الشهر: أفريل 2012

أريحوا الوطن من الطالح

من فرط التفاؤل كنت أعتقد أن منة المسؤول على المواطن قد ولت دون رجعة بعد أن توقف الإعلام عند عدة مواقف لمسؤولين كانوا يمنون على المواطن بعبارات توحي أنهم هم أصحاب فضل عليه بتقديمهم الخدمة له وكأنهم يقدمون خدمة شخصية من ذواتهم وليس من فضل ربه ثم وطنه، كنت أظن أن آخر المواقف تلك موقف إحدى المسؤولات عندما قالت للمعلمات (احمدوا ربكم وظفناكم)، أو العبارة الشهيرة (رح اشتر) لأحد المسؤولين، أو عبارة (ما شاء الله عندك حلول) لسفير سابق في مصر.
يوم أول أمس السبت ومن الملعب الذي أقيمت عليه مباراة نهائي الدوري السعودي بين الأهلي والشباب أجرى مراسل القناة الرياضية السعودية، عمار الحكيم، حوارات مع عدة معوقين (قبل المباراة) وقبل المباراة لا يغضب أحد إلا من سوء معاملة، (لا علاقة للنتيجة بها لأن جماعتنا يجيدون الحجج والتحجج)، كان المعوقون غاضبين جدا من سوء المعاملة وعدم السماح لهم بالدخول بسياراتهم للمواقف الخاصة بهم وإجبارهم على دفع عجلات كرسي الإعاقة مسافات طويلة فبدا عليهم الإرهاق والتعب والتعرق الشديد، وكأن من فعل ذلك بهم لم يسمع بحملة (جرب الكرسي) ولم يجرب فعلا ولو لثانية واحدة صعوبة دفع عجلاته لأمتار فكيف بكيلومترات؟!.
الأدهى والأمر عليهم وعلينا هو قول أحد المسؤولين في الملعب (احمدوا ربكم دخلناكم) وكأنه دخلهم لمنزله لاجئين!!، وحتى لا يعتقد أحد أن شكواهم كانت بسبب تعب أو إرهاق أو خوف من نتيجة (ربعنا يجيدون الأعذار) أقول إن التعب والإرهاق والخوف لم يمنعهم من شكر مسؤول آخر والثناء عليه وانتقاد سلوكيات ومنة من أساء إليهم، وقد ذكروهما بالاسم فالمواطن من الوعي بحيث يمتن ولا يقبل المنة، أعيدوا شريط اللقاء تعرفوا الصالح والطالح، شجعوا الصالح وأريحوا الوطن من إساءات الطالح.

حمل الأمس ذئب اليوم

لا يجب على الكاتب أو أي منافح عن حقوق الناس، أو أي صاحب موقف نبيل أن يغير من موقفه لمجرد أن واحدا ممن دافع عنهم ذات يوم أو ساعدهم ذات زمان أو وقف معهم موقفا نبيلا تغير عليه، أو قلب له ظهر المجن، لأننا نكتب لكل الناس، وندافع عن كل الناس، ونقف الموقف المطلوب نبلا من كل الناس، والناس أجناس، وصفات وطبائع وتربية متباينة لا يجب أن نأخذهم جميعا بجريرة واحد أو أكثر فنتخلى عن مواقفنا فأنا ضد من يصيبه اليأس من الكتاب عندما يصدم بأنه اكتشف أن من كان يدافع عنه بالأمس كمجلود مظلوم أصبح جلاد اليوم.
نحن جيل حديث ونتاج جيل أقدم وأقدم، قال أحدهم ذات يوم (أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني)، نحن ندرك أن في البشر نوعا كهذا منذ القدم لكن نبلنا القديم يجب أن يستمر ويتجدد معنا ففي النبيل جين وراثي (كروموسوم) خلقه الله نبيلا صالحا وفي الوضيع غير النبيل جين وراثي خلقه الله هكذا، وهو القادر وحده سبحانه على هداية الناس (إنك لا تهدي من أحببت)، لكن المؤكد أننا يجب أن لا نغير مواقفنا من كل الناس لمجرد أننا صدمنا ببعضهم.
أذكر أن أحدهم ذات يوم اشتكى لي همه وغمه من سوء بيئة عمله، وحسد زملائه في العمل، بل إن أحدهم يجرح مشاعره العائلية وكان يريد شفاعة في نقله من مقر عمله إلى أي مكان آخر يصبح فيه منتجا مبدعا صافي الذهن، فسعيت، لأن النبلاء في وطني كثر ونجحت، وكنت أحسبها شفاعة محمودة جائزة يتحقق بها صلاح بيئة العمل السابقة، وصلاح بيئة العمل الجديدة. وما هي إلا سنوات ترعرع فيها وظيفيا وكبر فإذا بالنبلاء ممن ساعدوني في قبوله يشتكون حسده ومواقفه الظالمة المتنكرة النابعة من بحث جديد عن مصالح جديدة، وإذا بالبيئة السابقة تشكرني أنها صلحت بخروجه منها.
الكاتب في حياته قد يواجه ذئبا يقبع في داخل جلد حمل وديع يشتكي جور الذئاب فيساعده ثم يعض يده لكنها عضة يجب أن لا تعيق يد النبل عن المساعدة فالأهم هو صلاح النية.

