إذاً أنا مجنون؟!

ثمة شعور، لا أدّعي أنه سائد، لكنه كثير، يجعل بعض القراء يعتقدون أن الكاتب عندما يتناول قضية أو مشكلة فإنها تعكس معاناته هو، أو معايشته هو، أو حرك شجونه للكتابة عن هذا الموضوع موقف عايشه.
هذا الشعور أو الاعتقاد يتناسى جانباً هاماً جداً وهو أن أعمدة الكُتّاب والصحف والإعلام بصفة عامة هي أسرع وأنجح وسيلة حالية للتعامل مع معاناة صاحب القضية “مع حفظ حقوق البرنامج الرائع في الإخبارية (صاحب القضية) الذي يبدع في إدارة حواره الزميل عادل أبو حيمد”.

من يعتقد أن ما يكتبه الكاتب هو نتاج معاناته لو علم الحجم والكم الهائل الذي يصل الزملاء الكُتّاب ومحرري الصفحات في الصحف ومعدي البرامج في التلفزيون من شكاوى الشيوخ والنساء والرجال والشباب وحتى الأطفال لما تبادر لذهنه ولو للحظة واحدة أن كل كاتب يكتب نتاج تجربة شخصية، لكن المؤكد أنهم – باستثناء قلة قليلة – لا يكتبون إلا بعد التثبت والاقتناع بواقعية ومنطقية وأحقية المطالبة التي تردهم.

أنا لا أدري ما هو الأساس لشعور البعض أن الكاتب يتناول همومه هو، وهل هو تعميم لحالات قلة أو ترسبات ماضية أو أن لأصحاب هذا الرأي مبرراتهم وأمثلتهم، أم أنه ليس له أساس ومجرد استنتاجات فردية تجمعت، لا أدري.

الذي أعرفه جيدا، أنه قابلني أحدهم ذات مرة وأنا أهم بالخروج من أحد المستشفيات الحكومية فبادرني قائلاً “ما شاء الله لقيت سيارتك؟!” وأول ما تبادر لذهني هو أن سيارتي قد سحبت، لأن الشركات المتعاقدة مع المستشفيات لسحب سيارات “المرضى” هذه الأيام تسحب السيارة بصرف النظر عن طريقة الوقوف!! ومكان الوقوف!!، تسحبها من أجل 40ريالاً!!، تسحبها قبل أن تسحب الممرضة عينة الدم من المراجع ربما ليخرج الدم وهو يفور!!.

قلت له: ما بال سيارتي؟! قال ألم تكن مسروقة؟! لقد قرأت لك بالأمس مقالاً عن سرقة السيارات!!.

سألته مازحاً، قلت: وكثيراً كتبت عن المرضى النفسيين كونهم لا يحضون بالرعاية لأنهم لا يمدحون وإذا مدحوا فإن مدحهم كالقدح، أحدها بعنوان “مجانين يا أولي الألباب” وغيره كثير، فهل تتوقع أنني الآن سوف افتح فمي وأخرج لساني وتجحظ عيناي وأرفع ثوبي وأطاردك في ساحة المواقف، قلت ذلك وأنا أتجه نحوه فتراجع خطوات إلى الوراء ثم ولى مودعا، ولا أستطيع أن أجزم أنه لم يكن خائفاً أنني قد أفعل.

رأي واحد على “إذاً أنا مجنون؟!

  1. غريب هذا الشخص الذي قابلته .. هل يظن انك تعيش خارج هذا المجتمع ؟ ألا يدري ان هناك صحفا وبرامجا تلفازية تتكلم عن معاناة الناس ؟
    و ايضا نحن في حياتنا اليومية نقابل الجيران والاصدقاء وكل له همومه ومشكلاته يحدثنا عنها .. واكيد كتاب الاعمدة الصحفية يجدون أفكارهم من محيطهم الاجتماعي وليس تناولا لهمومهم الخاصة .. ( وربما يكون ولكن ليس دائما )

اترك رد