الشهر: فيفري 2011

دجاجة محجبة ترعب 3 وزارات

الدجاج من أكثر الحيوانات خوفا ورعبا، يرتجف من أي صوت ويتراكض صائحا بالصوت الرفيع مع أدنى حركة فالدجاج أصبح مضرب المثل عالميا في الجبن ففي لهجتنا العربية يقال عن الشخص الخواف الجبان (فلان دجاجة) وحتى في اللغة الإنجليزية يكنى الخواف بالدجاجة أما شيخ الخوافين فيسمونه (ديك رومي).
المهم أن ما نعرفه هو أن الدجاج مضرب مثل في الخوف والرعب والجبن، لكن أسواقنا تثبت خلاف ذلك تماما، لقد أثبتت أن الدجاج هو المرعب المخيف الذي يجعل من الرقيب الشجاع جبانا!!.
تصوروا ثلاث وزارات ترعبها دجاجة، نعم دجاجة مجهولة تخيف ثلاث وزارات معلومة هي وزارة الزراعة ووزارة الشؤون البلدية (ممثلة بأمانة المدينة المنورة) ووزارة الصناعة والتجارة وبالمناسبة هذه الدجاجة ليست الأولى ولا يحق لها أن تدعي الأسبقية خصوصا أننا في زمن ادعاء الأولويات والحصول على الألقاب.
سبق أن راجت الأخبار المؤكدة عام 2002م عن تسمم أحد أنواع الدجاج المبرد بجرثومة خطرة مميتة لكن أحدا لم يجرؤ على التصريح بالاسم التجاري لهذا النوع من الدجاج السام، وأذكر أني كتبت تحت عنوان (الدجاج المحجب) أطالب بإعلان الاسم التجاري لهذا الدجاج الملوث السام ليس حماية للمستهلك وحسب، ولكن رفعا للظلم عن تجار إنتاج الدواجن الآخرين (فالخير يخص والشر يعم) والخوف شمل كل الأسماء التجارية لكن لم يستجب أحد (إنه سر رعب الدجاج).
الحالة الجديدة نشرتها (عكاظ) يوم الأحد 17 ربيع الأول على صفحتها الأولى بعنوان (دجاج مجهول المصدر في الأسواق) وفيه أن قسم الثروة الحيوانية التابع لمديرية الزراعة في المدينة المنورة التابعة لوزارة الزراعة كشف عن انتشار منتجات دجاج مبرد قبل (ثمانية أشهر!!) مجهول المصدر كتب عليه أن مصدره مكة المكرمة وآخر مصدره المدينة المنورة لكنه لا ينتمي لأي مشروع مرخص!! وأنه يعتبر مصدر خطر يهدد صحة المستهلك (كأن صحة المستهلك ناقصة إهمال) وإمكانية أن يكون ملوثا بالميكروبات والهرمونات والأدوية ،كل هذا ولم يذكر ما يدل على هذا المنتج غير المرخص لاتقاء شره وتلافيه،( ياساتر حتى غير المرخص يستر عليه!!). الزراعة كتبت لأمانة المدينة والأمانة لم تسحب المنتج (وجدته عكاظ في الأسواق) والتجارة لن تتحرك إلا بخطاب رسمي، والدجاج المجهول لا يزال (محجبا) مع أن الدجاجة من الصعب أن تلبس الحجاب أو النقاب بسبب طبيعة وجهها والمنقار الطويل (يمكن تقدر تلبس بطولة بس مش نقاب) تصوروا ثلاث وزارات وخلال ثمانية أشهر ــ أصبحت اليوم تسعة أشهر ــ وهي حبلى باسم دجاج غير مرخص ولم يعلن عنه، (سلم لي على الدجاج المرعب المحجب إلي لابس بطولة فمنقاره حقق البطولة والدجاج من يطوله؟!).