لسنا مجبرين

لا أعتقد أن وطنا تميز عن كل الأوطان بأن دستوره القرآن، ويحكم بشرع الله ومجتمع واع ملتزم بدينه وقيمه وعاداته وتقاليده الأصيلة الحميدة مجبر على أن يتفاعل مع كل زلة للسان، أو حتى سقطة مقصودة لباحث عن شهرة، أو لفت أنظار، أو مستهدف للوطن والمواطن يريد أن يثير حوله القيل والقال وتداول المقال.
تفاعلنا إعلاميا مع كل زلة أو سقطة أو استهداف هو ما يروج لصاحبها ويجعلها تتداول أكثر و أكثر وتنتشر بحكم كثرة عدد السكان مقارنة بغيرنا ومن حولنا، وبحكم أهمية المملكة على كافة الأصعدة ، إسلاميا وعربيا وعالميا، وثقلها السياسي في المجتمع الدولي والعربي والإسلامي، وكونها وعلى مر العصور محسودة على أشياء كثيرة لا تتسع زاوية صحافية قصيرة للإلمام بها جميعا ولا يجوز اختزالها.
ثمة فرق كبير بين الحوار وتداول الرأي حول موضوع ذي قيمة وفكرة قيمة تستحق صقلها بالتحاور حولها والاختلاف لها لا عليها، وبين أن نتداول سقط المتاع من الكلام الذي لا يريد صاحبه إلا أن يخالف فيعرف، أو يستفز الناس فيفرح بتفاعلهم ولو كان عليه، أو يستهدف وطنا شامخا بتهمة باطلة ليتم تداولها بالرد عليه فتشيع كذبته، وتصل إلى أكبر عدد ممكن.
لا أود أن أذكر أمثلة فآتي بنفس ما نهيت عنه لكن طيران عدة قنوات فضائية سعودية التمويل في (العجة) وغضب وسائل الإعلام الحديث والتقليدي واستنكارها لما أثير سابقا حول عمل الفتاة السعودية في قطر هو سقطة، وما أثير مؤخرا عن عملها في المنازل هو زلة، وما يثار بصفة موسمية من إساءات للمملكة من أعدائها ومن يحسدونها هو مثال لاستهداف مكشوف، وفي كل تلك الأحوال يفترض أن لا نروج للزلة والسقطة والاستهداف بتداوله إعلاميا ولو في صورة استنكار فلسنا مجبرين.

