اليوم: 10 سبتمبر، 2017

فزعة ليبرالي مع البائس الفقير!

طالبت في المقال السابق المنشور يوم الثلاثاء الماضي بعدم التجاوب مع ضغوط و(لوبيات) شركات الاتصالات لمنع خاصية الاتصال بالتطبيقات المجانية مثل (الواتس آب) و (فايبر) وأخواتها فالأسباب التي يتحججون بها انتفت، وكل معرف (انترنتي) أصبح مقيدا وموثقا ومعروفا.

في الوقت نفسه أصبح العالم قرية صغيرة مرتبطة الكترونيا عبر الشبكة العنكبوتية اللاسليكة وأصبح من المعيب جدا أن يطلب أحدهم في أي جزء في العالم التواصل معك مجانا عبر أحد تلك التطبيقات ثم تقول له (ممنوع عندنا)، لقد أصبح هذا تخلفا واحتكارا لا يليق بنا كدولة سباقة في كل تطور وخاصة في استخدام الخدمات الالكترونية، لقد أصبحت عبارة غير مسموح فيما يخص الخدمات الالكترونية معيبا في الدول المتقدمة ( ربعنا أدعياء الحقوق والمتلبرلين غير الليبراليين لم يعترضوا على شركات الاتصال فالعيب الوحيد عندهم هو منع ما يخل بالتدين أو القيم الاجتماعية ) إفزعوا معنا يا أدعياء الحقوق ومدعي الليبرالية لننقذ البائس والفقير من احتكار وفواتير شركات الاتصالات.

عودة لمميزات وعيوب (الواتس آب) فإن له ميزة عالمية كبيرة تتلخص في إرسال الموقع عبر خرائط الشيخ قوقل أو خرائط الايفون، وهذه خدمتنا كثيرا وربما أكثر من غيرنا كوننا مجتمع متواصل نحتاج للموقع أسبوعيا إما لمشاركة في فرحة زواج أو وقوفا مع محزون في عزاء خلاف المناسبات الاجتماعية والعملية الآخرى، وكدولة مقبلة على السياحة فإن إرسال موقع فندق أو شاليه أو معلم سياحي بات ضرورة ( هذا أيضا يؤكد أن الوقت قد حان للسماح بكل خدمات التطبيقات وأهمها الاتصال لأن الاتصال الدولي بات مكلفا جدا على فاتورة السائح)، ومن مميزات الواتس سهولة إرسال الصورة من أي مكان وفي أي زمان مما يغني تماما عن أجهزة وورق وتعقيدات الفاكس ويدل على أنه قفزة نوعية تقنية من العيب تحديدها أو الحد منها.

من عيوب (الواتس) إضافة لما ذكرت في المقال السابق (الأخبار المغلوطة والنصائح الصحية غير الموثقة وسهولة نشر الشائعات) سهولة الإرسال الجماعي بتحديد الكل، لكن لها ميزة طريفة قد تعتبر بادرة إصلاح غير مقصودة، فقد يشتمك أحدهم برسالة أو تغريدة تويترية ولأنه قد خزن رقم هاتفك فسوف تصلك تهنئة عيد من نفس العدو اللدود!، وهذه تحدث دائما بسبب تحديد الكل فخذوها بحسن نية واعتبروها بادرة صلح وردها عليه في الخاص! فلعل قلبه يلين ويكف عن شتمك!.

 

لا لمنع اتصال (الواتس آب)

ليست المعلومات الطبية المغلوطة السيئة الوحيدة لرسائل (الواتس اب) وسرعة انتشار معلوماته وكثافة رسائل قروباته، فثمة سيئات أكثر تعكر جو المتعة بهذه الخاصية والخدمة المجانية التي لها فوائدها بلا أدنى شك، لكنها ككل شيء في حياتنا ومثل كل تقنية لها إيجابيات عظيمة ولها سلبيات منغصة، حتى الدواء له فوائد جمة وله أعراض جانبية وأضرار إذا زادت جرعته.