بل «الجزيرة» من جرأ القذافي

أحترم كل وجهات النظر التي ترد في التعليقات في موقع عكاظ الإلكتروني أو عبر البريد الإلكتروني أو رسائل الجوال على ما أكتب بصرف النظر عن كونها معارضة أو مؤيدة أو حتى هجومية على شخصي، فنحن كتاب الرأي يفترض فينا أن نكون أول وأشد من يحترم الرأي الآخر المعارض والمؤيد، كما أن علينا أن نفترض حسن النية في التعليق وسلامة مصدره حتى وإن كان غريبا أو مكررا بشكل مريب أو يشتمل على مغالطة واضحة لأساس الفكرة يصعب أن تنجم عن سوء فهم، لكن علينا أن نفترض أنه سوء فهم بنية حسنة ونعيد إيضاحه على الأقل حتى لا يتأثر به بعض القراء، وألا نترك فرصة لاحتمال تعمد المغالطة من الجهة المقصودة.
عندما كتبت في مقال يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان (أطالب «الجزيرة» بإعادة لقاءات القذافي) تأكيدا على أن قناة الجزيرة هي من جرأ القذافي على تصديقه لنفسه بأنه زعيم ومفكر وحكيم وشجعه على ما وصل إليه من عدوانية وكبرياء وغطرسة على الدول الأخرى وعلى شعبه، لم أتطرق قط إلى أن قناة الجزيرة هي من صنع معمر القذافي ومع ذلك ركزت بعض التعليقات على حجة دفاع واحدة هي أن معمر القذافي عمره في السلطة أكثر من 40 سنة، وأن قناة (الجزيرة) لم تكن قد وجدت بعد عند توليه السلطة كون عمرها حوالى العشر سنوات، وتكررت هذه الحجة بشكل مريب وكأنه من عدة أشخاص مع أن مثل سوء الفهم هذا لا يمكن أن يحدث من أكثر من شخص أو اثنين.
لم أقل مطلقاً إن (الجزيرة) صنعت معمر القذافي إنما ركزت على أن قناة الجزيرة، التي أصبح العداء بينها وبين القذافي متبادلا بعد بدء ثورة الشعب في ليبيا، هي القناة ذاتها التي دأبت على إجراء الحوارات مع معمر القذافي باللغتين العربية والإنجليزية وفي أكثر من برنامج ومع أكثر من محاور بشكل متكرر ومكثف وأطلقت له العنان دون مقاطعة ولا معارضة ولا حتى طرح أسئلة مفروغ منها مهنيا، ويستدعيها سياق الحوار، لإحراج القذافي وفضح تناقضاته وتخبطاته وعلى أقل تقدير التساؤل حول الغرائب المتعددة التي يطرحها ولا يقبلها العقل والمنطق.
إن المختلف كليا لا يعترف بأنه مختلف كليا، لكنه حينما يرى أنه يمنح أطول ساعات الحوار في قناة مثل (الجزيرة) يجزم أنه على حق وأنه بلغ مبلغ العظماء والمفكرين، خصوصا أن المحاور لا يعارض طرحه ولا يبدي استغرابه!.
صحيح أن عددا من القنوات العالمية تحاور غرباء الأطوار لكنها تعترض عليهم وتعريهم وتبين لهم وللعامة أنهم غير طبيعيين وهو ما لم تفعله قناة الجزيرة، وهذا سلوك لا يمت للمهنية والاحترافية بصلة، وما زلت أجزم أن لقتاة الجزيرة دورا في كارثة قتل أكثر من 2000 مواطن ليبي ولعل عتاب القذافي للجزيرة أبلغ دليل.