قالوا وقلنا

** قالوا: مدير صندوق الموارد البشرية يثير قضية عمل المرأة السعودية خادمة.
* قـلنا: يالحظ هذا الوطن كلما عين شخص لحل مشكلة أثار منها ألف مشكلة!!.
** قالت (عكاظ) : التجربة السنغافورية في تقليل استهلاك المياه تشد انتباه حضور مؤتمر «اروادكس»!!.
* قـلنا: في سنغافورا ما عندهم استراحات يوصلها 30 بوصة.
** قالت (عكاظ): تأخر رحلة الخطوط السعودية من الرياض لجدة ثماني ساعات وحدوث عراك بين الركاب والمسؤولين داخل صالة المطار.
* قـلنا: أين الجديد في الخبر؟!!.
** قالوا: موظف بتعليم وادي الدواسر يتهم إدارته (بعرقلة) ترقيته والإدارة تعترف: سقط سهوا وخطابه الإلحاقي لم يصل.
* قـلنا: هذي عرقلة متعمدة من الخلف عقوبتها ضربة جزاء وطرد!!.
** قال وزير التجارة: وضعنا خطة لمتابعة الأسعار والحد من ارتفاعها.
* قـلنا: (يعني الارتفاع فينا فينا بس تحد منه!! رأيي غيروا الخطة خلوها هجومية).
** قال عدد من سكان القرى: منازلنا أضحت (أفرانا) من انقطاع الكهرباء!!.
* قـلنا: (وستصبحون خبزا صاموليا والبعض يردد للإعلاميين مافيه انقطاعات!!).
** قالت جريدة الرياض: الديزل السعودي يهرب للإمارات على أنه زيت هيدروليك وبشهادة تصدير منشأ على أنه زيت!!.
* قـلنا: (فيه شي ساد الخشوم معقولة مايعرفون ريحة الديزل؟!!).
** قال عنوان جريدة الرياض: امرأة تسطو على منزل في الأحساء!!.
* قلنا: (تأنيث السرقة)!!.
** قالوا: القطار (الجديد) بين الرياض والدمام يتعطل فور تشغيله بسبب ارتفاع حرارة المحرك.
* قلنا: يعني القطار الجديد يفور فور تشغيله!!

الخطوط السعودية تحير الفتوى

ظهر الاثنين توجهنا للمطار مبكرين، رغم استخراج بطاقة صعود الطائرة، لمرافقة خطوطنا السعودية الحبيبة في رحلتها رقم 1453 والمتجهة بإذن الله إلى المدينة المنورة وموعد إقلاعها تمام الساعة الثالثة والنصف عصراً، بحثنا في اللوحات الإلكترونية فلم نجد معلومات الرحلة وسألت موظف استعلامات فقال إنها متأخرة لساعة وربع أي ستقلع في الرابعة وخمس وأربعين دقيقة وكعادة ناقلنا العزيز لا يخبرك بالسبب، توجهنا لصالة الفرسان نتجاذب أطراف الهموم فجميعنا مرتبطون بمؤتمر الجامعة الإسلامية الذي يفتتح بعد صلاة العشاء، دخل وقت صلاة العصر فخرجنا للصلاة جماعة واخترنا أحدنا إماما فأبلغنا أنه سيقصر الصلاة (ركعتين) مبررا أننا في حكم المسافر وإن تأخرت الرحلة، عندها رد صاحبي الألمعي ردا حكيما فقال: أنت بذلك تبني حكمك على تفاؤل وثقة في غير محلها!!، أنت تبني حكمك على افتراض أننا سنسافر وعادة الخطوط السعودية مؤخرا غير ذلك، ضحكت وقلت له (خل الرجال يصلي ونحن من ذمة الخطوط إلى ذمته)، وأنا في داخلي أتساءل هل فعلا يبنى الحكم على مجازفة وعادة الخطوط التأخير؟! ثم تذكرت أن النية تكفي لاعتبارنا في حكم المسافر.
عدنا لصالة الفرسان الثالثة والنصف وبحثنا عن شيء نأكله فلم نجد وبسؤال الموظف قال إن الوجبات ترفع عند الرابعة!! قلت لكن الرابعة لم تحل بعد!!، فرد قائلا: كما ترى فإن عددا كبيرا من الرحلات متأخرة والناس (خلصوا) الأكل!!، وهنا أدركت أحد العيوب الإدارية للخطوط، هم يحسبون الحسابات على أساس وضع مثالي وهم يعيشون وضعاً خاطئا بمعنى أن الإعاشة بنيت على أساس عدم تأخر الرحلات والرحلات تتأخر!! ثم أليس متعهد التغذية ملزما بإمداد صالة الفرسان بما يكفي من يتواجد فيها من فرسان؟! هذه تحتاج فتوى بعد (تدقيق)!!.
تأخرت رحلتكم لساعة أخرى قالها موظف وهو يضحك وهو يتمتم أكيد قالوا لكم أحوال جوية بس ترى (الكابتن) لم يصل بعد، هنا تذكرت أن الخطوط تعيش حالة فوضى وعدم وضوح في الرؤية فلو كانت الأمطار تؤخر الرحلات ما طارت طائرة من لندن، ولو كان ثمة وضوح وشفافية ما شككنا الموظف.

