الشفافية أمر جميل، لكنها لا تعني إبداء ما يحصل المزيد من الخير في ستره او إظهار ما يشجع ظهوره على التمادي في الباطل وشيوعه في الأمة؛ لأنها بذلك تتنافى مع العقل وإلا لكان التعري ضربا من ضروب الشفافية بدلا من أن يعتبر عرضا من أعراض الجنون وذهاب العقل.
قد يستغرب البعض، أو يستنكر الآخر أن يدعو كاتب صحافي دأب على المطالبة بالشفافية إلى تحديدها وتقنينها وقد يصطاد صائد في الماء العكر فيجدها فرصة لتصوير المطالبة بالتحديد على أنها مطالبة بالحد منها والتقنين على أنه إلغاء لذا استلزم ذكر الأمثلة لإيضاح المقصود.
في نظري أن التصريح بمحدودية الكوادر ونقصهم في هيئة الرقابة والتحقيق وعدم قدرتها على القيام إلا بجزء يسير من دورها الرقابي تصريح يشجع على التمادي في المخالفات وأمن العقوبة، ولا ترجى الفائدة من كشف هذا القصور المشجع على الفساد في الصحف والقنوات الإعلامية ووسائل الإعلام، خصوصا أن التقارير السنوية التي ترفع للجهات العليا وموقع اتخاذ قرار زيادة الوظائف والاعتمادات تشتمل هذه التقارير السنوية على فقرة خاصة بذكر الصعوبات والمعوقات فيفترض التبليغ عن هذا القصور في تلك التقارير؛ إذ لا فائدة مطلقا من نشرها لعامة الناس بينما ضرره كبير بطمأنة المخالف.
المثال الثاني يتعلق بنشر الحقائق التي تناقض لب عمل المؤسسة وأهدافها وإن كانت حقيقة واقعة؛ فمثلا ليس من مصلحة جمعية مكافحة التدخين ولا من مصلحة الناس ولا من مصلحة هدف المكافحة أن تصرح الجمعية بنسب الأطباء المدخنين والطبيبات المدخنات في المجتمع والتأكيد على أنها نسب عالية، وهذا خطأ يقع فيه منسوبو الجمعية كثيرا وسبق أن حذرت منه؛ لأن المدخن يبحث عن أي عذر أو سبب يقنعه بصعوبة ترك التدخين أو تجاهل ضرره ورفض حقيقة أنه سم قاتل، فإذا قلت له أن الطبيب يدخن وهو الذي يفترض أن يعلم بحقيقة خطر التدخين ويرى نتائجه في الناس فإن أول ما يخطر في بال المدخن من العامة الشك في مضار التدخين وأن استمراره في التدخين أمر مقبول مقارنة بالأطباء والطبيبات.
تصريحات بعض المسؤولين التي تأتي حبا في الظهور أو ادعاء الشفافية أو دفاعا عن قصور واضح بعبارة تنم عن سذاجة وعدم حكمة وتستدعي أن يمد أبو حنيفة رجله خير منها السكوت؛ مثل ذلك الذي يقول إن الخلل المذكور في التقارير ليس خللا فيضحك عليه الناس ويشجع على استمرار الخلل، أو الآخر الذي يقول إن رفع سعر الدجاج ليس من مسؤولية حماية المستهلك فيشجع على استمراره، هؤلاء شفافيتهم وعتمتهم سواء، وتصاريحهم أشبه بـ (بقبقة) الدجاج فهو صوت لا يفيد ويدل القطط على معرفة مكان الدجاج.
الشهر: يوليو 2010
وقفات أسبوع الشجاعة
• يحسب للهيئة السعودية للغذاء والدواء أنها أول جهة رسمية بادرت بالتشهير بالمخالفين لأنظمتها دون تردد أو خوف وفي أكثر من مناسبة وذلك حماية للمستهلك من أدوية وأغذية ومياه وأدوات تجميل خطرة. وبالرغم من أننا انتقدنا هيئة الغذاء والدواء أكثر من مرة إلا أن هذا لا يمنع من أن نشيد بمواقفها التي تعتبر شجاعة مقارنة بغيرها من الجهات الرسمية الأخرى وليس مقارنة بالإدارات والهيئات المشابهة عالميا، فالتحذير والمنع بالاسم التجاري المعروف أقل ما يمكن عمله لتحذير الناس من خطر الغذاء والدواء والماء فليسجل التاريخ أن هذه الهيئة أخذت زمام المبادرة في زمن التخاذل.