قالوا وقلنا استثنائية

** قالوا: خادم الحرمين الشريفين يصدر (رزمة) من أوامر دعم الضمان الاجتماعي وإعفاء المقترضين ودعم ميزانية الإسكان وتسديد الدين عن المدينين وتثبيت إعانة الغلاء وزيادة عدد أفراد أسر المستفيدين من الضمان.
– قلنا: هذا الملك الشهم متيم بتفريج كرب الفقراء والمحتاجين وتلمس حاجاتهم.
** قالوا: خادم الحرمين الشريفين يأمر بإحداث 1200 وظيفة لدعم البرامج الرقابية.
– قلنا: (راحوا فيها الفاسدين) .
** قالوا: جحافل كبيرة من المواطنين تخرج لاستقبال خادم الحرمين الشريفين.
– قلنا: خرجوا لاستقبال قلوبهم فقد سافرت معه وعادت معه، ملك احترمهم فأحبوه.
** قال رئيس هيئة البيعة الأمير مشعل بن عبد العزيز إن خادم الحرمين ينزعج من الكذب والنفاق والدجل وانتهاك حقوق الناس.
– قلنا: أبو متعب فارس ذو فراسة لكن ليتهم يفهمون ويرتدعون ويتقون غضب الحليم.
** قالوا: فتح زيارة المرضى من التاسعة صباحا إلى التاسعة مساء ابتهاجا بعودة الملك.
– قلنا: ابتهاج الملك ــ حفظه الله ــ في حسن رعايتهم والإسراع بعلاجهم وخروجهم وإتاحة الأسرة لغيرهم وحمايتهم من العدوى وهكذا أمركم وقال لا عذر لكم.
** قالوا: لخصت «عكاظ» على صدر ملحق «العز والعزوة» أقوال الملك عبد الله بن عبد العزيز.
– قلنا: ميزة هذا القائد أنه إذا قال فعل، وميزة هذه الصفحة أنها لو علقت في كل مكتب ومنزل لعم الاقتداء والصلاح واختفى الفساد.

أطالب «الجزيرة» بإعادة لقاءات القذافي

الإعلام عمق ونظرة ثاقبة ونظر واسع ومبادئ، لا تقل لي إن الإعلام وليد اللحظة وأسيرها وباعث مواقفها دون تمحيص وبعد نظر وفراسة ومعرفة بالأشخاص وما يمكن أن يحدث منهم.
قناة (الجزيرة) خصم القذافي اللدود اليوم والعدو الأول على لسان ابنه (زيف) الإسلام القذافي في تهديداته لشعب ليبيا الحر، هذه القناة مع كامل (الاعتراف) بها كمنبر إعلامي ولم أقل (الاحترام) لها كمنبر إعلامي؛ لأن الاحترام مرتبط بالمهنية والالتزام بأخلاقيات العمل الصحافي، هذه القناة هي أكثر من دعم القذافي نفسياً وأسهم في إفراطه في الغرور والاستعلاء، وهي من تسبب في تشجيعه على التمادي في الاستكبار على شعبه وأبناء الأمة العربية أجمع، وهي وحدها من ساند هذا المجنون فجعلته يصدق أنه العاقل، وهي من فاقمت إصابته النفسية بمرض جنون العظمة على حساب شعبه والأمة العربية.
قناة (الجزيرة) التي تتهم اليوم بمبالغتها في تضخيم ما يحدث في ليبيا، وهو ضخم بطبيعته، هي من ساهم في تضخيم القذافي وهو صغير بطبيعته، وجعلته يصدق أنه الزعيم الملهم الفاتح المبدع المفكر صاحب الأفكار الخلاقة.
أليست (الجزيرة) هي أكثر من استضاف معمر القذافي في حوارات مسجلة، مسبقة الصنع باللغتين العربية والإنجليزية؟!، أليست قناة (الجزيرة) هي من خصص لهذا المريض أطول ساعات الحوار؟!، أليست القناة ذاتها هي من جند كل محاوريها ومقدمي برامجها، ليس باللغة العربية فقط بل وحتى باللغة الإنجليزية للحصول على شرف استضافة العقيد المعقد ومنحه الوقت للتحدث كمفكر وهو لا فكر لديه، ومنظر وهو لا نظرة عنده، وكديمقراطي وهو الدكتاتور المتسلط وكعاقل وهو المجنون.
أليست قناة (الجزيرة) هي من منحته الفرصة دون مقاطعة لكي يعرف الديمقراطية بأنها (ديمو كراسي) (جلوس الدهماء على الكراسي)، وأن شعبه يقيم اللجان الشعبية والبطولات الشعبية ويمارس الديمقراطية الحقة كما يراها القذافي، الذي يمارس اليوم إبادة شعبه لأن (الجزيرة) جعلته وبعض مناصريه يصدقون أن ضيف (الجزيرة) هذا هو العاقل والعادل والمفكر والمؤلف الذي روج لكتابه الأخضر أكثر ما روج عبر الجزيرة.
ألم تجعل (الجزيرة) منه ضيفاً تلفزيونياً دائماً.
إنني أطالب قناة (الجزيرة) أن تعيد جميع الحوارات التلفزيونية التي أجرتها مع القذافي وستجد أنها جزء وسبب مهم لما يتعرض له الشعب الليبي، وأنها كانت تمارس عملا يفتقد للمهنية والفراسة الإعلامية وبعد النظر، وأنها كانت تغيض خصومه بينما هي الآن تغيض صدور أبرياء حجرتهم في غرفة مع مسلح صنعته.

