أستطيع أن أستوعب قيام شخص اشترى منزلا جاهزا بإعادة ترميمه والتغيير في مخططه الأساسي وتوزيع حجراته، فإن كان البائع كريما والمشتري عكس ذلك فإن المشتري سيعمد لتصغير (المجلس) وغرفة الطعام المخصصة للضيوف (المقلط) ويستغل المساحات لتوسيع ما يخصه ويخص أبناءه من الغرف، وهذا أمر يحدث كثيرا ومقبول جدا لأن مخطط المنزل قرار رجل واحد وتغييره كذلك قرار رجل آخر يريد أن يتصرف في ملكه الخاص.
نظام التأمين الصحي (بلسم) الذي كان على وشك التطبيق في عام 2009م أو العام الذي يليه هو بناء شيد على أيدي عدد من المختصين ووافق عليه مجلس الخدمات الصحية ليصبح نظام رعاية صحية شاملة وتأمين صحي تتكفل به الدولة حفظها الله لجميع أبنائها المواطنين بناء على حرص شديد وتوجيه واضح من الملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز بأن يحظى المواطن بنظام رعاية صحية شاملة ومتكاملة يحل كل نواقص حصول الجميع على العلاج المجاني والرعاية الصحية الفورية دون مقابل وقد عمل الجميع في ذلك الزمن سواء وزير الصحة آنذاك الدكتور حمد المانع أو مجلس الخدمات الصحية الذي من حسن الحظ أن أحد أعضائه آنذاك الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة الحالي، وحصل نظام التأمين الصحي (بلسم) على الدعم والموافقة من مجلس الخدمات الصحية وجميع اللجان الأكاديمية المتخصصة التي درسته، فالنظام مدروس دراسة جيدة ووافية وهو (مخطط) خططه ووافق عليه عشرات المتخصصين من مديري الشأن الصحي في القطاعات المختلفة وأطباء وأساتذة جامعات ومتخصصين في مجال التأمين وأشبع دراسة وبحثا. لذا فإنني لا أرى سببا لتأخير تطبيق نظام التأمين الصحي (بلسم) وحفظه أكثر من سنتين بحجة إجراء (ترميم) في هذا النظام الذي أشبع بحثا وترميما وسدا للثغرات، ففي المنازل والفلل قد يستغرق الترميم بضعة أشهر أما إذا كان تغييرا في الألوان الخارجية ولوحة اسم صاحب المنزل ونوعية الأشجار والزهور المحيطة فإن الأمر لا يستغرق بضعة أيام بدليل أن (إعادة ترميم) مجمع الملك سعود الطبي لم يستغرق أربعة أشهر فكيف تستغرق إعادة دراسة (بلسم) كل هذه المدة مع تكامله وشهادة الجميع بمناسبته للمرحلة. إنني أتمنى من وزير الصحة الجراح الماهر أن يتخذ قرار الفصل في موضوع (بلسم) الذي طال رغم شغف الانتظار.
الشهر: ماي 2011
ننصح كأمريكا ونخدم ككوستاريكا
أصعب شيء على أي إنسان أن تنصحه باستغلال خدمة ولا توفرها، أو عمل إجراء حضاري وآليته غير موجودة، فهذا بالنسبة له كالتعذيب فأنت تدله على الأسلوب الصحيح لكنك لا تتيح له فرصة سلوكه، وهذا ما يحدث بالضبط عندما نكرر نصح الناس بإجراء الفحوصات الطبية الدورية كل ستة أشهر، ونكرر ذلك في كل وسائل التوعية وقنوات الإعلام، من صحف وإذاعة وتلفاز فكثيرا ما نسمع ونشاهد عبارة (عزيزي المواطن إن إجراء الفحوصات الطبية الدورية كل ستة أشهر يقيك من أخطار الأمراض الصامتة ويساعد على اكتشافها مبكرا وبالتالي علاجها قبل استفحالها أو فوات الأوان) وتلك وربي عبارة نصح جميلة جدا بل مثالية، لكن هذا المواطن لو ذهب إلى مكتب الاستقبال في أي مستشفى حكومي وطلب إجراء فحص دوري فإنه قد يواجه بعبارة (ليش الأخ سيارة؟!) بمعنى أن الطلب سيكون مستغربا ومرفوضا بالتأكيد لأن المستشفى يتوقع أن لا تأتيه إلا بشكوى من مرض، بل يطلب تحويل من مركز صحي يحدد ما هي شكواك، والمركز الصحي لا تتوفر فيه كثير من الفحوصات الأساسية الهامة.
