اليوم: 21 نوفمبر، 2010

بين الحاج كوجي والحرس الوطني

منذ أكثر من عشرين سنة، وتحديدا في يوم الأحد 28 يناير 1990م، عقد الحرس الوطني ندوة صحية عالمية بعنوان الندوة العالمية عن التحصين والعلاج المناعي ضمن نشاطات الحرس الوطني الصحية، ممثلا بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني، فالحرس الوطني ليس ولم يكن قط مقتصرا على الدور العسكري، بل كان وما زال صرحا شامخا يعنى بالثقافة والصحة والتعليم، مثل عنايته بأدواره العسكرية.
في تلك الندوة العالمية، شرفني مدير عام التطوير والتدريب بالحرس الوطني ــ آنذاك ــ الدكتور عبد المحسن بن عبد الله التويجري بمهمة إصدار صحيفة يومية ملونة تنقل أخبار الندوة العالمية بالحرف والصور الملونة في اليوم التالي لحدوثها (تخيل حفلا ليليا ينتهي الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، ويكون خبره منشورا في الصباح مع الصور الملونة بين أيدي ضيوف الندوة وباللغتين العربية والإنجليزية).
كان التحدي كبيرا تعجز عنه كبريات الصحف، فحتى كبرى الصحف لا تتمكن من نشر خبر متأخر مثل هذا إلا في طبعتها المتأخرة وبدون صور، وقد لا تستطيع، لكننا في الحرس نواجه التحدي بروح العمل الجماعي، فمطابع الحرس الوطني منحتنا طاقما خاصا يسهر حتى الصباح لإنجاز هذه الصحيفة اليومية الملونة التي أسميناها (نشرة)، وما زلت أحتفظ بأعدادها لجميع أيام الندوة.
حسنا، ما الذي ذكرني بهذه الصحيفة اليوم، وبعد أكثر من عشرين سنة؟!، ذكرني بها حج هذا العام، والذي شهد تطورا كبيرا عن العام الماضي، من حيث التوسعات والتسهيلات وتطوير وسائل النقل، خاصة قطار المشاعر، وهي تطويرات تتم كل عام، فيكون مختلفا عن الذي قبله، وهو أمر تفخر به المملكة العربية السعودية، ويحق لها أن تفاخر به، فكنت وما زلت أؤمن بأهمية صورة المقارنة بين الماضي والحاضر لاستشعار عظمة التغيير الذي حدث، ففي تلك الصحيفة التي تحدثت عنها آنفا (النشرة)، قررنا أن نستفيد من هذا الجهد الخارق، فلا نكتفي بنقل أخبار البارحة بالصور الملونة وباللغتين العربية والإنجليزية ليسعد برؤيتها ضيوف المؤتمر، فمن المؤكد أيضا أنهم سيحتفظون بهذه الصحيفة ويحملونها معهم إلى أهلهم وأصدقائهم، ولا سيما أنها تحمل صورا تذكارية لهم، أما كيفية الاستفادة من هذا الجهد الخارق لما يخدم الوطن، فقد كان بوضع زاوية يومية مصورة على أربعة أعمدة تحت عنوان كيف كنا وكيف أصبحنا (how were we & how are we)، وعلى اليمين كنا نضع صورة قديمة للمملكة وعلى اليسار صورة لحاضر هذا الوطن الغالي تعكس حجم التطور. وقد وجدت هذه الزاوية إقبالا كبيرا، وكان لها تأثير عظيم على المتلقي، فقد اختصرت قصة إنجاز عظيم في صورتين (كيف كنا؟ وكيف أصبحنا؟).
كم أتمنى أن نركز على ذات المقارنة في فلم عن الحج أو صور عن الحج تقارن بين الماضي القديم جدا والحاضر اليوم؛ ليعلم المشاهد لهذا الفلم أو تلك الصور حجم الجهد الذي بذلته المملكة العربية السعودية، مقارنة بقصر المدة ليتحول الحج مما كان إلى ما أصبح، فبعض الحجاج الذين يحجون لأكثر من مرة يستشعرون حجم التحول، مثلما فعل الحاج الياباني الإعلامي كوجي عبد العزيز الذي نقلت لنا (واس) مقدار انبهاره بالفارق الإعجازي بين حجه هذا العام وحجته الأولى قبل 42 عاما، لكن العالم أجمع يجب (في نظري) أن يرى المقارنة في فلم وصور كالتي بدأنا فكرتها في نشرة الحرس الوطني، ومن أجل إعطاء كل ذي حق حقه، فقد عمل معي في إصدار تلك الصحيفة اليومية فريق تحرير مكون من رشيد الرشيد، عبدالله الحميد، صبار العنزي، وصالح القبلان، وأخرجها راضي جودة، أما الفضل الكبير في سرعة الطباعة التي هي سر الإنجاز، فقد كان لرجال مطابع الحرس الوطني وبتفهم وحماس من رجل له دور جبار في تطور مطابع الحرس ــ آنذاك ــ وصاحب خطوة توظيف المعوقين في المطابع العميد ناصر العرق الذي تقاعد مؤخرا.