اليوم: 22 ديسمبر، 2010

خروف المياه وغزلان المسابح

لا تزال وزارة المياه والكهرباء تمارس الاستفزاز في إعلاناتها المدفوعة بسخاء للحث على الترشيد في استهلاك المياه حسب أولوياتها هي، وهي فقط، خلافا للواقع في تسلسل أولويات الترشيد، وخلافا لحقيقة أسباب الهدر المائي، والترتيب الصحيح الواقعي لطرق إهدار المياه من جهة ومردود هذا الهدر من جهة أخرى، وما نقصده بمردود الماء المهدر (في نظر الوزارة) هو أن ثمة كميات كبيرة من المياه تذهب هدرا لا طائل منه مطلقا مثل استمرار جريان ماسورة ضغط عالٍ مكسورة في أحد أحياء الرياض لعدة أشهر دون إصلاح فهذا هدر لا طائل منه مطلقا لأنها مياه تتبخر على الإسفلت وتبتلع الأرض جزءا منها لكن دون فائدة تعود على الإنسان أو الحيوان، بينما الوزارة تهمل هذا النوع من الهدر الذي لا نفع منه مطلقا تجدها تنشر إعلانات مكلفة لتوضيح استهلاك الخروف من الماء وما يكلفه إنتاج كيلو غرام لحم من المياه على شكل أعلاف، وتركيز ملح على أن استيراد الأعلاف بدلا من زراعتها أو استخدام الأعلاف المركبة يوفر خمسة بلايين متر مكعب من المياه الجوفية غير المتجددة سنويا وهو ما يعادل ضعف استهلاكنا البلدي من المياه.
حقيقة نحن أصبحنا حساسين لتصديق أرقام المياه ومضاعفاتها خصوصا أننا لدغنا من قبل عشرين سنة بذلك الرقم المخادع الذي قال إن إنتاج أحد المشاريع المائية يعادل جريان نهر النيل 500 سنة، والآن أصبح استهلاكنا البلدي من المياه يعادل نصف علف خرفاننا سنويا لو استوردنا الأعلاف ولم نزرعها، وهذا تحديدا ما يفهم من إعلانات وزارة المياه دون أدنى جهد في الحساب لطالب الصف الخامس ابتدائي فالإعلان يقول بوضوح أن استيراد الأعلاف بدلا من زراعتها يوفر خمسة بلايين متر مكعب سنويا وهو ما يعادل ضعف استهلاكنا البلدي من المياه، أي أننا لو أوقفنا الزراعة سنة وفرنا ضعف استهلاكنا البلدي من المياه (ولم يحدد المدة ولكن أظنها سنويا لأن المبالغات دائما تحدد المدد المشجعة وتترك الأخرى مفتوحة).
وزارة المياه والكهرباء لا تزال تمارس استفزازا في نظري ليس لأنها تتحدث عن طرق الترشيد التي تعني المواطن والوزارات الأخرى، ولكن لأنها تحجم عن الحديث عن طرق الترشيد التي تخصها مثل التعامل مع ماسورة ضغط عالٍ تنزف عدة أشهر، فكيف تريدني أن أركب مرشدات تنصحني بها أو أغير طاقم صناديق الطرد في منزلي (السيفونات) لأحجام أصغر وأنا أشاهدك تترك أنابيب الضغط العالي تنزف دون إصلاح، وكيف أتجاوب مع مطالباتك للمستهلك الصغير بتوفير مياه الاستحمام للنظافة أو الطهارة التي لا تزيد عن (سطل) وأنت لم تلتفت للمسابح التي تستهلك مئات الأمتار المكعبة. كل هذه تساؤلات هامة ولم نتطرق خلالها لدور مطالبة وزارة المياه والكهرباء في شأن الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي بالأعلاف وقد نتطرق له لاحقا بعد مزيد من المراجعة المتخصصة لأننا لا نتحدث جزافا ولا نؤيد من يفعل ذلك.