اليوم: 25 ديسمبر، 2010

حقوق إنسانية أهم من الكفيل

يحسب للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أنها أكثر حراكا وتحركا من هيئة حقوق الإنسان التي يبدو أنها لا ترى ما يستدعي تحركها رغم كثرة المحفزات على الحركة.
هذا التميز النسبي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان يظل نسبيا مقارنا بأخرى، لكنه لا يصل للطموح ولا للهدف الذي تتطلع له القيادة الحكيمة التي أوجدت الاثنتين من أجل تمثيل الإنسان وحماية حقوقه وردع كل ما يمسها، بناء على توجه حكيم من لدن ملك الإنسانية الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يحمل هم الفقير قبل الغني، والضعيف قبل القوي، وأراد أن يوجد الرادع لكل مساس بحقوق الإنسان.
وإذا اتفقنا أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان هي الأكثر تحركا وحيوية من الأخرى، فحبذا لو أن هذه الجمعية ترتب أولوياتها بناء على الأهمية والعنصر الأكثر غيابا عن لفت الأنظار، أو الجانب الإنساني الذي لم يتم التطرق إليه والالتفات إليه بالدرجة المطلوبة، وهذا من أهم أدوار مثل هذه الجمعية أو مؤسسات المجتمع المدني التي لها شبيه حكومي.
ولكي أكون أكثر وضوحا دعوني استشهد بمثال، فموضوع نظام الكفيل لا يعد أهم وأكثر أولوية في أجندة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان مقارنة بحق المواطن السعودي في الحصول على الرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية، وتلبية الاحتياجات الآدمية وعدالة توزيعها. فموضوع نظام الكفيل قتل بحثا وإثارة إعلامية في الخارج والداخل، ولفتت له الأنظار، وتجري الجهود على قدم وساق لإيجاد البديل المناسب. فمن غير اللائق أن تقتصر تصريحات رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان على موضوع نظام الكفيل وكأنه الهم الإنساني الوحيد، خصوصا تكرار القول إن موضوع الكفيل يحرج الجمعية عالميا، فثمة أمور محرجة جدا أهم من موضوع يدور حوله خلاف، كما أن الدول التي تركز عليه أو تحرج الجمعية بالحديث عنه أصبحت تمارس ما هو أكثر إحراجا منه، وتنازلت عن كثير من المبادئ الإنسانية التي تدعيها سواء أمريكا أو دول أوروبا. ليت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تترك هذه الشكليات لهيئة حقوق الإنسان وتركز على الجوانب الأهم التي تشكل هما وطنيا وهاجسا لكل من القيادة الحكيمة والمواطن، مثل سوء استغلال السلطة، وتشرد المرضى النفسيين والهائمين دون مأوى (الهوم لس)، والولادة في الممرات، وعدم عدالة التوظيف، وتسلط المدير على الموظف، والغلاء الفاحش، وعدم وصول الضمان الاجتماعي للمستحق الفعلي، وعدم توافر الأسرة والعدالة في الرعاية الصحية للجميع، والفقر والمعيشة الضنك، وتعذيب الأطفال، وإهمال المسنين، وتأخر القضاء في إنهاء القضايا الحقوقية، وكل ما يشبه هذه الحقوق الضائعة المحرجة حقا.