اليوم: 27 يناير، 2011

حقوق الإنسان .. من يحمي من ؟!

بئس حقوق الإنسان جمعية وهيئة، إذا كان نشاط كل منهما هو السعي خلف قضية محلولة أشبعها الإعلام طرحا، وأشبعتها المحاكم تداولا وأحكاما وعدلا، مثل قضية الزوجة التي سكب عليها زوجها حمض الكبريتيك الحارق في صبيا، والتي أعلنت جمعية حقوق الإنسان أنها سوف تتبناها، بعد أن تبنتها المحاكم وسارت في طريق العدل، وكأني بجمعية حقوق الإنسان تحرص على (التصوير) مع من اشتهر ظلمهم ليعرفوا بالجمعية وتشتهر الجمعية من شهرتهم، بدلا من أن تبحث عن المظلومين المكلومين المغمورين لتعريف العدالة بهم وتبني قضاياهم لكي تحل.
ما تفعله جمعية حقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان حاليا سعيا لحشر أنفها في قضية محلولة مشهورة لتصور معها وتشتهر بها، فعلته كل من الجمعية والهيئة مع الخادمة الإندونيسية المعذبة، وكأن الهيئة والجمعية تحاولان اجترار قضايا أكل عليها العدل وشرب، ولا تريدان تناول قضايا الظلم والفصل التعسفي، والمرضى النفسيين والهائمين دون مأوى، والمعلقات، والطلبة المجلودين بأسلاك الكهرباء، والمرضى الذين لا يجدون أسرة في المستشفيات، والمصابين الذين لا تقبلهم مراكز الطوارئ لا الحكومية ولا الأهلية، والموتى الذين لا تنقلهم سيارة الإسعاف نظاما، وتتأخر سيارة البلدية في نقل جثمان الواحد منهم، فيبقى لأكثر من ست ساعات على الرصيف في انتظار الطب الشرعي، وهو ما حدث مع كثير من ضحايا الحوادث والموت المفاجئ، وحدث مع جثمان أحد أعضاء مجلس الشورى، رحمهم الله جميعا.
أرجو أن لا يقول (فطاحل) حقوق الإنسان لدينا إنني أتدخل في مجالهم، فحقوق الإنسان هي حماس ومشاعر وملكة وغيرة إنسانية، وقبل هذا وذاك مبادئ إسلامية معروفة قبل أن تكون علما يدرس أو تخصصا أكاديميا، ثم إنهم ليسوا متخصصين!! والواضح أن حماسهم ومشاعرهم وغيرتهم الإنسانية جندوها جميعا لقضايا اشتهرت أو لأناس لم يشتكوا، مثل حضور خطبة يوم عرفة التي رأت الجمعية أنها طويلة، وكأن حقوق الإنسان لم يبق منها إلا ساعة في سنة في الركن الخامس، بينما هناك قضايا كثيرة، مثل إنسان لم يجد الرعاية الصحية، وآخر لم يجد الرعاية الاجتماعية والمأوى، ومسن يضربه مدمن، وعجوز يعذبها مريض نفسي، وبنات يعضلهن أب جشع، وطفل تعذبه خادمة، ومقهور احتل بيته مشترٍ لم يدفع الثمن، أو مالك أفرغت أرضه لغيره، كل هؤلاء لا تمنحهم الجمعية ولا الهيئة الأولوية كأصحاب حق إنساني ضائع يحتاج الوقفة الإنسانية التي كفلها له ملك الإنسانية عبد الله بن عبد العزيز، عندما أمر بتأسيس الهيئة والجمعية وقال لأعضائها: من رقبتي لرقابكم.
كم هو تعيس حظنا مع الجمعيات الحقوقية، فحماية المستهلك استهلكها الرئيس، وحقوق الإنسان استهلكها حب التصوير مع من اشتهرت قضاياهم وإهمال المستحقين المغمورين.
اللهم لا تجعل حظنا من حماية المستهلك الغلاء والغش، ولا تجعل نصيبنا من حقوق الإنسان البحث عن (فلاش).