نفس الشيء يحدث مع فحص الثدي دوريا للنساء، فكل العبارات إعلاميا تطالب بإجراء فحص دوري (روتيني ) للثدي من أجل الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي، لكن هذا الفحص لا يمكن أن يتم (روتينيا) وأكثر من يستغرب الإقبال على قبول مثل تلك النصيحة هو المستشفى نفسه ومكاتب الاستقبال فيه، وخذ أيضا مثال الحث على علاج الإدمان من المخدرات فهي عبارة تكاد تسمعها وتقرؤها في كل مكان لكن المدمن وأسرته ووالديه عندما يستجيبون للنداء فإنهم لا يجدون ما نصحوا به متوفرا فمستشفيات علاج الإدمان لا تقبلهم بحجة عدم توفر السرير.
التفسير الوحيد لما يحدث هو أننا مهنيا نعرف ما يجب عمله ونعيه جيدا مثلما يعيه أي مهني في الدول المتقدمة وأمريكا مثال، لكننا لا نوفر بالضرورة ما ندرك أهميته بالقدر والقدرة الكافية ونشابه في ذلك دولا لا تعي نفس وعينا والمهني الواعي سواء كان طبيبا أو صيدلانيا أو أستاذ جامعة ينصح بما يراه صحيحا ولا يعنيه توفر وسائل تنفيذ النصيحة وتبقى الحيرة على ملامح المتلقي بين ما يطلب منه وما يمكنه عمله على أرض الواقع، وأتمنى أن نسرع في الجمع بين الحسنتين فننصح بما نراه ضروريا ونوفر ما نراه أساسيا لتنفيذه.
قالوا وقلنا
? قالوا: تلوث أجهزة تكييف مستشفى حكومي برائحة المجاري وتعرض المرضى لخطر التلوث والتهابات الصدر والحساسية والربو.
? قلنا: جيناك يا عبد المعين تعين، لقيناك يا عبد المعين (تنعان).
**
? قالت اللجنة الوطنية للزراعة في مجلس الغرف السعودية إن أزمة الشعير ستؤثر على رفع سلع استراتيجية أخرى مثل البطاطس والدقيق لأنها ستستخدم كغذاء بديل للمواشي.
? قلنا: (لعبتوا علينا في الأسهم وناوين على البطاطس والخبز!! ولا معقولة خروف يأكل شيبس؟!!).
**
? قالوا: أمانة المدينة المنورة تبيع مقبرة لمستثمر بناء مجمع سكني ومعدات الحفر تنبش رفات الموتى.
? قلنا: أحياء يدفنهم الفساد وأموات ينبشهم الفساد!!.
**
? قال معالي وزير العدل سنعيد النظر في منح تراخيص المحاميات إذا أثبتت تجربة المرأة سلبية في هذا المجال.
? قلنا: أول السلبيات (تمخيش وشد شعر وتقبيص).
**
? قالت المؤسسة العامة لصوامع الغلال سنتوقف عن شراء القمح المنتج محليا في عام 2016 للمحافظة على احتياطي المياه الجوفية غير المتجددة.
? قلنا: ونحن متى نتوقف عن شراء المياه من (الصهاريج) المتجددة؟!.
**
? قالوا: الفلبين تتراجع عن شروط استقدام عمالتها المنزلية وتوجه طلبا لوفد حكومي سعودي ببدء المحادثات لاستئناف الاستقدام.
? قلنا: (ولو أثقلوا عليهم).
**
? قالوا: مصدر مسؤول في وزارة التجارة يؤكد استقبال الوزارة لـ 1500 شكوى يوميا ضد غلاء الأسعار، مع الاكتفاء بأخذ تعهدات على التجار المغالين لعدم وجود تشريع يمكن من خلاله معاقبتهم.
? قلنا: (طيب قصر صوتك لا يسمعونك).
**
? قالت وزارة الخدمة المدنية: لا توجد إجازة (وفاة) في نظام الخدمة للموظف إلا للموظفة التي يتوفى عنها زوجها لفترة عدة الوفاة براتب كامل.