أجمل ما في الواتس اب أنه عدو شركات الاتصال الجشعة المحتكرة المستغلة لعملاءها خاصة في دول العالم الثالث حيث تحرص الشركات على استغلال العميل و شفط جيبه والتنافس عليه لا له، وتحديدا عندنا حيث تعمل (لوبيات) شركات الاتصال على تقليص الخدمات المجانية للواتس اب وتعمل جاهدة على الضغط لمنع خاصية الاتصال المجاني عبر خدماته، وللأسف أنها تنجح أحيانا بحجج واهية وكأننا في معزل عن دول العالم التي تسمح بهذه الخاصية لأنها لم تعد أقل أمنا عن الاتصال عبر شركات الاتصال، فكل رقم أصبح موثقا بالهوية والبصمة، ولا مجال للحجج.

السلبية المؤكدة للواتس اب، هي سرعة وكثافة نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة علميا وصحيا وفلكيا و إخباريا، مقارنة بالرسائل المدفوعة، وهذه علاجها نشر الوعي ونشر المعلومة الصحيحة، وللوعي شقين، شق بعدم تصديق كل معلومة غير موثقة بمرجع علمي وشق بعدم نشر معلومة ما لم يكن مصدرها موثوق علميا وبمراجع علمية.

وبالمناسبة فإن نشر معلومات غير موثقة سواء طبية أو صيدلانية أو فلكية أو غذائية، لا يقتصر على الناس و (الواتس آب)، بل تمارسه للأسف وسائل إعلامية مؤسساتية من صحف سيارة وأخرى الكترونية و قنوات فضائية، وجميعها لا توثق معلوماتها من المراجع العلمية المتخصصة بل تعتمد على مصادر فردية وأراء غير محكمة علميا وسبق أن حذرت من ذلك خصوصا أن الدعاية للإجراءات الطبية والأدوية والأغذية بمعلومات مغلوطة أصبح تجارة (نتية) نتنة يمارسها المشاهير وذوو المتابعات المليونية عبر وسائل التواصل الانترنتية.

 

يفرحون باستضافة كأس العالم ونفخر باستضافة العالم

لا وجه للمقارنة بين الفخر باستضافة حجاج بيت الله من كل أقطار العالم وبين استضافة أي حدث كان ، لا من حيث شرف الإضافة والمستضاف ولا من حيث عدد الضيوف ووحدة المكان ومحدوديته ولا ما يقدم لهم من خدمات ولا تكرار المناسبة سنويا.

نحن نستضيف العالم أجمع سنويا لنمكن الضيوف على اختلاف قدراتهم وأعمارهم وجنسهم وجنسياتهم ولغاتهم ودرجة ثقافتهم من أداء ركن من أركان الإسلام، في وقت محدد بالساعة، ومكان محدود بالأمتار، ونقدم لهم، كي يتمكنوا من إتمام عدة شعائر في عدة مشاعر، كل ما يحتاجون من خدمات صحية ومساعدات إنسانية وعون بشري، كل ذلك دون مقابل إلا وجه الله وتأدية أمانة خدمة الحرمين على أكمل وجه.

نؤمن لهم المواصلات والنقل ونسخر لهم من يحمل المسن ويساعد المعوق ويدل التائه ويرشد دينيا من اختلف عليه الأمر ويحمل الطفل ، ويحفظ الضائع والمفقودات، وينقل المريض ليتم شعيرته بسيارة إسعاف مجهزة بما يحتاج من أجهزة  صحية.

نقدم لهم رعاية صحية متقدمة دون مقابل إلا رضا الله ثم إرضاء شيم العطاء لدى المملكة العربية السعودية التي تميزت به عالميا فاستحقت لقب (مملكة الإنسانية)، أجريت لهم في أقل من ثلاثة أيام ،حتى كتابة هذه السطور، ٣٥٧ قسطرة قلبية و ١٩ عمليات قلب مفتوح و ١٢٨٧ غسيل كلوي و ٧٢ عمليات  منظار وهي عمليات لا يجدونها في أوطانهم إلا بكلفة عالية وتأمين صحي مكلف.

