التصنيف: بصوت القلم

سعود الفيصل شابه أباه حتى في الحزن عليه

رأس مثقل بجراح المسلمين وتحمله رقبة أنهكها مشرط الجراح لا أذكر حزنا وبكاء أشد من حزني وبكائي عند استشهاد الملك فيصل طيب الله ثراه، إلا حزني وبكائي عند فقد والدي ثم والدتي تغمدهم الله جميعا برحمته وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة وجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة وماتوا على ذلك.

ولا أعتقد أن قائدا بلغ الحزن على فقده مثلما بلغ الحزن على الشهيد فيصل بن عبدالعزيز، أذكر أنني كنت في بداية المرحلة الثانوية وتلقينا الخبر ظهرا وبكيته ثلاثا شديدة، الأولى عند تلاوة بيان الديوان الملكي بخبر استشهاده والثانية عند الصلاة عليه والثالثة ليلا وأنا أسمع تقريرا لهيئة الإذاعة البريطانية (إذاعة لندن) جاء فيه أن العالم العربي والإسلامي فقد برحيله قائدا شجاعا وسياسيا محنكا، وكنت وقتها أقود سيارتي ولم أتمكن من الاستمرار.

نجله سعود الفيصل، رحمه الله، شابه والده كثيرا ليس في الحنكة والدهاء السياسي وحسب ولا في شبه الملامح التي أكدتها صورة من نصفين لا تكاد تميز منها أي النصفين للشهيد الفيصل وأيهما للشاهد الفيصل، نعم لقد كان سعود الفيصل شاهدا على تربية عظيمة تعهدها الملك فيصل بتعليم عال أتبعه بغرس الجدية والمثابرة والإخلاص في العمل وورث عنه حنكة سياسية وحكمة وسداد رأي وجرأة في الطرح وعبارات موجزة تحير العظماء وتعجب الحكماء وتحرج الأعداء.

سعود الفيصل، تغمده الله بواسع رحمته، شابه والده حتى في درجة وحجم واتساع رقعة الحزن عليه، بل إنه رحمه الله شابهه في حسن الخاتمة، برحمة ربهما، فالفيصل استشهد وهو يعمل وسعود الفيصل قدم صحته وحياته فداء للعمل بل كان يصارع المرض وهو يعمل وكان يخرج من غرفة العمليات إلى غرفة الاجتماعات، وبعد آخر عملية جراحية كبرى أجراها لم يخرج لفترة نقاهة بل توجه لقمة شرم الشيخ ليسجل موقفا تاريخيا عظيما، وردا على رسالة بوتن تلاه مرتجلا، في وقت كانت فقرات رقبته المنهكة بمشارط الجراحة تنزلق يمنة ويسرة وهي تحاول حمل رأس مثقل بهموم العرب والمسلمين، تماما مثل رأس أبيه، ذلك الرأس الذي لم يهن وفي ثرى العود دفن (لا هنت يا راس الرجاجيل لا هنت… ولا هان راس في ثرى العود مدفون)!!.

سعود الفيصل من الأعلام الذي لا يكبره لقب وإن كبر ولا يفيه حقه كلام وإن كثر، لكن دعوة صادقة مخلصة ملحة ومكررة هي جهدنا وعلى الله التكلان.


المواطن .. مخدوع أم يتخادع؟!