? قلنا: (يعني الي تتوفى عنه زوجته يداوم من بكرة ؟!!)
**
? قالوا: أغلى حقيبة نسائية في العالم تبلغ قيمتها 14 مليون ريال سعودي تعرض في معرض دولي للمجوهرات بجدة.
? قلنا: (هذي لو غرقت كم واحد بيغوص عليها؟!!).
**
? قال مدير عام الخطوط السعودية للعلاقات العامة: تعاقدنا مع ثلاثة طيارين من بنجلاديش يجيدون اللغة الإنجليزية.
? قلنا: (يعني يعرفون يقولون الطيارة ستسقط بالإنجليزي).
ساهرنا وين وساهرهم وين؟!
لم نعد نشاهد دوريات المرور في شوارع المدن بنفس الكثافة السابقة، أصبحت دورية المرور ترى المخالف ولا تحرك ساكنا، أصبح رجال المرور يجلسون في سياراتهم ولا يكترثون بتعطل السير والازدحام، هذه كلها شكاوى نستلمها يوميا ككتاب من الناس سواء عبر رسائل الجوال أو البريد الإلكتروني أو الاتصال المباشر، وبعضها نراها عيانا بيانا فنحن جزء من الناس، نرى ما يرون ونشعر بما يشعرون، وهم يشعرون أن هذا التقصير سببه (اتكالية) رجال المرور على نظام ساهر، وهو ما قد نقتنع به أحيانا، رغم معرفتنا أن كاميرات ساهر لا تفك اختناقا ولا تنظم السير ولا تصطاد 90 % من المخالفات المرورية خلاف السرعة في مواقع محددة وتجاوز الإشارة، لكن المرور (فرحان بساهر) وهذه الفرحة لها ثمنها، وأحيانا نختلف مع وجهات النظر تلك ونقول إن «الناس مقهورة من ساهر» مثل فرح المرور به، لذا فهم يحملونه كل قصور مروري كان موجودا في السابق قبل ساهر، والغضب من ساهر أيقظه في أذهان الناس.
الأمر الذي لا خلاف عليه هو أنني تحولت إلى هواية جديدة أمارسها كل يوم، وأنا أتجه -ذهابا وإيابا- إلى مقر عملي بين شمال الرياض وجنوبه الشرقي (خشم العان) وتكمن الهواية في تصوير السيارات التي لا تحمل لوحات وما أكثرها في طريقي، ولأنني (خواف) أو بلفظ أكثر إنصافا حريص فإنني أسترق الصورة استراقا خوفا (حرصا) من أن يراني صاحب السيارة، لأنه إن نزل وسلب جوالي أو أهدى إلى وجهي أصابعه مجتمعة في شكل (لكمة) أو متفرقة في شكل (تكفيخ) أو استل (العجرا) وهشم رأسي رحمة كي لا أرى تهشيم سيارتي فإنني في كل هذه الأحوال لن أتمكن من تسجيل رقمه لأنه بدون رقم!!، وهذا يعيدنا إل ى (ساهر) ويجعلني أتساءل كيف لهذه التقنية الرائعة أن تصطاد هؤلاء وهي تعتمد على رقم اللوحة، ولكثرة سؤالي عن هذا الأمر، أجابني صديق متفائل جدا بالقول إن كاميرات ساهر من الدقة بحيث تصور رقم (الشاصي) الموجود تحت الزجاج الأمامي، وإن صح هذا فإن علي أن أتمنى بدلا من اللكمة و(العجرا) أن يخبط السائق برأسي على زجاج سيارته الأمامي لعلي ألتقط رقم (الشاصي) للحصول على حقي الجنائي فوجدت أنه خير من هذا وذاك أن أمارس هوايتي باستراق التصوير.
نحن بتطبيق تقنية (ساهر) نحاول أن نقلد دولا متقدمة وأقربها لطبيعة شوارعنا أمريكا، لكن أمريكا لم تهمل قط الرقابة البشرية الميدانية فبمجرد أن تنحرف ذات اليمين أو الشمال دون تشغيل الإشارة ترى دراجة نارية (تصوي) وتضوي خلفك، أما عندما يكسر أحد الأطفال أحد الأضواء الخلفية لسيارتك فإن أول من يبلغك بذلك رجل مرور يستوقفك بسيارته، أما من لا يحمل لوحة الرقم فلا يستبعد أن تحلق فوقه (هيلوكوبتر) فالمسألة أمنية بالدرجة الأولى «وساهرنا وين وساهرهم وين؟!».