حتى حرارة سطح بلاط الأرض بردت تحت أقدامهم  بتقنية كهربية فريدة ومكلفة و لطفت حرارة الشمس فوق رؤوسهم برذاذ بارد شامل لمناطق واسعة.

لا نقصد اتباع ما قدمناه من خدمات بمنة وليست هذه شيمنا!، ولكن لا يأتي صغير فرح باستضافة كأس العالم (مقابل تنازل عن ركائز دينية والسماح  بكبائر محرمة، وبتنازل عن قيم أخلاقية أصيلة) فيقول أننا نغار من استضافة كأس العالم ونحسده عليها!، ونحن من نفخر باستضافة العالم أجمع خدمة لدين العالمين.

 

لخطف المواليد عندي قصص أخطر

تهنئة وفخر بجهود رجال الأمن في سرعة استرداد الوليد المسروق من مستشفى الخرج والقبض على السارقة في زمن قياسي كما هي عادة وزارة الداخلية في ستر عورات الوزارات الأخرى، وعزاء وخجل باستمرار رجال الصحة في تخلفهم وبطئهم في فرض إجراءات وتقنيات متقدمة تضمن عدم الخلط بين المواليد أو ضياعهم غير المقصود ناهيك عن احتياطات وإجراءات وتقنية متقدمة تمنع خطفهم المقصود!.

لم تكن البداية هي حادثة الخلط بين طفلين سعودي وتركي في عهد الوزير حمد المانع، ولم تكن النهاية!، وفي قمة معمعة قضية ذلك الخلط جاءت الوعود بتلافيها مستقبلا بتطبيق احتياطات تستخدم أحدث التقنيات،لكن لم يحدث شيء على الإطلاق.

وقتها قلت أن إدارة الأطباء لحقيبة الصحة جعلت نظرة الإدارة لا تتعدى أنف الطبيب، ولدي من الحوادث ما يبرر مقولتي التي تغضبهم، واليوم وزير الصحة إداري مجرب لكن إدارة المستشفيات لا يتولاها متخصص في هذا العلم!، بل طبيب لا يهمه إلا كيف يطور بدلاته وكيف يعمل أثناء الدوام في مستشفى خاص لدخل إضافي، وإن كان أمينا فإنه لم يتعلم من فنون الإدارة ما يجعله يتعامل مع أمانتها بتمكن لأنه ليس علمه ولا تخصصه!.

الكلام يطول والتجربة والذاكرة بالقصص المأساوية مليئة بالحزن، ولعلني أكتفي لضيق المساحة بموقفين شهدتهما شخصيا لعلها تفسر ما أقول وتقنع كل طبيب غاضب:

في مستشفى الولادة والأطفال بالرياض منذ أكثر من ٣٥ سنة كنت في الممر وسمعت إمرأة مسنة تصرخ مستنجدة وممرضة عربية عريضة المنكبين ومتينة الساعدين تدفعها!، العجوز أم لسيدة ولدت للتو ووجدت سوار الجنين قد سقط  وتتوسل للممرضة بإعادته حتى لا يضيع الطفل بين عشرات المواليد الجدد (عجوز خبيرة حريصة) والممرضة ترفض وتدفعها قائلة (مش شغلك، مش حيضيع)، تدخلت مع عدد من الحضور وأقنعنا الممرضة خصوصا أن الإسوارة باسم ورقم الطفل فعلا، بعدها كتبت في (الجزيرة) وتحديدا في (هوامش صحفية) مقالا بعنوان (وحش في حضانة الأطفال) لم يعجب مدير المستشفى آنذاك الطبيب الصديق العزيزعبدالرحمن السويلم.