القصص الغريبة لوقوع مواطنين ومواطنات في شراك خدع مالية ووظيفية كبيرة مدعاة للتساؤل حول السبب الحقيقي الذي يجعل المواطن صيدا سهلا لحيل واضحة وتعهدات غير مضمونة وبعضها غير معقول تطالعنا بها الصحف كل صباح وتشهدها جلسات المحاكم وأقسام الشرط ومكاتب استقبال الشكاوى الحقوقية.
أستطيع تقبل أن يخدع عدد كبير من المواطنين في وضع كل أموالهم أو جزء كبير منها في مساهمات عقارية كاذبة ووهمية ومخادعة يتولى الوزير النشط د. توفيق الربيعة حل أمورها وتصفيتها الواحدة تلو الأخرى، فالمساهمات العقارية تمكنت من التغلغل إلى عقول الناس عبر عدة مساهمات عقارية موثوقة نجحت في تحقيق الثراء لعدد كبير من المواطنين وجعلت الشخص يتوسل لكل من ادعى جمع الأموال لمساهمة بأن يقبل استلام (تحويشة عمره وقوت عياله).
الأمر الغريب أن تتمكن عشرينية من خداع أكثر من ألف مواطن والحصول على نصف مليار ريال بحجة تجارة استيراد أدوات كهربية أو أن يجمع شاب عشريني مليارين ونصف المليار من مواطنين عن طريق اختلاس أموالهم بوكالات شرعية، والأدهى والأمر أن يستمر انخداع مواطنين برسائل ايميل من سيدات يدعين أنهن أرامل لكبار مسؤولين قتلوا في سوريا أو العراق ويردن رقم حساب لتحويل ما ورثنه من أموال!!، وأن تغص المحاكم بشكاوى على نصابين استغلوا فتيات وابتزوهن وصوروهن بادعاء التوظيف وإجراء مقابلات شخصية في مكاتب هي عبارة عن شقق مندسة وأوكار مختبئة وواضح أنها غير رسمية ولا واضحة للعيان ورغم انتشار هذا الأسلوب من النصب وكثرة الأخبار عنه.
هل الحاجة الملحة للاستثمار والثراء السريع والحصول على الوظائف سهلت الانجراف خلف الخدع رغم تكثيف التوعية بالمخادعين أم أن البعض يتخادع ثم يخدع فعلا؟!، أم أن المواطن لا يقرأ عن القضايا بجدية وتصديق؟!.
المؤكد أن نجاح أساليب الاستثمار في الخفاء والتوظيف بالواسطة وبالطرق الملتوية تجعل التصديق سهلا، والحل ليس في التوعية بصور الخداع وقصصه فقط بل بوقف الأساليب الملتوية التي تنجح في الاستثمار والتوظيف بالواسطة وقطع دابرها المقنع حتى تصبح شيئا يصعب تصديقه.

رمضان فعلا يحتاج لـ «ساهر»

تجاوز حدود السرعة، وأسرع كثيرا جدا في الرحيل، بصورة لم تفت لا على صغير ولا كبير فالكل يعجب من سرعة مرور أيام هذا الشهر الكريم الذي ما أن دخل وبدأنا في تبادل التهاني بدخوله حتى دخلت عشره الأواخر وكأن يومه ليس بأربع وعشرين ساعة!!.
مر سريعا جدا هذا الشهر الفضيل، لأننا ولله الحمد نعيش نعمة رخاء وأمن وأمان نسأل الله أن يديمها على هذا البلد الأمين وأن يعم بها كافة بلاد المسلمين، فمن دلائل النعم العظيمة التي ينعم بها هذا الوطن المرور السريع للأيام والأيام لا تمر سريعا على من يعاني خوفا أو مرضا أو جوعا (من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)، وعلى من تعجب من سرعة مرور اليوم عليه أن يتذكر من يعاني خوفا أو مرضا أو جوعا فتمر عليه الدقيقة وكأنها يوم واليوم بشهر أو سنة!.
لعلها الصدفة التي ربطت المرور السريع للمركبة بتسمية نظام رقابة وعقوبة المرور الشهيرة بمسمى (ساهر) مع أن الرصد والعقوبة تتم ليلا ونهارا، لذا فإن القول بأن رمضان الكريم يحتاج فعلا لـ (ساهر) لا تعني (ساهر) الرصد للعقوبة إنما (ساهر) الرصد للثواب، فكم نحن في أمس الحاجة لاستغلال ليالي هذا الشهر الكريم في السهر للصلاة والتلاوة وحمد الله على نعمته التي إن نعدها فلن نحصيها، فنعم الله علينا وعلى وطننا كثيرة وعظيمة و لعلنا نشعر بها اليوم أكثر من أي وقت مضى خصوصا ونحن نرى أحوال غيرنا في بلاد قريبة وبعيدة وبأصناف المصائب والمحن والحوادث والفتن.
إن من أسرار أمن ورخاء هذا الوطن تمسكه بشرع الله وعمارة المساجد بالصلاة والتلاوة والدعاء في رمضان وغير رمضان، لكن الصورة الرائعة الإيمانية التي تتجسد في حرص وحفاظ الأسر رجالا ونساء وأطفالا على صلاة التراويح وقيام الليل وارتفاع أصوات التلاوة والدعاء في كل حي وحارة سمة عظيمة يجب أن نحافظ عليها ونحميها من ظالم يمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ويسعى في خرابها بأي صورة كانت سواء بتخويف أو إرهاب.

