«مضيعة الوقت» إلى عنيزة

في محافظة عنيزة بمنطقة القصيم ذرفت أربع دمعات اثنتين دخولا واثنتين وأنا أخرج وإليكم التفاصيل: زرت فاطمة صالح التركي (أم خالد) امرأة أرملة، قتل زوجها خطأ طبي أليم وهو في منتصف العمر والأعمار بيد الله، بدلا من أن تحبط وتتقوقع وتنقم على المجتمع أنشأت جمعية نسائية خيرية واتخذت الدور الأول من منزلها موقعا للجمعية تطوعا دون مقابل وحرمت نفسها وأسرتها من الخصوصية وأقاموا في الدور العلوي من المنزل لإدارة الجمعية لتكون أول جمعية خيرية تعمل على مدار الساعة مهنيا وإداريا بإقامة رئيستها في المقر، بل إقامة المقر في منزل الرئيسة!!، (لا تستعجلوا فهذا ليس سر تميز هذه المرأة العنيزاوية) فقد استعملت مساحة كبيرة من المنزل لإنشاء مصنع للفحم الخالي من الرصاص اشترت سر صنعته بمائة وخمسين ألف ريال وأتاحت الفرصة للأسر المحتاجة المنتجة لصناعة الفحم الخالي من الرصاص وبيعه بسعر مناسب والاستفادة من دخله، أما الجزء الآخر من الأرض فقد أنشأت عليه عيادة (نستمع لتشفى) نوجز عملها بالقول إنها تستقبل الفقراء والمساكين الذين يعانون مشاكل أسرية أو إحباطات اجتماعية وتسمع منهم وتأخذ العيادة هذه المشاكل لتحللها وتوجد لهم الحلول ويقوم على هذه العيادة أكاديمي متخصص هو الدكتور صالح العبدالله الخلف أستاذ علم النفس بجامعة القصيم، هذا خلاف عمل الجمعية الخيرية المنظم الذي يطبق أحدث أساليب دراسة الحالات ومتابعتها ورسم معايير رائعة وإيجابية اجتماعيا لتحديد المستفيد وربط الاستفادة بتحويل الأسرة إلى أسرة نموذجية من حيث التربية والتعامل وبر الوالدين والتعليم والإيجابية في المجتمع وعناصر عديدة لا يتسع المجال لسردها (دخلت أذرف الدمع على وفاة رب الأسرة بخطأ طبي وخرجت أذرف الدمع على الفقراء الذين ليس لديهم جمعية مشابهة).
في محافظة عنيزة أيضا زرت مجمع علي بن عبدالله الجفالي للرعاية والتأهيل واعذروني إذ لا استطيع إعطاءه حقه في مساحة محدودة فهذا المنجز التطوعي الخيري لم أشاهد (وأنا من عاش في المجال الصحي أكثر من ثلاثين سنة) مدينة علاجية تخصصية متكاملة بجميع الخدمات والتجهيزات بأعلى المقاييس العالمية مثلما رأيت فيه، هل أتحدث عن الأهداف الدقيقة لإعادة التأهيل أم الأساليب الحديثة لتحقيقها أم الأجهزة المتطورة التي تعنى بكل خلية في المعاق أم الأقسام المتعددة المؤثثة بكامل الاحتياجات وبقسمين متشابهين أحدهما للذكور وآخر للإناث أم الرقابة الآلية الحديثة، أم محطة تحلية المياه أم محطة توليد الكهرباء المستقلتين؟؟ حقيقة لا استطيع إعطاء هذه المدينة حقها، لكنني أكتفي بالقول إن تكلفة كل هذه المدينة لم تتعد 60 مليونا وهذا درس في النزاهة (مثيلها قد يكلف 600 مليون كمشروع حكومي)، كما أكرر ما كتبته في دفتر الزيارات بإن مسؤولي الشؤون الاجتماعية ووزيرها لو زاروا هذا المشروع التطوعي المتكامل وقارنوه بمراكز الوزارة فسوف يخرجون خجلين مطأطئي الرؤوس. (بدأت الزيارة أذرف الدمع على إعاقات الأطفال والشباب وخرجت أذرف الدمع على معوقين ليس لديهم مثل هذه المدينة والإمكانات).
ثمة مشاريع تطوعية أخرى في عنيزة لم أشاهدها ولا استطيع وصفها مثل مستشفى الوفاء النسائي ومركز علي التميمي ومركز أحمد الجفالي لغسيل الكلى وغيرها كثير، وقد يكون ثمة مشاريع تطوعية في محافظات أخرى لا أعرفها، لكن ما يهمني هنا أن عنيزة التي شاهدتها يجب أن تتخذ قدوة في روح العمل التطوعي كامل الدسم الخالي من التعقيد ويجب أن يبتعث لها كل رجال الأعمال وأثرياء المناطق الأخرى للاستفادة من درس هام في المواطنة، أما أولئك الذين خرجوا من اجتماعهم مع وزيري العمل والتجارة معاندين وقائلين بأن ما نوقش (مضيعة للوقت) فيجب أن يبتعثوا إلى عنيزة مجبرين لمحو الأمية التطوعية والأنانية الشديدة التي يعانون منها، وللحديث عن تميز عنيزة بقية تأتي لاحقا.

