدم واستيعاب جماهير غفيرة حضرت لمشاهدة لقاء فريق الزلفي بفريق الهلال فتم اللقاء بنجاح، وقبله تم تركيب وترقيم الكراسي بنجاح غير مسبوق.

 

الميزة الكبيرة في التحدي هو أن كل شيء كان مفاجئا جدا ودون سابق إنذار وحدث بمجرد فوز مفاجئ أيضا على فريق من فرق الدرجة الممتازة هو فريق الشعلة وبالتالي تقرر لعب مباراة على ملعب الزلفي خلال أيام ومع فريق جماهيري لا يبعد كثيرا عن الزلفي.

 

الميزة الأكبر أن الإنجاز جاء في وقت تعثرت فيه مشاريع ترقيم وترميم وتركيب بوابات إلكترونية لملاعب كثيرة يقوم عليها موظفون يتقاضون رواتب فلكية وبدلات انتداب عالية وتذاكر سفرات مكوكية ومصاريف عالية، ثم يبررون تأخرهم في إنجاز المهمات البسيطة الموكلة إليهم بأعذار واهية تجعل وزارة المالية مشجبا يعلقون عليها أعذارهم مع أن ذات الوزارة هي من يصرف انتداباتهم وتكاليفهم الباهظة!!.

 

الزلفي تستحق مكافأة من وزارة المالية لأنها أثبتت براءة الوزارة من دم التعثرات والفشل الذريع وأن الخلل يكمن في روح وحماس ومتابعة عدد ممن كانوا يوما ما ينتقدون كل شيء وعندما تقلدوا المسؤولية أهملوا كل شيء إلا مستحقاتهم وسفراتهم.

 

حماس وانتماء أهالي الزلفي أثبت أن سر الإنجاز ليس في إيكال المشاريع لشركات المقاولات الكبرى أو إيكال المتابعة لأرامكو بل للشراكة الكبرى في الهمة والحماس والإخلاص وصلاح من يصر على تحقيق الإنجاز ولو كان معجزة.

 

باختصار أهالي الزلفي بإنجازهم السريع وضعوا كرة قوية في حلق مرمى كل من تحجج بتعثر مشروع ووقف خصما للإصلاح وهي أهم من أي كرة دخلت في مرمى الخصوم.

جلد رئيس ناد

قلت كثيرا إنني أحسد الرياضة وتحديدا كرة القدم، أحسدها في أشياء كثيرة من أهمها هامش الحرية الإعلامية والشفافية العالية وسقف النقد العالي ومناقشة القضايا أولا بأول ومحاسبة المسؤول أي مسؤول على الهواء مباشرة، مع التحفظ الشديد طبعا على سوء استغلال هذه الحرية من فئة متعصبة وتوظيفها لمصالح شخصية ومصالح أندية دون أخرى، وهذا يعيب الأشخاص ولا يعيب الحرية وتكاثر المهنيين الجدد وقوانين المحاسبة والتقاضي كفيلة بتلاشي سوء الاستغلال.

 

أحسد المجال الرياضي أيضا على ميزة أن رئيس النادي أو المدير أول من يحاسب، وهذه ميزة عظيمة وتاج على رؤوس الرياضيين لا يراه إلا غيرهم في بعض المجالات!!، حيث يخرج المتسبب من المسؤولية عند حدوث مصيبة كما تخرج الشعرة من ساق ناعمة بفعل ملقط مكينة كهربائية (ماتوا إلي يقولون الشعرة من العجينة.. شيء مقرف).

 

في زاوية (قالوا وقلنا) أول أمس الجمعة علقت على خبر (عكاظ) عن سجن وجلد منسوبي شركة سيارات سحبوا سيارة مواطن لم يدفع أقساط الإيجار المنتهي بالتمليك، فقلت: (والمدير الي أعطاهم الأوامر ماجابوا له طاري؟!)، وفعلا هذا مثار استغراب لأن الموظف لا يسحب السيارة دون أمر من مدير الشركة الذي يسلمه المفتاح الاحتياطي للسيارة ومعه أمر صريح بسحبها من العميل وربما لو لم ينفذ الأمر لسحبه المدير من قائمة موظفي الشركة!!.