ثورة فرح وثروة حب

الحمد لله والشكر له أن استجاب لدعاء ملايين المصلين الذين ارتفعت أكفهم بالدعاء بأن يعود لنا قائد هذه البلاد وأمل صلاحها وعدلها سالما معافى ولا ننسى أنه حينما غادر للعلاج صادف يوم الوقوف بعرفة فارتفعت أكف ملايين الحجاج الطاهرة دون تعب أو كلل تشحذ الله أن يحفظه ويشفيه ويرده سالما وعلت أصوات حناجرهم تسأل الله له الشفاء العاجل فاستجاب لهم كريم العطاء فيسر على ظهر حمل هم الإسلام والمسلمين سرعة الشفاء، وأعاد ظهر الأمة عبد الله بن عبدالعزيز سالما معافى.
عطفت أبا متعب على أبناء شعبك وأمتك أجمع فتعاطفوا جميعا معك ورفعوا أكفهم دعاء لك لا عليك، وعدلت يا ملك القلوب فعدل الناس معك وهتفت حناجرهم تسأل الله عودتك سالما لا رحيلك، أخلصت يا خادم المشاعر في خدمة الحرمين فألهبت المشاعر حبا وعقدت مع القلوب موعدا.
حمل ظهرك هم الدين وشؤون المسلمين وانحنى دخولا لحجرات الفقراء والمساكين فامتلأت حجرات قلوب المسلمين لك حبا وانحنى ظهر رئيس أعظم دولة أمامك احتراما.
سلمت أبا متعب من كل شر، ويسر الله لك من البطانة أخيار البشر، وجعلك الله في عطفك ورحمتك ونزاهتك وعدلك وإخلاصك قدوة لكل من تولى وزارة أو أمر ومتعك الله من الصحة بالأوفر واستجاب دعاءنا لك بالسلامة وطول العمر.
سنخرج أبا متعب نستقبلك في ثورة فرح فأنت من جمع ثروة حب.

وائل غنيم مجرد ساعة «خراش»

