اليوم: 25 مارس، 2009

لنحتفل بإتلاف المخدرات

بكل المعادلات الحسابية ،وبكل المقاييس سنجد أن نجاح الجهود الأمنية في إحباط عمليات تهريب كميات كبيرة من المخدرات إلى هذه البلاد يساوي نجاحاً كبيراً في درء العديد من الأخطار والخسائر الصحية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي لا يمكن أن تقدر بثمن أو تُقيّم برقم ، وهذه قبل كل شيء نعمة من الله سبحانه وتعالى تستحق الشكر والامتنان والمزيد من التوجه للعزيز الجبار أن يحمي هذه البلاد من أعدائها .
تلك الكميات الكبيرة والمتنوعة من المخدرات فيما لو مرت فإن كل حبة أو ذرة منها كفيلة بإنهاك صحة مدمن وإعادته إلى حالة اللاوعي التي تؤدي بدورها إلى تحطيم أسرة أو قتل فرد أو جماعة آمنين وما ينتج عن ذلك من ضياع ويُتْم وحزن وأمراض نفسية وتفكك وانحلال أسري وشيوع للجريمة .

هذا ما سينتج من تعاطي فرد واحد فما بالك بالمئات أو الآلاف التي تكفيهم الكميات المضبوطة لتعاط طويل ، ثم كم سنصرف على علاج كل تلك التداعيات الصحية والأمنية والاجتماعية وعلى مدى عمر مجتمع بأكمله وعبر أجياله؟

إذاً فإن رقم النجاح الذي حققته تلك الجهود رقم فلكي لا يمكن كتابته بالقيمة الحسابية فقيمته تفوق كل الحسابات ولذا فإن تقدير مثل تلك النجاحات يفترض أن يكون كبيراً بحجم وفاء هذا الوطن لأبنائه المخلصين .

أنا أقترح بعد أن نؤدي واجب الحمد الدائم للخالق المنعم صاحب الفضل والمنة أن نحتفل بهذا النجاح بصورة تليق به ولعل أكثر الصور إسعاداً لمحبي هذا البلد الأمين وأكثرها قهراً لمن يستهدفونه وأعداءه أن يتم الاحتفال بحرق أطنان المخدرات المصادرة في ساحة عامة وبطريقة لا تضر بالبيئة ولا تلوث الأنفاس الزكية للناس ، وهي طرق متوفرة حالياً للتخلص من النفايات الخطرة وأي نفاية أقذر من هذه السموم ؟!.

إن حرق تلك الكميات المهولة أمام أعين التائبين والمدمنين والمتضررين والأسر التي تعاني من ويل هذه المخدرات هو خير وسيلة لشفاء صدورهم وأكثر الصور بقاءً في المخيلة ، مخيلة الأطفال والشباب والكبار وهي من أكثر الصور قهراً وردعاً لمن صدّر هذه الكميات فالحرق يرمز بقوة للنهاية الأبدية ففي الحقائق العلمية أن المادة لا تفنى ولا تستحدث لكن احتراقها يحولها إلى هباء أشبه بالفناء ، كما أن احتفالية حرق أطنان وكتل من المخدرات سوف يستهوي قنوات الفضاء لتصوير الحدث فتسهم مملكة الإنسانية في إسعاد محبي الخير وقهر دعاة الفساد والإفساد .

أتمنى أن تتم هذه الاحتفالية في أجواء انتصار كبير وإجراءات تليق بالمناسبة ويجرى خلالها تكريم رموز هذا الإنجاز وما سبقه ، تكريم لا يخل بالسرّية التي يستدعيها استمرار نجاحهم ولا يقل عن ما يستحقونه كأبطال حقيقيين يستحقون أن يفخر بهم وطن تعود على تكريم أبنائه في مجالات عدة تكريماً سخياً ولا أعتقد أن مجالاً أخر سواء كان طبياً أو هندسياً أو رياضياً يمكن أن يقارن بما ينجزه رجال الأمن على كل صعيد ، حفظهم الله ، وحفظ وطننا بشريعته والتزامه وصدق نواياه .