18 رأي على “«مضيعة الوقت» إلى عنيزة

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اخي الفاضل
    اسمح لي ، وليسمح لي قبلك ابناء وطني جميعهم
    أن اكتب هنا ما يدور في خاطري ( لعله المتنفس الوحيد لي هنا )
    من قالوا ان اجتماعهم مع الوزيرين ( مضيعة وقت ) يشكرون !
    نعم
    يشكرون على شيء واحد فقط
    الا
    وهو

    صراحتهم !
    نعم هي الى الوقاحة منها الى الصراحة أقرب !
    ولكنهم عرفوا مع من يتحدثون ..

    السؤال :
    من الذي جرأهم ؟؟
    اليس من لم يرد لهم الصاع صاعين ؟!
    واعني الوزيرين وبكل وضوح
    فالتجار ما تجرأوا الا عن طريق وزارة التجارة !!
    فـ عن طريق الغرف التجارية المفعمة بالتجاوزات ،،،
    عن طريقها تم احتواء اي دور للوزارة
    ومن لا يصدق
    فليأت ببرهانه على ان الوزارة تستطيع ان تفرض اليوم أي شيء على الغرف التجارية
    او
    أن تمنع او تناقش او تحد من تجاوزات الغرف في شفط الأموال .. ناهيك عن محاسبتهم

    اما وزير العمل ..
    فمن استقبل الناس بكلمات مثل ( سأصمت 3 شهور ) فصمت دهرا ونطق فقرا
    هذا لا ارجي منه شيء

    في خاطري الكثير
    ولكن اكتفي

    بارك الله فيك و وفقك

    إعجاب

  2. نشكر الكاتب علي هدا المقال
    نحن نعرف عنيزة ولا يخفانا مثل هدة الاعمال وثقتنا باهل عنيزة وتحملهم المسؤلية شي ماهو جديد عليهم حيث تعلموها من ابائهم واجدادهم. والناس دئما تلومنا عندما نتفاخر بمدينتنا واهالي عنيزة. دئمان اهالي عنيزة يعملون كفريق لابراز عمل جيد لمدينتهم الله يوفقهم

    إعجاب

  3. الكاتب حقيق متميز في كل ما يطرح ومتابع ومستقل عن اي املاآت لوبية صحفية. جرأة بل وقاحة.هذا هو الاتزان المطلوب.

    إعجاب

  4. الله يحفظ عنيزه واهل عنيزه المخلصين نعتز ونفتخر بان يكون هناك رجال ونساء من امثال هؤلاء وهم كثر وندعو الله ان يكون ذلك في ميزان حسناتهم.