أثبتت الأحداث الأخيرة في تونس ثم مصر، أن بعض النظم العربية لا تتلقى معلومات دقيقة عن نبض الشارع ومعاناة الشعوب، ناهيك عن الأسلوب الصحيح للتعامل معها بما يحقق الأمن والاستقرار والتناغم بين السلطة والشعب، وليس أخطر من الاحتكام إلى أمثال عربية قديمة، ربما كانت تشكل انطباع ساعة أو يوم، لكنها بالتأكيد ليست (حكمة)، وليست عبارة حكيمة، ولا تمت للمنطق وطبيعة الأشياء بأدنى صلة، مثل قياس سلوكيات الإنسان بكل ما لديه من كرامة ومشاعر ومنعة وفكر بالكائن الذي لا يملك أيا من هذه العناصر، ولا يمكن قياس الإنسان عليه.
أثبتت الأحداث الأخيرة أن المقارنة عكسية تماما، وأن الإنسان لصبره حدود تصل نقطة صفر، إذا وصل إليها فإنه يعود إلى وضع يصعب معه إعادة ضبطه أو إعادته للوضع الذي سبق، فتصبح مطالبه أبعد بكثير من تلك التي كان عليها قبل وصوله لنقطة الصفر، وهذا ما أثبته الشعب المصري الذي وصل الرقم القياسي في الصبر، والآن هو يضرب رقما قياسيا في المطالب التي لم تتوقف عند رحيل الرئيس وحل الحكومة والبرلمان وتجميد الأرصدة ومحاكمة الفاسدين.
وبالمناسبة، يخطئ كثيرا من يعتقد أن ثورة 25 يناير في مصر وما تبعها الآن هي ثورة الشباب فقط، أو أن رمزها الحقيقي هو وائل غنيم ورفاقه من أتباع (جوجل) و(الفيسبوك)، فهذه نظرة سطحية قاصرة تقيس الأشياء بظاهرها، فترى وائل ورفاقه لأنهم فقط ضبطوا التوقيت والتنسيق بالوسيلة الإعلامية المتاحة (الإنترنت)، واعتمادا على أنهم اعتقلوا بضعة أيام، وتتجاهل من اعتقلوا منذ عقود وسجنوا عدة مرات وتعرضوا للتعذيب، وأولئك الذين تملكهم الغضب، وهم لا يملكون تقنية التوقيت وجمع الناس في ميدان التحرير في ساعة محددة عبر (الفيسبوك)، لكنهم حينما التقى الجمعان كانوا في المقدمة، ولذلك استشهد منهم من استشهد، وأصيب من أصيب، ووصل إلى الهدف بجسده من وصل، ووائل غنيم لم يكن من هؤلاء بالتأكيد، بل لم يملك العمق الكافي لإدراك النتائج ناهيك عن الطريق، وائل غنيم وافق عبر قناة العربية على قبول مجرد النقل المؤقت للسلطة إلى عمر سليمان، ثم عاد لينكر ذلك بعد أن صمد رؤوس حربة الثورة الحقيقيون أصحاب الصدور العارية الجريحة، وائل قال بالحرف الواحد وهو يبكي أو (يعيط) إننا لم نتوقع أن يحدث ما حدث، وإلا ما كنا فعلنا ما فعلناه، مشيرا إلى استشهاد 30 شخصا (30 فقط)، بينما يدرك المحاربون من أجل الدفاع عن الدين والعقيدة والوطن أن الثمن سيكون أكبر من هذا الرقم بكثير، وأنهم هم وربما أسرهم وأبناءهم وأبناء عمومتهم ضمن الدفعة المقدمة الأولى للثمن الباهظ.
وائل غنيم كان مجرد ساعة توقيت تصدر جرسا وتهتز وتتوقف مع كبسة زر.

شكرا للمرأة «المنتحلة»

