الجزمة العربية

عجيب أمر الحذاء العربي (الجزمة) أعزكم الله، فهي شيء يعتبره العرب من أحقر الأشياء التي تستوجب أن تتلو ذكره عبارة (أعزكم الله)، وفي الوقت ذاته يسجل الأثرياء العرب الأرقام القياسية في سعر شراء (الجزمة) الخاصة بالجنسين رجالا ونساء، والأثرياء العرب يشترون عادة أقل ما يحتاجون بأغلى ما يملكون.
ربما يعود سر الميزانية العربية الضخمة المخصصة لشراء الأحذية لكون الحذاء يعتبر سلاحا لا يستخدم إلا قليلا والعرب الجدد يكثرون من شراء الأسلحة التي لا تستخدم، والحذاء سلاح، وأشهر من استخدمه الصحفي منتظر الزيدي وصوبه نحو رئيس أقوى دولة مسلحة في العالم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لكن الجزمة العربية كانت مثل أي سلاح عربي آخر يفتقد للدقة في إصابة أهدافه أو أن الأمريكي يمتلك قدرات دفاعية غير مرئية تجعل السلاح الموجه له يظل طريقه.
عجيب جدا أمر هذه (الجزمة) العربية تستخدم يوما للاحتقار، ويوما للمفاخرة، ويوما للفخر، وكأنها أداة متعددة الاستخدامات المتعارضة؛ فمجرد ذكرها يعتبر إهانة، وقد اعتمدت كوسيلة تسديد حساب أو إرجاع دين باحتقار فيقول الشخص للآخر (أدفعه لك على طرف الجزمة)؛ إمعانا في التحقير، مع أن الدائن يستحق الامتنان بدلا من الإهانة، ونحمد الله أن أصبح التسديد اليوم بالبطاقة البنكية أو بطاقة الائتمان التي لا تعمل إلا إلكترونيا ولا تتوافق مع نظام الجزمة.
أما المفاخرة فتتمثل في منح الحذاء الذهبي لأفضل لاعب، أو (تقليب) ضيف تلفزيوني لرجله يمنة ويسرة لإبداء جزمته الثمينة (تبا لأن تكون قيمة الإنسان قياسا بثمن جزمته وليس عقليته)، وعلى سيرة العقلية يعبر إخواننا المصريون عن الإصرار على الرأي بالقول (أنا عاوز كذا ومش حغير رايي وأنا مخي جزمه قديمه)، أما أغرب تفاخر بالجزمة كسلاح بعد أن كنا كعرب نفاخر بحمل السيف فقد سمعته من السيد طلعت السادات على قناة العربية أمس حيث قال مدافعا عن نزاهته (أنا أول نائب في البرلمان حمل الجزمة) مشيرا إلى أنه كان ينوي أن يضرب بها السيد أحمد عز، وغني عن القول أن أول تعبير بدأ به ثوار ميدان التحرير قبل إعداد اللوحات والعبارات هو رفع الجزم.
ولجوء العرب للجزمة كسلاح أو وسيلة تعبير أمر جديد لم يعهده العرب في تاريخهم المجيد ويدل على قلة الحيلة واليأس الشديد الذي أصاب الإنسان العربي مؤخرا فلم يعرف عن العرب في تاريخ العز إلا رفع أشهر سلاح أنذاك وأعز سلاح وهو السيف، ولا يعرف عن العرب استخداما للحذاء في الأمثال إلا ما يتعلق بالخيبة واليآس فيقال لمن خاب وعاد بأقل المكاسب (رجع بخفي حنين).

رأي واحد على “الجزمة العربية

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    في رأيي المتواضع أن أثمن حذاء عربي كان حذاء منتظر الزيدي
    كان حذاء بسيطا ، تم ترميمه ومسحه في شوارع بغداد
    لم تجلب له اللمعه من بلاد العم سام ولا الخال مسموم !
    ولم يلمع بألسن المتزلفين المنافقين الدجالين !
    كان حذاء بسيطا
    برزت ولمعت هيبته من ارتقاءه وعلو كعبه عن ببغاوات كانت في الجوار لحظة انطلاقه !

    عيبه الوحيد
    أنه
    أخطأ الهدف !
    فلو أصاب الهدف لكان حريا وجديرا بنصب تذكاري في ميادين بغداد وغيرها من العواصم

    اخي الكريم
    من تراهم على الشاشات يتباهون بالحذاء ..
    لا تلومهم
    فلو كان عندهم اعلى من هذا المستوى ليقدموه ..
    فلن يترددوا

    بارك الله فيك و وفقك

    إعجاب

اترك رداً على سليمان الذويخ إلغاء الرد