اليوم: جانفي 15, 2011

المستشارون .. الكرة مثالا

نحن كتاب الشأن العام ننشغل بما هو أعظم عما هو أقل، لا يعنينا الفشل الكروي كثيرا ونحن نتلقى شكاوى العديد من المواطنين من قصور أهم من مجرد نتائج منتخب كرة قدم، وملاحظات على خدمات أكثر التصاقا بحياة وصحة وتعليم وأمن الوطن والمواطن وهي الأساسيات التي لا يقارن الأنين من قصورها بالأنين من فشل المنتخب في التأهل لكأس العالم أو خروجه مبكرا من الأدوار الأولى في تصفيات بطولة كان يمتلكها.
لكننا كتاب الشأن العام لا نتردد في الانتصار لجمع مظلوم ولا التنبيه لمغبة قهر جمهور لأنها تنعكس على المجتمع والوطن، كما أننا أيضا لا نتردد في الاستشهاد بالرياضة كمثال ومقياس واضح وشفاف تقاس عليه الأشياء الأخرى.
اللجان الاستشارية للوزير أو المحافظ أو الرئيس العام وأي مسؤول كبير لا فائدة منها إذا كانت سلبية لا تبدي رأيا مختلفا ولا مشورة جريئة، فالمسؤول منها براء فهو لم يشكل اللجنة ولا يقرب المستشارين إلا أملا في أن يصدقوه القول ويخلصوا له المشورة وينبهوه إذا أخطأ ويذكروه إذا نسي، فهو يهدف إلى النجاح ولو كان يريد رأيه الأوحد لعمل وحيدا ولم يشكل لجنة ولم يقرب مستشارين.
قبل أيام خرج حاتم خيمي وهو أحد اللاعبين الدوليين الذين خدموا المنتخب وهو عضو حالي في لجنة تطوير المنتخبات وصرح بالصوت والصورة لقناة فضائية مصرحة معروفة وبرنامج رياضي وطني، موضحا أن جميع أعضاء اللجنة كانوا ضد بقاء مدرب المنتخب بيسيرو بعد فشله في قيادة المنتخب للتأهل لكأس العالم، وأن حديثهم خارج أروقة اللجنة كان واضحا في عدم قناعتهم ببقائه، لكنهم عندما اجتمع بهم نائب الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل وطلب مشورتهم الصريحة والتصويت على قرار البقاء أو الرحيل دون أي ضغوط وبطريقة جدا ديموقراطية صوتوا لبقاء المدرب باستثناء حاتم خيمي الذي صوت ضد البقاء واستغرب تحولهم المفاجئ لمجرد أنهم استشعروا من عند أنفسهم أن الأمير يفضل قرار البقاء، (انتهى).
أنا هنا قد أتساءل كيف استشعروا رغبة رئيس اللجنة؟!! وأطالب بمزيد من التكتم على الرغبات قبل الاستفتاء، لكن الأهم هو عدم إخلاص أعضاء اللجنة الاستشارية في مشورتهم وعدم صدقهم، وهو الأمر الذي أدى إلى كارثة خروج منتخبنا من أمام سورية ثم الأردن، وهي منتخبات سبقناها بمراحل ومن حقها أن تسابقنا لكن دون أن نتوقف أو نتراجع لمجرد أن اللجان الاستشارية تريد أن تتمصلح.
كارثة خروج المنتخب من الأدوار الأولى لبطولة كان هو سيدها هي مجرد كارثة رياضية لا نعتبرها نحن كتاب الشأن العام أمرا خطيرا نسبة لما نتلقاه ونراه في جوانب أخرى، لكن حال الرياضة لدينا وتقهقر مستوى كرة القدم بعد تقدمها في التسعينيات الميلادية يغرينا للقياس والتحذير، وأنا من هذا المنبر أطالب بأن لا تترك اللجان الاستشارية في كل شأن دون محاسبة ودون إشراك في مسؤولية الفشل، أي فشل سواء كان علميا أو صحيا أو تعليميا أو اجتماعيا أو ماليا أو في أي شأن وطني آخر، فبقاء اللجان السلبية غير الصالحة يعني استمرار الفشل وعدم معالجة السبب.