اليوم: 19 يناير، 2006

تعريفنا للحوار

في اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري الذي عقد في أبها وشهد أول نقل تلفزيوني مباشر لجلسات اللقاء ذكر أحد المشاركين ما مفاده أن الواحد من المشاركين يبدي رأيه متحدثاً لمدة ثلاث دقائق دون تحاور ومناقشة وأخذ وعطاء وهذا لا يمت لمفهوم الحوار بصلة ولا يعتبر حواراً!! وأعتقد جازماً أن معه كل الحق فيما قال فما تابعناه لا يعد حواراً على الاطلاق بل تجمعاً يتحدث فيه كل شخص عن موضوع محدد بما يراه حوله لمدة ثلاث دقائق يبدأ بعدها دق الخشب ليتوقف (بعض الشعوب العربية يعتقد خطأ أن الدق على الخشب يطرد العين والحسد، ولا أعتقد ان من يمنح فرصة محددة للحديث ثلاث دقائق عن موضوع محدد لديه ما يحسد عليه!!).
في أمسية أدبية رائعة كان يفترض أنها حوارية أيضاً منحت الفرصة لعدد منتق من الحضور للتحدث عن موضوع يحدده مدير الأمسية لوقت أطول كثيراً من ثلاث دقائق وتحدث عدد ليس بالقليل كل حسب رؤيته وأعجبني ما قاله الأديب الشيخ عبدالله بن دريس عندما وصف ما دار بأنه ليس حواراً بل أشبه بجلسة مفتوحة لمؤتمر قمة عربي عندما يتحدث كل رئيس بما لديه دون تحاور أو مناقشة.

المثالان يؤكدان أننا في أمس الحاجة للتحاور حول تعريفنا «للحوار» وما إذا كنا ننطلق من التعريف المعروف للحوار أم أن لدينا تعريفنا الخاص لاجتماع خاص ينفرد خلاله كل برأيه ويتحدث عنه و«يفضفض» في دقائق معدودة، ونرغب في تسميته حواراً أو لقاءً وطنياً للحوار!!

إذا كان من عيوب الحوار الحقيقي بمفهومه المتعارف عليه لدى كل الأمم، انه يطول وقد يتشعب إذا لم يتولّ ادارته شخص مؤهل ألمعي، قوي الشخصية عميق التجربة، وقد ينتهي بخلافات وعراك إذا لم ينعم المشاركون بروح احترام رأي الآخر والعقلانية، فإن للحوار بمفهومنا الحالي الخاطئ عيوبه الكبيرة والخطيرة أحدها انه يوحي بأن ما يقوله كل مداخل يقابل بصمت ينم عن الرضى وهذا غير صحيح تماماً مثلما أن تعريفنا الحالي للحوار لم يكن صحيحاً البتة.