على مدى سنوات، كتبت كثيرا بأن وزارة الشؤون الاجتماعية تعتبر نفسها مجرد مؤسسة صرف ضمان اجتماعي عن طريق التعامل الورقي، ولا تكلف نفسها بتولي إحدى أهم مهماتها وهي دراسة أحوال المجتمع، وتفعيل عمل الأخصائي والأخصائية الاجتماعيين في كافة المجالات (الكوارث، الحوادث، الحزن، المشاكل الاجتماعية، محاولات الانتحار… إلخ)، وعلى رأسها وذروة سنامها كشف الفقراء المحتاجين والمساكين الذين لا يسألون الناس إلحافا.
وعلى مدى سنوات، قلت كثيرا، وفي أكثر من قناة تلفزيونية، أن وزارة الشؤون الاجتماعية تعتمد في تحديد مستحقي الضمان الاجتماعي على طريقة التقديم الورقي المذل، وتطالب المتقدمين بأوراق ثبوتية لا يستطيع بعضهم إحضارها، مثل المعلقة التي يرفض زوجها منحها ورقة طلاق، فكيف يمنحها دفتر عائلة؟!، والمطلقة التي طلقها زوجها واختفى، والأرملة التي استعدى لها الوكيل الشرعي لزوجها المتوفى، وقلت إن البعض الآخر قد يكون غير محتاج، بل في غنى عن الضمان، ولكنه يستطيع وبسهولة إحضار متطلبات الضمان الورقية، طالما أنها مجرد ورق لا تتبعه زيارة اجتماعية متخصصة، هي الحكم الحقيقي والأسلوب المعروف عالميا ومنطقيا في تحديد المحتاج الذي لا يسأل، وكشف المحتال الذي يكرر السؤال.
دأبت على كتابة كل هذا وقوله، ودأبت وزارة الشؤون الاجتماعية على النفي وادعاء إجراء الزيارات، رغم شح أعداد الأخصائيين والأخصائيات في هيكل الوزارة، وعدم حماس هذه الوزارة لتفعيل أدوارهم الاجتماعية وزيادة أعدادهم وتحسين أوضاعهم، كونهم العنصر الأساسي في كل أدوار الوزارة التي يفترض أن تقوم بها.
بين المطالبات بتغيير أسلوب تحديد وتسجيل الفقراء والمستحقين للضمان، وادعاء الوزارة بأن نهجها في التحديد والتسجيل سليم، جاءت الفضيحة التي نشرتها «عـكاظ» أمس السبت على ظهر صفحتها الأخيرة عن المرأة التي كانت غير محتاجة، وعندما اضطرتها الظروف للتقديم على الضمان اكتشفت أن امرأة أخرى انتحلت اسمها وشخصيتها، لتحصل على الضمان الاجتماعي، وعلى مدى خمس سنوات مضت (5 سنوات) نكتبها رقما وكتابة، ليؤكد هذا الانتحال وهذه المدة أن وزارة الشؤون الاجتماعية تعتمد على الورق، والورق فقط، وهو العنصر الذي يسهل تزييفه، وأحيانا يستحيل على المستحق الحصول عليه للأسباب التي ذكرتها آنفا.
لقد جاءت هذه الفضيحة لتثبت أن تسجيل هذه (المنتحلة) لم يسبقه زيارة وتثبت، ولو حدث لثبت على الفور أنها ليست هي، وأنها ليست محتاجة، ولو كانت محتاجة مستحقة ما اضطرت للانتحال، إلا إذا كان لمضاعفة المبلغ بالحصول على ضمانين، كما أن المدة (5 سنوات) التي كانت خلالها المرأة الحقيقية مستغنية تثبت أنه لا الحقيقية ولا المنتحلة تمت زيارتها كل هذه المدة الطويلة أيضا، أي أن وزارة الشؤون الاجتماعية مجرد ملف علاقي يضم أوراقا بعضها صحيح والآخر منتحل.

عذرا خالد فالشق أكبر من أي رقعة

كشف الطفل السعودي خالد زرقان (13 سنة) الذي تم ترحيله إلى اليمن على اعتبار أنه طفل صومالي منذ سبعة أشهر أن الوضع خطير بل كارثي إنسانيا من جانب الشؤون الاجتماعية ومن جانب الجهة التي رحلته.
شخصيا أعتذر لخالد ولجدته وجده وأصدقائه وجيرانه فقد كتبت في زاوية يوم الخميس التي خصصتها للتعليق على الأقوال (قالوا وقلنا) أن خالدا لم يكن ليتم ترحيله بهذه الصورة إلا أن يكون هو أبكم أو أن من رحله أصم، معتمدا في ذلك على ثقتي بإنسانية من يتولى أمر إنسان طفل ويقرر مصيره وترحيله ومعتقدا أنه لا بد أن تتم أولا مساءلته ومعرفة هويته والبحث عن أهله، ولم يدر في خلدي قط أن الجماعة يعتمدون على الشبه أو الفراسة ويحددون بناء عليها الجنسية ومن ثم الترحيل، ثم لم يخطر ببالي أن أسرة أو جدة تبحث عن ابنها المفقود سبعة أشهر ولا تجده وهو حي يرزق واسمه في سجلات الترحيل.
أنا مثلك يا خالد فاعذرني واصفح عني وسامحني فلم أكن أتوقع أن الأمور تجري بهذه الفوضى وعدم الاكتراث فظننت أنك أبكم أو أن من رحلك أصم لا يسمع فاتضح الآن أنه أصم قلب، كان وعلى مدى سبعة أشهر يداعب أطفاله ويضحك معهم وأنت تبكي في دار أيتام يمنية وجدتك وجدك يبحثون عنك وقد تقطعت قلوبهم.
عندما تعود يا خالد ستجد كبار مسؤولي هيئة حقوق الإنسان وخلفهم كبار شخصيات جمعية حقوق الإنسان وجميعهم ينتظرونك للتصوير معك وادعاء تبني حالتك، ولن تجد من وزارة الشؤون الاجتماعية أحدا فهم يعتقدون أنهم معنيون فقط ببعض طالبي الضمان الاجتماعي، لكنني أنصحك (كأقل تعبير عن الامتنان لفضل الله عليك بالعودة وتفريج كربتك) بأن تزور وزير الشؤون الاجتماعية وتخبره كيف أن أخصائية اجتماعية يمنية اسمها صباح علي قاسم الأهدل هي من تعاطف معك ونبشت عن أسرتك وحدثت الناس عنك، قل له ماذا لو لم تزر أسرة الأخصائية أسرة سعودية وتحدثهم عنك، كم من السنين ستبقى حبيس دار اليتيم في اليمن؟!، سيقول لك أن (لو) تعمل عمل الشيطان، حدثه عن أهمية تكثيف أعداد الأخصائيات الاجتماعيات و تفعيل أدوارهن و الإجزال لهن في العطاء.
يا خالد وطنك براء من هذا القصور، وطنك يحبك ويعمل من أجلك لكنك وكثيرين مثلك ضحايا أناس لا يخلصون في عملهم وإذا اخطأوا لا يعاقبون في الدنيا العقاب الرادع فيستمرون ويتهاونون ولوطنهم الذي أشفق عليهم من العقوبة الرادعة يسيئون!!.
هل يعقل أن يتم ترحيلك بناء على ظن؟! هل يعقل أن لا يتم البحث عنك وقد بلغ عن فقدك؟! هل يعقل أن تترك هكذا للصدفة.
خالد التساؤلات أكبر من أي مساحة لزاوية أو مقال والشق أكبر من أي رقعة.

