أصحاب المعالي وصاحبة السعادة

أضخم ميزانية في تاريخ المملكة والتي أعلنت منذ أيام أستطيع أن اسميها ميزانية السعادة ، لأنها فعلا أدخلت في نفوس المواطنين بهجة وتفاؤلا افتقدناه طويلا وتستطيع أن تلحظه في وجوه الناس بل وسلوكياتهم ومشاعرهم ، ومن المؤكد أن ذلك سينعكس إيجابا في شكل تصحيح آلي وتلقائي لكثير من الممارسات الاجتماعية الخاطئة الناجمة عن الشد النفسي والقلق وسبق في مقالة بعنوان ( المواطن السعيد ) ذكرت انه مثلما أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف فإن المواطن السعيد أقدر على التحمل والعطاء والإنتاج من المواطن الكئيب .
كنا قد جربنا أعواما من الطفرة التي كانت لها سلبياتها مثلما كان لها الكثير من الإيجابيات ثم جربنا سنيناً من التقشف نتيجة لشح الميزانية صاحبها العديد من الظواهر السلبية التي لم نتعود عليها ، لكنها علمتنا أن نحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود ، واليوم علينا في تعاملنا مع هذه الميزانية الأضخم في تاريخنا أن نستفيد من أخطاء الطفرة في جانبين هامين :

الأول: أن يتعامل أصحاب المعالي الوزراء مع الاعتمادات بطريقة تحقق الاستفادة منها في مشاريع دائمة طويلة الأمد تشكل بنى تحتية إما جديدة أو امتداد للقائمة حتى لو استغرقت هذه المشاريع وقتا طويلا ولم تؤت ثمارها أو تفتتح إلا بعد سنوات كثيرة مقبلة قد لا يشهدها الوزير نفسه ، فمشكلتنا التي تبدو مزمنة أن الوزير يستعجل تحقيق إنجاز يشهد تدشينه والحديث عنه في فترته وهو أمر غير ضروري فالإنجازات تنسب لأصحابها وإن طال الأمد ، كما أنها تبقى أصولا في الوطن و تجير له في النهاية وهذا الأهم .

الثاني: ضرورة الاعتماد على الطاقات الشابة التي يحدوها الأمل للعمل والتي لديها الاطلاع على تجارب الآخرين وسعة الأفق المبني على أساس علمي بكيفية الاستفادة من تجارب الآخرين وتطبيقها بعد تحقيق متطلباتها من جميع الجوانب وإيجاد الأرضية الضرورية للتطبيق، لا أن نعتمد على موظفين أمضوا عشرات السنين في الوظيفة دون أن يقدموا شيئا يذكر ، بل ربما كانوا عالة وحجر عثرة في طريق البناء بسبب توقفهم عند مرحلة محدودة من التعلم انتهت بتخرجهم وحصولهم على الوظيفة .

إن صاحبة السعادة ( ميزانية السعادة ) في حاجة إلى حكمة وتجرد أصحاب المعالي وإنكارهم للذات و عملهم الجاد فلا عذر لهم كما ذكر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بعد إعلان الميزانية.

كما أننا في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في وظائف الوكلاء الذين لم يتم تدويرهم أو تجديد دماء وظائفهم وأعطوا مشكورين ما هو في حدود إمكاناتهم على مدى عشرات السنين ولم يعد لديهم حتى كمستشارين ما يتناسب مع المرحلة الحالية وآن الأوان لأن يقدم لهم الشكر الجزيل.

اترك رد