• في المقابل يعزو رئيس جمعية حماية المستهلك عدم التشهير بالمخالفين إلى منع تضرر قبائلهم وحساسية هذا الأمر والخشية من تأثر القبائل بالتشهير بالأسماء، نقول وبالله التوفيق إن الحساسية تكمن في بيت الجمعية الذي أصبح من زجاج قابل للكسر وحساس لعدم المواجهة وخير لمن هذه عقليته أن يقعد في بيته ويجامل القبائل بعزيمة على (مفطح)، طالما ليس لديه العزيمة على حماية المستهلك.
• في أغرب تصريح يقول المتحدث الرسمي للخطوط السعودية إن الركاب يتحملون المسؤولية في أزمة حجوزات الطيران على الخطوط الداخلية وزيادة الشكاوى من عدم وجود مقاعد وتكدس المسافرين لفترات طويلة داخل المطارات لأنهم يحجزون ويؤكدون الحجز ولا يسافرون، ودعا المسافرين بضرورة التحلي بالوعي الكافي في حالة عدم رغبتهم في السفر لترك الفرصة للآخرين (انتهى)، ونقول للمتحدث الرسمي إنك ربما نقلت تصريحا لمدير العلاقات في الخطوط السعودية في الثمانينات الميلادية أو إنك لا تعلم أن خطوطك تتبع أعتى أنظمة التأكيد على ضمان السفر في العالم وأسرع وسائل الإلغاء للحجوزات وضمان عدم بقاء مقعد واحد شاغرا والدليل أن الرحلات تقلع بكامل حمولتها بل بعضها أقلع والأطفال في (حجور) والديهم ــ في خطوة غير مسبوقة لأي ناقل آخر ــ، شيئا من الشجاعة للاعتراف بالفشل. ثم لماذا لم تشتك الخطوط الأخرى من ذات المشكلة؟! لا تقل لي إن الوعي أكبر إلا إذا كنت تقصد لدى متحدثهم الرسمي.
«عكاظ» تعذب قراءها
قبل أسبوع أو يزيد مارست هذه الصحيفة الغراء قسوة شديدة على القراء، وهو أمر مستغرب من جريدة نذرت نفسها للرأفة بالناس وعرض معاناتهم كي تحل، وإيصال شكواهم لمن قد لا يعلم بحالهم ولو علم بها لم يرضها.
منذ عدة أيام مارست «عكاظ» ما لا يمكن تسميته إلا بتعذيب القراء عندما نشرت على صدر صفحاتها وفي يوم بلغت فيه الحرارة في الرياض 54 درجة مئوية، وفي جدة 55م وفي المدينة قرابة 60م خبرا يقول بالخط العريض (درجة الحرارة في عسير 12م) وتحت العنوان صور كبيرة لمجموعة من سكان أبها يرتدون الملابس الشتوية وفوقهم سحاب كثيف أسود ترى الودق يخرج من خلاله.
قمة التعذيب أن ترى وتسمع وتقرأ عن منطقة حباها الله هذه الأجواء الباردة الممطرة في عز الصيف وداخل وطنك، لا تخشى فيها ذل غربة ولا اعتداء ولا هجوم عصابة تستهدف سرقة سيارتك وإخراج أسرتك في العراء وسرقة أموالهم وتهديدهم بالسلاح وترويعهم بإطلاق النار أو إصابة أرجلهم بالرصاص، ولا تخاف فيها ركلا ولا لكما ولا صفعا ولا إهانة بالأرجل، وحرم فيها الحرام وأحل الحلال فلا تواجه سكرانا ولا تخشى للحم الخنزير اختلاطا ولا ينزع عن زوجتك برقعا أو يمنع حجابا ثم لا تستطيع الوصول إليها لأن خطوط الطيران في وطنك لم توفر الرحلات الكافية ولم تستعد للإقبال المعروف كل عام، ولم تكن في حجم الحرص على السياحة الداخلية بل أصبحت حجر عثرة في طريق جهود هيئة السياحة وحجرا كبيرا ثقيل الوزن والدم صغير الطموح خفيف الحماس قليل الفهم فإن وجد المقعد حدث الأخير وغالبا لا تجد المقعد حتى لو حجزت قبل الصيف بصيف.