بل تعديل نظام المطبوعات يخدمنا
حاشا لله أن أدعي أنني أكثر فهما واستيعابا للتعديلات التي طرأت على بعض مواد نظام المطبوعات من بعض الزملاء الذين أبدوا حيرتهم في ماذا سيكتبون بعد التعديلات، وإن كنا كبشر نختلف في درجة التفاؤل وكنز القناعة، لكنني جد متفائل بأن التعديلات لم تمس مطلقا ما كان أغلب كتاب الرأي يتناولونه في طرحهم اليومي أو شبه اليومي أو الأسبوعي من قضايا باستثناء من كان تركيزه منصبا على الإساءة للدين أو رموزه أو الوطن ووحدته أو يستهدف الأشخاص دون أدائهم، وهذه القلة القليلة هي من قد يحتار في ماذا سيكتب غدا؟! وخلاف ذلك فإنني كررت قراءة التعديلات فلم أجد فيها ما يمنع نقدا هادفا أو حرية نشر منضبطة تهدف لتحقيق الصالح العام ولم أجد سببا للحيرة فيما سأكتب غدا أو القلق الذي عبر عنه البعض، بل على العكس أجد في وضوح التعديلات سببا لأن يكتب كل من (يتأبط) إثباتا دون خوف من عدم إجازة ما يكتب، فهو لن يشكو مستقبلا من عدم تجاوب الجهة المعنية بالنقد فإن اشتكته للجان المختصة فلديه الإثبات وإن سكتت الجهة فهو سكوت الراضي وليس من يدعي الترفع كما كان سابقا!، أما من (تأبط) شرا ويريد أن ينال من علماء الشرع أو أحكام الشريعة أو مفتي عام المملكة أو أعضاء هيئة كبار العلماء أو رجال الدولة أو أي من موظفيها بما يمس سمعته أو كرامته أو التجريح أو الإساءة الشخصية فإننا أول من يقف ضده ويدعو لردعه قبل التعديل وبعده.
لنكن أيها الزملاء أكثر واقعية وأوسع أفقا في المقارنة بين النظام قبل التعديل وبعده وسنجد أنه إنما نهى عن ما ننهى عنه كحقوقيين ووضح الإجراءات وحدد العقوبات حسب ما نطالب به نحن في كل قضايا المجتمع بصفة عامة، لكن التعديل لم يمنع النقد الهادف البناء لتحتار كيف ستكتب؟! وفي ماذا تكتب؟! كما صوره البعض وأرجو أن لا يؤثر هذا التصوير المتشائم على رقيب إجازة المقالات فيغشاه هذا الشعور والفهم الخاطئ وينعكس على إجازة المادة، فالمقصود أكبر من مجرد نقد قصور خدمي أو فضح فساد إداري أو مالي أو الدعوة إلى تحسين خدمة كفلتها الدولة لأبنائها حتى نحتار فيما نكتب، هذا النوع من النقد الهادف البناء هو عين الدولة الثالثة وحتى العينان اليمنى واليسرى تحتاجان إلى توثيق ما تريان، وهل سبق لنا أن كتبنا إلا عن ثابت إلا فيما ندر من نشر خبر غير مؤكد وبالتالي فإن ما نلفت الانتباه له يوميا من قصور مثبت واضح بمثل وضوح صورة ضحية خطأ طبي أو انسداد معبر سيل أو تزييف صك فلا أحد سيغرمك لتناوله، المقصود كما هو واضح جدا من الصيغة الحكيمة المحكمة للتعديلات هو ما يمس الدين والوطن والاستهداف الشخصي دون سند وإثارة النعرات.
أمر آخر غاب عن من نظر للتعديل بتوجس أو قلق وهو أن الإيقاف عن الكتابة أصبح غير ممكن دون مسوغ قانوني وقرار لجنة ابتدائية وممارسة حق الاستئناف بينما كنا نوقف بمجرد همسة هاتفية بين مسؤول متذمر ورئيس تحرير مجامل.