ببغاء طار وطير 20 ألفاً

يقول عالم مصري إن معدل تبادل الطرائف (النكات) يرتفع بشكل ملحوظ في مصر في أوقات الأزمات، وعندما يصل الناس إلى مرحلة شديدة من المعاناة، وكأن النكتة ردة فعل طبيعية تلقائية يحاول بها الشعب التنفيس عن بعضه البعض للخروج من حالة الأزمة.
تذكرت ماقاله العالم المصري وأنا أقرأ التعليقات على خبر لصحيفة (سبق) الإلكترونية عن الببغاء كوكي الذي فقد في أحد المنتجعات في جدة، حيث أفاد الخبر أن عمليات تفتيش مكثف تجري بمدخل المنتجع خاصة للخارجين من منه، وذلك بحثا عن طائر ببغاء يدعى «كوكي» فقد داخل المنتجع، وأشارت المصادر إلى أن الطائر تبلغ قيمته أكثر من 20 ألف ريال، وأبلغ عن فقدان الطائر في ظروف غامضة، وما زال البحث عنه جاريا.
تعليقات القراء والتي زادت عن 70 تعليقا أغلبها ركز على السخرية من قيمة الطائر التي طارت بطيرانه، وقارنها بأرقام تخص فقراء أو محتاجين أو عاطلين بأسلوب ساخر يستغرب دفع مبلغ كهذا في ببغاء ثم إهماله، وإيقاف المغادرين للتفتيش عنه.
أحد المعلقين تمنى أن يكون الببغاء كوكي يقبع في زاوية تحيط بها القطط، وأن يصبح من الخوف أبكم (أطرم)، أما آخر فقد قال إن قيمته تعادل (أجار) شقة له ولأولاده لسنتين، وقال ثالث حسبنا الله عليهم أنا لم أتعش من (الطفر) و هذا يشتري ببغاء بعشرين ألفا ، ومع أنه (طفران) إلا أنه حلف لو وجده أن يأكله، ولا يريد مكافأة، أما رابع فحلف لو وجده أن يشويه ويعزم أصدقاء الاستراحة ليحلف أن قيمة العشاء 20 ألف ريال، وقال آخر (على طاري كوكي هل وجدوا سالم؟!)، وبلغت روح النكتة ذروتها عندما قال أحدهم: (مر من جنبي كوكي ماشي بسرعة 200 يمكن أمبير السرعة معلق)، روح النكتة تلك تنم عن مقارنة تنفيسية مرحة.

التضييق على النقد

إذا استثنينا المدينة الفاضلة لأفلاطون حيث الكمال وعدم وجود ما ينتقد فإن أي مدينة أخرى لا بد أن يكون فيها من الخلل والقصور ما يستدعي التصحيح والتقويم ولفت النظر والتنبيه إلى ما يوجد من أخطاء، ويختلف الناس في تفاعلهم مع الأخطاء مثلما يختلفون في تفاعلهم مع ما يحدث أمامهم، خذ على سبيل المثال حول ما يحدث أمام الناس وتتباين ردود أفعالهم وتعاطيهم معه عندما يقع على قارعة الطريق ضحية حادث سيارة فإن من الناس من يمر وينظر للضحية ويواصل سيره وكأنه لم ير شيئا يلفت الانتباه ومنهم من ينظر إليه ويقول (يا الله مسكين تعرض لحادث)، ومنهم من يقف وينظر إليه ويتفحصه بنظره ثم يواصل سيره، ومنهم من ينظر إليه ويتفحصه بنظره ويقول لمن حوله (يا جماعة ساعدوه) ثم يذهب، ومنهم من يتفحصه ويحاول مساعدته لتخفيف آلامه بوقف نزفه ويحاول استدعاء سيارة الإسعاف لنقله، ومنهم من يجري له كل الإسعافات المطلوبة ويحمله في سيارته ويضحي بوقته وبما سيتعرض له من مساءلة من أجل إنقاذ هذا الإنسان.
ذلك التباين في التفاعل مع حالة الضحية يقابله نفس التباين تجاه التفاعل والتعاطي مع انتقاد ما يحدث في المدينة، فمن الناس من يرى القصور ولا يتأثر به مطلقا، ومنهم من يراه وينتقده في داخل نفسه، ومنهم من يراه وينتقده بالحديث لمن حوله ومنهم من يراه وينتقده بقلمه مضحيا بجزءٍ من وقته ومنهم من ينتقده بلسانه وقلمه ويسعى جاهدا ومتابعا للإبلاغ عنه والسعي لتصحيحه مضحيا بوقته وجهده من أجل المساعدة في إصلاح الخلل.
لا يدين ضحية الحادث لأيٍ شخص مر عليه غير من ساعده وأنقذ حياته ولا تدين المدينة إلا لمن بذل وقتا وجهدا لإصلاح ما فيها من قصور وإنقاذها منه، وإذا كانت المدينة الفاضلة الخيالية تخلو من الأخطاء والقصور فإن أي مدينة أخرى لا تضاهيها لا يجب أن تخلو من النقد، فطالما أن لديك مدينة وطالما أن المدينة الفاضلة ضرب من الخيال فإن الأخطاء وجوانب القصور في أي مدينة أمر لا بد من تواجده منطقيا، لكن عدم تواجد النقد أمر غير منطقي، ويفترض أن يكون وجوده أساسيا وضروريا وأن تمتن له المدينة وتقول «رحم الله من أهدى إلي عيوبي»، فما بال قوم يضيقون بالنقد ويضيقون عليه.