 

كان ذلك مجرد مثال يعبر عن صور أعم وأخطر عن عدم تحميل المسؤول المسؤولية ومحاسبة الموظف دون المدير، وأحيانا مكافأة المدير!!، ولو طبقت نعمة المحاسبة الرياضية في مجال كرة القدم على حادثة الشركة التي سحبت سيارة المواطن لكان مدير عام الشركة بين المندوبين أثناء الجلد يلعن معهم قرار التأجير المنتهي بالجلد مع كل (محطة عصا).

قالوا وقلنا

** قالت (مكة): الشيشة تنتشر بين فتيات الرياض بـ(الديليفري).

* قلنا: يجهلن أنها توصيل سريع لسرطان الرئة!!.

 

**

** وقالت أيضا: انهيار في مدرسة عنيزة يصيب طالبتين ومحاولة اعتداء على مدير التعليم!!.

* قلنا: (مساكين مديري التعليم.. طيب لو انهار مبنى إدارة التعليم يعتدون على مين؟!).

 

**

** قالت مجالس بلدية: أعطوا الأمين صلاحيات الوزير.

* قلنا: وش يبقى للوزير.

 

**

** قالوا: غرف قياس الملابس دون مظلة رسمية!!.

* قلنا: (يعني ممكن يطلون عليها من فوق.. بس ما يحتاجون مركبين كميرات!!).

 

**

** قال مسؤولو الدعم الفني بوزارة الإسكان لـ(عكاظ): منطقة عمل المواطن تحدد مكان تقديمه للسكن!!.

* قلنا: (يعني المتقاعد والعاطل يبات في الشارع؟!!)

 

**

** قالت محطة أخيرة بـ(عكاظ): السجن والجلد لمندوبي شركة سيارات سحبا سيارة مواطن.

* قلنا: ( والمدير إلي عطاهم الأوامر ما جابوا له طاري؟!!).

 

**

** قالت (عكاظ): الرقابة تتولى التحقيق في قضايا تزوير الإجازات المرضية!!.

* قلنا: (ممتاز .. لكن نريد تحقيقا مع أطباء يزوغون عن الدوام، فلا يمنحون مرضاهم إجازات غير مزورة!!).

 

**

** قالت (الرياض): تقارب رؤوس الفتيات الأمريكيات عند التصوير بكاميرات الجوال ينقل القمل!!.

* قلنا: (عندنا تقارب رؤوسهن في الفصل المزدحم يخلي القمل يتعازمون كل يوم في رأس!!).

 

**

** قالت (عكاظ): التحقيق مع 4 قياديين حولوا 18 مشروعا لخدمة أحيائهم!!.

* قلنا: (بيطلعون براءة لأن 18 ما تقسم على 4 وتكون دعاية المكاتب العقارية مخطط يسكنه قيادي!!).

 

**

** قالت وكالة (ي ب أ): ضبط سياسي إسباني يشاهد صورا عارية بالبرلمان!!.

* قلنا: (يا حليلهم فاضين؟!!).

 

**

** قال مدير القناة الرياضية لبرنامج (يا هلا): وصف القناة بـ(الخشبية) قديم وستصبح ذهبية ثم ماسية.

* قلنا: ليس قبل إزالة الأخشاب التي أكلتها سوسة التعصب والميول إخراجا وتقديما وإعدادا.

الفساد لا يحتاج لمعرض كتاب

تشارك الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة في معرض الكتاب للمرة الثالثة على التوالي، ويقول المشرف على جناح المركز أن المشاركة تأتي بناء على حرص رئيس الهيئة ولتعريف الجمهور بصور الفساد.

 

وصور الفساد موجودة وتتجسد للجمهور بالصورة والصوت على أرض الواقع فهم يرونها بصور ثلاثية الأبعاد ورباعية الأبعاد ومن كل جانب، يرونها في طريق جديد يغرق ومستشفى يخر سقفه مع أول رشة مطر ومطار جديد تمطر صالاته وجسر يهوي ومبنى مدرسي يسقط سقفه وهو حديث البناء ورأوا حديثا في مدارسهم أن الأرضيات تهوي، يرون الفساد في مشاريع تتعثر وأخرى تتوقف، يعايشونه في حياتهم ويرون أعراضه في ثراء فاحش سريع.

