اليوم: 14 أبريل، 2003

مجلس المحافظة يحتكر الهواء!!

يبدو ان بعض المحافظات لم تستوعب الأهداف الوطنية الحكيمة من نظام المحافظات وتعتقد خطأً ان تبعية عدد من المراكز للمحافظة معناه أن تبقى هذه المراكز دون تطوير وأن تستحوذ المدينة مقر المحافظة على كل الخدمات والمؤسسات الحكومية بصرف النظر عن المصلحة العامة وكثافة شريحة السكان المستهدفة بالخدمة.

هذا المفهوم الخاطئ يعاني منه ممثلو المدن المصنفة كمراكز عند انعقاد اجتماعات مجلس المحافظة، فكل جهود رؤساء المراكز ونشطاء أبناء المدينة المصنفة كمركز في مراجعاتهم ومطالباتهم بل وأحياناً تبرعاتهم لوضع نواة لخدمة و مؤسسة حكومية تصطدم بعقبة تحيز رؤساء الدوائر في المحافظة أو بعض النافذين فيها للمدينة المصنفة كمحافظة وإصرارهم على أن المشاريع والمؤسسات التعليمية والصحية والخدمية الأخرى هي حكر على مدينتهم، أما بقية المراكز فيجب أن تبقى كما هي تابعة لمقر المحافظة ليس إدارياً وحسب بل في كل المتطلبات الأساسية للسكان والأنشطة الضرورية والترويحية، فلو أمكن لبعض المتعصبين أن يتركز الهواء في مقر المحافظة ويقصده سكان المراكز الأخرى للتنفس ثم العودة فإنه لن يتردد في معارضة انتشار الهواء!!

المحافظ نفسه حتى وإن كان محايداً وواعياً بدوره وواجبه في العمل على تطوير كافة المراكز التابعة له ووضع المنشأة في المكان الأكثر مناسبة حسب توسطه في الموقع الجغرافي أو حسب عدد الشريحة السكانية المستهدفة ، فإنه يصطدم بمعارضة غير مبررة وغير منطقية ممن يشكلون قوة عددية في المجلس ويستغلون موقعهم كرؤساء فروع للوزارات فيعارضون كل مشروع تحتم الحاجة الفعلية والجدوى إنشاءه خارج مقر المحافظة.

إنهم يتجاهلون أن تطوير جميع المراكز التابعة للمحافظة هي مسؤولية أساسية للمحافظة ككل ، وان سكان تلك المراكز دون تمييز هم أمانة في أعناق المحافظ وأعضاء المجلس بصرف النظر عن المسافة التي تفصلهم عنه، وأن تركيز مواقع الخدمات الأساسية في مدينة واحدة بعيدة عن كل المراكز وغير متوسطة الموقع لمجرد أنها صنفت محافظة فيه تعريض سكان بقية المراكز لأخطار التوجه يومياً لمدينة بعيدة عن الكل وفيه دعوة لنزوح السكان والانتقال للسكن في مدينة المقر وشل بقية المراكز وإنهاء كل الآمال في تطورها وتحولها في وقت قصير إلى محافظة ، ولعل هذا ما يخشاه بعض المتعصبين ممن ينظرون إلى الوطن بعين القرية ومسقط الرأس.

اننا في أمس الحاجة للالتفات إلى معاناة ممثصلي المراكز في مجالس المحافظات وإلى حساب ألف حساب لتمحيص تقارير تحديد مواقع الخدمات والتأكد من عدم تأثرها بعنصر التعصب للمدينة الواحدة والخدمات المركزية وإلا فإن علينا أن نعيد النظر في عملية اختيار المحافظة نفسها لتكون في موقع متوسط بين المراكز التابعة لها لا أن يكون التصنيف مبنياً على مساحة المدينة أو عدد الخدمات الحالية أو نفوذ بعض أبنائها لأن الوطن هو الأهم من كل هؤلاء.