التشهير بـ(بعض الناس)

طالما أن لدينا حساسية مفرطة تجاه لفظ (تشهير)، دعونا نتحول إلى لفظ آخر أكثر قبولا بل أصبح مدعاة للمفاخرة والتباهي والادعاء هو (شفافية)، كنا نطالب ونطالب ونكرر المطالبة بتطبيق (التشهير) كعقوبة رادعة بل أكثر ردعاً، لكننا كنا ولا نزال نصدم بعدم قبول (التشهير) وإيجاد المبرر تلو الآخر، تارة لحساسية الأسماء، وتارة الأسرة وتارة القبيلة وأحياناً أخرى مراعاة لمشاعر من لم يراع مشاعر غيره في غش أو خداع أو تقصير أو تدليس قد تصل نتائجه للوفاة التي تجرح كل المشاعر.
هيئة الغذاء والدواء علقت الجرس، ورأت أن التحذير من غذاء أو شراب دون ذكر اسمه أمر مستحيل بل هزلي ومدعاة للتندر!! كيف أقول إن شامبو (بعض الناس) مسرطن أو ماء الشركة (التي ماؤها بلا لون ولا طعم ولا رائحة) به رائحة تلوث، ووجدت أن ذكر الاسم يجعل المستهلك يحمي نفسه بنفسه إلى جانب وقف توزيع المنتج وسحبه من الأسواق ثم جاءت صحة البيئة في أمانة مدينة الرياض فأغلقت عدداً من المطاعم بملصقات بارزة (مغلق بسبب تسمم) وقام (الإعلام الحديث) بدوره في نقل الخبر بوصف للمطعم وموقعه وشارعه وأقرب معلم له ولو كان صراف بنك، أي أن إعلام الإنترنت أزال الضبابية، وطبق عبر تويتر والفيس بوك والواتس أب والبلاك بيري الشفافية المطلوبة، فما الذي حدث؟!.
ارتدع كل صاحب مطعم وأصبح يقف بنفسه على ضمان عدم استخدام مواد منتهية الصلاحية، وإنشاء قسم للجودة النوعية ومراقبة تحضير الطعام بطرق تمنع التلوث وهذا هو المطلوب من التشهير من أجل الردع.
وما دام التشهير مفردة حساسة أرى -والله أعلم- أن نتحول للمطالبة بالشفافية بدلاً من التشهير، المهم أن نصل إلى الهدف وهو الردع.