 

مثل هذا الجمهور لا يحتاج إلى معرض ليعرض كتيبات تعرف بالفساد وتنهى عنه ولا مطويات تحث على التبليغ، فالفساد يبلغ عن نفسه، وأنا أقدر حماس رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة للجانب التوعوي وحرصه على تنفيذ جانب هام من أهداف الهيئة وهو تعزيز النزاهة وترسيخ مبادئها ولاحظت ذلك حتى في مناسبات اجتماعية (وعزائم) ودعوات خاصة، حيث تحرص الهيئة على توزيع مطوياتها وكتيباتها وأقلامها، لكن الأهم أن توزع (براياتها) التي تحتوي أمواسا حادة في إزالة الفساد.

 

الجمهور يحتاج من هيئة مكافحة الفساد أن تبدأ بالأهم وهو محاربة الفساد الواضح ومسح صوره المتكررة التي ذكرناها صورة تلو الأخرى وتنظيف المجتمع منه بحزم وقوة وشفافية فإذا ما قضت على الفساد أو الجزء الأكبر منه فلا مانع من أن تشارك في معرض الكتاب بعرض إنجازاتها.

يحيا مجلس الوزراء .. تعظيم سلام

لا تلوموني فما كنت أطالب به الوزارات والهيئات المعنية ومجلس الشورى منذ أكثر من عشر سنوات تحقق جزء هام منه بقرار مجلس الوزراء أول أمس بمحاصرة الترويج لما يسمى مشروبات الطاقة وهي هدم لكل طاقة والأمل كبير بأن نتجاوز عوائق أنظمة التجارة العالمية لمنع دخولها تماما.

 

في عام ٢٠٠٤م كتبت مطالبا بمنعها مرتين في شهر واحد بعنوان (القرار الهش) ثم بعنوان (فراغ هيئة الغذاء) وفي ٢٠٠٥م كتبت ذات المطالبة ثلاث مرات بعنوان (الشورى وهيئة الدواء والغذاء) و(أولا وثانيا) و (من طرائف حماية المستهلك) وفي ٢٠١٠م بعنوان (بعد أن لا ينفع الندم) وفي ٢٠١٣م مرتين بعنوان (مات واحد ولا عندك أحد) ثم بعنوان (مشروبات الطاقة أقوى من طاقتنا لمنعها)، ثم لم أفقد الأمل ولم أرم المجاديف فمن يعيش في مثل وطني لا يفقد الأمل.

 

لا تلوموني في درجة السعادة بقرار إيجابي مثل هذا لأنني أدرك جيدا (كصيدلي) ما نشرته المجلات العلمية المتخصصة من أضرار ما تحتويه تلك المشروبات وتابعت كمختص حالة الشاب السعودي الذي مات بعد تناولها وهو رياضي في كامل عافيته وعايشت من تعرضوا للفشل الكلوي وأعراض مرضية أخرى من تناول تلك المشروبات، وللأسف لم تحرك وزارة الصحة ولا هيئة الغذاء والدواء آنذاك ساكنا نحو رواجها.

 

الآن جاء القرار من سلطة تشريعية عليا حاسما وحازما وعلى الجهات التنفيذية المعنية التضافر لتحقيق أسرع وأقوى درجات التنفيذ وأكثرها حزما دون مجاملة لشركة أو وكيل، وبالمناسبة فإن الجهات المعنية بالتنفيذ كثيرة ومتنوعة منها وزارة التجارة وهيئة الغذاء والدواء ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة ووزارة التعليم العالي ورعاية الشباب ووزارة الثقافة والإعلام والاتحادات الرياضية والأندية، وعلينا كنقاد وكتاب وصحافة أن ننتقد وبشدة كل طرف يخفق في التنفيذ أو يتراخى فيه.