    إعجاب

  5. وأشكر الأستاذ محمد الأحيدب الكاتب الوطني الحر على وطنيته ورأيه الجريء الجميل, وحديثه عن مشاهداته ووصفه المؤثر لها .. وعنيزة مثلها مثل باقي مدن الوطن الغالي فيها المخلصون الذين نذروا نفوسهم وأموالهم وأوقاتهم وجهودهم لخدمة أبناء مجتمعهم, في الوقت الذي تفرغ فيه الآخرون لخدمة أنفسهم, وزيادة ارصدتهم في البنوك من مدخرات الوطن باسم خدمة الوطن ..
    كما أشكر الكاتب على نزاهته الواعية وخروجه عن الخط الذي يرسمه رؤساء التحرير لكتّابهم في سياسة تلميع الباطل, وتغطية الحق خدمة للتيار المعروف, وتقربا من الرجال المعروفين!
    ومحمد الأحيدب كما أعرفه من خلال نشاطه الصحافي النزيه نموذج للكاتب المؤثر الذي يكتب للحق, لا للتباهي بخلق الإثارة ولو كانت على حساب الدين والوطن كما يفعل كثير من كتاب الزوايا والرأي في صحفنا المحلية, حتى صار من لا رأي له ولا قيمة ولا خبرة ثقافية أو فكرية أو حتى أخلاقية, يوجّه ويثني ويقرظ ويسفّه ويدير ـ زعم! ـ مؤشر الرأي العام كما يريد مستكتبوه! ولا اقول هذا الكلام لأن محمد الأحيدب زار عنيزة وأثنى عليها وعلى أهلها, بل لأنه من أنزه من عرفت من الكتاب وهم قلة للأسف! وعنيزة ليست بدعا في مجال الإخلاص, فكل مدن الوطن فيها المخلصون كما ذكرت وفيها المشاريع المميزة, ولو زار بريدة مثلا, لوجد ما يفوق ما وجده في عنيزة من مشاريع تختلج لها مشاعر الامتنان, وترتاح لها ثقة الخير في النفس والحمد لله على كل حال ..
    محمد الحيدب .. شكرا لك من الأعماق ولم استغرب ما كتبته هنا, فأنت والله كاتب جميل مخلص, أسأل الله أن ينفع بك وأن يوفق إلى كل خير ..

    إعجاب

  6. السلام عليكم و رحمة الله
    ادعو الله ان يغفر و يرحم زوج ام خالد و ان يلهمها و ذويها الصبر و الاحتساب وهذه المرأة الصامده و المحتسبه انما هي انموذج من زوجات كثر ممن ابتلين بفقد حبيب. و اشكر الكاتب على استطلاعه و نشر الخبر فابناء و بنات عنيزة ليس بغريب عليهم حب العمل الخيري و مساعدة المحتاج و لي في هذا المقام مثال من امثلة كثيرة فلو بحث لوجدت الكثير من الاملاك في عنيزة موقفة من الاجداد لوجه الله ليستفيد منها اهل الحاجه.

    إعجاب

  7. عندما تذكر عنيزة تتقافز درر كنوزها
    يالهذه البلدة المتميزة بمن فيها
    اناسها عاشو الرقي الحضاري قبل الحضارات
    عاشوا الرقي الفكري و انطلقوايجوبون البلاد بحثا عن العلم
    بداوا ببناء انفسهم مهنيا و علميا و عقليا ايام الظلمة
    ميزة اهل عنيزة انهم يبنون حضاراتهم بانفسهم
    لديهم من الوعي ما يقودهم للصواب و يقفز بهم عن الحفر
    انهم ينطلقون من منطقة التفكير و يقعون في منطقة الفعل
    منطقة التفكير مليئة بالكثر من الناس الذين لا يريدون الخروج منها
    لان تجاوزها الى منطقة الفعل شجاعة
    و هذا ما تميز به اهل عنيزة
    يملكون شجاعة التفكير و شجاعة الانطلاق و شجاعة القفز و شجاعةالتطبيق
    و هذا هو الوعي بكل صنوفه
    و هذه القدرة هي من اخرجت منهم دررا نادرة
    الذين لوعددناهم لاحتجنا مجلدات
    بحجم وزنهم الثقافي و التاريخي و العلمي والادبي و المهني
    فنماذج عنيزة و رموزها
    محفزة لكل من حولها
    حفظ الله لنا عنيزة
    فذكرها يثلج الصدر
    و يشعر بالفخر

    إعجاب

  8. قد يبدو من المقال بأن كاتبه حابى عنيزه واهلها ولكن للتذكير فذكر محاسن اهل هذه المدينه الجميله بأهلها كان من المستشرقين الذين زارو الجزيره العربيه كامله وخصو اهل عنيزه بالذكر الطيب كما ان جميع من عاشرهم او جاورهم في غربه اوفي المدينه نفسها يعرف كرم وطيب معدنهم

    إعجاب

  9. استاذ محمد ، ماشاهدته في عنيزه هو غيض من فيض المخلصين وهو ليس وليد اللحظه بل هو امتداد لجهود الكثير منذ سنين وهو نتاج فرق عمل وليس افراد واعتقد ان محبي الخير موجودين في هذا الوطن عموما متي وجدوا الثقه في حسن مصارف تبرعاتهم ، ولتسمح لي باضافه علي مقالكم بنقطتين الاولي ان شعارنا في عنيزه هو التكامل بين الجمعيات في الانشطه الخيريه والاجتماعيه والثانية ان من الاهداف الاساسيه للجمعيه الخيريه الصالحيه بعنيزه هي ( تكريم الرواد في العمل التطوعي ) أتمني انشا الله ان تتاح لك الفرصه للعوده مرات ومرات .  