نعم عذبتنا «عكاظ» بنشر ذلك الخبر والصورة لنرى شيئا لا نستطيع الوصول إليه فلا مقاعد على خطوط الطيران، والطريق البري طويل تتخاطف وسطه النياق والبعارين وصغارها من «الحيران»، ولا تتوافر فيه دورات مياه لطفل أو امرأة أو مريض سكر «حصران»، ولا استراحات نظيفة ومطاعم يقبلها جوعان، ولا ورش صيانة أو شركات إصلاح تهب لنجدتك إذا خمد المحرك أو توقف تنفس الشكمان.
ليت «عكاظ» لم تخبرنا عن أجواء عسير ولم تعذبنا فوق عذابنا بحر الرياض وغبار جدة وبحر الدمام الذي أوشك من حره على الغليان، أجلي الخبر يا «عكاظ» إلى أن يأتي من يحلق بخطوطنا في سماء التطور مثل بقية الجيران.
LOCAL PRESS: Thefts impossible on Saudia flights
By MUHAMMAD SULEIMAN AL-AHIDIB | OKAZ
Published: Jul 26, 2010 23:22 Updated: Jul 26, 2010 23:22
NEWS agencies, newspapers and satellite channels have all carried the story of an Air France flight attendant who had been stealing from passengers while they slept, especially on long haul flights such as those between Paris and Tokyo.
The reports noted that Japanese passengers usually carry with them large amounts of cash as well as valuable mobile phones, and that the air hostess was caught after it was discovered that most of the thefts happened on flights she was on.
This woman would not have been able to steal if she were working for Saudi Arabian Airlines. First, she could easily find a job with Saudia because our people do not thoroughly scrutinize résumés. However, I do not say she would not be able to steal because she would have lost the tact for stealing but because of the special features and characteristics of the Kingdom’s national carrier.
Saudia passengers are unable to sleep on flights because they usually get enough sleep at airports while waiting for their flights due to delays. They usually sleep well enough and do not need to sleep during the flight no matter how long it may be.
The second reason why this woman will not be able to steal on board a Saudia aircraft is that the bell that passengers press to summon flight attendants never stops ringing.
This is not because passengers are demanding but because flight attendants simply ignore them. The continuous ringing of the bell would scare any thief and make him or her hesitant to steal. She will know that all passengers who have called will be waiting for her.
A third reason is that air hostesses on board our flights sleep more than passengers during long haul flights. As soon as air hostesses finish serving food, they go to sleep because they are certain that the management on the ground will ignore passenger complaints.
The management does not follow up on flights. An example of this was seen recently when an Abha to Riyadh flight was delayed by about 11 hours because the crew did not show up. It is little wonder since this coincided with a World Cup match in South Africa.
A fourth reason why this woman cannot steal on Saudia flights is that our airlines only employ young air hostesses who have little need to steal while airlines such as Air France employ much older and experienced hostesses who have financial obligations toward their family that cannot be met by their salaries.
published in ARAB NEWS
هيئة لمكافحة التدليس
لي قريب مهووس بما يقوله البائع أو مندوب الدعاية ينصت إلى كل ما يقوله البائع عن سلعته من إيجابيات ويأخذه مأخذ الصدق والتميز، وإذا سرد له مندوب الدعاية جملة ادعاءات وقدرات خارقة للجهاز أو السلعة التي يروج لها فإن قريبي هذا يرددها وينقلها كما هي مع فارق قدرة الإقناع كونه لا مصلحة له في ما يقول سوى أنه ينصح عن قناعة و(حبابة) يسميها أهل نجد (صح) فيقولون فلان (صحيح) أي حبيب أو بريء أو بعيد شر إلى درجة سهولة خداعه.
عينة قريبي هذا كثيرة جدا في مجتمعنا بل تكاد تكون سائدة وغالبة، وهذا يزيد من خطورة قدرات مندوبي الدعاية على الخداع ومدعاة أكبر لضرورة اتخاذ خطوات حكومية سريعة وشديدة وجادة لحماية الناس من هذا الخطر الذي شاع وأصبح ظاهرة وصورة من صور الخداع الخطير الذي كشفته «عكاظ» عبر صفحتها الأولى ومفصلا في صفحتين داخليتين 11 و 12 في عدد الجمعة الماضي 11 شعبان إحدى صوره الخطيرة ذات العلاقة بأهم عنصر للحياة بعد الهواء وهو الماء عندما سجلت «عكاظ» اعتراف مندوبي دعاية أجهزة تنقية المياه بالغش والخداع باستغلال الكهرباء والتفاعلات الكيميائية لتشكيك الناس في نقاء مياه الحكومة وادعاء تنقيتها بأجهوة الشركات، أي أنه غش مزدوج يشمل التشكيك في الجهات الحكومية التي تؤمن لنا المياه والإيهام بتصحيحها عن طريق خدعة.
