اليوم: 30 أغسطس، 2010

طاش إسلامي

لا بد أن نعترف أن مسلسل (طاش ما طاش) في بداياته كان ضالة المواطن السعودي؛ ففي ذلك الزمن لم يكن هامش حرية انتقاد الخدمات ولا سقف الحرية الصحافية كافياً فكان هذا المسلسل الرمضاني متنفساً ينتقد القصور بطابع كوميدي محبوب جعل الغالبية تعقد معه موعداً، وأذكر أنني كتبت آنذاك أن طاش ما طاش بجرأة طرحه (النسبية آنذاك) سحب البساط عن صفحات الشكوى في الصحف فأصبح الواحد يقول للمسؤول (نشتكيك على طاش) بدلاً من أن يقول الصحف.
لا أظن أنني تغيرت عن ذي قبل فأنا كما أنا لم ألتح ولم أقصر ثوبي ولكنني أعتقد أن (طاش) قد تغير كثيراً وتحول من عمومية طرح هم المواطن السعودي إلى شخصنة الطرح بين شخصي طاش القصبي والسدحان والتيار الذي انتقدهما بسبب زلة في حلقة أو حلقتين تم خلالهما آنذاك السخرية من شخصية المتدين.
تطور الأمر وأصبح هم المسلسل هو تصفية الحسابات مع التيار الآخر الذي لا أسمح لنفسي بتصنيفه أو وصفه بالمتشدد لكنني أستطيع القول إنه أقل غضاً للطرف عن الزلل وأكثر دخولاً في النوايا فسمح لنفسه باستعداء فريق طاش وربما تهديدهم لأنه تيار لا يملك فرصة في الإعلام فلجأ إلى (النت) ومواقع الإنترنت مثل الوشاية شأنها في إثارة الفتنة خطير لأنها تتم بالنقل وبعيداً عن المواجهة والحوار.
رد طاش ما طاش في ربيعه الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر كان عدائياً جداً واستفزازياً جداً فافتقر للرزانة وركز تركيزاً واضحاً على تصفية الحسابات ففقد غالبية جمهوره لسببين الأول أن الوسطية استفزت هي الأخرى وهي غالبية ساحقة والثاني أن هم المواطن لم يعد هو هم طاش فأصبح ثمة إجماع أن طاش قد أفلس، ولم يكن هذا هو شعور الجمهور فقط بل حتى السدحان والقصبي ساورهما ذات الشعور فأعلنا أكثر من مرة عن توقف المسلسل أو طرحه بقالب مختلف، ولكن الفريق سرعان ما عاد لهم المواطن في طاش 17 وتحديداً في حلقة الاستثمار الأجنبي حتى وصلت به الجرأة أن شكك في عبارة (ارفع رأسك أنت سعودي غيرك ينقص وأنت تزودي) فظن الناس أن (طاش) زمان قد عاد لكن يبدو أن للسدحان والقصبي قلب جمل فقد جاءت حلقة (خالي بطرس) لتكون صاروخ كروز موجها آلياً وبالرموت للإسلام وليس لذلك التيار وحسب، لقد قلت بعد مشاهدتها أن طاش قد نقل الحرب من السخرية بالملتزمين بالدين الإسلامي إلى التبشير بخصال المسيحيين وأعتقد في تلك الحلقة أن قلب البعير أنساهم مبادئ كانوا يكررونها وهي أن السلوك شأن شخصي لا علاقة له بالهوية أو الدين (لا يحافظ الشخص على مجوهرات أبناء أخته لأنه مسيحي ولا يسرقها آخر لأنه مسلم) فتلك الحلقة بالغت كثيراً وتمادت في الإساءة لنا جميعاً كمسلمين وعادت بنا إلى طاش 15 و 16.
في حلقة الاختلاط كان ثمة شخصنة واضحة وبطريقة مؤذية وظالمة واستفزازية والرد عليها لو وجدت ذات الإمكانات الفنية والمهارات التمثيلية لدى الطرف الآخر لا يمكن أن تكون إلا بتصوير منزل فريق طاش من الداخل وسلوكياتهم الأسرية في مسلسل (طاش إسلامي) وهذا ما لا يملكه ولا يريده الطرف المستفز، اللهم استر على مجتمعنا وأطفئ الفتنة التي هي أشد من القتل.