يتيمات الدار سواسية فمن فرقهن ؟!

بعض اللوائح التفصيلية أو القرارات المتفرعة من أنظمة تصدر في الغالب من شخص واحد مجتهد، لكنها للأسف تستمر وكأنها نظام مدروس دراسة وافية، فيعمل بها وتنفذ وتصبح في حكم القواعد والأحكام وهي تفتقد لأساسيات تلك القواعد وهي الدراسة من عدة جوانب وآراء ووجهات نظر متخصصين.
فوجئت وأنا أبحث وضع أيتام دور الرعاية الاجتماعية ذكورا وإناثا بأمر غريب، وهو أن ثمة تفرقة في الرعاية اللاحقة لبنات دور الرعاية في ما يتعلق بالمكافأة الشهرية والإعانة بعد تكوين الأسرة!!، فمن شكاوى بنات الدار أن المكافأة بعد الزواج وتكوين الأسرة تتوقف عن بنت الدار اليتيمة لوالدين معروفين بينما تستمر لليتيمة مجهولة الوالدين!!.
هذه التفرقة غريبة جدا وأجزم أنها من اجتهادات إداري (غير محنك) أفتى بها يوما ما فأصبحت قاعدة وسنة غير حميدة سار عليها خلفه ومن يخلف بعده.
اليتيم أو اليتيمة من نزلاء دور الأيتام لم يدخلوا الدار أصلا إلا ليتم وفقدان والدين سواء في حادث أو بموت لأي سبب أو لعدم معرفة الوالدين، ويشتركون في احتياجهم للرعاية منذ الصغر بأنه لا أسرة لهم ترعاهم أو قريب يتكفل برعايتهم بعد فقد الوالدين (أيا كان سبب الفقد) وإلا فإنهم لم يدخلوا الدار أصلا لو وجدوا من يكفلهم حين اليتم!!.
من حيث الحاجة للرعاية السابقة واللاحقة فلا فرق مطلقا في الحالتين، فلماذا تحرم بنت الدار إذا تزوجت وكونت أسرة وأولادا وبنات من الإعانة الشهرية والسنوية لمجرد أنها غير مجهولة الوالدين وعلى أي أساس استند ذلك الاجتهاد الإجرائي الذي يحتاج لتغيير فوري!!.
وما دام الحديث عن بنات دور الرعاية، فإنه غني عن القول إن الاطلاع على أحوالهم ومراقبتها عن كثب وزيارتهم دوريا والتحاور معهم وسماع شكواهم أمر مطلوب وبشكل دوري ومستمر، وليس بالضرورة أن يحدث شغب أو فوضى أو شجار في الدار حتى يزورها الوزير أو الوكيل أو المسؤولة عن الدور.
شهادة لله أنقلها من عدد من النزيلات السابقات أن الوزير الأسبق الدكتور علي بن إبراهيم النملة كان يجمع وكلاءه ومساعداته، ويزور دور اليتامى واليتيمات ويستمع لشكواهن نهارا وليلا ودون مناسبة أو حادثة، ويجب أن يكون هذا ديدن كل راع مسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته.