شخصيا أنا متفائل أن التعديلات ستجعل النقد الصحفي أكثر شمولا وتأثيرا لأنه سيكون أكثر تثبتا ومصداقية وتصديقا لكنه لن يشح فالقصور حقيقة والحرية المنضبطة مستمرة.
«لوبي» التجار غير الأنظمة !
تطور أعتبره خطيرا جدا ويشير إلى أن التجار لم يعودوا في مأمن من الرقابة والمحاسبة وحسب، بل أصبحوا يمارسون الضغط على الجهات الحكومية لتغيير الأنظمة بما يخدم مصلحتهم حتى ولو كان على حساب صحة المواطن وسلامته وحقوقه.
بعد محاولات مستميتة وفاشلة على مدى السنوات الخمس الماضية استطاع التجار وخلال أيام استغلال التغيير الإداري في أمانة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في تمرير ما عجزوا عن تمريره في محاولاتهم خلال خمس سنوات وهو الحصول على موافقة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية على إعادة النظر في تصنيف شهادة بكالوريوس الصيدلة من الهند وباكستان والفلبين (جميعهم لا يتكلمون العربية) وهذا معناه السماح بعمل خريجي هذه الدول والذين لا يدرسون الصيدلة إلا أربع سنوات (مدة دراسة الصيدلي القانوني في الدول المعترف بشهاداتها لا تقل عن ست سنوات مع التدريب العملي وفترة الزمالة لبعض التخصصات) والأدهى والأمر أن من تمت الموافقة على تصنيفهم غير ناطقين بالعربية!!، وهذا معناه أن المريض سيحصل على دوائه من (مساعد صيدلي غير مؤهل كصيدلي وغير ناطق بلغة التفاهم وبالتالي فإنه مجرد وسيلة تسليم دون علم ودون شرح لطريقة الاستعمال الأمثل والاحتياطات وخطورة الدواء وجميعها معلومات لا يمتلكها إلا الصيدلي وتفرض جميع الأنظمة أن يتلقاها من الصيدلي فقط وباللغة الرسمية للبلد، فالطبيب يمكن أن يكون ناطقا بغير لغة المريض بفرض تواجد مترجم العيادة، أما الصيدلي فإنه يجب أن يكون ناطقا بنفس لغة المريض ولغة الطبيب فيشرح للأول الطريقة المثلى للاستخدام والمضاعفات المحتملة وتناسب الأدوية الموصوفة مع بعضها البعض من عدمه، ويختار للمريض الاسم التجاري الأرخص لنفس المادة الفعالة، ويناقش الثاني (الطبيب) في الجرعة و مناسبة الدواء مع التشخيص ووجود تعارض أو تفاعلات غير محمودة بين الأدوية.
ثم إذا كانت الصحة تعاني حاليا من فوضى صرف الأدوية وممارسة شركات الأدوية اتفاقات مع أطباء المستشفيات والمستوصفات الخاصة لوصف أصناف معينة وتعاني من مشاكل مغريات الصرف مثل ما يسمى (البونص) وهو منح كمية مجانية لمن يصف أو يصرف كمية من صنف معين وكل هذا يحدث رغم وجود صيادلة قانونيين مؤهلين تأهيلا معترفا به عالميا وناطقين بلغة المريض، فكيف ستكون حال الصيدليات عندما يعين التجار فيها صيادلة غير مؤهلين ولا يتحدثون بلغة المريض ومن العمالة الرخيصة التي ستكون مجرد أداة لوضع الدواء في الكيس؟!!، هذا خلاف كون الدول تتقدم وتبحث عن الأفضل وليس الرجوع للخلف.
لقد نجح التجار في استغلال ثغرة كانت مسدودة لسنوات من أجل الحصول على أرخص (الصرافين) ليكبدوا المجتمع ثمنا باهظا في صحته وأخلاقيات مهنة الصيدلة العريقة وأوضح دليل على موافقة الهيئة دون قناعة هو ما ورد في خطاب غرفة الرياض رقم 5/9/5276 في 12/1/1432هـ (أن الهيئة لاحظت في جامعات الدول المذكورة تغيرات كثيرة ومقبولة «نوعا ما»). وحتى نجد عبارة أكثر ثقة من (نوعا ما) أرجو أن تعود هيئة التخصصات لموقفها الحازم غير المجامل.