قـالوا وقلنـا

** قـال الدكتور زياد ميمش: إن حالات السمنة مرتفعة لدى الأطفال.
ــ قـلنا: (كل شي صار سمين إلا نقدك للطب الوقائي صار مرررة نحيف).
** قـالوا: إن وزير العمل (يرغب) في أن يكون الحد الأدنى لأجور السعوديين آربعة آلاف ريال.
ــ قلنا: ونحن نرغب بأن تكون لديه القوة فالرغبة وحدها لا تنجب القرارات.
** قالوا: غرامة 150 ريالا على غسل السيارة في الشارع.
ــ قـلنا: وغسل خمس سيارات في البيت ما عليها غرامة؟!
** قالوا: الشورى ينتقد أداء الصندوق العقاري ويطالب (بضمه) إلى هيئة الإسكان.
ــ قـلنا: هذا اختلاط مريب وفيه ضمه.
** قالوا: إن جميع مراكز غسيل الكلى ستحول إلى إدارة شركة أجنبية صناعية متخصصة في صناعة الأجهزة وليس لديها أية خبرة في الإدارة الصحية أو التعامل مع المرضى.
ــ قـلنا: فشل إدارة في التعاطي مع الفشل الكلوي سيرفع تكلفة الغسلة ومن ثم عدد الوفيات.
** قالوا: إن خبراء الجيولوجيا والمياه والبيئة حذروا من أن «الجوفية» هي الخطر المرتقب في جدة.
ــ قـلنا: معناها جدة تحتاج أخصائي أمراض باطنية.
** قالوا: الطفل خالد (13 سنة) تم ترحيله إلى اليمن بطريق الخطأ !! وإجراء تحقيق في الأمر.
ــ قـلنا: ما تحتاج تحقيق إذا ما كان (أبكم) فإن الذي رحله (أصم).
** قالوا: باحث فلكي يتوقع هطول أمطار غزيرة وسيولا مدمرة وجارفة الشهر المقبل.
ــ قـلنا: معكم مهلة شهر جهزوا التعويضات!!.
** قالوا: موجة ارتفاع متوقعة لبيض التفقيس والصوص خلال شهر بعد زيادة أسعار الأعلاف 100 ريال للطن.
ــ قـلنا: الحمد لله عيالنا يفقسون في بطون أمهاتهم ونفتك من (علفهم) تسعة أشهر وعشان كذا هم أرخص من الصيصان ويغنون الصيصان شو غاليين.
** قـال مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن: لن نطبق نظام الانتساب وسنطلق الجامعة الذكية.
ــ قـلنا: ما فيه أذكى من جامعاتنا نحن نريد إطلاق الطالب الذكي.
** قـال قاضي المحكمة الجزائية ورئيس جمعية أضرار القات: أزلنا 45 ألف شجرة قات وأقنعنا المزارعين وعوضناهم بشتلات بديلة.
ــ قـلنا: (على كذا إلي يبغى شتلة مجانية يزرع شتلة قات!!).

