الواسطة تدرس في الجامعات !!

  سادت صورة لا تليق بالجامعات وتصنف على أنها خطيرة جداً كونها تحدث في بيئة يفترض أنها تربوية ومسؤولة عن تخريج قيادات المستقبل.الصورة تكمن في شيوع الحاجة إلى واسطة ليس في حال التسجيل والقبول وحسب بل انتقل هذا الفيروس (القاتل للطموح والقيم) إلى كل الإجراءات الأكاديمية أثناء الدراسة فأصبحت حتى علاقة الطالب بأستاذ المقرر ومرشده الأكاديمي وشؤون الطلاب وإجراءات الحذف والإضافة والتسجيل في مادة أو حذفها في حاجة إلى واسطة لدى أستاذ المادة وهذا جد خطير.

مرت علينا سنوات عجاف كان أساتذتنا غير السعوديين يفرقون بيننا حسب قدرات الواحد منا، بمعنى هل يستطيع الطالب أن يحجز للأستاذ على الخطوط السعودية صيفاً ويؤكد الحجز فهذا ذو حظوة تفوق من لا يعرف أحداً في حجز الخطوط، أما إذا كان الطالب قادراً على تحويل التذاكر وأوامر الإركاب إلى «فوتشر» فهذا أدعى أن يكرّم بالدرجات، فإذا كان طالباً نافذاً يستطيع أن يستخرج تأشيرة زيارة لأقارب أستاذ المادة فهذا «فلتة» يستحق الامتياز.

اليوم استطعنا تخطي السنوات العجاف بسعودة التعليم الجامعي بنسبة جيدة، لكن علتنا الأزلية تستمر وهي أننا لا نعاني من شيوع الرشوة مثلما نرضخ تحت تفشي الواسطة، وهكذا هي المجتمعات، إما فقيرة تُشترى فيها الذمم بالرشوة، أو غنية تشحذ فيها الهمم بالواسطة، وصدقوني.. صدقوني أن النتيجة واحدة (تفرقة وأكل حقوق وغالبية محبطة).

كنا نأمل في أن نقضي على (الواسطة) تدريجياً بفرض إجراءات ميسرة وشفافة ومحاربة البيروقراطية لنفاجأ بأن جامعاتنا التي ستخرج أجيال المستقبل وقياداته ستخرجهم بعقد الواسطة حتى في شؤونهم الأكاديمية ليس هذا فحسب بل ستخرج شباباً شاهدوا زميلهم يصوّت بإسمه ليحضر من آخر صف انتظار طويل (طابور الواقفين) وتُنهى إجراءاته وتسلم له على ملف خاص وهم ينظرون، وللأسف ان هذا يحدث في جامعاتنا.

اترك رد