شماعة الوعي البالية

من السهل جدا أن نبسط أسباب بعض المشاكل ونرمي بها على وعي المواطن ونجعل هذا الوعي شماعة نعلق عليها جل مشاكلنا دون أن نواجه أنفسنا بأسباب أخرى مستجدة وندرسها، وواضح أن من يحاولون تشخيص بعض المشاكل الاجتماعية لدينا لا زالوا يعيشون في الزمن الماضي ولا يطلعون على التغير السريع في الأسباب، لذا فهم يرمون بكل شيء على وعي المواطن والأفكار القديمة للمواطن.
خذ على سبيل المثال التعاطي مع المشاكل النفسية والأمراض النفسية ومحاولة تحليل أسباب تزايد هذه الحالات وتراكمها، لم يعد مقبولا أن نقول إن سببها هو الخجل من زيارة الطبيب النفسي والعيادات النفسية ونظرة المجتمع السلبية لزيارة الطبيب النفسي، لأن الواقع هو أن المواطن تقدم وعيه كثيراً وأصبح يبحث عن الطبيب النفسي ولا مانع لديه بأن يعلن بحثه عن رعاية صحية نفسية جيدة ويسأل عن أفضل أماكن تقديم هذه الرعاية وكيف الوصول إليها؟!، ومن هو أفضل طبيب نفسي يمكن له مراجعته؟! تماما مثلما يسأل عن أفضل طبيب لمرض عضوي آخر، لذا فإن علينا أن نغير وجهة نظرنا القديمة ونبحث عن أسباب أخرى، منها هل وفرنا نحن رعاية نفسية أم لا؟!، وهل نحن نمارس وقاية نفسية جيدة بالشكل الذي يمتص الصدمات النفسية ويخففها؟!.
هل وزارة الشؤون الاجتماعية تعير موضوع مساندة المصاب بصدمة نفسية نتيجة وفاة قريب أو حبيب أو أي مصيبة من مصائب الدنيا أي اهتمام؟! وكيف؟! وهل هذه المهمة ضمن مهام القلة القليلة جداً من الأخصائيين الاجتماعيين والأخصائيات العاملين في وزارة الشؤون الاجتماعية؟!.
هل العيادات النفسية متاحة أمام من يرغب فحص حالته النفسية؟! وهل الأطباء النفسيون متاحون أمامه ورفض التوجه إليهم؟! وهل نحن نعير أمر الرعاية الصحية النفسية الاهتمام المطلوب؟! هذه هي الأسباب الجديدة التي يفترض أن نناقشها وليس شماعة الوعي القديمة.

قالوا وقلنا

** قال وزير المياه والكهرباء إن الوزارة ممثلة في شركة المياه أصدرت هذا العام 400 ألف غرامة تسريب مياه تصل قيمتها سنويا 80 مليون ريال.
* قلنا: وهو تسريب لايذكر مقارنة بهدر ماسورة ضغط عالٍ مكسورة لايتوقف لعدة أشهر.
**
** قالوا: سعودية تعض أصبع مضيفة طيران غيرة على زوجها عندما لاحظت كثرة تردد المضيفة عليه.
* قـلنا: لو عضت أصبع زوجها انتهت المشكلة بستر!!.
**
** قالت (عكاظ) الوفد الإعلامي لتغطية قمة بغداد عانى من المشقة والعطش الشديد في الفندق والصحف العراقية تستقبل زوارها بعبارة (موتوا بغيظكم)!!
* قـلنا: قصدها موتوا بغيظكم وإلا ستموتون عطشا.
**
** قالت وزارة الشؤون الإسلامية: ترشيد الكهرباء في المساجد واستخدام الطاقة الشمسية في الإضاءة.
* قـلنا: وحرمان شركة الصيانة خدم المساجد من رواتبهم ليس من الرشد ولا الترشيد!!.
**
** قالوا: تكرار حوادث التعنيف في مراكز التأهيل الشامل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية بعد ضرب معوق أثناء تغذيته وكسر عضد آخر وخلع كتف ثالث.
* قـلنا: أصبح الخبر الجديد هو (يوم بلا تعنيف في مراكز التأهيل).
**
** قالوا: فريق من الشباب يعمل على تصميم حقيبة مدرسية تحطم رقم موسوعة جينس في أثقل حقيبة مدرسية.
* قـلنا: (معقولة ما بعد حطمناه!!).
**
** قالوا: السجن والجلد لأكثر من عشرين شخصا ارتكبوا مخالفات بأسواق الرياض.
* قـلنا: هذا والهيئة تراقب عن بعد!!.
**
** قالوا: جناة يكبلون باب منزل مواطن لسرقة سيارته!!.
*قلنا: (عادي يفحطون بها شوي ويرجعونها ويفتحون له)!!.