الجزمة العربية

عجيب أمر الحذاء العربي (الجزمة) أعزكم الله، فهي شيء يعتبره العرب من أحقر الأشياء التي تستوجب أن تتلو ذكره عبارة (أعزكم الله)، وفي الوقت ذاته يسجل الأثرياء العرب الأرقام القياسية في سعر شراء (الجزمة) الخاصة بالجنسين رجالا ونساء، والأثرياء العرب يشترون عادة أقل ما يحتاجون بأغلى ما يملكون.
ربما يعود سر الميزانية العربية الضخمة المخصصة لشراء الأحذية لكون الحذاء يعتبر سلاحا لا يستخدم إلا قليلا والعرب الجدد يكثرون من شراء الأسلحة التي لا تستخدم، والحذاء سلاح، وأشهر من استخدمه الصحفي منتظر الزيدي وصوبه نحو رئيس أقوى دولة مسلحة في العالم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لكن الجزمة العربية كانت مثل أي سلاح عربي آخر يفتقد للدقة في إصابة أهدافه أو أن الأمريكي يمتلك قدرات دفاعية غير مرئية تجعل السلاح الموجه له يظل طريقه.
عجيب جدا أمر هذه (الجزمة) العربية تستخدم يوما للاحتقار، ويوما للمفاخرة، ويوما للفخر، وكأنها أداة متعددة الاستخدامات المتعارضة؛ فمجرد ذكرها يعتبر إهانة، وقد اعتمدت كوسيلة تسديد حساب أو إرجاع دين باحتقار فيقول الشخص للآخر (أدفعه لك على طرف الجزمة)؛ إمعانا في التحقير، مع أن الدائن يستحق الامتنان بدلا من الإهانة، ونحمد الله أن أصبح التسديد اليوم بالبطاقة البنكية أو بطاقة الائتمان التي لا تعمل إلا إلكترونيا ولا تتوافق مع نظام الجزمة.
أما المفاخرة فتتمثل في منح الحذاء الذهبي لأفضل لاعب، أو (تقليب) ضيف تلفزيوني لرجله يمنة ويسرة لإبداء جزمته الثمينة (تبا لأن تكون قيمة الإنسان قياسا بثمن جزمته وليس عقليته)، وعلى سيرة العقلية يعبر إخواننا المصريون عن الإصرار على الرأي بالقول (أنا عاوز كذا ومش حغير رايي وأنا مخي جزمه قديمه)، أما أغرب تفاخر بالجزمة كسلاح بعد أن كنا كعرب نفاخر بحمل السيف فقد سمعته من السيد طلعت السادات على قناة العربية أمس حيث قال مدافعا عن نزاهته (أنا أول نائب في البرلمان حمل الجزمة) مشيرا إلى أنه كان ينوي أن يضرب بها السيد أحمد عز، وغني عن القول أن أول تعبير بدأ به ثوار ميدان التحرير قبل إعداد اللوحات والعبارات هو رفع الجزم.
ولجوء العرب للجزمة كسلاح أو وسيلة تعبير أمر جديد لم يعهده العرب في تاريخهم المجيد ويدل على قلة الحيلة واليأس الشديد الذي أصاب الإنسان العربي مؤخرا فلم يعرف عن العرب في تاريخ العز إلا رفع أشهر سلاح أنذاك وأعز سلاح وهو السيف، ولا يعرف عن العرب استخداما للحذاء في الأمثال إلا ما يتعلق بالخيبة واليآس فيقال لمن خاب وعاد بأقل المكاسب (رجع بخفي حنين).