إذا وبعد فشل وزارة الصناعة والتجارة في مكافحة هذا الغش وبعد فشل هيئة المواصفات والمقاييس في منع دخول هذه الأجهزة وفلاترها على أساس مخالفتها لما ورد فيها من مواصفات وادعاءات، وبعد فشل الهيئة الحكومية لحماية المستهلك في عدم مزاولة النشاط الذي أنشئت من أجله، وتحول جمعية حماية المستهلك إلى جمعية متهمة ومثار تساؤل حول سلوكياتها فإننا في أمس الحاجة إلى إنشاء هيئة لمكافحة التدليس مهمتها فضح صور خداع المستهلك عن طريق مندوبي الدعاية وعن طريق الإعلانات الوهمية، وتوعية الناس (الصحاح) مثل قريبي هذا بأن بعض مندوبي الدعاية مجرد أداة غش وتدليس مخادع ومدرب على ادعاء المميزات وتجاهل السلبيات الخطيرة، وأنه يمارس غشه عيانا بيانا دون رادع أو عقوبة بدليل أن فئة منهم يعترض طريقك وطريق عائلتك في كبريات المجمعات التجارية ليقول لك (سجلت معانا في السحب على الهدية) مع أنه لا توجد هدية ولا سفرة مجانية ومجرد وهم للحصول على معلومات عنك وعن جوالك ليسهل المزيد من خداعك، وقال من أمرك؟ قال من نهاني؟!.
سفاراتنا وحماية السائح السعودي
كلما قرأت خبرا عن المعاملة السيئة التي تعرض لها سائح سعودي في أي بلد من بلدان العالم أو موقف عصيب لمواطن يتلقى العلاج في الخارج أو رجل أعمال سعودي يتعرض للنصب والاحتيال في إحدى الدول أتذكر على الفور كلمات بالغة الحكمة قالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منبها سفراء المملكة وموجها رسالة قائد حكيم اشتهر بأنه رجل موقف ومبادئ وحزم، قال حفظه الله ذخرا لمواطنيه (أنا أسمع ــ ولا أتهم إن شاء الله ــ أن بعض السفارات تغلق أبوابها وهذا ما يجوز أبدا أبدا، لازم تفتحون أبوابكم وصدوركم، وتوسعون أخلاقكم للشعب السعودي، أي فرد يأتيكم مهما كان، مهما كان، اعرفوا إنه من الشعب السعودي وأنا من الشعب السعودي وهو ابني وأخي لا تقولوا هذا ماله قيمة، إياي وإياكم قدروهم واحترموهم لتحترمنا الشعوب).
ذلك التوجيه الكريم لم يكن محددا بوقت اللقاء ولا بالمناسبة وإنما هو مسلك ثابت ونظام أساسي ومطلب دائم ومنطلق يجمع بين الأمر القيادي والإقناع الحكيم المتمثل في عبارة (احترموهم لتحترمنا الشعوب).
لكل دولة في العالم أنظمة وإجراءات أمنية وسبل حماية لمن يدخل أراضيها لكن الحزم في التطبيق والمتابعة والحرص تتفاوت بحسب احترام وطنه وسفارته له، فكلما كانت السفارة حريصة ومتفانية في المطالبة بحقوق رعاياها وتفتح أبوابها وقلوب منسوبيها لتلقي شكوى المواطنين والدفاع عنهم وتسجيل موقف حازم إزاء ما يواجههم، كلما كان البلد المضيف أكثر حرصا على تجنيبهم الإهانة وأكثر حزما في رد حقوقهم وأكثر قلقا إذا ما أصاب أحدهم مكروه أو اعتداء، ثم ينعكس حرص الجهات الأمنية في البلد المضيف على حرص مواطني ذلك البلد، فحتى المجرم فيهم يحسب ألف حساب لقوة سفارة فريسته فلا يقترب ممن يعرف أن وراءهم ظهرا قويا وسفارة تحترمهم ولا تدع حقوقهم ولا تتوانى في الدفاع عنهم وملاحقة من يعتدي عليهم فيبحث المعتدي عن الأسهل، مثلما يبحث الذئب عن الحمل الوديع والقاصية من الغنم، (مع فارق التشبيه وحفظ احترام الإنسان).