 

العنصرية صعبة قوية

دققت فوجدت أن أكثر الناس تركيزا على الأصل والفصل هم أشخاص يعانون عللا نفسية أصلها عدم تحقيقهم لنجاح في الحياة يفخرون به وعدم استقرار شخصيتهم فبحثوا عن تميز عرقي مزعوم يفاخرون به أقرانهم، على وزن كان أبي أو هذا هو لوني فمن أبوك وانظر للونك!!.

 

وقرأت التاريخ فوجدت أن أكثر الناس عنصرية هم شخصيات أو جماعات وأناس لديهم أصلا شك في أصولهم ويفتقدون لتأكدهم من طيب معدنهم، هتلر مثلا عرف بالعنصرية الشديدة ومات ولم يعرف أباه الحقيقي، واختيرت بيا كيرسغورد زعيمة حزب الشعب الدانماركي اليميني المعارض كأكثر شخصية عنصرية في أوروبا ويرى رئيس تحرير مجلة Gringo (جرينجو) السويدية الشهيرة أن تصريحات كيرسغورد تشكل (كوكتيلا عنصريا خطيرا للغاية) وجاء بعدها في المرتبة الثانية عنصريا السياسي الهولندي جييرت ولدرز واحتل رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرليسكوني المرتبة الخامسة في الأشد عنصرية وجميعهم يعانون نقصا في القيم التي (يتعنصرون) من أجلها!!.

 

الواثقون من أنفسهم بصفة عامة هم أبعد الناس عن التقليل من شأن الآخرين سواء في أمر الأصل أو الفصل أو حتى الوسامة والجمال وصفاء البشرة فمن هو واثق من أصله لا تعنيه أصول الآخرين ولم أر وسيما يسخر من خلقة قبيح بل العكس تماما، فالوسيم يحمد ربه والقبيح يريد أن يصور أحدا أنه أقبح منه!! وكان بشار بن برد دميم الخلقة وهجاء فاحشا في الهجاء يسخر من الخلقة واللون مع أنه ولد أعمى لا يرى نفسه ولا الآخرين.

 

أقول قولي هذا وقد لاحظت أن الألفاظ العنصرية المتعلقة باللون والتلميح للأصول أو تلك المشككة في الانتماء للأرض والوطن قد استشرت وانتقلت عدواها من مدرجات كرة القدم إلى أقلام صحفية، بل أصبحنا نشك في مصدر الوباء هل انتقل من الكاتب الرياضي للمدرج أم من المدرج للكاتب، فقد أصبحت محيرة مثل وباء كورونا لا ندري انتقل من البعير للبشر أم العكس، لكن المؤكد أن من يتزعم العنصرية في الرياضة يحمل قلب بعير عجوز (هرش) هائج ويحتاج إلى من يجعله يجثو على ركبتيه ويزيل منه جرب العنصرية حماية لوطن نستحق العيش فيه بسلام.

تسبح أمامهم عارية

أطنان من أجهزة التكييف تم إتلافها هذا العام لعدم تقيد مورديها بمواصفات الطاقة وإتلافها هنا يبدو أمرا جيدا لكن الأجود منه هو أن لا تدخل أصلا، نفس الشيء ينطبق على أجهزة ومواد أخرى سنأتي على ذكرها لاحقا لكن الأهم في ملاحظة الإتلاف هذه أن المستورد لا يجزم بأن السلعة المخالفة التي يستوردها سيتم ضبطها فهو يراهن على عبورها للمنافذ بنسبة كبيرة لا تقارن بتوقعه منع دخولها، وهذا دون أدنى شك ينم عن خلل كبير في احتياطات دخول ما يخالف المواصفات، وهو أمر قديم.

 

ما يبدو أنه استجد هو النشاط الواضح لوزير التجارة في متابعة ما يتسرب من هذه الأجهزة المخالفة وضبطها وسحبها من الأسواق ومن ثم إتلافها، والإتلاف في طبيعة البشر أمر مؤسف حتى لو كان لبضاعة مخالفة أو يرتبط بها ضرر وفي هذه الحالة فإن الضرر هو استهلاك مزيد من الطاقة وهو أمر مقبول في بعض الدول ومرفوض في أخرى وجميل أن نكون ضمن الدول التي تراعي مثل هذه الاحتياطات في مواصفاتها.