    إعجاب

  10. الأستاذ محمد وفقك الله
    تحية طيبة … شدني العنوان ودخلت مسرعا ابحث عما يربط جزئيه وماهي جناية عنيزة لتكون لصيقة بعنوان بدايته مضيعة الوقت !!! يبدو انها اثارة صحفية يبرع بها أهلها !!.لايهم فلكل فن أهله ..
    أشكرك جدا على هذا الطرح الذي يشير الى أبناء عنيزة وما يبذلونه من وقت وجهد وهم وتضحيات في بوتقة من النزاهة والشفافية والتواضع وتقليل الذات إلى درجة أنك تعتقد أن الأمر مصطنع عندما تقابل أحدهم ولكنها سجية أهل المروءة والأصالة … أخي في كل رقعة يوجد أولئك الأوفياء لبلدانهم ولكنهم بحاجة إلى شرارة إيقاد تتفاوت فيما بينها في التوقيت والاشتعال … وجهة نظر
    وفقك الله .
    http://WWW.ROWAD.EDU.SA

    إعجاب

  11. اولا أحب أشكر الكاتب وثانيا أقول لهذا نحن نفتخر بعنيزه أعزها الله وليفتخر من أراد الافتخار وليكتب من يحب ألابتكار والديمومه علي النجاح وليس الشخصي بل الاسري ولا عجب ان نري عنيزه في الطليعهونود ان جميع مدن هذه البلد حماها الله ان يقتدوا بهذا الفنارز
    اما عن وزاره التجاره فما كتب أخي الحبيب فهو والله صحيح وما لعب بهذه البلد ونهبها الا تجارها ونقول أصلحهم الله أو أبدلنا بمن هو خير منهم وشكرا

    إعجاب

  12. الحمدلله عنيزة فيها أناس يحسون ببعضهم البعض
    ويحبون الخير.نتمنى ان يكون التجار الكبار ممن ينظر بحال اهل بلدتة
    ويساعد في قوامها وسد حاجاتها

    إعجاب

  13. شكرا على القاء الضوء على هذه النماذج الرائعه
    نسال الله ان يجزيهم الف خير وان يقبل منهم .وان يحذو الكثير امثالهم ممن انعم الله عليهم
    نحب عنيزه ونفتخر بها داخل دائرة حب الوطن الكبير

    إعجاب

  14. I Second everyone that we all should be proud of that lady and we should learn from her. I think that we should give the credit to her. What I do not agree with nearly everyone is in the hopeless emotional attempt to give credit to Onayzah and show that this is the norm in Onayzah and Onayzah people
    Sorry that I have to write in english since I am abroad
    Have a nice day

    إعجاب

  15. اشكرك اخوي محمد على هذه الكلمات الرائعه والأسلوب الجميل اللذي سطرته اناملك المبدعه في وصف ما شاهدته في مدينتنا الغاليه ….

    ان اكبر حافز لكل من يريد العطاء هو الثناء على من ابدعو وسخرو انفسهم لبناء مؤسسات فاعله ونافعه للمجتمع وعنيزة الحمد لله فيها من التقدير والثناء والتكريم ما يجعل كل فرد فيها يتمنى ان يكون له دور في هذا التميز

    لا نغفل دور رجال الأعمال اللذين ما ان تعرض عليهم مشروع انساني الا وتجدهم سباقون للمشاركه فيه وبذل الغالي والنفيس لأنجاحه وهذا ليس بمستغرب على رجالات عنيزة

    اشكرك مرة اخرى واتمنى لك التوفيق

    إعجاب

  16. اصابتني رعشة عندما استكملت قرائة المقال الرائع عن اهالي عنيزة واخلاصهم وتفانيهم للعيش كاسرة واحدة وتحديهم للمتغيرات العصرية وبقائهم على منهج حصاري راقي.
    وجدت امثال مجتمع عنيزة في مدن اخرى مثل المجمعة والزلفي والاحساء وقد يكون الخير في مجتمعات اخرى فاهل الخير كثر : واتمنى ان يسود الخير ارجاء الوطن
    اشكرك اخي محمد
    تحياتي للجميع
    ابو هاني

    إعجاب

اترك رداً على Someone إلغاء الرد