الحوادث المتوالية للسعوديين وخصوصا صيف هذا العام تحتاج إلى وقفة حزم وحماية، فمن غير المقبول ولا المعقول أن لا يمر أسبوع إلا وتعرضت أسرة سعودية للاعتداء والسرقة وقطع الطريق واستهداف السيارات ذات اللوحات السعودية، ولابد من موقف سريع يضمن عدم استمرار أحد الأمرين إما الاعتداء أو السياحة والسفر إلى البلدان التي يتعرض فيها السائح السعودي للاعتداء.
صدقوني .. فرنسا ستمنع السواك
جزى الله الشدائد كل خير فقد أثبتت على أقل تقدير المقولة المصرية (مفيش حد أحسن من حد) في ما يخص الحريات الشخصية وحقوق الإنسان والسرية الفردية الخاصة، فبعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تبيح التنصت وانتهاك حرمات الفرد والأسرة بوضع أجهزة تسجيل الصوت وكل ما وصلت إليه التقنية الحديثة من تجسس على الحياة الأسرية الخاصة في أمريكا نفسها، وتمارس السجن دون محاكمة واحتجاز مئات البشر في معتقل أشبه بزريبة حيوانات غير محمية الحقوق، وتمارس الاعتقال دون أدلة أو حتى إذن اقتحام، أي باختصار بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية (أوطى) وأدنى في معاييرها الإنسانية من (أردى) دول العالم الثالث التي كانت تنتقدها وتحاول فرض حقوق الإنسان عليها، هذه فرنسا تمنع ارتداء الحجاب وتفرض خلع البرقع والنقاب حتى عن السائحات وغير الفرنسيات بحجة أن لبس البرقع استعباد للمرأة وانتهاك لحقها (حتى وإن كان برضاها بل وبرغبتها) أما الأغرب من ذلك فهو التحجج بأن النقاب سجن للمرأة لا يمكن قبوله في الشارع، أما سجن المرأة في (فترينة) زجاجية وهي شبه عارية لاستعراض جسدها وتتبع ملامحه وتفحص ميزاته وعيوبه استعدادا لتقييم سعر الجسد بعد إجراء الخصومات على العيوب ومن ثم شرائه لبعض الوقت فهو أمر لا يعتبر استعبادا للمرأة ولا سجنا لها!!.
الشدائد أثبتت أن الإنسان (أي إنسان) عندما تبرر لديه غاياته كل الوسائل فإنه لا فرق أن يحكم في الغرب أو في الشرق، في دول تدعي التحضر أو أخرى تشتكي التخلف فتوسلات هيئات حقوق الإنسان ودعاة حفظ حقوق الحريات والتعبير لم تجد نفعا لا مع أمريكا سابقا ولا فرنسا اليوم.إذا كان الهدف من منع النقاب إخفاء ملامح الوجه من وجهة نظر أمنية لأنه يخفي الوجه ويظهر فقط العيون فإن على فرنسا ودول أوروبا التي منعت او ستمنع لبس البرقع أن تمنع النظارة الشمسية لأنها تخفي أهم ما يميز الوجه ويبرز التعابير وهما العينان ويظهر باقي الوجه، وإذا كان الهدف عدم التمييز العقائدي في الشارع فيجب العدل بمنع قبعة اليهود وطاقيتهم المميزة على هامة الرأس وفك عقد جديلة لحية السيخ ومنع المسيحي من رسم الصليب بالضرب على جبهته وصدره بتثليثة الصليب ناهيك عن لبسه ومنع غطاء رأس الراهبات ولباسهن المميز وأن يكون هذا المنع في الشارع وليس المدارس فقط مثله مثل البرقع، ولأن المقصود والمستهدف هو الإسلام فقط فصدقوني إنه قريبا سيناقش البرلمان منع السواك في الشارع كونه سنة إسلامية. إنها الحريات المزيفة التي طالما خدعت الكثير منا حتى جاءت الشدائد ففضحت زيفها.