ثامر كشف المستور

ثامر (٣٣ سنة) شاب سوي عاش يتيم الأب بارا بوالدته مكافحا في طلب رزقه، توظف ثم فصل من عمله ظلما كما يعتقد وتعتقد والدته وأخواته فأصيب بصدمة نفسية شأن كل مفصول فما بالك بمن لا يبرر له حقوقيا أمر فصله وتتاح له الفرصة للدفاع عن نفسه (ديوان المظالم أوجدته الدولة حفظها الله لهذا الغرض لكن كثر لا يجيدون التظلم ويخشون طول إجراءاته).
عانى ثامر تدهورا نفسيا سريعا وعانت والدته، وكما هي الحال التي حذرنا منها كثيرا فلا رعاية صحية للمرض النفسي، وكان رد مستشفى الأمل المعتاد أنه لا سرير ولا أمل!!، فهام ثامر مثل كثيرين غيره يعانون أعراضا نفسية يسهل علاجها لو وجد الاهتمام بنصف الصحة المهمل (الصحة النفسية).
قبل رمضان بيومين وتحديدا ليل الاثنين فجر الثلاثاء ٢٩ شعبان ١٤٣٦هـ كان ثامر يقف على رصيف عريض أمام بوفيه مقابل مجمع الملك سعود الطبي (مستشفى الشميسي بالرياض) يأكل شطيرة ويقرأ ملصق ألصقه فاعل خير مكتوب عليه بخط جميل (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ليفاجأ الجميع أن سيارة يقودها مقيم عربي بسرعة أفقدته السيطرة عليها تقفز الرصيف وتدوس ثامرا وتضع نهاية لمعاناته تحت عجلاتها في الحال، لكن معاناة والدة ثامر لم تنته.
تقول أم ثامر لي شخصيا إن ابنها بقي في ثلاجة المستشفى يومين كاملين دون أن يتصل عليها أحد مع أن المرور باشر الحادث وأوقف السائق ووجد مع الجثة جوال ثامر في حالة سليمة ومفتوح وغير مشفر برقم سري ويوجد في قائمة الأسماء رقم باسم (أمي) وآخر باسم (البيت)!!.
تقول ورغم حضورنا لم نسلم الجثة إلا بعد خمسة أيام فقد رفض المستشفى إخراجها إلا بعد إحضار ورقة من مرور الناصرية، تقول ذهبنا لمرور الناصرية وكان الموظف نائما وكل من سألناه عن الورقة المطلوبة لا يساعدنا وأكثر ما سمعناه عبارة (الناس صايمين وتعبانين).
أم ثامر لاتزال تنتظر الحصول على شهادة الوفاة لإتمام الإجراءات القضائية مع الخصم ولم تحصل عليها بسبب تأخر تقرير المرور!!.
قصة (ثامر م س ص) ليست جديدة ولا فريدة لكنها توجه رسائل لعدة جهات وعدة مسؤولين عن أوجه قصور خطيرة تشكل هما للمواطن وعلاجها سهل، أما رسالة أم ثامر التي حملتني أمانة نقلها فهي لمن فصل ثامر أصلا تقول (حسبي الله وهو نعم الوكيل إليه أشكو حزن ابني في حياته وحزني عليه بعد مماته، حرمته من حقه وحرمتني من حضنه).

(قريد) الشركات

بعض المسئولين لدينا يعزف على وتر أن الشاب السعودي يريد وظيفة حكومية ولا يرغب في وظائف القطاع الخاص فقط لأنه يريد أمانا وظيفيا حكوميا، وأن فكره متحجر ولا يعرف إلا أن الأمان الوظيفي هو في الوظيفة الحكومية!!.

هذا اتهام لشبابنا غير صحيح، بل هو سهم من سهام الحرب على السعودة بطريقة مباشرة ولكن من مسئولين يتعاطفون مع الشركات، أي أنه وببساطة هجوم على السعودة بنيران صديقة أو تبدو أنها صديقة.

السبب الحقيقي وراء قلق وخوف الشاب السعودي الكادح المكافح من العمل في الشركات هو ذلك التمييز المقيت بين الموظف الحكومي والموظف في القطاع الخاص عندما يتعلق الأمر بأي شأن وطني، بل هو ذلك التناقض والازدواجية والكيل بمكيالين بين موظف القطاع الخاص الصغير المكافح وعضو مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي أو كبار المديرين التنفيذيين عندما يتعلق الأمر بالترشيد والتوفير على الشركة!!.

يكون الأمر أدهى وأمر عندما تكون الشركة تمثل وزارة حكومية أو تقوم بأدوارها بطريقة تعاقدية وتزين اسمها بصفة (الوطنية) وتحرم موظفيها من ميزة أو منحة وطنية!!.

حرمان موظفي بعض الشركات الوطنية من صرف راتب مكرمة الشهرين والتي أشغلت الموظفين وأسرهم والمجتمع بأسره عبر مواقع التواصل لغرابتها مثال واضح على تخبط واضح من هذه الشركات بمباركة الوزارة.