 

من الأشياء الأخرى التي لاحظت إتلافها بشكل كبير بعد كبسها وتحويلها إلى كتل حديدية مكبوسة مع أنها جهاز أو وسيلة نقل صناعتها مكلفة هي الدراجة النارية القصيرة المسماة مجازا (البطة) فهذه يتم مصادرتها من المستخدم (وهو في الغالب عامل فقير) وجمعها في مستودعات ثم كبسها وإتلافها، وفي هذه الحالة تحديدا فإن في ذلك ظلما واضحا لأن المستخدم لا يعي لا المنع ولا أسبابه فليس منعا معلنا ومشهورا، هذا من جانب، ومن جانب آخر أشد ظلما هو أن هذه الدراجة النارية (البطة) تدخل وتباع في معارضها (أي انها بطة تسبح أمام أعين الرقيب عارية) فلماذا تصادر من المشتري ولا تصادر من البائع.

 

في كل الأحوال أقترح بدلا من الإتلاف البغيض أن نوجد صناعة واستثمارا يتبنى إجراء تعديل في المكيفات وغيرها من الأجهزة الحديدية والأدوات الكهربية لتتناسب مع المواصفات المطلوبة أو يستخدم أجزاء منها في إعادة تصنيع مفيدة بدلا من إتلافها وحسب.

التجارة التي تحتاج عشرين وزيرا

على مر الزمن شهدنا مواسم وطفرات تجارية يسترزق منها أناس على حساب آخرين، تارة باستغلال حاجاتهم بحق وتارة باستغلال حاجاتهم بباطل!!.

 

الأمثلة كثيرة فقد كانت طفرة الأراضي موسما حدث منذ أكثر من أربعين سنة واسترزق منه كثير من الناس وأصبحوا بعد الجوع يرمون المفاطيح وحمولة (قلابي) من الأرز، وبعد الفقر مليارديرات.

 

ثم جاءت طفرة المساهمات العقارية مغرية لمن رأوا أقرانهم يتحولون من حالة الفقر إلى الثراء فدخل فيها من دخل، وربح منها من ربح، وخدع فيها من خدع.

 

ثم جاء سوق الأسهم الشهير وهذا لا يحتاج إلى شرح أو تصوير!! فصور نتائجه بارزة للعيان ومبروزة على جدران المجتمع، إما صورة مليونير الغفلة أو صورة مريض نفسي فقد كل شيء على حين غفلة.

 

تجارة المقاولات وتجارة التأشيرات والسيارات وقطع الغيار ومواد البناء والإسمنت جميعها مواسم جاءت بين هذا وذاك استجابة لاحتياجات أناس واستغلالا لحاجات آخرين بحق تارة وبغش أخرى.

 

إذا كانت كل أشكال التجارة والمتاجرة بالحاجة فيما ذكر يعنى به وزير واحد هو وزير الصناعة والتجارة، كفيل بتنظيمه ورد الحقوق وحماية الناس، كما يحدث الآن من الوزير الحالي توفيق الربيعة، أو إهماله وترك الحبل على الغارب كما كان سابقا، فإن المتاجرة الحالية لقضاء حاجات الناس مختلفة جدا وتحتاج إلى عشرين وزيرا!!.

 

التجارة الحالية الرابحة في هذا الموسم هي تجارة القنوات الفضائية في عرض مشاكل الناس ومآسيهم فقد أصبح البرنامج يولد تلو الآخر ويبث في الساعة الواحدة أكثر من برنامج هام ومنتشر ومشهور جميعها تتحدث عن مشاكل الناس مع قصور الخدمات والمآسي والبكاء والصراخ والاستجداء.

 

الصورة الأخيرة من صور موسم التجارة تحتاج، للقضاء عليها، إلى عشرين وزيرا ومسؤولا يقومون بما طلب منهم ولي الأمر على الوجه الأكمل عندما قال لهم لا عذر لكم!!.