لن تسرق على الخطوط السعودية
قالت وكالات الأنباء ونشرت الصحف وأذاعت المحطات الفضائية أن إحدى مضيفات الخطوط الفرنسية كانت تسرق الركاب أثناء نومهم، خاصة على الرحلات الطويلة التي يدخل المسافرون خلالها في نوم عميق وتحديدا الرحلات من باريس إلى طوكيو والعكس؛ لأن السياح اليابانيين يحملون معهم مبالغ نقدية كبيرة وأجهزة هاتف نقال ثمينة ويستغرقون في النوم وقد تمت إدانة المضيفة بعد أن اكتشف أن السرقات تحدث على رحلات تكون هي طرفا فيها.
قلت إن الميزة الوحيدة لخطوطنا الحبيبة أن مثل هذه السارقة لن تتمكن من ممارسة هوايتها بسرقة الركاب لو تم التعاقد معها لتعمل على الخطوط السعودية بعد فصلها من الفرنسية ــ بحكم أن جماعتنا لا يدققون كثيرا في السيرة الذاتية عند التعاقد ــ وتكمن عدم قدرتها على سرقة الركاب في عدة أسباب أو مميزات للخطوط السعودية أولها وأهمها أن الركاب سيكونون قد ناموا ساعات طويلة في المطار بسبب تأخر الرحلة وبالتالي فإن كل الركاب (شبعانين نوم) ولا يمكن أن تكون ساعات مدة الرحلة أطول من ساعات التأخير بأي حال من الأحوال.
أما السبب الثاني فلأن جرس طلب المضيفة على الخطوط السعودية لا يتوقف عن الرنين طوال الرحلة، ليس لأن الركاب مزعجون وطلباتهم كثيرة ولكن لأن المضيفات لا يعرن اهتماما لطلبات الركاب ولا يستجبن للنداء وبالتالي فإن الأجراس تدق من كل اتجاه مما سيجعل من تحاول السرقة غير مطمئنة وتعرف أن الجميع ينتظرونها وينظرون إليها أملا في أن تتجه إليهم.
وثمة سبب ثالث هو أن المضيفات على الرحلات الطويلة أكثر نوما من المسافرين فأول من يقعد وينام بعد توزيع الطعام هن المضيفات إدراكا منهن أن الإدارة في الأرض ضائعة ولا تتجاوب مع شكوى الركاب بل لا تعيرها أدنى اهتمام أو متابعة فيكفي أن رحلات أبها من الرياض (الرحلة 1665) تأخرت قرابة 11 ساعة لعدم حضور ملاحي الطائرة وصادف ذلك إقامة إحدى مباريات كأس العالم.
السبب الرابع أن خطوطنا لا تتعاقد إلا مع مضيفات شابات لسن في حاجة إلى السرقة، بينما الخطوط الفرنسية ومعظم الناقلات المشهورة تستعين بمضيفات ذوات خبرة طويلة وأعمار كبيرة ولديهن التزامات عائلية لا يكفيها الراتب وليس لهن دخول أخرى.
وقفات أسبوع المرأة
** طال انتظار معلمات محو الأمية لحلم تنفيذ الوعود بإصلاح أوضاعهن وترسيمهن على وظائف رسمية تضمن لهن الأمن الوظيفي والراتب المنصف واحتساب الخدمة، وطول الانتظار للوعود الجميلة أمر تعودنا عليه منذ عشرات السنين وصبرنا واحتسبنا، وهو شيء معتاد وبكل أسف لكن أن تتولى شؤون المعلمات امرأة ثم لا يجدن من يقابلهن ويرد لهن الصوت ويتفهم أوضاعهن واحتياجاتهن للقيام بمهامهن التعليمية ويستمع لشكواهن فإن ذلك يعد صدمة عظيمة وخيبة أمل كبيرة لخطوة تولية شؤون المرأة لإحدى بنات جنسها، فحال معلمات محو الأمية بل ألسنتهن تقول (الرجال أرحم بكثير).
** شر البلية ما يضحك ومن شرور بلوى غياب حماية المستهلك أن تنتشر رسالة جوال تقول (متخصصون بتقليد الماركات العالمية من شنط وملابس وأحذية واكسسوارات رائعة وبأسعار مناسبة) وتختتم الرسالة بعبارة زورونا على الموقع الفلاني أو اتصل على جوال رقم (….)، وهذا ما أسميته في برنامج 99 المخالف الذي يعلن عن نفسه، وهذا يجسد واقع انعدام الرقابة لدينا وأمن العقوبة وفساد حماية المستهلك.