في موقف أخطر منذ أكثر من عشر سنوات طالب أب ولد له ولد وأعطي بنتا بالتأكد ولم يعبره أو يقابله مسؤول قط فرضخ مجبرا، وعند حضوره بعد شهر لتسمية المولود قيل له كيف تسميه  باسم أنثى وهو ولد حسب الحاسوب فجن جنونه ووجدته يصرخ في أحد الممرات لم يفتح له باب!، وكان يطالب بتحليل الجينات (د ن أ) لكن المدير الطبيب رفض بحجة أنه في كندا حدث حادث مشابه فخرج التحليل أن الأطفال الأربعة ليسوا لوالدهم!، قلت له تقارن مجتمعنا بكندا؟! حيث للزوجة عشرة (بوي فرند) قبل وعشرين بعد؟! ثم كل ما عليك هو فحص جينات الأم لتثبت أنها ابنتها وخرجت من رحمها فيرتاح الأب والأسرة! ولعله وافق لا أدري (التخصص الطبي لا يسعف إداريا والحديث يطول).

 

ماء مقطر يفضح ثلاث وزارات

عندما تقبض فرق الرقابة بوزارة التجارة على وكر تزييف منتجات مقلدة أو وضع لاصق على علب زيت سيارات مزيفة أو علب ماء مقطر للسيارات معبئة بماء عادي أو أغذية منتهية التاريخ تعاد تعبئتها ووضع لاصق مزيف على علبها فإن كل أعمال التزييف وإعادة التعبئة واللصق تلك تتم بطريقة احترافية وفي معامل مجهزة بأدوات الطباعة واللصق وإعادة الغلق والتختيم!، والقاسم المشترك الآخر الأعظم في كشف تلك الجرائم هو بلاغ مواطن!

طالما أن هذه الجرائم ترتكب في مستودعات مجهزة و محتوية على كل أدوات التزييف بما في ذلك مئات الآلاف من العلب الفارغة والكراتين الجديدة واللواصق المزيفة، فلماذا لم يتم اكتشاف الموقع خلال جولات تفتيشية على تلك المستودعات من جهات رقابية عدة يفترض أنها تقوم بجولات تفتيش للمستودعات خاصة النائية والمريبة منها؟!.

وزارة التجارة مسئولة عن تحري المستودعات المشبوهة ومواقع تخزين السلع والمنتجات الغذائية، والدفاع المدني يدعي دوما قيامه بجولات تفتيش على المستودعات لغرض ضمان السلامة من الحرائق واتباع احتياطات السلامة، والبلديات مسئولة عن التحري عن كل موقع ومبنى في حدود صلاحياتها، فكيف يتواجد مستودع مجهز بكل تلك الأجهزة والآلات والعدد والعلب والكراتين ولا تكتشفه واحدة من تلك الجهات التابعة لثلاث وزارات، بينما يكتشفه مواطن بالصدفة؟!، هذا دليل أن المراقبة في تلك الجهات لا تعمل كما تدعي، أو أن مراقبيها لا يجدون الدعم والتشجيع المطلوب!.

لا أحب التشاؤم لكنني كلما قرأت خبر القبض على مثل تلك العصابات، أو رأيت مقطع فديو لوزارة التجارة وهي تداهم مثل تلك الأوكار المجهزة، لا أفرح بل أصاب بالذعر وأنا أتساءل كم من وكر مشابه لم يكتشفه مواطن ويبلغ عنه؟! ماذا نأكل من مغشوش؟! وهل أمراضنا وأعطال سياراتنا المتكررة نتيجة لغش لم يكتشف؟!.

الحل سهل جدا، جولات تفتيشية مستمرة ومكثفة على كل مبنى واستراحة أو حتى منزل من جهات رسمية مخولة بالتأكد من أوضاعها! فمن يدري؟ ربما تخرج الجولات بما هو أخطر من تعبئة ماء مقطر!