كان على الوزارة أصلا أن ترسي لها على بر وتقول إن هذه الشركة تقوم بما عجزت عنه الوزارة لضعفها إداريا وعدم قدرتها أو استعدادها على إدارة شئونها وذلك بعقد كبير وفي هذه الحالة فإن أي موظف توظفه الشركة هو في الواقع موظف حكومي يقوم بأدوار يفترض أن يلعبها موظف الوزارة ولكن بعباءة قطاع خاص، وهذا هو واقع الحال وما دام الأمر كذلك فإن له نفس حقوق الموظف الحكومي وغيره من المستفيدين من حلول تشغيل الشركات.

لماذا يحرم أكثر من 9000 موظف سعودي من راتب الشهرين بحجة التوفير والوزارة بهذه الشركة لم توفر علينا حلولا في سرعة التعامل مع الهدر الناجم عن الأعطال باهظة الثمن؟! (يعني جت على حرمان صغار موظفي الشركة من مكرمة وطن يا شركة الوطن؟!).

شكوى الموظفين تتحدث عن تمييز بينهم يعتمد على درجة الموظف المسماة (قريد) وهذا القريد هو سبب كل علة في شركاتنا سواء الوطنية شبه الحكومية أو الخاصة أو العائلية العجيبة، فهذا القريد المقرود يعبث في حقوق الموظف الصغير وينكمش وينشغل بحك القمل في رأسه عندما يتعلق الأمر بالموظف الكبير!!.


الأنسولين الأسبوعي كذبة فرخ طب

أستغرب كثيرا ممن تسمح لهم ضمائرهم (إن وجدت) باستغلال حاجة وشغف المريض في الشفاء أو تقليل المعاناة بالكذب عليه من أجل كسب مادي، فإذا كان من أجل كسب شهرة أو (تميلح) فالمصيبة أكبر واللوم أكثر لأن المقابل تافه في الحالتين لكنه في الثانية أبخس.

خلال عمري الصحفي الطويل مر علي كثير ممن استغلوا تمسك المرضى بقشة بحثا عن شفاء تام أو تخفيف معاناة، خاصة مرضى السكر فهذا يدعي اكتشاف دواء جديد ويكتسب شهرة يستغلها في أمور أخرى ليس من بينها إطلاقا الحديث عن اكتشافه المذهل المزعوم، وآخر يدعي اكتشاف نبتة وثالث يزعم تركيب خليط، والمحزن أن أيا منهم لا يتذكر أنه اليوم يستغل حاجة مرضى قد يكون أحدهم غدا!!.

مقطع الفيديو الذي يتحدث عن نوع جديد من الأنسولين يؤخذ أسبوعيا وموجود في أحد المستشفيات في الرياض، سبب بلبلة كبيرة لدى مرضى السكري وتوافدوا للمستشفى المذكور بحثا عن جرعة أسبوعية مزعومة تغنيهم عن معاناة وخز أكثر من إبرة يوميا وهم لا يلامون.

زملاء، من الاستشاريين في العناية بمرضى السكري، لذلك الذي مثل دور البطولة في المقطع بادروا مشكورين بإصدار مقطع تصحيحي يكذب ادعاء صاحب المقطع ويوضح الحقيقة وذكروا أن صاحب الفيديو ماهو إلا طبيب امتياز، وطبيب الامتياز لمن لا يعرفه من العامة هو طالب طب حديث التخرج لا يزال في فترة التعرف العملي على أقسام الطب وتخصصاته!!، فإذا كان هذا سلوكه المتعجل وهو لا زال (فرخ طب) فكيف إذا نبت ريشه؟!.

السؤال المهم في نظري هو هل يحق لكل من عمل في منشأة أو مارس تخصصا أن يستغل مواقع التواصل الاجتماعي للتحدث عن المنشأة التي يعمل فيها بتصريحات كاذبة تمنحه الشهرة وتسبب لمقر عمله البلبلة؟ وما هي العقوبة؟!.

هذه الممارسات الخاطئة لم تقتصر على الفراخ بل بدأت بالديكة والدجاج المريش والنعام والطواويس، وعيبنا أننا أهملناها وتجاوزنا فيها وعندما قلد فرخ أساتذته دفعنا الثمن وفكرنا في اللوم والعقوبة!!، وهذا ليس إنصافا!!، (يا حبنا لتنتيف الفرخ الذي لم يريش وترك من يكسوه الريش).