الجلد بالجريد
جاء خبر تحرك وزارة المالية لرصد الوظائف الشاغرة والمشغولة بغير سعوديين ووظائف الشركات والقطاع الخاص المشمولة بالتأمينات الاجتماعية ليؤكد مصداقية ما انفردت به «عكاظ» سابقا من اكتشاف وظائف وهمية سجل أصحابها في التأمينات الاجتماعية بهدف التحايل على (السعودة) ولم يتم اكتشافها إلا مع الخطوات الجادة من الدولة لصرف مكافأة العاطلين عن العمل، حيث فوجئ عدد من العاطلين عند مراجعة التأمينات الاجتماعية للحصول على شهادة عدم تأمين أنهم من المؤمن عليهم زيفاً وبهتانا، ومصداقية صحيفة «عكاظ» ــ التي تحمل هم الناس والهم الوطني بتميز دون ادعاء جوائز واستفتاءات هشة أو مفبركة ــ ليست في حاجة لتأكيد أو إثبات لكن ما جاء في خبر تحرك المالية يؤكد ما حاولت التأمينات الاجتماعية التملص منه في تعقيبها على ما كتبته بعنوان «بل حققوا مع وزارة العمل وصندوق الموارد والتأمينات»، فقد جاء في تصريح وزارة المالية نصاً ما يلي «رصد تجاوزات ارتكبتها بعض مؤسسات وشركات القطاع الخاص، تصل بعضها إلى حد الفساد المالي والإداري، والكسب المادي غير المشروع، والتحايل على الأنظمة الرسمية والأوامر العليا، وتمثلت التجاوزات، التي أبلغت بها اللجنة المشكلة من وزارة العمل، المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، التأمينات الاجتماعية، صندوق تنمية الموارد البشرية، والغرف التجارية والصناعية، في بقاء موظفين سعوديين مسجلين في التأمينات الاجتماعية رغم استقالتهم أو فصلهم والاستغناء عن خدماتهم. وعمدت الشركات لإبقائهم دون إشعار التأمينات بقرار الاستقالة أو إنهاء خدماتهم لاستغلالهم في رفع نسبة السعودة، بينما جاء التجاوز الأكبر متمثلا في صرف رواتب زهيدة لموظفين لا تتجاوز بعضها 2000 ريال، تبين أنهم مسجلون لدى التأمينات برواتب عالية تفوق الـ 4 آلاف ريال، وذلك بداعي الاستفادة من الدعم الذي يبذله صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» للشركات، دون منح الموظفين حقوقهم» انتهى.
وكان ما استغربته هو أن لا يتم إشعار هؤلاء ولو برسالة جوال رغم تطور تقنيات الاتصال وتوفر المعلومات وهو حق شخصي لكل من ورد اسمه في بيانات التأمينات أو صندوق الموارد البشرية وغيرهما من الجهات ذات العلاقة، وعلى أي حال فإن الأهم الآن وقد ثبت للجنة ما ثبت وتحركت المالية واللجنة لإجراء التحقيقات الدقيقة حول هذه الممارسات المشينة وغيرها كثير، الأهم أن نعرف ما هي العقوبات التي يفترض أن تطبق في حق كل من ثبت تلاعبه، وهذا المطلب ليس للتشفي أو لضمان المعاقبة على ما مضى، ولكن لردع من تسول له نفسه مستقبلا إعادة الكرة وممارسة ذات الإيهام والتزييف والخداع والتلاعب بحقوق الناس ومستقبلهم وجهدهم في كسب العيش وتأمين المستقبل ومعاقبة كل من سهل لهم ذلك إما بالإهمال أو بالتغاضي وغض الطرف.
إن تحديد العقوبة ونشرها من الآن أهم كثيرا من مجرد نشر الاكتشاف أو الجهود للكشف والتدقيق، فقد ثبت تلاعب القطاع الخاص ومن يسهل له التلاعب وهذا انتصار للصحافة التي كثيرا ما اتهمت بالمبالغة أو ترديد عبارة (كلام جرايد) وقد صدق كلام الجرايد وبقي أن نجلد بـ «عسيب» من جريد النخل الرطب الأخضر كل من عبث وتحايل.
