الإعلام يظلم عسير

أكاد أجزم ان من كتبوا او رسموا الكاريكاتير ملمحين الى غلاء السكن أو عدم توفر المساكن في مصايفنا وبالذات في أبها، هم ممن لم يزوروا المصايف الداخلية واذا غلبنا حسن الظن فهم ممن اعتمدوا على السماع دون الممارسة وقد سمعوا من مُبالغ او من غير مؤيد للسياحة الداخلية.

أمضيت صيف العام الماضي متنقلاً بين عدة مصايف داخلية ومستقراً في ابها، وتعمدت تنويع السكن دون سابق حجز فوجدت عكس ما كنت اقرأ من مقالات توحي بغلاء السكن او رسومات تسخر من عدم توفر المساكن وغلاء الايجارات مما يهبط همة من ينوي قضاء الاجازة في مصايفنا..

حصلت على اجازتي العام الماضي فجأة دون سابق تخطيط لظروف عملي وحجزت على الخطوط السعودية لثمانية افراد الى أبها فلم أجد أدنى عناء، ووصلت ابها دون ان احجز مسكنا فلم أجد أدنى مشقة في العثور على سكن رائع في فلل قرية سياحية في السودة، “أجمل بقاع الدنيا مناخا صيفيا” باسعار يومية تتراوح بين 250و 400ريال حسب عدد الغرف وهذا المبلغ يعتبر معقولا للغاية مقارنة بسعر سكن فيلا او حتى غرفة مفردة في فندق في اية منطقة جذب في العالم فأين الغلاء؟! وأين شح المساكن؟! “البعض صور شح السكن الى درجة اضطرته للسكن في مستشفى!!

بعد الاستقرار لعدة ايام والاستمتاع بخدمات ومرافق القرية السياحية، غلبت عليّ ميولي القروي فقررت الاستمتاع بالريف في مسكن منفرد في نفس المنطقة شاهقة الارتفاع فكانت الخيارات متعددة من المنازل الجميلة المفروشة والمؤثثة بكل الاحتياجات الاسرية ولم يتجاوز ايجار اي منها مائتي ريال يومياً مع ان العقد يحدد ان الماء والكهرباء على المالك واخترت منزلا جميلا يقع منفردا في قمة جبل تلامسه السحب من كل جانب ويصل اليه الطريق المعبد حتى عتبة الباب بايجار يومي قدره مائة وخمسون ريالا علما ان قيمة صهريج الماء الذي يتكفل به المالك متى شئت هي مائة ريال!! فما عساه يوفر؟! واي غلاء يتحدثون عنه؟

في ذلك المنزل امضت الاسرة أسعد 30يوما صيفيا لم تجدها في اي مصيف آخر من قبل (لا أحب الحديث عن تجارب الذات ولا اقولها تباهيا ولكن توثيقا واداء شهادة حق وحتى لا يقول قائل، هذا ماشاف عيشه، فقد قضيت اجازات صيف في اورلاندو وباريس وماليزيا ولندن ولم اجد امتع ولا أجمل ولا ارخص ولا آمن من عسير).

كان السحاب يحتضن المنزل الصغير من كل جانب حتى لا تكاد ترى من حولك، تنام على صوت زخات المطر وخرير الجداول وتصحو على نغمات حبات البرد تطرق الباب الحديدي الآمن فأي سعادة اكبر ينشدها السائح!

ما الذي يريده الهارب من حر الصيف اكثر من نسمات باردة وظواهر طبيعية فريدة وتحليق فوق السحاب وتجوال في منتزهات طبيعية بكر “بأمان تام لا غريب ولا مستغرب” وبين مواطنين قمة في الكرم وحسن التعامل..

اين يجد رب الاسرة نظما واجراءات تصون حرمة العائلة وتمنحها الميزات والاولوية (العائلة في مصايفنا هي بطاقة التسهيلات الذهبية) هذه الميزة لا تشعر باهميتها الا عندما تفتقدها في الخارج باستثناء من لا يهمهم تقديم التنازلات من بند العادات والتقاليد والأخلاق والقيم..

اترك رد