شباب توزيع الإفطار .. هذه تربيتنا

شعور فخر واعتزاز واطمئنان وفرح حد الشعور بالبكاء يساورني كلما عدت من عملي البعيد متأخرا على موعد الإفطار ورأيت مجموعات من الشباب يتولون تطوعيا وبهمة وسعادة توزيع التمر والماء عند إشارات المرور لتفطير من تأخر عن العودة لمنزله.
منذ عدة أعوام وهذا المنظر يجذبني كثيرا جدا فأتولى تصويرهم ونشر صورهم بفخر واعتزاز في مواقع التواصل الاجتماعي لأن هذه المبادرة وتلك الهمة لا تعكس فقط عملا خيريا خيرا وتبشر بشباب صالح يعشق التطوع وحسب، بل ترد على كل من يتهم شبابنا بالكسل والسلبية وعدم الرغبة في العمل وتدحر كل اتهام.
بحكم بعد مقر عملي عن منزلي وكثرة الإشارات في الطريق أشاهد مجموعات متعددة منهم عند كل إشارة وفي كل حي في الرياض، وأركز كثيرا في تفحصهم بعين عاشقة مستبشرة، فأجد أنه لا صفة واحدة محددة تجمعهم ولا عمرا معينا ولا سمة واحدة! ، أقصد وبمنتهى الصراحة والشفافية أنهم ليسوا جميعا ملتحين، فمنهم شباب (قصات) وملابس على الموضة (قميص وشورت) ومنهم الكبار ومنهم الصغار، منهم السعودي ومنهم الشقيق المقيم.
لذلك التنوع دلالات ومنها أن العمل الخيري التطوعي المتسم بالمبادرة والتضحية ليس حكرا على فئة معينة أو جماعة محددة بل هو نتاج تربية مجتمعية عامة غير خاصة وشاملة غير محددة وبالتالي فهو يعكس نبل بلد أمين مسلم مسالم بكل من يعيش فيه على اختلاف مشاربهم.
هؤلاء الشباب فخر لنا وشهادة لسلامة تربيتنا على وجه العموم وأن غير السليم منها هو القليل الشاذ وليس العكس، وشهادة لشبابنا أنهم عكس ما يدعيه بعض رجال الأعمال والشركات من تهم باطلة بالكسل وعدم الرغبة في العمل.

بدون قيم .. الإنسان حيوان غبي

تصنيف الإنسان على أنه حيوان ناطق أو حيوان يعقل ليس جديدا، ومنطلقه أن الإنسان يصنف من الثديات، صحيح أن مواجهة الإنسان بأنه حيوان، أو مقارنته بالحيوان أمر مستفز، لكن عندما نستشهد بأمثلة مقارنة فإن الإنسان يقبل بمقارنة من لا تعجبه طباعهم بالحيوانات وهم من بني جنسه.

نقول إن هذا الدكتاتور الدموي القاتل أخطر من الحيوانات المفترسة!، بل أكثر منها فتكا ويفوقها في انعدام المشاعر والتمييز، بدليل أن الحيوان المفترس لا يقتل إلا ليأكل، فيقتل بحدود ولا يفترس أكثر من حاجته!، بينما الإنسان يقتل لأتفه سبب وبأعداد غير محدودة إذا افتقد لما يميزه عن الحيوان وهي القيم الدينية التي أنعم الله بها عليه وأعظمها نعمة الإسلام.

الإعجاز العظيم يكمن في الفرق الشاسع بين الحيوان والإنسان، لصالح الحيوان طبعا، عندما يتخلى الإنسان عن نعمة القيم، أو قل بطريقة أخرى عندما يتجرد من ميزة التكليف المتمثلة في العقل فلا يصبح حيوانا متوحشا وحسب بل أكثر أنواع الحيوانات جهلا وغباء وأسهلهم صيدا.

استشهد من الأمثلة بما تشاء، أعقدها وأبسطها، أبعدها وأقربها للفهم والإقناع وستجد أن الحيوان يتفوق على الإنسان المجرد من القيم خاصة الدينية.

الحيوان لا يمارس الشذوذ الجنسي ولا يقبله، بل لا يمارس الجنس إلا مع أنثى منتجة وفي حالة خصوبة (مجازا طهر منتج) بينما يسعى بشر (لا يطهرون) إلى تشريع الشذوذ الجنسي وزواج المثليين!!، أكثر حيوان متهم بالغباء هو الحمار، وأتحدى أن يقدر أي عالم أبحاث حيوان (zoology) على إقناع جماعة من الحمير على التزاوج المثلي ناهيك عن أن تطلبه!!، هذا المثال الأعقد.

