بنوكنا ونكتة الحكومة الإلكترونية

أكثر المتفائلين بتطبيق الحكومة الإلكترونية لدينا أعتقد أن عليه أن يعيد حساباته بناء على واقع بيروقراطي متأصل لدينا يصعب تغييره وإليكم الدليل:
البنوك يفترض أنها أكثر الجهات حرصاً على قطع دابر البيروقراطية والحرص على التحول قدر الإمكان إلى المرونة في الأداء حتى الوصول إلى حد الإلكترون، وهي تفعل ذلك عندما يعود الأمر لقبول المرونة في الأداء حتى الوصول إلى حد الإلكترون، وهي تفعل ذلك عندما يعود الأمر لقبول إيداعات وتكديس مبالغ عملاء في حسابات يشغلها البنك.

لكن تلك البنوك تعود إلى نظام العصور الوسطى عندما يتعلق الأمر بالصرف من الحساب أو التسهيل على العميل وهذا واقع للأسف حتى في بنوك ذات شراكة أوروبية يفترض أن تتأثر بالمرونة ونبذ التعقيد.

لم أتحدث عن الدليل بعد لأنه في نظري “نكتة” بنكية لأن شر البلية ليس ما يضحك فحسب، بل ما لا تجد له سبباً ومبرراً على الإطلاق لا مقبولاً ولا غير مقبول.

المعروف أن توقيع العميل هو الفيصل: ليس على مبالغ بسيطة ولكن على شيكات تحمل أرقاماً فلكية!! ومعروف أيضاً أن فواتير الخدمات اتفق على أن تسدد عن طريق البنوك وخصص في بعضها خانة لهذا الخصوص كفواتير الاتصالات مثلاً.

هذه الفاتورة بعد تعبئة العميل لهذه الخانة وتوقيعها بما يخول للبنك خصمها من حساب العميل لديه يفترض أن يتم تنفيذها بصرف النظر عن طريقة وصولها للبنك، هل تم بريدياً أو عن طريق الصراف أو منقولة بيد سائق أو حتى موضوعة تحت باب البنك قبل فتح أبوابه. فهي تفويض موقع من العميل لتسديد فاتورة باسم العميل نفسه من حساب العميل نفسه.

تصوروا بنكاً ذا شراكة أوروبية، يعيد مجموعة فواتير اتصالات موقعة من العميل وهي لهواتف باسم العميل وحساب العميل لدى البنك فعّال، ولماذا تعاد؟! لأن السائق الذي أحضرها للبنك ليس لديه تفويض رسمي أو وكالة بأن (يحمل فواتير موقعة للتسديد!!.

وأقول يحمل لأن السائق لن يقرر شيئاً هنا، هو لن يحدد البنك أو الحساب أو قرار التسديد حتى يطالب بتفويض بتسديد فواتير!! هو فقط ساعي بريد أو ناقل لمستندات موقعة متكاملة، ليس بها أي ثغرة يمكن أن يستغلها الحامل أو يحتج بها العميل ومع ذلك يصر البنك على إرسال تفويض رسمي أو وكالة، ليس هذا فحسب بل أن البنك كلف نفسه وطبع نموذج التفويض النكتة!!.

الغريب أن مؤسسة النقد لا تتدخل مطلقاً فيما يمارس من تضييق على العملاء وتعقيد لإجراءاتهم رغم علمها أن البنوك تعيش على خيرات العملاء وخيارهم الرافضين للأرباح ولا تقدم لهم أي تسهيلات خاصة تلك التي تحتمل المجازفة، علماً أن مثالنا هذا لا مجال فيه للمجازفة مطلقاً وما يحدث تجاهه ما هو إلا مثال على أن التعامل عن طريق الحكومة الإلكترونية حلم قد يستحيل تحقيقه إلا إذا كانت الجهة ستطلب منك إحضار جهازك المحمول لتصوره مع بقية المستندات وتطالب بختم العمدة على شاشة جهازك ثم تقوم بإدخال المعلومات أمام الموظف ليقال أننا نعمل إلكترونياً.

اترك رد