** شخصيا أنا لا أميل لأن تتفرغ جهة مكافحة الغش التجاري لحماية (الماركات التجارية) إلا إذا دفع وكلاؤها تكاليف ورواتب موظفي الغش التجاري لأن الأهم في نظري التركيز على حماية المستهلك من الغش والغلاء وعدم الجودة سواء في سلعة الوكيل (ما يسمى بالأصلي) أو غيرها (ما يسمى بالتقليد) خصوصا أنه ثبت أن (الأصلي تقليد)، وما يهمني في رواج الإعلان أعلاه أولا: شيوع أمن العقوبة وثانيا: أن السيدات الشغوفات بالموضة والماركات أصبحن (طفرانات) ويردن التظاهر لبعضهن البعض بشراء وارتداء شنط وساعات وملابس واكسسوارات (ماركات) ولكن مزيفة ومن هنا راج الإعلان.
** تماما مثلما أن هناك رجالا مخلصين يعملون ورجالا (يترززون) فإن هناك نساء مخلصات يعملن ونساء (يترززن) الفرق الوحيد هو في الظروف والتوقيت ففي زمن مضى كنا نعتقد أن كل النساء يعملن بصمت، الآن وبعد أن ركبن موجة الظهور اتضح من المخلصات ومن المترززات لكن المخلصات أكثر ويعملن خلف الكواليس.
الجندي الرشيدي ضحية مكابرة وشهيد واجب
الجندي سعد محيسن الرشيدي الذي توفي بعد أن تعرض لصدمة حرارية حادة، وهبوط في الدورة الدموية أدى إلى توقف التنفس إضافة إلى حدوث فشل كلوي حاد والذي تابعت «عكاظ» حالته مشكورة منذ دخوله العناية المركزة وحتى انتقاله إلى جوار ربه، تغمده الله بواسع رحمته.
هذا الجندي لم يقتصر سبب وفاته على تعسف في التدريب تحت لهب شمس المدينة المنورة التي وصلت درجات الحرارة فيها صيف هذا العام إلى 60 درجة مئوية تعرضت لخصومات غير مبررة جعلتها لا تتعدى الخمسين وكأن حرارة الجو أصبحت عيبا يستحق النفي.
الجندي سعد الرشيدي ذهب ضحية مكابرة كل الجهات المعنية (للأسف) وعدم الاعتراف بارتفاع درجات الحرارة لمستوى غير مسبوق من قبل.
وزارة العمل، أعلم أنها غير معنية بالعسكريين، لكنها أسهمت في شيوع حالة تجاهل الخطورة بقبولها تأجيل البدء في تطبيق قرار منع العمل في الظهيرة إلى العام القادم نزولا عند رغبة الشركات وكان يفترض فيها، وهي مرجعية العمال، أن تطالب باستعجال التطبيق لأن الشمس لم تنتظر والصيف ضيعت اللبن والمخ والكلى والدورة الدموية.
موقف وزارة العمل هذا مع العمال سهل على كل الجهات التهاون في هذا الأمر على أساس أن مجاملة الشركات تستدعي من باب أولى مجاملة الجهات الأخرى أو تشكيك هذه الجهات في جدية الخطورة على الحياة، فكان الجندي أول ضحايا هذا الوهم.
التهرب من الاعتراف بارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة وأعلى بكثير من قدرة تحمل الإنسان، والهروب إلى مغالطات درجة الحرارة في الظل وحرارة تعامد الشمس وخلافه، سبب مباشر في تعرض هذا الجندي وغيره إلى الإصابة ثم الوفاة، لأن العامل لا يعمل في الظل، والجندي لا يتدرب حاملا (شمسية) أو تحت مظلة، وانسلاخ الجلد والجفاف والفشل الكلوي وضربة الشمس كلها تثبت أن الحرارة التي يجب أن نعتمد عليها هي الحرارة التي يتعرض لها الإنسان العامل أو الجندي أو موظف الجمارك وغيرهم ممن يعملون في العراء وليست درجات الظل أو المكاتب المكيفة !!.
المؤكد أيضا أن احتمال قبول رجائي الوطني باعتبار الجندي سعد محيسن الرشيدي من شهداء الواجب احتمال كبير جدا، لأننا في وطن القلوب الكبيرة التي تثمن كل جهد، ولأن الجندي سعد محيسن الرشيدي تقبل قسوة التدريب وقاوم وتحمل حتى فاضت روحه الطاهرة شهيدا للولاء والطاعة والصبر.