أما الأبسط فخذه من هذه التجربة الطريفة التي جربتها شخصيا، فقد كنت أثناء أبحاثي في حاجة لاصطياد ثعلب (حصني)، فأخذت صندوق مصيدة ووضعت فيه دجاجة مذبوحة و(منتوفة) ورائحة لحمها الزكي تفوح ووضعتها على تلة في جلاجل مليئة بالثعالب الجائعة ليلة كاملة وأراقبها بالمقرب (الدربيل) فكان الثعلب يحوم عليها ولم يدخل!!، في الليلة الثانية وضعت دجاجة حية لها صوت ورائحة وحركة، وحام ولم يدخل أيضا ففشلت.

يوميا تقبض الهيئة على مبتز أو أكثر بوضع المرأة التي ابتزها (غير منتوفة) في كمين فيأتي طائعا غبيا تجره شهوته بعد أن تخلى عن قيمه، بل تنشر أخبار القبض على مثله اليوم ويدخل الكمين غدا!!.

إنها نعمة العقل والتمييز والتكليف والخلافة في الأرض، إذا تنازل عنها الإنسان أصبح حيوانا غبيا.


النصر والمخدرات واللحوم الفاسدة !!

قد يفسره البعض تشاؤما وسوداوية، لكنني أفسره قلقا وحرصا منبعه حب هذا الوطن والخوف عليه والرغبة في أن يبقى دوما خير وطن.
قد يراه البعض تركيزا على رؤية النصف الفارغ من الكأس دون النصف المليان، لكنني أراه تركيزا على معالجة أسباب فراغ النصف أو الاحتياط من ولوج قطرة فساد سوداء واحدة كفيلة بتدنيس نقاء ماء النصف المليان!!.
لكل الحرية في تفسيره ورؤيته ولي الحق أن أحاول التعبير عن قلقي وإيصاله ففي النهاية دورنا كنقاد أن ننبه للنصف الفارغ أو قطرات التشويه ونترك للنصف المليان والماء النقي أن يعبر عن نفسه!!.
كلما اكتشفت منافذ العبور شحنة كبيرة من المخدرات مخبأة بطرق وحيل خبيثة شعرت بفرحة وفخر يساورهما شعور بالخوف، يقول ترى كم شحنة مرت في غفلة من المراقب وكيف علينا أن نحتاط منها بمزيد من تكثيف البحث والرقابة وتشجيع الرقيب ووقايته من الغفلة والإحباط؟!، ويؤيد هذا القلق أن المخدرات موجودة وتفتك بنسبة من الشباب وتهدم أسرا وبيوتا وتهدد المجتمع.
كلما اكتشفت إحدى البلديات أطنانا من اللحوم الفاسدة أو لحوم حيوانات مريضة أو ميتة كانت في طريقها للمطاعم ساورني شعور بالقرف، ترى كم طنا وزع دون أن يكتشف وأكله رواد المطاعم وتضرروا أو تسمموا كليا أو جزئيا دون أن نشعر؟!.
كلما اكتشفت وزارة التجارة غشا تجاريا أو عيبا صناعيا في سيارة أو جهاز، ساورني قلق كم غشا لم يكتشف؟!، بل كيف كانت حالنا قبل أن يتولى الصناعة والتجارة وزير نشط شفاف مثل توفيق الربيعة؟!.
حتى في مجال كرة القدم، عندما غرد رئيس لجنة الانضباط المستقيل بفضائح اللجنة وذكر صراحة أن ثمة ما يحاك بليل ضد فريق النصر واعترف بصحة كثير مما قاله بيان للأمين العام، ساورني تساؤل مقلق، كم من مؤامرة وحيل حيكت بليل ونهار لصالح فريق ضد آخر قبل أن يأتي (تويتر)؟!.
أعتقد أن صاحب الرأي المخالف لقلقي وأنا قد نصل الآن إلى اتفاق أن علينا أن نفخر بالنصف المليان ونقلق من الفارغ أو المدنس بقطرة سوداء، وأعتقد أيضا أن علينا أن نقلق كثيرا على الاتفاق.